الله على فناني فرنسا في الماضي، عندما تصدروا المظاهرات المطالبة بالانسحاب من الجزائر ومنحها استقلالها، الله عليهم عندما اتُّهموا بالتخوين وحوربوا في أرزاقهم ولم يتراجعوا عن صيحاتهم ومنشوراتهم: «احتلال الجزائر سطو مسلح تقوم به دولة تدعي التمدن»، «الفرنسيون ليسوا شعباً من اللصوص ولا مجاميع من العجزة كي ينهبوا خيرات الشعوب الضعيفة»، «بدلاً من استعباد العرب والأفارقة وإذلالهم، لماذا لا ترفع فرنسا مستواهم الثقافي وتنشر بينهم العلمانية وتوضح لهم حقوقهم وطريقة تطوير بلدهم؟»، وغير ذلك من مطالباتهم المرفوضة شعبياً قبل أن تكون مرفوضة رسمياً.
خلت المسارح الفرنسية، آنذاك، من الفنانين الأحرار بعد أن رفضتهم الجماهير، وخلا الفضاء للفنانين المرتزقة والنص كم، وجماعة «غير ديغول ما نبي»…
وقبل ذا برز الأديب العظيم «سارتر»، جان بول سارتر، وارتفع صوته عالياً مطالباً بالحرية للجزائريين، فهوجمت شقته من الدهماء والغوغاء، فهرب، فأحرقوا شقته وتركوها رماداً، وتكرر الأمر وأُحرِقت شقته للمرة الثانية، ولم يتوقف، بل كتب مهاجماً الجيش الفرنسي وفظاعاته في الجزائر، فحوكم عسكرياً وتقرر سجنه لولا تدخل ديغول، واستمر بمطالباته إلى أن استقلت الجزائر.
وفي مصر، تسابق الفنانون الأحرار لدعم ثورة الشعب، فبرز خالد الصاوي وعمرو واكد ومحمد منير وآخرون، وتهاوى المرتزقة عشاق دفء القصور الرئاسية، عادل إمام وتامر حسني وإلهام شاهين (هذه الممثلة تحديداً خير من يلتصق بالجدران الدافئة) وطلعت زكريا وغادة عبدالرازق وغيرهم.
وفي سورية، ارتفع احتجاج أميرة الفن العربي الممثلة كندة علوش ضد ما يتعرض له أحرار سورية، وساندتها المطربة أصالة من خارج البلد، وغنى المطرب إبراهيم قاشوش للثورة فانتُزعت حنجرته ونُكّل به بعد قتله، وساندهم قلة من الفنانين، في حين التصق دريد لحام بجدران القصور الرئاسية، متلذذاً بمذاق الدم السوري، وطأطأ «قبضايات الحارة» وبركوا على ركبهم ذلاً ومهانة وكالوا المديح للنظام وتمنوا له الدوام، فـ«لا إله – لهم – إلا بشار»…
وفي الكويت، حيث لا ثورة على النظام بل على الحكومة، يصمت كبار الممثلين عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وسعاد عبدالله وحياة الفهد، ويهزون أكتاف اللامبالاة، بل يقف أشهرهم عبدالحسين عبدالرضا في صف الحكومة، ويطالب بأن تتشكل الحكومة من ستة عشر وزيراً من الأسرة الحاكمة فقط، ويختفي سعد الفرج في زحام السوق، ويستمر طارق العلي في السخرية من «خشمك اللي يشبه دعامية نيسان» و«صلعتك اللي تكسر الليت» وتقهقه الجماهير ويقهقه الفساد! وتغرق حياة الفهد وسعاد عبدالله في التنافس على فضائيات «إم بي سي» و«دبي»، وتتفرغان لموسم الحصاد، شهر رمضان، وتصمتان عن الفساد الذي أغرق الكويت، وتغرقاننا بدموعهما، وكأن الغرق هو ما ينقصنا.
وتتلثم رابطة الأدباء كي لا يعرفها أحد، وتغلق الباب على نفسها، ويستمر عبدالله الرويشد يترنم بأغنياته الغزلية، ويتلذذ بعصير البرتقال، وكأن عنزاً لم تعطس، ووو…
حتى الرسامون والفنانون التشكيليون يشاهدون الكويت تُرسم بأيدٍ مرتجفة وبألوان باهتة، وتبلع ريقها وتستجدي قطرة ماء «فيعملوا نفسهم نائمين».
يا سيدي، أنا لا أطالب الفنانين والأدباء والرسامين بالوقوف في صفوف المعارضة ورفض الفساد، ولا أجبرهم على الصلاة في اتجاه قبلتي، بل على الأقل أريد أن أعرف موقف كل فنان مما يحدث في الكويت.
أقول ذلك، وأنا لا أنكر محبتي لصوت الرويشد ولا إعجابي بأداء الفرج وعبدالحسين وحياة وسعاد، بل وطارق أيضاً… ولن أتجنّى لو قلت إن فناني الكويت، بشكل عام، أقرب إلى مبنى رئاسة الوزراء من ساحة الإرادة، فسحقاً لهذا الزمن.
الشهر: سبتمبر 2011
أن تحارب الفساد وأنت فاسد!
الكويت ام البدع، ومن ذلك ما نلحظه هذه الايام من ظاهرة فريدة للغاية وهي محاربة الفساد من قبل كبار الفاسدين والراعين الحقيقيين والتاريخيين للفساد التشريعي، فكل العداء هو لفساد الآخر دون التعهد بمحاربة فساد الذات الذي غطى البر والبحر وردْع النفس الامارة بالسوء، ان ملة الفساد واحدة ولا فارق لدى الشعب الكويتي بين فساد موالاة وفساد معارضة.
من يقل ان الدستور والديموقراطية هما الضمان الحقيقي ضد الفساد فهو مخطئ حتى النخاع ويتسبب دون قصد في استمراره، وله ان يفسر لنا سبب تصدر قطر والامارات وعمان وسنغافورة مؤشرات النزاهة والشفافية على المستويين العربي والدولي رغم انها دول لا دستور ولا ديموقراطية فيها وان كان لديها عمليات رفاه وتعامل انساني وتنمية تسابق سرعة الضوء، كما تشتهر بالعدالة والحريات الشخصية وتكافؤ الفرص وعمليات النظام والانضباط الشديد التي تجعل زائرها يبهر ويسحر حيث لا نواب ولا واسطات مخربة هناك كحال بعض الدول الديموقراطية مثل لبنان والكويت.
وأكثر دول العالم فسادا هي العراق والسودان والصومال، وايران ليست بعيدة عنها، والاربع دول بها ديموقراطية وحريات اعلامية ويحكمها «التيار الاسلامي» بأشكاله المختلفة من تيارات سنية وشيعية، والذي يعتقد البسطاء والسذج انه المحارب الاول للفساد والظلم والرشاوى والسرقات، الا ان التجربة المعيشة تثبت بالمطلق انه على العكس من ذلك فأكثر دول العالم تقدما وعدالة ونزاهة وقوة واحتراما لحقوق الانسان هي الدول العلمانية والليبرالية لا الدول الدينية.
أخيرا دول مجلس التعاون ست منها ثلاث تقع في شمال الخليج هي السعودية والكويت والبحرين وثلاث في جنوب الخليج هي قطر والامارات وعمان، وواضح ان هناك من يستهدف دول شمال الخليج بالتهديدات والمؤامرات والمطامع بينما تنعم دول الجنوب بالأمن النسبي «المؤقت»، لذا فعلى دول الشمال الخليجي الدفع بمشاريع الأمن المشترك والاستعجال به قبل فوات الاوان حيث انها المستهدفة بالمخاطر الجمة هذه الايام.
آخر محطة:
1 – التهنئة القلبية للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا بمناسبة اعيادها الوطنية، وللعزيز د.عبدالعزيز الفايز سفير خادم الحرمين الشريفين في الكويت، مبروك وعقبال ألف عام.
2 – «حوبة الكويت» تتحرك وتصيب من انكر على شعبنا عام 90 الاستعانة بقوى التحالف الدولي، فهذه الايام يطالب الفلسطينيون والسوريون والليبيون واليمنيون بمثل ذلك التدخل الذي انكروه علينا ونقول عن تجربة: لقد عشنا 20 عاما مع تواجد القوى الأميركية والدولية على ارضنا فلم نر منها الا كل خير، فقد ارتفع خلالها سعر النفط من 10 دولارات الى مائة، بينما لم نر خلال 6 اشهر من تواجد قوى الجار على ارضنا الا الخراب والقتل والدمار فالاستعمار العربي لا الغربي هو الاسوأ على الاطلاق.
تحية لكم
شباب 16 سبتمبر وجماعة «نهج» الذين تجمعوا الأربعاء الماضي هم أمل الكويت للخروج من بئر الفساد العميقة، وبغير مثل تلك التجمعات وممارسة الرفض للسياسات الحكومية ستستمر الدولة في الغيبوبة وحالة اللااكتراث لما يحدث من فوضى الهبش والفساد المعمم في جل مرافق الدولة ومن غير استثناء.
حركة الشباب لم تطالب بميزات مادية من الدولة، ولم يدع الشباب إلى تحسين أوضاع فئات معينة في الدولة، كما حدث في الإضرابات الأخيرة، الشباب ارتفعوا بندائهم للتغيير في بنية السلطة وتركيبتها، فهي المسؤولة بداية ونهاية عن حالة فلتان الفساد في السنوات الأخيرة.
المطالبة بالإمارة الدستورية والدائرة الواحدة ونظام القوائم واستقلالية القضاء، يرى بعض النواب المخلصين أنها مُبالغ فيها، وأنها تتجاوز سقف التوافق السياسي بين السلطة الحاكمة والمعارضة، وربما في ذلك «بعض» الصحة (وليس كل الصحة) في ما يتعلق بالإمارة الدستورية، رغم أن دستور الدولة قد نص في المادة السادسة على «أن نظام الحكم ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات»، وبهذا وضع الأساس المفترض للإمارة الدستورية، ولبناء ديمقراطية حقيقية.
ولنقر الآن، أنه بعد خمسين عاماً على ولادة الدستور لم ترق الكويت لتصبح بلداً ديمقراطياً حقيقياً، ومنذ منتصف الستينيات، وإلى هذه اللحظة هناك تراجع واضح على صعيد الحريات، مع تغييب متعمد وجهل مركب لمفاهيم التنمية الحقيقية التي تدور وجوداً وعدماً حول تنمية الإنسان والفكر الإنساني، وليست هي مشروعات الأسمنت ومولات الاستهلاك، وأضحت الأسرة الحاكمة مع نخب تدور في فلكها تمسك بمفاصل الدولة من ألفها إلى يائها، وأضحى المال السياسي أداة استبداد وتشويه مرعب للوجه الديمقراطي، وبعض النواب اليوم وأيضا بالأمس وقبل التشكيلات الحكومية الأخيرة (كي نكون عادلين في أحكامنا) يمثلون الوجه الآخر للسلطة التنفيذية أو يعارضونها بالتافه من قضايا الدولة، وهم لا يقبضون دائماً من الداخل، فقد يدفع لهم من خارج حدود الدولة، فهم ليسوا نواب ضمير الأمة بل نواب فساد الذمة.
لم يكن هناك حاجة كي يتحرك شباب 16 سبتمبر لو أنهم وجدوا من ينصت لهم، ولما بالغوا مطالبين بشعبية منصب رئاسة الوزراء وهو أحد تجليات الإمارة الدستورية، لو أن السلطة سبقتهم وأصلحت من أمرها وأمر الناس الذين تحكمهم، لكنها لم تفعل، فلهم كل العذر في ذلك.
بين «الخارجية» و«الخيرية»
دأب بعض أصحاب الأقلام والأنفاس غير الطيبة على اتهامنا بمعارضة فعل الخير ومعاداة القائمين عليه، ولو علم هؤلاء بالخير الذي نفعله لشعروا بالخجل، ولكن هل يخجلون؟
ما يريده هؤلاء منا هو أن نتركهم لحالهم ليجمعوا ما يشاؤون ويصرفوا على هواهم ويخدموا اجنداتهم الحزبية الدينية من دون رقيب، هذا غير الاحتفاظ لأنفسهم بخمس ما يجمعون!
وفي هذا السياق، وجه النائب مسلم البراك سؤالا إلى وزير الخارجية بشأن ورود كتاب للوزارة من ديوان رئيس مجلس الوزراء، يطلب فيه تحويل مبلغ معين إلى إحدى سفارات الكويت، ودعا البراك لإفادته بإجمالي عدد مثل هذه الكتب ومبالغها منذ 2006 والأطراف المستفيدة من هذه المبالغ!
سؤال البراك قد يكون برلمانيا عاديا، أو نتيجة رفض طلبات له، وقد يكون اخطر من ذلك، ولكن كنا نتمنى أن يكون أكثر شمولا، فوزارة الخارجية، وفق علمي ان كانت المعلومة صحيحة، تقوم أيضا بمهمة الوسيط في نقل مبالغ كبيرة نسبيا لعدد من سفاراتنا، في 6 عواصم أوروبية وآسيوية على الأقل، نيابة عن جمعيات «خيرية»! ويتم النقل عن طريق الوزارة ربما لتلافي أوامر حظر دولي على الأنشطة المالية للجهات المحولة! ونعتقد، أو نتمنى، أن يؤدي سؤال النائب لفتح ملفات مثل هذه التحويلات.
وأيضا في السياق نفسه تقريبا، صرح السيد ناصر العمار مدير إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات في وزارة الشؤون، بأن تبرعات هذا العام ازدادت بكثير عما كانت عليه العام الماضي، حيث وصلت إلى 86 مليون دينار، وذلك لتزامنها مع تنفيذ المشروع الثامن لجمع التبرعات النقدية خلال شهر رمضان مع حملة التبرعات للشعب الصومالي، اضافة الى استخدام «الكي نت» و«الأون لاين» في عمليات التبرع. وقال انه لم يرصد هذا العام سوى مخالفات بسيطة غير متعمدة نتيجة لتعاون الجمعيات والمتبرعين مع تعليمات الوزارة، ومنها ضبط أشخاص غرباء قدموا الى البلاد بكروت زيارة وقاموا بجمع تبرعات نقدية من دون ترخيص ومن دون ان يكونوا منتمين الى أي من الجمعيات الخيرية، كما تم القبض على أشخاص غرباء يحملون تزكيات من شخصيات كويتية معروفة تسهل لهم عمليات جمع التبرعات بصورة مخالفة للقانون.
وهنا نشد على أيدي مسؤولي الوزارة ونشكر جهودهم المخلصة الساعية للحد من تنفيع بعض القائمين على العمل الخيري لأنفسهم من أموال الخيرات، وجهودهم للحد من تسرب هذه الأموال الطائلة للجهات الداعمة للإرهاب.
***
• تصحيح: ورد في مقال الخميس ان المناضل الايراني داريوش فروهار اغتيل وزوجته غدرا عام 1993، والصحيح انهما اغتيلا عام 1998، وتولت شيرين عبادي قضيتهما بناء على طلب من ابنتهما، ولكن قتل، أو انتحار شريف امامي نائب رئيس الاستخبارات وهو في السجن، والذي اتهم بعملية قتل فروهار وزوجته، أضاع كل الادلة.
أحمد الصراف
الفساد تجاوز الفرد
بعد الحشد الجماهيري يوم الأربعاء الماضي، ومشاركة جميع القوى السياسية المعتبرة في تلك التظاهرة، التي أجمعت على مطلب واحد وهو تغيير الحكومة كمدخل لإصلاح الفساد، أقول بعد كل ذلك أصبح التغيير أمراً مستحقاً!
صحيح، قد يكون الشخص أحياناً صالحا في نفسه، لكن عمله قد لا يكون كذلك، لهذا كانت القوة والأمانة أو بمعنى آخر الكفاءة والصلاح شرطين لكل قيادي يريد قيادة مجموعة، فكيف بمن يريد قيادة أمة ودولة!
قال الخليفة الصالح: آه من قوة الفاجر، وضعف التقي! فقوة الفاجر لا تكفي للاصلاح، وتقوى الضعيف كذلك لا تحقق المطلوب، فلا بد من اجتماع الصفتين.
قد يقول قائل، كذلك المعارضة فيها فساد! ويضربون أمثلة فردية من هنا وهناك. ونقول ان فساد جزء من المعارضة لا يعني فساد المعارضة، وكذلك فساد الشخص الفرد لا يعني بطلان أهداف المجموعة ونواياها، فلا تزر وازرة وزر أخرى، وهذا لا يجوز ان يقارن بمطالب المعارضة، حيث الفساد في الطرف الآخر تجاوز الفرد وتجاوز الجسد!
***
حصرياً
يقال إن التغيير سيتم قبل افتتاح دور الانعقاد الجديد، وسيطول رئيس الحكومة، وسيعين نائبه الأول مكانه حتى نهاية مدة الفصل التشريعي الحالي، ثم تتم الانتخابات لمجلس الأمة، وقد تأتي حكومة بنهج جديد يتوافق مع متطلبات المرحلة التي اثبتت ان زمن الفساد قد ولى، وان الشفافية والعدل والمساواة واحترام القوانين هي التي تسود.
***
المملكة..
تعيش المملكة العربية السعودية أعياداً مجيدة هذه الأيام بمناسبة مرور 81 عاماً على توحيدها على يد صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز. وقد تزامن هذا اليوم مع بدء الحملة الانتخابية لمرشحي المجلس البلدي في عموم مناطق المملكة، وهذا مؤشر طيب يبين حكمة القيادة ورسالة منها الى الشعب، مفادها ان الاستقلال الحقيقي عندما يمارس الشعب دوره في بناء مملكته! فإلى المزيد من الانجازات، والى المزيد من الخطوات الرائدة لرفاهية الشعب، والى المزيد من الاستفادة من تجارب الآخرين وأخطائهم، فقطار الزمن يمر بسرعة ولا يتوقف.
فتهنئة خالصة الى المملكة مليكا وشعبا، والى العلا دائما بإذن الله.
هيكل مدمر هياكل الثورات العربية 52 + 25!
رغم مقولته الزائفة المدرة للعطف والدموع بالاستئذان له بالانصراف والاعتزال التي اعلنها قبل اعوام، الا ان هيكل لم ينقطع بعدها يوما عن التصريح وترويج الآراء الكاذبة على الفضائيات الخليجية التي يشتم دولها وانظمتها ولا يمانع في تسلّم الاموال الطائلة منها، بالامس كان له لقاء مطول جدا مع جريدة «الاهرام» العريقة، حذر في حلقته الاخيرة من تقسيم اراضي دول الثورات بعد ان انكر في السابق على الرئيس السابق مبارك قيامه بمثل ذلك التحذير، اي يقبل من النظام في سورية ما يرفضه من النظام المصري، وصيف وشتاء هيكلي معتاد على سطح واحد.
***
ومن تخاريف هيكل الجديدة حول ليبيا تكراره لاقواله القديمة التي رددها ابان تحرير الكويت وتحرير العراق من ان الغرب اتى ليبقى لا ليخرج، وهو بتلك التصريحات الجوفاء يشجع ويدعم بقاء الديكتاتوريات القمعية المتوحشة امثال صدام ومعمر، ومعروف في هذا السياق مدى استفادة ابنائه واستفادته شخصيا من انظمة مبارك وصدام ومعمر، كما ان عدائه للغرب لفظي وغير حقيقي، حيث ان جميع زياراته وصداقاته هي للدول الغربية لا العربية، ولم نسمع انه زار، قط، الضفة او غزة او العراق او لبنان او ليبيا وغيرها من مناطق ملتهبة يدعي المعرفة التخصصية بها ويعطي لنفسه حق التدخل في شؤونها.
***
توفي د.خالد الابن الاكبر لخالد الذكر عبدالناصر، وذكرت مجلة «الاهرام العربي» في عددها الاخير انه اصيب بالمرض الذي توفي منه بسبب تسليط نظام صدام الاشعة القاتلة عليه اثناء زيارته له في بغداد، وهو تكرار لما قام به القاتل صدام مع الرئيس هواري بومدين، ومازال هيكل المدافع الاكبر عمن يقتل ابناء من يدعي صداقته، وقد عقبنا في مقال سابق على دعوى هيكل ان السادات قد وضع السم في قهوة عبدالناصر بعدم معقولية او منطقية ان يعد السادات القهوة لعبدالناصر في وجود هيكل الاقل مكانة وشأنا، ومن ثم فهو على الارجح من عمل تلك القهوة المسمومة، ان صدقت الرواية، وقديما قيل يصيبك من الكاذب صدق قليل.
***
وقد ذكر د.ممدوح حمزة والكاتب الناصري عبدالله السناوي ان د.خالد عبدالناصر كان يبحث خلال سنواته الاخيرة رغم مرضه عن عمل يكفل له العيش الكريم، ومعروف ان ابناء هيكل يملكون مئات الشركات العقارية والاستثمارية، فلماذا لم يوفروا للدكتور خالد الوظيفة التي تصون كرامته؟! وقد يكون ذلك هو سبب عدم ذكر الصحف الناصرية لاسم هيكل ضمن من قام بتقديم واجب العزاء هذه الايام رغم حضوره لسرادق العائلة.
***
لقد دمر هيكل ثورة 1952 عندما سوق لزعيمها قمع الداخل ضد التيارات الدينية (الاخوان) واليسارية (الشيوعيين) والليبرالية (الوفد)، وخط الخطب التي اساءت لعلاقة مصر والثورة آنذاك مع جميع الدول العربية والاسلامية والمجاورة، والقوى الدولية الغربية والشرقية على حد سواء، وكيف لثورة او دولة ان تنجز شيئا وهي بهذا الكم من العداء في الداخل والخارج؟ وقد عاد المغرض هيكل يقدم نصائحه المدمرة للشباب الغر من قياديي ثورة 25 يناير، والله يستر من نصائح من جربت نصائحه في السابق فأدت الى الخراب والدمار.
* * *
آخر محطة: ظاهرة الغوبلزية ـ الهيكلية اي استخدام الكذب وتزييف الاحداث التاريخية لترويج الآراء المدمرة وقول الشيء وعمل عكسه والاثراء من الفساد رغم ادعاء الطهارة، هي ظاهرة متفشية في بلداننا العربية ومنها الكويت، وطريقة كشف تلك الظاهرة المخادعة تكمن في متابعة الافعال لا.. تصديق الاقوال!
ميكو الفلسطيني
لا شك لدي في أن فلسطين ستعود يوما، ولو جزئيا، لأهلها، فهذا مآل التاريخ. وما يدفعني الى هذا الشعور، الذي قد لا يتفق معي البعض فيه، ليس إصرار الفلسطيني على التشبث بحقه، اقول ذلك ليس فقط من منطلق الاحترام لهذا الحق، على الرغم مما نال وطني ونالني واسرتي من أذى البعض منهم أثناء احتلال وطني، بل وايضا لما اصبح لموضوع الوعي بحقوق الإنسان، والآخر بالذات، من اهمية في العالم الحر الذي نعيش فيه، والذي أصبح فيه حق الشعوب في تقرير مصيرها أمرا أساسيا ويجد مناصرين له حتى بين اليهود والإسرائيليين، ومن هؤلاء ميكو بيليد Mico Peled، ابن الجنرال ماتي بيليد Matti Pelet الذي شارك في حرب 1948 وحاربنا كجنرال في حرب 1967.
ألف ميكو كتابا عن القضية الفلسطينية، وعلاقته واسرته بها، بعنوان «ابن الجنرال». وفي مقابلة مع محطة تلفزيون أميركية أجريت معه في يونيو الماضي، تحدث ميكو عن معاناة الشعب الفلسطيني وآماله وتطلعاته، وحقه في وطن مستقل، وكيف أن اليهود، وجزءا كبيرا من العالم، يعيشون تحت ثلاثة أوهام أساسية في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني ــــ اليهودي: أولها أن حرب 1948 كانت تتعلق بتأسيس دولة لشعب بلا وطن في أرض بلا شعب! وتحدث في هذا الجزء بإسهاب عن الحياة الثرية التي كان يعيشها الفلسطيني، قبل أن تحتل القوات الإسرائيلية بيته، وكيف رفضت والدته، وهي من مواليد القدس، السكن في أحد تلك البيوت. وحكى عن تجربة مر بها أحد المحتلين عندما وجد أن القهوة لا تزال ساخنة في البيت الذي تركه أصحابه على عجل! وتحدث ميكو عن الوهم الثاني المتعلق بحرب 1967، وكيف أن الجميع اعتقد أن إسرائيل بدأت ضربتها الوقائية لأن وجودها كدولة كان مهددا، وكيف أن والده الجنرال، الذي شارك بدور رئيسي في تلك الحرب، اخبره أن وجود إسرائيل لم يكن مهددا في أي لحظة، وأنه كان أمام مصر سنوات لتبني جيشها، وبالتالي كان من الممكن جدا تجنب تلك الحرب! اما ثالث تلك الأوهام فقد تعلق بالديموقراطية الإسرائيلية، وكيف أن هذه الدولة، التي تعيش منذ ما يقارب النصف قرن في عالمين متناقضين، لم تستطع أن تتعايش بجدية مع ما تدعيه من ديموقراطية، فلا هي على استعداد لإعادة الأراضي المحتلة لأصحابها ولا لإلحاقها بها، ومضطرة بالتالي الى اتباع سياستين متناقضتين، وأبعد ما تكون عن الديموقراطية! فما ينطبق على الفلسطيني من أحكام وقواعد وقوانين ونظم لا علاقة للمواطن الإسرائيلي بها، ويشكل هذا برأيه تناقضا فاضحا!
لو كنت مكان السلطة الفلسطينية، لما ترددت في شراء حقوق ترجمة الكتاب بعدة لغات وطباعته وتوزيعه في دول العالم الكبرى والمهمة!
أحمد الصراف
تفصيل الرشاوى
هناك، في بلاد الطرطرة.. يركب الشعب الأفيال، وتركبه الحمير والبغال، ويقبض نوابها رشاوى من أموال الدولة، وتنام الدولة في الشارع على لحم بطنها، جائعة صائعة ضائعة.
والرشاوى ليست «خبط لزق»، بل محسوبة بالمليخراط.. إذا قلت «طاعة ولي الأمر» فستحصل على مئتين وخمسين ألف طرطارٍ (عملتهم الطرطار)، طرطار ينطح طرطاراً.. وإذا قدتَ مسيرة تأييد إلى بيت المسؤول فستحصل على ثلاثمئة ألف طرطار ورحلات مجانية على الهودج الملكي.. وإذا قلت «المعارضة لها أجندة خارجية» فستحصل على مئتي ألف طرطار.. أما إذا أردت أن تلعب على الثقيل فقل «رجل المرحلة» وستحصل على نصف مليون طرطار.. وهكذا، الحساب يجمع.
وفي لعبة «السنوكر» يركز المحترفون على الكرة السوداء لأنها بسبع نقاط، وفي بلاد الأفيال والبغال يركز بعض نوابهم على جملة «رجل المرحلة» لأنها بنصف مليون طرطار.
هناك.. يتحدث أحد نوابهم: «دخلت بجاكيت أبيض وسأخرج بجاكيت أبيض»، يقول ذلك وهو يرتدي جاكيتاً أسود بلون الفحم المصفى.
هناك.. تتجمع غالبية نوابهم ليلتقطوا الصور مع ولي نعمتهم، ويفعلوا كما كنا نفعل أيام الصبا المبكر وبدايات المراهقة في الصباحية، يرفعون شارة النصر مثلنا، ولم ننتصر إلا على الوهم ولم نهزم إلا العدم، أما هم فانتصروا على الشعب وهزموا الأمل.
هناك.. يعم الفساد البلاد ومصالح العباد، والفساد الداخلي أخطر من الغزو الخارجي، لذا تحتاج بلادهم إلى إعادة إعمار بعد تكديس الراشي والمرتشين والمفسدين وراء القضبان.
هناك، في بلاد الطرطرة.. سيطر الكومبارس على المشهد وانزوى العباقرة.
هناك.. الفساد ليس في الرشوة فقط، بل في التعيينات والصفقات وخذ وهات، فالذي لا يتقن صنع القهوة أسندت إليه مهمة إدارة المطبخ العام، والذي لا يعرف الفرق بين الإبرة والدبوس تولى مهمة الخياطة، واللص تولى الحراسة، والكذابون تولوا الخطابة وإصدار الفتاوى، فأفتى مفتيهم ذات جشع: «نظام الدوائر حرام»، لأنه يخالف رغبة المسؤول، لكنه صمتَ صمت الغريق عن انتشار الرشاوى في البرلمان.
هناك.. رقاب الناس كلها ملتفتة إلى القضاء، والشعب يرفع أيديه بالدعاء كما تدعو الأم لوحيدها: «اللهم إنك تعلم أنه لم يبق لي إلا هو فوفقه واحمه وانصره وسدد خطاه».
هناك، في بلاد الطرطرة.. ما لم يتداركها أبناؤها، ستتهدم الجدران والحوائط والقصور، وتملأ الغربان السماء، وتتساقط الأزهار، ويرتفع الدخان، ويسود اللون الأشهب، ويهاجر غالبية المترفين إلى بلاد السكسونيا…
وكما أن الشعب الصومالي يموت اليوم جوعاً، وهو في أكثر الأراضي خصوبة، سيجوع شعب بلاد الطرطرة، عما قريب، بعد أن تفرغ خزائنه ويتناهب أمواله «الحكماء ورجال المرحلة واللعاقون».
إسبارطيو الخليج
جاء في صفحة المحرر الأمني بـ«القبس» في عدد أمس مانشيت داخلي عنون بـ«حقوق البدون بعضها نفذ… والبقية حبر على ورق». بقراءة الموضوع يظهر أن العنوان غير متطابق مع صلب الموضوع، كلمة «حقوق» هنا غير موفقة، فهذه الكلمة تعنى أنه يمكن لصاحب الحق، حسب القوانين السارية وليس فقط حسب القانون الطبيعي – يمكن أن يقتَضي حقه جبراً باللجوء إلى القضاء، وهذا غير ممكن لحالات «البدون»، فاللجنة التنفيذية لأوضاع «البدون» هي الخصم وهي الحكم، ولا يمكن للإنسان «البدون» أن يحتكم إلى القضاء بداية لتقرير حقه من عدمه في الجنسية بحكم قانون تنظيم القضاء الذي حرَّم على القضاء النظر في مسائل الجنسية، وتلك صورة قبيحة وفذة لجريمة إنكار العدالة، حين يُصادَر حق الفرد في اللجوء إلى القضاء.
فلنسلم جدلاً بأنها ليست حقوقاً، بل مجرد رخص وربما «صدقات» من السلطة التنفيذية للبدون، وليست «مزايا» كما جاء في التحقيق الأمني لـ«القبس». فكلمة مزايا تعني وضعاً متميزاً لفئة أو فرد ما، وهذا لا ينطبق على «البدون»، فهم من غير «حقوق» ومن باب أولى هم من دون مزايا.
«الرخص» التي قررها مجلس الوزراء للبدون (من إحصاء ٦٥ ونسلهم) مثل التعليم، والعلاج ووثائق الزواج وجوازات السفر وشهادات الميلاد والعمل والبطاقة المدنية، جُلّها، باستثناء البطاقة التموينية، وفق تحقيق «القبس»، لم يحصل عليه «بعض» البدون، و«بعض الصدقات» لم يتم تطبيقها مثل التعليم والبطاقة المدنية. كلمة «بعض» الأولى مضللة، فهي قد تفهم على أنهم «قلة»، أو عدد محدود، أو تعني أن العدد غير معروف، وعبرها (البعض) ترتاح اللجنة التنفيذية ويهنأ رياء ضمائر المسؤولين، فهم أدوا الواجب، حتى ولو كانت هناك «حالات للبعض» الذين لم يحصلوا على صدقات اللجنة!
السبب حسب التحقيق الصحافي «قيود أمنية»، فإذا كان للبدون على سبيل المثال قريب ولو من الدرجة الرابعة، مثل ابن عم له جنسية عراقية أو سعودية أو إيرانية، أو كان ذلك القريب من الجيش الشعبي أيام الاحتلال أو سافر إلى أي من هذه الدول، يحرم «البدون» هنا من صدقة عطايا مجلس الوزراء، «فالأمن» هنا له أولوية على هدر كرامة بشر، أما «لا تزر وازرة وزر أخرى» ومبدأ شخصية العقوبة، بمفهوم ألا يمتد أثر العقوبة إلى غير مرتكب الفعل المدان، فليس لهذا أو ذاك مكان في ثقافة السلطة الأمنية نحو «البدون».
أهل إسبارطة اندثروا لتقديسهم «العرق» أي صلة الدم لبناء الهوية الإسبارطية، وسحقت الإمبراطورية الرومانية المدينة الإسبارطية في ما بعد، وعاملت تلك الإمبراطورية كل مَن يقطنون في أرضها على أنهم رعايا في الدولة الرومانية. فكم «إسبارطي» لدينا في الكويت، سواء كان مسؤولاً أو غير مسؤول كمواطن عادي يحيا هاجس القلق الدائم بتبديد النعم الكويتية على هؤلاء «البدون»!
إيران شيرين خانم
تعتبر القاضية الإيرانية شيرين عبادي رمزا كبيرا، ليس فقط لنساء وطنها، بل ولنساء العالم الإسلامي، لمواقفها وتحمّلها بطش السلطة في وطنها، ولكونها المسلمة الوحيدة الفائزة بجائزة نوبل للسلام، ولجهودها في تحرير نساء بلدها من ظلم حكامه. وقد اضطرت شيرين مؤخرا، وبعد تمنع دام قرابة العقود الثلاثة، لأن تهرب من بطش الحكم المتشدد لوطنها إلى رحاب الحرية في الغرب.
ولدت شيرين، التي تعني بالفارسية، «حلو المذاق»، عام 1947 في همدان، إيران، لأستاذ في القانون التجاري. وتخرجت عام 1969 مجازة في القانون، وترأست بعدها محكمة تشريعية لتصبح أول قاضية في إيران. كان ذلك قبل الثورة، التي شاركت فيها وتجاوبت مع مطالبها، ولكنها أُجبرت بعدها على الاستقالة من منصبها المرموق، لأن الملالي عارضوا تولي «عورة» منصب القضاء. كما منعت حتى من ممارسة المحاماة، ولكن في 1993 سُمح لها بذلك، وهنا اختارت تولي الدفاع عن معارضي النظام، ومنهم داريوش فروهر وزوجته، اللذان تعرضا لاحقا للموت طعنا بالسكاكين في عهد الخميني، حدث ذلك بالرغم من أنهما كانا من المحسوبين على الثورة. وفي سنة 2000 وجه اتهام لها بتوزيع أشرطة كاسيت وفيديو تُظهر أحد المتطرفين الدينيين وهو يقر بتورطه في قضايا تعذيب. وفي سنة 2002 قامت بكتابة مسودة قانون ضد الاعتداء الجسدي، وأقرها البرلمان الإيراني تاليا. ثم فازت في 2003 بجائزة نوبل للسلام، وقيمتها 1.4 مليون دولار، لنشاطها في الدفاع عن حقوق الأطفال والنساء، وهذا جعلها موضع حسد رجال الثورة الإيرانية، حيث نددت صحف يمينية بها وبفوزها، ووصفت الأمر بأنه جزء من مؤامرة أجنبية، ودفعها الهجوم لأن تفكر جديا في الهرب من وطنها، فحكم الملالي لن يذهب من دون أن يأخذ معه أرواح الكثيرين.
وفي كتابها الجديد «القفص الذهبي»، تتطرق عبادي إلى نقد أوضاع إيران المأساوية وحكم رجال الدين الدكتاتوري. وتعليقا على أحداث سوريا، قالت إنها تعلق آمالا على التظاهرات الضخمة فيها، مؤكدة أن سقوط النظام العربي الأكثر قربا لطهران سيوجّه رسالة قوية لبلادها. وصرّحت في واشنطن بأن الديموقراطية في الدول الإسلامية والعربية، وعلى الأخص سوريا، ستؤثر بالطبع في طريقة ممارسة الديموقراطية في إيران. وقالت إن حوالي %20 من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر، وتساءلت: أليس الأجدر بحكام إيران إطعام جياع الوطن بدلا من الاهتمام بمشاكل الدول الأخرى وإرسال أسلحة للمعارضة في الصومال مثلا، وإذكاء نار الحرب الأهلية فيها؟ وليقتل المسلمون بعضهم البعض» في اليمن وغيره؟!
أحمد الصراف