أشعر برغبة عارمة صارمة بتعلّم الكاراتيه، كي أعضّ بأسناني رقاب بعض الأخوة العرب الذين يتساءلون: “ما بال الكويتيين؟ ما الذي حدث لكويت الستينيات والسبعينيات؟ أين اختفت؟”… وكأنهم عميٌ لا يبصرون.
ويأتيني اتصال من زميل في قاهرة المعز: “فيه ايه يا عم وشيحي؟ مالكم مشبعتوش خناق؟”، فأجيبه: “نقاوم الفساد كما كنتم تقاومونه”، فيعلق: “بس احنا كنا غير، احنا كنا بنتسرق جهاراً نهاراً”، فأعلق: “ونحن كنا وما زلنا نتسرق الساعة العاشرة صباح كل يوم”، فيعلق: “بس احنا الحرامية بتوعنا كانوا بيسرقونا بحماية من الدولة”، فأعلق: “والحرامية بتوعنا بيسرقونا، والمطلوب منا توفير القفازات لهم كي لا تظهر بصماتهم فنكتشفهم، وأن نقف على رأس الشارع لنتأكد من خلوّه من المارة”، فيعلق: “طيب عندكو فضائيات زي اللي كانت عندنا بتمجّد في الحرامية”، فأعلق: “لا، عندنا فضائيات بتمجد في الحرامية وبتشتم في الشرفاء”، فيتحدى: “معلش، احنا غير، احنا كان عندنا أحمد عز مبهدلنا ومشغّل الدولة كاشير عند حضرتو”، فأتحدى: “احنا عندنا أحمدات يتنافسون على بهدلتنا، ويدّعون الحكمة والعقل، وعايزين أجهزة الدولة خدامة تمسح البلاط اللي بيمشوا عليه حضراتهم”…
“بص يا وشيحي، يقول بحماسة، الكدابين بتوعنا بيقولوا عن مصر انها فقيرة ومتشحتفة يا عيني ومحتاجة صدقات ولاد الحلال، وده مش صحيح، مصر غنية ومش عايزة حاجة من حد، وكان المسؤولين بتوعنا ببساطة يقدروا يخلوها قطعة من أوروبا، بس هي بقت فقيرة من كتر ما نهبوها”، قلت له: “بص يا شرقاوي، الكويت تملك أكبر ملاءة مالية في العالم، وكانوا بتوعنا ببساطة يقدروا يخلوها قطعة من الجنة، لكنهم سرقوها حتى أصبحت الكلاب الضالة تأنف من السير في شوارعها لشدة نتانتها”، قال: “كان أي واحد عندنا يحتج على الفساد بيضيع في الكازوزة”، قلت: “كان وما زال أي واحد عندنا يحتج على الفساد يروح في الرجلين”، قال بفخر: “بس احنا الحمد لله قدرنا نجمع كل الحرامية في السجن”، فقلت بقهر: “واحنا الحمد لله قدرنا نتجمع كلنا في السجن والحرامية بره”.
واستمر النقاش ولم ينته إلا بعد أن جعلته يعترف أننا “ولاد أيوب”، وأننا مقصرون، وأن صوتنا خفيض ويجب أن يرتفع أكثر.
فانتهزت الفرصة، أو “استنزهت الفرصة”، كما قالت إحدى المتصلات على الإذاعة، وقلت: “كل ما يحدث في الكويت اليوم هو أن هذه الديرة، ولله الحمد، مازال فيها من يحبها ويجلس تحت بلكونتها، لا ليحظى بنظرة منها أو التفاتة، بل ليصرخ في وجه كل من يقترب من خزانة ملابسها”.
قال: “طب يا عم فين القفشات بتعتك والضحكات والذي منه؟”، فأجبته بسؤال يحمل على ذراعيه الجواب: “وهل تجوز القفشات والضحكات في أوقات العزاء؟”.
اليوم: 3 نوفمبر، 2011
نصائح كويتية للأشقاء في ليبيا
نبارك لكم في البدء استقلالكم الحقيقي الجديد بعد سقوط الطاغية ولجانه الثورية البغيضة، والذي تحقق بفضل إرادتكم القوية ودعم العالم الحر لكم ممثلا بقوى الناتو الخيّرة، ونتقدم لكم وأنتم أمام مفترق طرق خطير بالنصائح التالية:
***
1 – لكم أن تنظروا في دروس تجربتنا (عام 91) التي أدت الى استقرارنا ونمائنا والتي تقوم على تعزيز سلطة الدولة منذ اليوم الأول ومنع عمليات الثأر والانتقام ودعاوى الاجتثاث بعكس تجربتي العراق 2003 ومصر 2011، لذا حاكموا فقط القلة من المجرمين من أبناء معمر القذافي وارفعوا شعار (عفا الله عما سلف) و«اللي فات مات».
2 – استخدموا سلطة الدولة القوية آنفة الذكر كما جرى معنا في الجمع السريع للسلاح من الناس، فالفوضى والإجرام والانقسام لا تحدث إلا بسبب ذلك السلاح وهل سمع أحد بحرب أهلية يتراشق طرفاها بالورود؟!
3 – ابتعد شعبكم الأبي طويلا عن الديموقراطية والحرية والتنمية السياسية، لذا لا تمنحوه جرعة زائدة من الديموقراطية والحرية فتعم الفوضى وينعدم الأمن ويتفتت البلد كما حدث في العراق الشقيق وقبله الصومال، بل تدرجوا في الحريات كما حدث في ألمانيا واليابان بعد الحرب الكونية الثانية وسنغافورة في الوقت الحاضر، فالديموقراطية هي كالدواء تختلف جرعتها من شعب الى شعب، فما يصلح لبريطانيا وإيطاليا وأميركا قد لا يصلح لليبيا في الوقت الحاضر.
4 – ما جزاء الإحسان إلا الإحسان، والعرفان بالجميل أمر جميل، لذا عليكم أن تظهروا امتنانكم للغرب الذي ساعدكم على إسقاط أحد أسوأ الأنظمة الإبادية في التاريخ والذي كان سيمتد بأبنائه وأحفاده من بعده كما حدث في كوريا الشمالية وكوبا وبعض دولنا العربية، وان تحضروا الكوادر المؤهلة من الغرب، ولن يبخلوا عليكم بشيء، ولكم في الدول الخليجية القدوة الحسنة، وهي المثال الواضح للإنجاز العربي والتي لم تقم نهضتها إلا بمساعدة ودعم دول العالم الحر، وابتعدوا في هذا السياق عن الغوغائية وتبني قضايا الدول الاخرى، وارفعوا شعار «ليبيا أولا وليبيا أخيرا».
5 – أعلن 40 ألف «ليبي» يهودي رغبتهم في العودة لوطنهم ليبيا (أقل من 0.07% من السكان) فرحبوا بهم دون منة وافتحوا صفحة جديدة في تاريخ بلادكم لا تقوم على القمع والتهجير والتمييز بسبب الدين أو العرق كما حدث للبربر والأمازيغ، واسمحوا لهم ولغيرهم من المغتربين الليبيين باستثمار أموالهم وخبراتهم وعقولهم في خدمة «ليبيا الجديدة».
6 – النظام الملكي هو النظام الأمثل لبلداننا العربية، وقد كانت لكم أسرة مالكة لها جذورها الدينية والوطنية، وكان على رأسها ملك فريد أقرب للزاهد لم يعدم أحدا قط (عدا أحد أقربائه) وتوفي مديونا، بينما سرق الطاغية معمر القذافي 200 مليار دولار من ثرواتكم، فعودوا للملكية ضمانا لأبنائكم ومستقبل بلدكم، ومرحبا بكم بعد ذلك أعضاء فاعلين في مجلس التعاون الخليجي مع المملكة المغربية والمملكة الأردنية.
***
آخر محطة:
(1) بادرة إنسانية طيبة ومعتادة من القيادة السياسية الكويتية في استضافتها للجرحى الليبيين، فالكويت تبقى دائما وأبدا البلد الذي يبادر بأعمال البر والعطاء للاخوة والأشقاء، ولا يرسل قط أدوات الخراب والدمار لهم كحال غيرنا.
(2) نرجو من الأحبة في وزارة الإعلام إعداد رحلات سياحية وثقافية في أرجاء الكويت للجرحى الليبيين بعد شفائهم السريع إن شاء الله، إضافة بالطبع للأشرطة والمطبوعات.
(3) ونرجو من الفنانين الكويتيين أمثال عبدالحسين وسعد الفرج ونبيل شعيل وعبدالله الرويشد ونوال وغيرهم أن يبادروا بزيارة الجرحى، فلهم في ليبيا معجبون كثر، وكانت شوارعهم تخلى من المارة عند عرض الأعمال الدرامية الكويتية، وهذا الطلب يمتد كذلك لجميع المواطنين والمقيمين للزيارة لتخفيف عناء الغربة عنهم.
(4) كما نرجو من الاخوة في شركات الهواتف المتنقلة توفير هواتف وخطوط للمرضى الليبيين كي يمكن لهم أن يتواصلوا مع بعضهم البعض.