«…لا نستطيع تقدير قيمة ما يصرف على التعليم، إلا إذا علمنا بالتكلفة الحقيقية للجهل»! والتعليم، برأي صديقي أبو فيصل، ليس القدرة على القراءة والكتابة، بل على استيعاب الثقافة، وهذا ما فشلت فيه كل مؤسسات الدولة التعليمية. فالتعليم النظامي، الذي بدأ بالمدرسة المباركية، وما يحاوله البعض من تحويل الاهتمام بها والاحتفال بمرور قرن على «التعليم النظامي»، بدأ نهضته الحقيقية على يد عبدالعزيز حسين، وبدأ انهياره مع تسلم خالد المسعود لوزارة التعليم، وفتحه لابواب معهد المعلمين لكل من لم تستوعبه اي جهة تعليمية أخرى، وهو الانهيار الذي استمر ليومنا هذا، وشارك فيه كل وزراء التربية تقريبا، مرورا بذلك الذي سكت عن صدور قانون منع الاختلاط، وشاركنا جميعا في جريمة إيصال التعليم الى مستواه الحالي المخيف، ومخرجاته، التي قلبت حياتنا رأسا على عقب، والتي تسببت في كل مشاكلنا المالية والاجتماعية والاخلاقية والسياسية، وقبلها الإدارية، التي لا يمكن تغييرها بغير النهوض بعملية التعليم، واجتثاث الماضي من جذوره، هذا إن «قبلوا» بذلك!
في مقال سلطت القبس الضوء عليه، ذكر الزميل حامد الحمود، أنه اطلع على دراسة بينت أن هناك 4422 مدرساً كويتياً يعملون في مدارس الحكومة، منهم 30 يدرسون العربية، ومثل ذلك تقريبا للرياضيات، 11 للكيمياء، أما الفيزياء فيدرسها 2 من اصل 4422. ولم يذكر أين ذهب الباقون، والأرجح أنهم يقومون بتدريس التاريخ والجغرافيا، والألعاب الرياضية، لسهولتها وليس لأهميتها للعقل والبدن، و….الدروس الدينية! ويستطرد الزميل قائلا انه لا يعتقد أن رئيس الوزراء أو وزير التربية، ولا مجلس التخطيط، ولا نواب كالسعدون أو البراك أو دميثير ومخلد العازمي أو جمعية الإصلاح أو التحالف الديموقراطي قد انتبهوا أو اهتموا أو أثارتهم هذه الاحصائية الرسمية، ولن يدعو أي طرف الى عقد ندوة لمناقشة خطورة ما ورد فيها، فمجلس التعليم الأعلى برأيه غير معني بالأمر ولا أعضاء المجلس الأعلى للجامعة، والأمل ضعيف في أن أيا من العاملين في التربية سيناقش محتوياتها مع الوكيلة، فطالما أن أرقامها لا تؤرق قيادات التربية، فلماذا يهتم بها اي طرف أصلا؟ ونحن نطمئن صديقنا حامد ونقول ان جميع هذه الجهات ستهتم بالعملية التربوية فور إقرار كادر رواتب المعلمين، وانهاء بقية اضرابات موظفي الدولة، وتسوية قضايا رشى النواب، والأهم من ذلك الانتهاء من جامعة الشدادية، التي سيعقد في قاعة محاضراتها الرئيسية مؤتمر عام لمناقشة القضية التعليمية، وبحضور أعضاء اللجنة التعليمية من النواب ومعهم النائب، ورجل الدين السابق، «كبت امه»!
أحمد الصراف