أطلق بصرك يميناً ويساراً، أو يمنة ويسرة كما يقول المتفاصحون، في الكويت من أقصى غلافها إلى أقصى غلافها، بحثاً عن الفن والعراقة والإتقان والنحت والتشكيل، وسيرجع إليك البصر خاسئاً وهو حسير.
الكويت دولة بلا مشاعر، أو هي دولة جُرّدت من المشاعر، وجردت من العمق، ومن الأصالة، ومن الفنون، والإبداع، والحس، واليوم يتم خلع ثياب الصدق عنها، بعد أن نجحوا في خلع ثياب حيائها… الكويت جردت من كل قيمة، لم يبقَ فيها إلا قطرتان بائستان أبقتهما لدواعي البكاء.
صرخت في وجه صديق خليجي أبلغني نيته زيارة الكويت: "احذر، احذر… لن تجد أمامك فناً معمارياً يستحق البحلقة والدهشة، ولا رسومات على الجسور ولا على جدران المناطق القديمة تستحق التوقف أمامها، ولا مقاهي أو مطاعم يعزف فيها فنان على عوده الأغاني الخالدة فتسهر مع أعزائك على وقع خطوات ريشته، ولا دار أوبرا، ولا مساجد أو كنائس نحتت أسقفها يد فنان مرهف، ولا رسامين ينتشرون في شارع خصص للمشاة، يرسمون العشاق والأطفال والطبيعة، كما في باريس وبرشلونة وغيرهما، ولا حدائق متناثرة هنا وهناك تجرك، كما يجر السقا دلوه، إلى نظم الشعر وكتابة القصص والروايات، وما أعظم القصائد التي ولدت على أطراف عيون الماء".
وأضفت: "لا تسألني عن المجلس البلدي أو عن البلدية أو عن بقية مؤسسات الزينة، التي تُسمى، زوراً وبهتاناً، مؤسسات الدولة، فهذه قصة تُنسي الخنساء أخاها صخراً".
وواصلت تحذيري، أو ربما بكائي الصامت، لا أعلم: "إذا زرت الكويت، فستجد نفسك واقفاً في "كازينو" مترامي الأطراف، يملؤه ضجيج ماكينات القمار، وصراخ المقامرين، والكل فيه يبحث عن أعلى قدر من الربح، وأظنك تعرف "أخلاق الكازينو"، أو على الأقل تتخيلها".
"انفذ بجلدك، حذّرته، ولا تضع إجازتك في بلد الشحوب والغش، أما إذا كنت من عشاق زيارة المقابر والأطلال، وأصررت على زيارة الكويت، فاحرص على أن تتزود بأكبر كمية ممكنة من الدموع الفارهة".
قال، بعد صمت: "لا تنكّلوا إذاً بجثث موتاكم".
قلت، بعد حزن: "لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها".
اليوم: 11 أكتوبر، 2011
هل هي نهاية الأقليات؟
خوف المسيحيين وبقية الأقليات من الربيع العربي له ما يبرره، فأحداث أمس الأول بين الأقباط والجيش أمام مبنى ماسبيرو كانت بداية الشرور بين الربيع المصري والأقباط، وإذا كانت بيانات المجلس العسكري الحاكم قد شددت على ذكر وفاة اثنين أو ثلاثة عسكريين في هذه الأحداث، فإن الضحايا الأقباط كانوا أضعاف هذا العدد، حسب ما ذكره شاهد عيان لـ"بي بي سي".
وفي سورية ظهرت بعض أعراض جانبية مخيفة للثورة، حين تعرض بعض الأهالي العلويين لعمليات قتل وتصفيات طائفية في بعض المناطق. ربما، وليس لأحد أن يقطع بالجزم، كانت المخابرات والشبيحة وراء تلك الحوادث الطائفية كي يبيّض النظام وجهه، ويبرز نفسه على أنه الرابط الوحيد بين الطوائف السورية بمختلف أشكالها، لكن مهما كان المشتبه فيهم وراء تلك الجرائم، فمن المؤكد أن الربيع العربي لا يبشر بالخير للأقليات العربية، مسيحية وغير مسيحية، حتى بالنسبة للشيعة، فهم أقليات في المحيط العربي والإسلامي.
إذا كان المسيحيون في الماضي، وقبيل الاستقلال، رفعوا شعارات العروبة والقومية العربية كرفض للحكم العثماني، فهذا كان رابطهم للانصهار وتأكيد مطلب المساواة بين المواطنين حسب القومية العربية، لا حسب الدين والمذهب السني. وذُكِر في كتاب الباحثَين لورانت شابري وأني شابري تحت عنوان "سياسة وأقليات" أنه "… عندما تسعى أقلية إلى التكيف مع موقف بالتعديل الظاهر لهويتها فإنها لا تلجأ بالضرورة إلى وضع التشكل الذاتي للحرباء، أي التستر التام على هوية الأقلية (التقية)، وهذه الاستراتيجية الأخيرة السهلة المنال نسبياً على فرد ضائع في كتلة الأكثرية، ليست كذلك في المقابل على جماعة برمتها. وهذه الجماعة تتصرف بنحو آخر بهويتها لتخفيف تباينها، لمحاولة إزالة الحدود جزئياً، التي تفصلها عن جماعة الأكثرية…".
كيف للمسيحيين، والعلويين أو الأكراد (على الأقل في سورية) أن يجدوا الرابط الذي يوحدهم مع الثورات العربية اليوم، بعد أن زادت حوادث الاضطهاد ضدهم، ففي مصر نفهم غضب الأقباط، حين نعرف أنه منذ عام ٢٠٠٨ حتى ٢٠١٠ تعرض الأقباط لـ٥٢ حالة اعتداء، ولم يقدم أي مشتبه فيه إلى المحاكمة، كما أن تمييز قانون الأحوال الشخصية ضدهم في مسائل التبني وبناء الكنائس ليس بالأمر السهل عندهم. وفي العراق أصبحت كنائس الآشوريين هي المكان الرخو لضربات "القاعدة" والأصوليين، وذكر أشور كيوا أركيس في جريدة "النهار" أن نسبة الآشوريين كانت ٨ في المئة من مجموع العراقيين أيام صدام، أما نسبتهم الآن فلا تتجاوز ٣ في المئة.
ولو اجتهدنا وبحثنا عن أعداد المسيحيين في الوطن العربي لوجدنا أنهم في حالة تناقص أو "انقراض"، وفي هذه الحالة تجد الأقليات هنا حمايتها من مشاعر الغضب الشعبي التي تتجه إليها بعد أن عجزت الشعوب عن مواجهة الآلة العسكرية للنظام المستبد في النظام المستبد ذاته، فهو، عند تلك الأقليات، أهون الشرَّين وأخف الضررين. من هنا علينا إن لم نقبل تصريحات البطريرك اللبناني الراعي بشأن الثورة في سورية، فإننا يمكن أن نتفهمها في ضوء التاريخ وواقع الحال العربي، فشباب الربيع العربي لم يرفعوا شعار "حرية، إخاء، مساواة" مثلما فعل الفرنسيون في الثورة الفرنسية، بل كانوا حركة رفض غاضبة لأنظمة مستبدة، ولم تكن أرض الفكر عندنا قد أنجبت فولتير وروسو ومونتيسكو كما حدث في عصر الأنوار في أوروبا، فالمستبدون هنا مهدوا أرضنا منذ السبعينيات لعمليات الاستنساخ لمشايخ الصحوة، وتلك فترة، طالت أو قصرت، سيزيلها حكم التاريخ.
***
ملاحظة: ختاماً يراودني شعور مطلق بأن "ليبراليي" الكويت أو بقاياهم حكمهم من حكم الأقليات العربية.
«عشرة» حيوية
يقول الدكتور Gary small، رئيس مركز دراسات التقدم في العمر في UCLA الاميركية المرموقة، ان الأبحاث بينت خطأ الاعتقاد بأن مرض الزهايمر وراثي. فهو مثل اي مرض آخر يتطور على مدى سنوات، ويتأثر بطريقة معيشتنا ونسبة الكوليسترول في الدم، والسمنة والكآبة والتعليم والتغذية وعادات النوم والأنشطة الذهنية والبدنية. وقد اثبت أفضل الباحثين والخبراء، في افضل مختبرات العالم، أن اشياء كثيرة تخفض من احتمال اصابتنا بمرض الزهايمر والأمراض الأخرى المصاحبة للتقدم في العمر، الا أن أهمها عشرة:
1ــ شرب القهوة بكثرة، لانها تساعد على تخلص المخ من السموم، الا اذا كان هناك ما يمنع ذلك صحيا.
2ــ تنظيف الأسنان: فيمكن التنبؤ بمدى احتمال اصابة شخص ما بالنسيان من حالة لثته واسنانه، فأمراض اللثة «تهاجر» ـ كما يؤمن هؤلاء ـ الى المخ.
3ــ الانترنت: فالبحث في غوغل مثلا عن المعلومات يمكن أن يحفز الذهن، ويوقد الذاكرة أكثر من قراءة كتاب. وكنت أقوم بذلك لسنوات من دون أن أعرف ذلك، ومصدر معلومات هذا المقال من الانترنت، وهو ما يأخذه البعض عليّ، وكأن الاستشهاد بمرجع مكتوب أفضل من الاستشهاد بالانترنت.
4ــ الاحتفاظ بخلايا المخ الجدية حية. فالجسم ينتج الآلاف منها يوميا، والعبرة في الاحتفاظ بها حية، ويمكن ذلك عن طريق ممارسة الرياضة، ولو المشي لنصف ساعة يوميا، وتشغيل العقل بشكل مكثف، وتناول الاسماك المدهنة كالسلمون، والتخلص من السمنة، وتجنب الحرمان من النوم.
5ــ تناول عصير التفاح، وعصير التوت الأسود والبريز، وكأس نبيذ للنساء واثنتان للرجال.
6ــ حماية الرأس، حتى من الضربات غير العنيفة. فاحتمال اصابة بعض لاعبي كرة القدم والملاكمين بالزهايمر تزيد 19 مرة على غيرهم؟
7ــ ممارسة التأمل، ولو لربع ساعة في اليوم.
8ــ تناول فيتامين D3 بكميات يحددها الطبيب.
9ــ زيادة مخزون المعرفة: فالعقل بحاجة الى المعلومات بشكل مستمر سواء من تجارب الحياة أو التعليم، والزواج، والتواصل الاجتماعي، والعمل، وتعلم لغات جديدة، وأن نجعل لحياتنا هدفا نعمل من اجله.
10ــ تجنب العدوى: فالأبحاث الحديثة بينت أن اصابات معدية كالزكام والقرحة تزيد من احتمال الاصابة بالزهايمر. ونتمنى للجميع صحة جيدة.
***
ينشر بالتزامن مع «المدى» العراقية
أحمد الصراف