لو دعاك شخص وطلب منك حماية منزله الكبير من الحريق وحضرت ووجدت سلكا كهربائيا مفسوخا ينذر بالخطر، فأمامك حلان الأول ان تغطي السلك بالشريط اللاصق وتكتفي بذلك وهو ما يسمى بـ «الحل الفردي» للمعضلة، ومشكلته ان ذلك الخطر قد يتكرر بعد مدة في سلك آخر وينتهي الأمر باحتراق المنزل، الحل الآخر هو ان تغطي السلك وتطلب من صاحب البيت ان يتعاقد مع مؤسسة سلامة تزور منزله كل شهر وتتكفل بتغطية اي سلك آخر بإمكانه ان يحرق البيت وهذا ما يسمى بـ «الحل المؤسسي» الكفيل بإنهاء الإشكال الى الأبد.
*****
بالمثل يمكن ان نتعامل مع مشكلة الايداعات النقدية الحالية بالاكتفاء بالحل «الفردي» لها عبر الاكتفاء بتحويل الجناة الى النيابة وترك الباب مفتوحا لـ «قبيضة المستقبل» ـ بل والحاضر حيث ان هناك قبيضة كبارا ضمن من يعلي الصوت هذه الأيام في الساحات وأمام الميكروفونات ضد القبيضة ـ او ان نقوم بالبحث في جذور الاشكال توازيا مع «الإحالة للنيابة» للوصول الى حلول «مؤسسية» تقضي على هذه الظاهرة الى الأبد.
*****
وأول الحلول الجادة والحادة من الفساد التشريعي والمجربة في «جميع» برلمانات العالم الأخرى، يكمن في تعديل بعض التشريعات لخلق «لجنة قيم» تحاسب وتردع وتزجر وتفصل المتجاوزين من النواب، لذا فمن يعلي الصوت ضد القبيضة الحاليين ويرفض في الوقت ذاته إنشاء مثل تلك اللجنة هو في الواقع قبيض كبير بالسن مهما ادعى من ثورية وطهارة وطنية ويكفي ان يتتبع احد السيرة المالية لبعض الثائرين ليكتشف هذه الحقيقة الجلية، فحال هؤلاء كحال معمر وصدام وغيرهما ممن ادعوا الطهارة ونظافة الذمة ليكتشف المغرر بهم بعد سقوطهم أنهم أكبر الذمم الآكلة للسحت.
*****
ثاني الحلول المؤسسية لظاهرة «القبيضة» ـ التي ابتدأت للعلم مع بدء الحياة البرلمانية الكويتية قبل 50 عاما ـ هو عبر الموضوعية في الطرح والبحث عن مصلحة الكويت بدلا من الموالاة او المعارضة المغرضة طوال الوقت وخلق الاستجوابات الكيدية التي تضطر الحكومات المتعاقبة ومنذ نصف قرن للبحث بأي ثمن عن الداعمين لمشاريعها ومنع اسقاطها في البرلمان في ظل وجود من يتعهد أمام ناخبيه إبان فترة الحملات الانتخابية بالمعارضة لأجل المعارضة والوقوف ضد حكومات لم تشكل بعد، وهل بعد هذا الفعل المدمر فعل؟!
*****
إن على الشعب الكويتي وشبابه ان يعي ان فشل اي حكومة في الماضي او الحاضر او المستقبل ليس فشلا خاصا برئيسها بل فشل للكويت جمعاء، حالنا حال الدول الأخرى، ففشل وإخفاق الحكومة القطرية او السعودية او المصرية.. الخ هو اخفاق بالقطع لقطر والسعودية ومصر، وتلك بديهية أخرى يخفيها بعض ساستنا لخلق الأزمات والاستجوابات التي هي الرافد الرئيسي للفساد التشريعي الذي لا تحله الخطب المدغدغة والكلمات النارية بل تزيده اشتعالا، وكم من ذمم خربة تختبئ تحت دشاديش بعض نوابنا ممن لم نسمع قط بتقديمهم «استقالاتهم» من كراسيهم الخضراء صانعة الأموال، ممن جاوز مكوث بعضهم عليها بقاء الديكتاتوريات العربية أمثال صدام ومعمر! وكيف يصدق احد مطالبتكم الآخرين بالتخلي عن الكراسي الخضراء وأنتم متمسكون بها حتى القبر؟! وأين التضحية لأجل المبادئ؟!
*****
آخر محطة: أثبت عزوف شبابنا الواعي عن حضور تجمعات المتثبتين بالكراسي الخضراء ان الكويت بخير، اما القلة التي حضرت فالبعض منها طيب القلب وحسن النية والبعض الآخر أترك لكم الحكم عليه بعد متابعة هذين المثالين اللذين شاهدتهما على احدى الفضائيات الكويتية:
1 ـ شاب يقول للواء محمود الدوسري واللواء بكامل لبسه الرسمي ورتبته العسكرية «أنا مواطن وانت مواطن فليش أطيع أوامرك؟».
2 ـ شاب آخر يلبس عقالا فوق القحفية (!) يقول للمذيع «وين رجال الأمن عن اللي داسوا علم الكويت؟»، معروف ان الذين قاموا بذلك الأمر هم من العراقيين القاطنين في بغداد التي لا يعلم على الأرجح انها ليست تابعة للكويت!
أخيرا: مظاهرات في بغداد لتجمعات بعثية نصرة للتجمعات الكويتية اي عودة لـ «ربيع 90» الذي انتهى بالغزو وهل يريد هؤلاء البعثيون الا الضرر بالكويت؟ فهل نتعظ؟!