ولد راغب، أو رجب، زاراكولو عام 1948 في جزيرة قريبة من إسطنبول، وكان والده محافظا لها، كانت نشأته في بيئة متعددة الأعراق من أتراك مسلمين وأكراد وأرمن ويونانيين، وبدأ راغب الكتابة في سن مبكرة، بعد أن أنهى دراسته في الحقوق، وأصبح محاميا. وفي 1971 زجّت به الجونتا العسكرية، التي استولت على الحكم وقتها في تركيا في السجن بتهمة التخابر السري مع منظمة العفو الدولية! ليخرج من السجن بعد فترة ويعود اليه مرات عدة، ودائما بتهم تتعلق بقضايا رأي. وفي 1977 أسس وزوجته المناضلة الأخرى دار نشر «بلجي» The Belge، التي أصبحت منذ وقتها هدفا للمصادرة والتعطيل والغرامات المالية الباهظة في قضايا عدة تتعلق – أيضا – بحرية الرأي. كما كان راغب أحد مؤسسي صحيفة ديمكرات، وكان مسؤولا عن الشؤون الخارجية فيها، وقام الحكم العسكري – الذي جاء بانقلاب 1980 – بتعطيل الصحيفة ووضع راغب في السجن، قبل أن يطلق سراحه ويمنعه من مغادرة البلاد. وفي عام 1986 أسس مع آخرين «منظمة حقوق الإنسان» التركية، وسببت مواقفها ومواقف «دار بلجي» صداعا مستمرا للسلطات التركية، خاصة عندما قامت بنشر مؤلفات لمساجين سياسيين من الأقليات، ونشر 10 كتب مترجمة من الأدب اليوناني، وخمسة عن القضية الأرمنية ومثل ذلك عن يهود تركيا، إضافة الى كتب عن الأقلية الكردية التي ينتمي اليها، وكانت مواضيع هذه الكتب ما لا تود أي سلطة تركية – منذ انهيار الامبراطورية حتى الآن – سماعه أو التطرق اليه، خاصة تلك التي تتعلق بالمذبحة المليونية التي تعرض لها الأرمن في تركيا مع بداية القرن الماضي.
وقد ألقت السلطات التركية القبض مؤخرا على راغب زاراكولو، المدافع الصلب عن حقوق الإنسان في وطنه، وخمسين آخرين من رفاقه، بتهمة انتمائهم لحزب سياسي محظور، وبأنهم الذراع المدنية لحركة الـ PKK الكردية، التي تسعى لتحسين أوضاع الأقلية الكردية في تركيا، وقد حدث ذلك على الرغم من كل ما تدعيه حكومة أردوغان الإسلامية من دفاع عن حرية الرأي، في سعي تركيا الى أن تصبح جزءا من أوروبا، وهذا يكشف انتهازية الحكومة الدينية بشكل عام.
أحمد الصراف