سامي النصف

الدستور لو… حكى!

  لقال إنه حمال أوجه وانه لا ينطق بذاته بل ينطق به الرجال ممن قتلوه ودمروه بحجة حبه و.. الحفاظ عليه.

ولرفض بأعلى صوت أن نختلف حوله.. ونتخلف بسببه..!

ولخجل من أن يصبح بعض نوابه أجراء للغير تمتلئ جيوبهم بالثروات الحرام المتحصلة من أسواق النخاسة السياسية القائمة تحت الشمس وفي رابعة النهار.. وعلى عينك يا تاجر..

وللعن من ادعوا التدثر بدفئه وجعلوا ولاءهم للغير على حساب مصلحة بلدهم وشعبه.

وللعن معهم من أحالوا الاستجواب من أداة إصلاح خيّرة الى أداة استرزاق وتخريب.

ولتبرأ ممن يستجوبون حكومات لم يمر على تعيينها إلا ساعات قليلة ومن جعلوا الاستجواب يقوم على «الشخصية» لا على «القضية».

ولاستبرأ ممن كلما خسروا تصويتا تحت قبة البرلمان ضربوا بالأصول الديموقراطية عرض الحائط وخرجوا للشارع مهددين متوعدين بالفوضى العارمة وقيام ربيع كويتي.. مدمر آخر (بعد ربيع عام 90).

ولو نطق آباء الدستور لقالوا للأبناء ان ما يرونه ويسمعونه ويشتكون منه هو دستور مسخ «جديد» لا يعرفونه يقوم على التدمير والفجور في الخصومة وإشاعة ثقافة التناحر والاختلاف، ولا علاقة له على الاطلاق بدستورهم الحقيقي القائم على التعمير وشرف الخصومة والعض على الوحدة الوطنية بالأسنان والنواجذ.

ولتسأل الدستور عن كيفية تحويله من التجربة القدوة في الخليج والوطن العربي التي أعطت الكويت بالأمس الريادة والقيادة في كل مجالات الحياة من ثقافة وعلم وأدب وسياسة ورياضة وإعلام وصحة وتعليم.. إلخ، إلى القدوة السيئة القائمة التي تسببت في تخلفنا في كل المجالات وجعلتنا اضحوكة الأمم.

ولأنكر القوانين التي اصدرها البرلمان والتي دمرت الكويت كقوانين استخدام الأراضي العامة التي اوقفت جميع عمليات التنمية في البلاد وقانون خصخصة «الكويتية» الذي دمر«الكويتية».

وأنكر معها قوانين الاستباحة المالية وإفلاس الكويت وتشريعات التمييز العنصري والديني كحرمان المرأة من حقوقها السياسية لسنوات طوال وحصر التجنيس في المسلمين.

أخيرا لو نطق الدستور لطلب أن يدفن ويوارى الثرى قبل أن يسمح لأحد باستغلاله وتشجيع عمليات الفساد التشريعي عبر اعطاء النواب العصمة والقدسية التي نتج عنها الحسابات الملايينية التي ينكرها من تسبب فيها.

* * *

آخر محطة (1): في بلد العجائب والمفاهيم المقلوبة والمعكوسة المدمرة لروح ونص الدستور، هناك من يريد من نواب التحالف الوطني ان يصدروا احكامهم المسبقة «قبل» المداولة او الاستجواب ويلومهم ويعتب عليهم اعلانهم انهم سينتظرون محاور الاستجواب والردود عليه ليعلنوا موقفهم «بعد» ذلك من طرح الثقة.. هزلت!

(2) لو كانت هناك «لجان قيم» في البرلمان لحاسبت وعاقبت كل من يسيء للدستور والعمل التشريعي عبر إعلان موقفه (المؤيد او المعارض) لأي استجواب قبل حدوثه كما تم مرارا في السابق وهو امر مشابه لمعاقبة ومحاسبة وفصل القاضي الذي يعلن موقفه المسبق من القضايا قبل تداولها، وكان الله في عون الكويت وشعبها على.. بلواه!

mailto:

احمد الصراف

روايتا زيدان

يعتبر الكاتب المصري يوسف زيدان، مؤلف «عزازيل»، القصة الأشهر والأكثر مبيعا في تاريخ الرواية العربية، التي تجاوزت طبعاتها العشرين، واحدا من أفضل الكتاب، وتعتبر روايته الشهيرة الأخرى «النبطي» مشوقة وغنية بالمعلومات، كسابقاتها، حيث يتطرق فيها للأساطير التي أحاطت بالفتح العربي لمصر ومجيء عمرو بن العاص اليها. كما تسلط الضوء على جوانب منسية من التاريخ، مثل وقائع احتلال الفرس لمصر. كما تتعرض لفترة حرجة من تاريخ المنطقة، وهي العشرون سنة التي سبقت دخول المسلمين كغزاة لمصر، حيث يدخل المؤلف قارئ روايته في ابداع مشوق وعميق المعاني، فلا يستطيع أن يقاوم خفايا كلام العرب، وأسرار الأنباط، أصحاب الشعر والحضارة، الذين استوطنوا مصر قبل دخول الاسلام اليها بثلاثة قرون.
يذكر ان «عزازيل»، الفائزة بجائزة «بوكر» العربية عام 2009 أثارت، عقب صدورها، جدلا كبيرا من جانب الكنيسة المصرية، التي اتهمت المؤلف بمحاولة هدم العقيدة المسيحية. كما هاجم عديدون الرواية، واتهموا مؤلفها بالتدخل في شؤون الكنيسة المسيحية الداخلية.
وذكر المؤلف أن سبب ارتباط روايته بالتاريخ يعود لشغفه بهذه المادة، بعد أن شاهد ما ابداه مجموعة من اليهود في مكتبة الاسكندرية من اهتمام بقراءة التاريخ وتصفح كتبه، لذا قرر دراسته، حتى أصبح مهووساً به.
ويقص زيدان رواية «النبطي» على لسان «مارية القبطية»، وعن فترة القرن السابع من الميلاد، مع بداية رسالة الاسلام، وكيف كان اقباط مصر وقتها يعيشون الرعب بين انسحاب الفرس المحتلين، وعودة احتلال الروم لهم، ووضعهم الممزق بين عدوين طامعين، كل ذلك وطلائع الجيوش العربية تستطلع أحوال مصر وسكانها، وثرواتها. وفي مشهد يتخيله زيدان، يلتقي عمرو بن العاص بمارية، التي سكنت بعد زواجها جزيرة العرب، يسألها عن بيوت أهلها، أحوالهم، أسلحتهم، زرعهم وحصادهم. قبل أن يأمرها وزوجها وأهلهما بالرجوع الى مصر مع اليهود لتمهيد دخول العرب! لكن زوج «مارية»، التي كانت تنعت بـ«المصرية العاقر»، والتي لم يمنعها اسلامها، بطلب من زوجها، من الاستمرار في أن تقسم بالعذراء، يرفض ذلك ويظهر نظرة واقعية عندما يقول لهم «ما نحن الا جواسيس المسلمين وعيونهم في البلاد، واذا قالوا لنا ارحلوا، فلابد من الرحيل..»!
روايتان أكثر من مشوقتين، ونعرض هنا ارسال نسخ منهما، على الانترنت، لمن يرغب.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

شخبطات كاتبجي

– لو كان المتطرف السني شيعياً لكان متطرفاً أيضاً، والعكس صحيح.
– هنالك رؤساء حكومات يقطعون زياراتهم الخارجية ويعودون إلى بلدانهم إذا حدث مكروه فيها، ورؤساء حكومات يغادرون بلدانهم إذا حدث مكروه فيها… نوعية الشعوب هي التي تدفع الرؤساء إلى العودة أو المغادرة.
– لكل من المرأة الطويلة والقصيرة ما يميزها بحسب المكان، فالأولى تتفوق في الصالة، والثانية تتعملق في الغرفة.
– مازلت أجهل الفرق بين صفتي "النبل" و"الشهامة"… هل ثمة فرق؟
– "كثر الكذب يقل المرجلة".
– ليس منا من هو ملائكي على مدار الساعة، كل منا يحمل جزءاً من الشيطان، والفارق هو حجم هذا الجزء.
– غالبية الثرثارين قلوبهم بيضاء ناصع لونها.
– وجد آباءه وأجداده والمؤرخين الكذابين يقولون "أتاتورك شيطان" فكرر كلامهم كالببغاء، هو لا يعلم أن الدولة العثمانية كانت تسبح في بحر الظلم والقهر، فجاء أتاتورك وأقام فيها العدل، وأنهى احتلال بلاده للبلدان الأخرى، وحرر تركيا من استعمار الآخرين، وحوّلها إلى دولة عظمى.
– قد تكون هناك علاقة بين ملامح وجه الإنسان وشخصيته، لكن بالتأكيد لا علاقة بين شخصية الإنسان وبرجه، مهما توهمت النساء.
– علم الأبراج فيه منفعة للبشرية، فقد تم اختراعه ليشغل النساء عن كشف أسرار بيوتهن.
– فنجان القهوة لم يُصنع ليُقلب، بل ليُلثم.
– لو علمت النساء العربيات قيمة القهوة عند الرجل العربي، لوضعن أحمر الشفاه بنكهة القهوة.
– إلحاح المرأة أشد صخباً من ضجيج المصانع.
– قالت: قبلك كنت أضع يدي على أنفي وفمي كلما علا دخان السجائر من حولي، بعدك صرت أغمض عيني وأستنشق الدخان بابتسامة صامتة.
– صوت الربابة مازال يطربني.
– خدعونا فقالوا: "الماء… لا لون له ولا طعم ولا رائحة"، كان الأجدى استبدال مفردة "الماء" بـ "جامعة الدول العربية".
– بين كل مئة مؤرخ عربي… مؤرخ واحد صادق.
– قالت له: أنت لا تعرف طبيعة النساء، ابتعد عني كي ألاحقك.
– أحترم شجاعة الشاعر الخالد أبي تمام، الذي انقلب على عادات الشعر وتقاليده وأتى بالجديد وصبر على طعنات التقليديين إلى أن أنصفه التاريخ.
– يقال للرجل "أنتَ" وللمرأة "أنتِ"… حتى في اللغة الفصحى، المرأة "مكسورة".

حسن العيسى

ما هو شيء ما ؟

مادامت الحكومة فتحت صندوق الكوادر والمزايا للموظف العام قبل سنة تقريباً وقضت على كل الحوافز للعمل في القطاع الخاص، فعليها أن تعدل وتنصف في توزيع عطاياها، ولا تميز فئات دون أخرى على حساب العدالة، فحسب جدول الرواتب والأجور الذي نشرته "القبس"، نجد أن فئة العاملين في الجمارك والموانئ مظلومة في بند الرواتب إذا ما قورنت بغيرها من الفئات المتكدسة في القطاع العام دون إنتاج وعمل حقيقيين، وإذا كان إضراب موظفي الجمارك قد هز الدولة وآلمها، فالأولى أن تفتح الحكومة صدرها لهؤلاء وتحاورهم علها تصل إلى حلول وسط تنصف أوضاعهم، ويتم في آن واحد تحقيق المصلحة العامة للدولة ولا تختنق جراء الإضراب.
حاول البيان الحكومي حول إضراب موظفي الموانئ أن يمسك العصا من منتصفها، إلا أنه صار مثل الغراب الذي حاول ان يتعلم مشي الحمامة فلم يتعلمها ونسي مشيته، فبيان مجلس الوزراء تغيا سياسة العصا والجزرة وضيع الاثنتين معا، فالبيان يتكلم بصوت غليظ أنه لن يرضخ لأي مطالب في "ظل استمرار الإضرابات أو الامتناع عن العمل والتهديد بها"، وكلف وزير الداخلية لسد مكان المضربين بإحلال الشرطة والحرس الوطني والجيش وهذه عصا المجلس التي تتناقض مع مبدأ حق الإضراب، ثم عاد البيان الحكومي وبالفقرة ذاتها مناديا بفتح "… القنوات القانونية والحوار الهادئ الذي يحقق العدالة والانصاف…"! المضربون يقولون إنهم لم يضربوا إلّا بعد أن أصابهم اليأس من "الحوار الهادئ"، وإن الأذن الحكومية كانت معهم طرشاء، ولم تكن كذلك مع غيرهم الذين أخذوا حقهم وأكثر من حقهم بالإضراب. أين العدل والإنصاف هنا؟! وكذلك أين العدل للعاملين في الإطفاء، وهم مظلومون في رواتبهم. أين العدالة والإنصاف في مهن أخرى تم تناسيها (ربما لأن أكثر العاملين فيها غير كويتيين) كالعاملين في الهيئة العامة للمعلومات المدنية، وعمال الإسعاف! وهل هناك عدل عندما يكون راتب مدرس في مدرسة أكثر من راتب طبيب قضى أكثر من سبع سنوات دراسية مضنية؟!
وزير الخارجية الشيخ محمد صباح السالم كان موفقاً تماماً حين وصف الإضرابات بأنها "… تعبر عن شيء ما، ويجب معالجة الأسباب لا الظواهر…" ما هذا "الشيء ما" غير غياب العدالة وتفشي الفساد وأن الدولة تسير على البركة.

احمد الصراف

«حطة» الشيخ

استدعى الشيخ الجليل مساعده وطلب منه الاتصال بعدد من الشخصيات المعروفة لكي تستعد لمرافقته في رحلته المقبلة إلى الهند، وكانت تلك التجربة، كما رواها صديق، الأولى لذلك المساعد في السفر مع تلك الشخصية الكبيرة. بعد وصولهم والاستقرار في قصر الشيخ، طلب منه تذكير «اصحابه» لكي يشارك كل منهم في «الحطة»، والحطة مبلغ من المال يدفعه الأصدقاء جميعا في ما بينهم بالتساوي، مشاركة في تكاليف رحلة أو ما شابه ذلك. ويقول إن صوت الشيخ الوقور منعه من الاستفسار أكثر، مع أنه لم يستطع اخفاء تعجبه من الأمر، والذي أقلقه التفكير فيه طوال الليل، فكيف يقوم من هو في مكانته وحكمته بذلك التصرف الغريب، ويطلب من أصدقائه، الذين دعاهم بنفسه لمشاركته رحلته تلك، والسكن في قصره الخاص، وهم ضيوفه، المساهمة معه في التكاليف من خلال «حطة» على المستوى والقدر نفسهما؟ ويقول إن فضوله «الصحفي» دفعه في اليوم التالي لأن يعود ويفتح الموضوع مع الشيخ الوقور، وهنا بدت شبه ابتسامة على وجه الشيخ، الذي قلما يضحك، أو حتى يبتسم وقال له: يا يوسف، هؤلاء كانوا أصدقائي عندما لم أكن حاكما، وكانت العادة أن نتشارك ونساهم مجتمعين في الكثير من الأمور، واليوم اصبحت حاكما، ولا اريد أن تنقطع العادة معهم! فعاد صديقي وقال للشيخ: ولكنهم، يا طويل العمر، ضيوفك الآن، وأنت الذي طلبت منهم مرافقتك، فكيف تطلب منهم مشاركتك تكاليف الرحلة؟ فرد الشيخ قائلا: هؤلاء اصدقائي ومقربون لي، وبحكم تواجدهم بقربي فانني أسألهم عرضا في بعض الأمور واستشيرهم في ما أحار فيه، واستأنس برأيهم، فان أغدقت عليهم الهدايا وجعلتهم من اتباعي وصرفت عليهم، فسيربط كرمي ألسنتهم، ولن يخلصوني الرأي والقول، ولن يحاولوا يوما تكدير خاطري في ما لا أرغب في سماعه، لكي لا يخسروا ما هم فيه من «عز»! ولكن طالما أنهم يشعرون بأن لا فضل لي عليهم، ماديا على الأقل، فان رأيهم سيكون صادقا، وليس بالضرورة صائبا! وأضاف الصديق أن طلب المشاركة في الحطة ربما لم يكن في مصلحة اصدقاء الشيخ من الناحية المادية، ولكنه كان حتما في مصلحة حفظ كرامتهم ومكانتهم العالية في مجتمعهم! انتهت القصة.
العبرة والحكمة واضحة ولا تحتاج إلى تفسير أكثر! وفي الغرب «الكافر» تنص القاعدة الفقهية على أن من يدفع له حق السؤال، ويلخصوها بـ: No Taxation, No representation.

أحمد الصراف

سامي النصف

حكومة نزيهة ومجلس فاسد.. من يحاسب من؟!

الأوضاع في الكويت، وكالعادة مقلوبة والمفاهيم معكوسة، فالابيض اسود والاسود ابيض، والقاضي اصبح متهما والمتهم اصبح قاضيا، والمعتدي بريئا والمعتدى عليه مجرما، بعكس ما يحدث في جميع بلدان العالم الاخرى التي تحكّم العقل والمنطق فيما يجرى حولها.

*****

للمصارف الكويتية سرية تاريخية، لذا لم يعلم احد بشكل مسبق بأن هناك ايداعات مليونية مشبوهة ستكشف عنها الزميلة «القبس» بحثا عن الصالح العام، ومن ثم تصبح قضية رأي تستحوذ على اهتمام الجميع، وعليه لو كان هناك وزراء فاسدون لظهرت اسماؤهم ضمن الكشوف التي طالت ثلث اعضاء مجلس الامة (16 نائبا)، والذي اصبح ـ يا للعجب ـ مدعيا، والحكومة التي لم يظهر على اعضائها الفساد مدعى عليه يحق محاسبته واستجوابه ومعاقبته..!

*****

ولنا ان نتصور للحظة ما كان سيحدث لو كان الامر معكوسا، اي ان ثلث مجلس الوزراء (6 وزراء) تضخمت ارصدتهم بشكل لا منطقي، وان مجلس الامة هو الذي لم يرد اسم احد اعضائه في الكشوف الملايينية؟! ان لوم الحكومة فيما لو اذنب احد اعضائها ثم لومها فيما لو اذنب نواب مجلس الامة هو مهزلة ما بعدها مهزلة وامر يدعو لضحك اشبه بالبكاء!

*****

وبدلا من توجيه اصابع الاتهام لمن اضاف الى «حصانة» النائب قدسية وعصمة وجعله في منزلة من لا يحاسب عما يفعل، ورفض انشاء لجان برلمانية ـ لا حكومية ـ تحاسب وتعاقب من يفسد من النواب كالحال في جميع البرلمانات الاخرى، ورفض أي طلب يأتي من السلطات القضائية لرفع الحصانة في كل مرة، يتم في المقابل توجيه الاتهام لمن حذر وانذر من عواقب تلك الحماية المبالغ فيها للنواب وقديما قيل: السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة!

*****

ان لوم الحكومة هذه الايام واستجوابها بدلا من توجيه اصابع الاتهام المحق للفساد التشريعي الذي ازكمت رائحته الانوف يعني الاصرار على ابقاء الفساد التشريعي وديمومته وان تظل الكراسي الخضراء وسيلة للاثراء الفاضح غير المشروع ما دام الامر لم يتمخض عن تعديلات تحاسب النواب الفاسدين وتفرض الطهارة والنزاهة على اعمال المجلس التشريعي، وان الاصلاح المستحق يجب ان يشمل السلطات الثلاث وليس الاكتفاء بالدعوة لاصلاح السلطة التنفيذية كما يحدث في كل مرة.

*****

تبقى وضمن الحقائق الساطعة كالشمس في رائعة النهار ان تلك الاموال والارصدة المتضخمة لم تكن قطعا ضمن مفهوم «الراشي والمرتشي»، فلا احد يدفع الملايين للمواقف السياسية بل هي عمليات «غسيل أموال» ـ ان صحت بالطبع الاتهامات ـ قام بها نواب بعد ان اشعرهم زملاؤهم بأنهم فوق المساءلة والمحاسبة وان الكراسي الخضراء ليست للعمل العام بل للتكسب الشخصي والاثراء غير المشروع، ولا حول ولا قوة الا بالله.

*****

أخيرا، نرجو من الاحبة الاعضاء في التحالف الوطني ان يحكّموا ضمائرهم وان يحافظوا في مواقفهم على الدستور فالاشخاص زائلون والمبادئ باقية، والا يسايروا في هذا السياق من يؤمن بالنهج الشيطاني القائل إن «الغاية تبرر الوسيلة»، فمن جربه على غيركم سيجربه يوما ما عليكم، ولا ترضوا بأن تساهموا في تأسيس اعراف برلمانية مدمرة لنصوص الدستور وروحه كما نرى ونسمع مع كل يوم يمر، فهذه الاعراف الشريرة هي.. فساد تشريعي آخر يجب محاربته!

*****

آخر محطة:

1 – نتمنى الشفاء العاجل للعم الفاضل عبدالعزيز العدساني، وما تشوف شر يا بويوسف والكويت بحاجة لجهدك في الحفاظ على المال العام، وما قصرت.

2 – والحمد لله على سلامة الوصول ونورت الكويت.. نبعثها للاخ الفاضل علي الراشد رجل المبادئ الحقة والمواقف الرجولية، وما تشوف شر، واكثر الله من امثالك يا بوفيصل.

احمد الصراف

مهيار في مدرسة الصديق

«… الثقافة والإبداع الفني ليس لهما وطن ولا تحدهما السياسة»!
(قارئ!)
***
ذكرتني رسالة القارئ بحادثة بينت مدى تجنينا على أنفسنا والآخرين، عند تطرقه لدور الشاعر مهيار الديلمي في الثقافة العربية، حيث أعادتني كلماته لأيام دراستي في «الصديق»، عندما طلب منا مدرس العربية حفظ بعض أبيات لـ «الديلمي»، وأتذكر منها:

«لا تخَال.ي نَسَباً يَخف.ضن.ي
أَنَا مَن يُرض.يكَ ع.ندَ النَّسَب.
قَومي استَولَوا عَلى الدهر فتىً
وَمَشُوا فَوق رؤوس. الحُقَب..
عَمَّمُوا بالشَّمس. هَامَاتَهُمُ
وَبَنَوا أبياتَهُم بالشَّهَب.
وأب.ي كسرَى عَلَى إ.يوَان.ه.
أَينَ ف.ي النَّاس. أَبٌ مثلَ أب.ي
سُورةُ المُلك القُدَامَى وَعَلى
شَرَف. الإ.سلام. ل.ي وَالأدَب
قَد قبستُ المَجدَ م.ن خَير. أبٍ
وقبستُ الدّ.ين م.ن خَير. نَب.ي
وَضَمَمْتُ الفخرَ م.ن أطراف.ه.
سُؤدَد الفُرس وَد.ين العَرَب.».

وربما قال تلك الأبيات إما تفاخر باصله، او إيمان به وبأدبه العربي وانتمائه للعروبة والإسلام. فالمدرس طلب منا حفظ الأبيات ولكنه لم يخبرنا بمن هو مهيار، ولهذا غاب عن ذاكرتي تماما، ولم أتذكره وأنا أكتب مقالاتي السابقة موضوعنا! كان ذلك قبل نصف قرن، عندما كان هناك نوع من التسامح وحب معرفة ثقافة الآخر، أما الآن فلا أعتقد ان له بيت شعر واحداً في اي منهج دراسي، دع عنك سيرته، ولست بطبيعة الحال مؤهلا للحكم على مدى جودة شعره، ولكن تاريخه، او هويته، كفيلة بأن تبقيه طي النسيان، لتستمر العداوة والكراهية ويستمر التجهيل بالآخر.
يعتبر أبو الحسن مهيار الديلمي، والذي ينسب لمنطقة دليم القريبة من ميناء بوشهر، والتي تكتظ تاريخيا بمجموعات كبيرة من العرب، والذين ربما أخذ معرفته الواسعة بالعربية منهم، كاتبا وشاعرا فارسيا؛ وكان مجوسياً، ولكن بتأثير من الشريف الرضي أسلم، واصبح شعره لآل البيت، وهذا ما جعل أبو القاسم بن برهان يقول له: يا مهيار قد انتقلت بأسلوبك في النار من زاوية إلى زاوية، فقال: وكيف ذاك؟ قال: «كنت مجوسيا فصرت تسب الصحابة في شعرك!».
كان مهيار شاعرا جزلا، وله أكثر من 383 قصيدة، ويتصف شعره بالرقة، وباله طويل في النظم، وعاش في بغداد، وكغيره من الشعراء والأدباء والقادة والعظماء في تاريخنا، الذي تغلب عليه «الشفاهة»، فإن تاريخ ميلاد مهيار غير معروف، وربما ولد سنة 365 هجرية.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

أسباب العبث السياسي

عندما طالبنا بالأحزاب السياسية لوقف هذا العبث السياسي الذي يمارس يوميا من قبل بعض السياسيين والإعلاميين، كنا ندرك خطورة العمل الفردي العشوائي، الذي بدأنا نشعر بسلبياته هذه الأيام. وقد يقول قائل إن الكتل السياسية البرلمانية تفي بالغرض، فنقول إن بلانا من بعض تصرفات هذه الكتل! خذ مثلا كتلة العمل الشعبي، التي تعتبر أكثر الكتل شعبية في الدائرتين الرابعة والخامسة، فتصريحات ممثليها سببت الكثير من الاحتقان السياسي، وأفكار عرابها الذي حولها إلى قوانين مثل قانون الشركات المساهمة وقانون B.O.T تسببت في الركود الاقتصادي وتعطلت التنمية، مع يقيني بالنية الطيبة في تبني هذه القوانين. أما كتلة التنمية والإصلاح فواضح فيها الفردية في التصرفات، ففيصل المسلم ووليد الطبطبائي يتبنيان أفكاراً يلزمان بها الحربش وهايف، وتسير الكتلة على طريق وعر أحيانا، مع يقيني بأنها الكتلة التي تمثل الفكرة الإسلامية والرؤية الإسلامية.
ثالثة الأثافي كتلة العمل الوطني، وهي تجمع لحزبين يمثلان التيار الشيوعي والتقدمي، وعدد من المستقلين المحافظين الذين لم يرغبوا في المحافظة على استقلاليتهم خوفا من الضياع السياسي، فانضموا لهذه الكتلة!
هذه الكتلة بهذه التركيبة العجيبة صارت مثل الزئبق في مواقفها، لا تستطيع أن تحدد لها خطا ومنهاجاً، فتارة هنا وتارة هناك، حسب تأثير نواب التيارات اليسارية والقومية فيها (العنجري والملا وأسيل)، وحسب مصالح أعضائها التجارية، لذلك تجد الغرابة في تباين مواقفها.
من العوامل الرئيسية في الاستقرار السياسي ضبط الحس السياسي عند رجل الشارع، فإن كان رجل الشارع موجها توجيها سليما وفقا لرؤية محددة ومنهج واضح، كانت ردة فعله إيجابية بغض النظر عن الموقف، وإن كانت الأمور «سايبة» ولا يوجد توجيه واضح للشارع، ولا توجد رايات محددة تلعب بالساحة، عندها سيكون الشارع عاملا مساعدا على الفوضى السياسية والعبث السياسي، وفي أفضل الأحوال.. السلبية.. والبقاء في البيت والديوانية لمزيد من التحلطم واللطم. وهذا ما يحدث اليوم في غياب الموجّه لهذا الشارع، ألا وهي الأحزاب المنظمة.
أما دور الإعلام المنظم في توجيه الشارع ودور رجل الإعلام الفالت في تغييب الحقائق وتضليل هذا الشارع، فسأترك له مقالا آخر، لكن لا يفوتني مثال قرأته بالأمس عندما قال أحد هؤلاء الفالتين الذين لم يعد يوجههم منهج وفكر، بل حقد وضلالة: إن من اسباب انتشار الرشوة سيطرة الجماعات الدينية على الجمعيات التعاونية.

لماذا ناصر المحمد؟
يتساءل البعض: لماذا ناصر المحمد؟ لماذا ليست الحكومة كاملة؟ لماذا شخص واحد يتحمّل كامل المسؤولية؟ وأفضل اجابة سمعتها هي ان المآخذ على سمو الشيخ ناصر المحمد هي علاقته برجل اعلام ايراني، وما نتج عنها من تقارب عجيب مع ايران وتنافر واضح مع دول الخليج. كذلك طريقة كسب المؤيدين من النواب على حساب المصلحة العامة، والثالثة طريقة ادارته لمجلس الوزراء وميانته على الجميع فيه، كلها بلا شك يتحملها شخص سموه.

محمد الوشيحي

أخلاق الكازينو

أطلق بصرك يميناً ويساراً، أو يمنة ويسرة كما يقول المتفاصحون، في الكويت من أقصى غلافها إلى أقصى غلافها، بحثاً عن الفن والعراقة والإتقان والنحت والتشكيل، وسيرجع إليك البصر خاسئاً وهو حسير.
الكويت دولة بلا مشاعر، أو هي دولة جُرّدت من المشاعر، وجردت من العمق، ومن الأصالة، ومن الفنون، والإبداع، والحس، واليوم يتم خلع ثياب الصدق عنها، بعد أن نجحوا في خلع ثياب حيائها… الكويت جردت من كل قيمة، لم يبقَ فيها إلا قطرتان بائستان أبقتهما لدواعي البكاء.
صرخت في وجه صديق خليجي أبلغني نيته زيارة الكويت: "احذر، احذر… لن تجد أمامك فناً معمارياً يستحق البحلقة والدهشة، ولا رسومات على الجسور ولا على جدران المناطق القديمة تستحق التوقف أمامها، ولا مقاهي أو مطاعم يعزف فيها فنان على عوده الأغاني الخالدة فتسهر مع أعزائك على وقع خطوات ريشته، ولا دار أوبرا، ولا مساجد أو كنائس نحتت أسقفها يد فنان مرهف، ولا رسامين ينتشرون في شارع خصص للمشاة، يرسمون العشاق والأطفال والطبيعة، كما في باريس وبرشلونة وغيرهما، ولا حدائق متناثرة هنا وهناك تجرك، كما يجر السقا دلوه، إلى نظم الشعر وكتابة القصص والروايات، وما أعظم القصائد التي ولدت على أطراف عيون الماء".
وأضفت: "لا تسألني عن المجلس البلدي أو عن البلدية أو عن بقية مؤسسات الزينة، التي تُسمى، زوراً وبهتاناً، مؤسسات الدولة، فهذه قصة تُنسي الخنساء أخاها صخراً".
وواصلت تحذيري، أو ربما بكائي الصامت، لا أعلم: "إذا زرت الكويت، فستجد نفسك واقفاً في "كازينو" مترامي الأطراف، يملؤه ضجيج ماكينات القمار، وصراخ المقامرين، والكل فيه يبحث عن أعلى قدر من الربح، وأظنك تعرف "أخلاق الكازينو"، أو على الأقل تتخيلها".
"انفذ بجلدك، حذّرته، ولا تضع إجازتك في بلد الشحوب والغش، أما إذا كنت من عشاق زيارة المقابر والأطلال، وأصررت على زيارة الكويت، فاحرص على أن تتزود بأكبر كمية ممكنة من الدموع الفارهة".
قال، بعد صمت: "لا تنكّلوا إذاً بجثث موتاكم".
قلت، بعد حزن: "لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها".

حسن العيسى

هل هي نهاية الأقليات؟

خوف المسيحيين وبقية الأقليات من الربيع العربي له ما يبرره، فأحداث أمس الأول بين الأقباط والجيش أمام مبنى ماسبيرو كانت بداية الشرور بين الربيع المصري والأقباط، وإذا كانت بيانات المجلس العسكري الحاكم قد شددت على ذكر وفاة اثنين أو ثلاثة عسكريين في هذه الأحداث، فإن الضحايا الأقباط كانوا أضعاف هذا العدد، حسب ما ذكره شاهد عيان لـ"بي بي سي".
وفي سورية ظهرت بعض أعراض جانبية مخيفة للثورة، حين تعرض بعض الأهالي العلويين لعمليات قتل وتصفيات طائفية في بعض المناطق. ربما، وليس لأحد أن يقطع بالجزم، كانت المخابرات والشبيحة وراء تلك الحوادث الطائفية كي يبيّض النظام وجهه، ويبرز نفسه على أنه الرابط الوحيد بين الطوائف السورية بمختلف أشكالها، لكن مهما كان المشتبه فيهم وراء تلك الجرائم، فمن المؤكد أن الربيع العربي لا يبشر بالخير للأقليات العربية، مسيحية وغير مسيحية، حتى بالنسبة للشيعة، فهم أقليات في المحيط العربي والإسلامي.
إذا كان المسيحيون في الماضي، وقبيل الاستقلال، رفعوا شعارات العروبة والقومية العربية كرفض للحكم العثماني، فهذا كان رابطهم للانصهار وتأكيد مطلب المساواة بين المواطنين حسب القومية العربية، لا حسب الدين والمذهب السني. وذُكِر في كتاب الباحثَين لورانت شابري وأني شابري تحت عنوان "سياسة وأقليات" أنه "… عندما تسعى أقلية إلى التكيف مع موقف بالتعديل الظاهر لهويتها فإنها لا تلجأ بالضرورة إلى وضع التشكل الذاتي للحرباء، أي التستر التام على هوية الأقلية (التقية)، وهذه الاستراتيجية الأخيرة السهلة المنال نسبياً على فرد ضائع في كتلة الأكثرية، ليست كذلك في المقابل على جماعة برمتها. وهذه الجماعة تتصرف بنحو آخر بهويتها لتخفيف تباينها، لمحاولة إزالة الحدود جزئياً، التي تفصلها عن جماعة الأكثرية…".
كيف للمسيحيين، والعلويين أو الأكراد (على الأقل في سورية) أن يجدوا الرابط الذي يوحدهم مع الثورات العربية اليوم، بعد أن زادت حوادث الاضطهاد ضدهم، ففي مصر نفهم غضب الأقباط، حين نعرف أنه منذ عام ٢٠٠٨ حتى ٢٠١٠ تعرض الأقباط لـ٥٢ حالة اعتداء، ولم يقدم أي مشتبه فيه إلى المحاكمة، كما أن تمييز قانون الأحوال الشخصية ضدهم في مسائل التبني وبناء الكنائس ليس بالأمر السهل عندهم. وفي العراق أصبحت كنائس الآشوريين هي المكان الرخو لضربات "القاعدة" والأصوليين، وذكر أشور كيوا أركيس في جريدة "النهار" أن نسبة الآشوريين كانت ٨ في المئة من مجموع العراقيين أيام صدام، أما نسبتهم الآن فلا تتجاوز ٣ في المئة.
ولو اجتهدنا وبحثنا عن أعداد المسيحيين في الوطن العربي لوجدنا أنهم في حالة تناقص أو "انقراض"، وفي هذه الحالة تجد الأقليات هنا حمايتها من مشاعر الغضب الشعبي التي تتجه إليها بعد أن عجزت الشعوب عن مواجهة الآلة العسكرية للنظام المستبد في النظام المستبد ذاته، فهو، عند تلك الأقليات، أهون الشرَّين وأخف الضررين. من هنا علينا إن لم نقبل تصريحات البطريرك اللبناني الراعي بشأن الثورة في سورية، فإننا يمكن أن نتفهمها في ضوء التاريخ وواقع الحال العربي، فشباب الربيع العربي لم يرفعوا شعار "حرية، إخاء، مساواة" مثلما فعل الفرنسيون في الثورة الفرنسية، بل كانوا حركة رفض غاضبة لأنظمة مستبدة، ولم تكن أرض الفكر عندنا قد أنجبت فولتير وروسو ومونتيسكو كما حدث في عصر الأنوار في أوروبا، فالمستبدون هنا مهدوا أرضنا منذ السبعينيات لعمليات الاستنساخ لمشايخ الصحوة، وتلك فترة، طالت أو قصرت، سيزيلها حكم التاريخ.
***
ملاحظة: ختاماً يراودني شعور مطلق بأن "ليبراليي" الكويت أو بقاياهم حكمهم من حكم الأقليات العربية.