تقول «فيروز» في واحدة من أكثر أغانيها رقة «بكرا بيجي نيسان يسألنا… وبيرش وردو عا منازلنا… منخبرو شو صار منسمعو الأشعار… يللي كنت فيها تغازلنا… بكرا بيجي نيسان يغوينا… ويموج زهورو بروابينا… منحكيلو عاللي كان… منسمعو الألحان يللي كنت فيها تناجينا…. ناطرين تلوح يا حلو وتبوح… وتسمع شكاويك للوردات…. ناطرين نضيع عالدرب… وتشيع عن هوانا بهالدنيي حكايات… بكرا بيجي نيسان يسعدنا… وعاتلال أحلامو يبعدنا… منتيه شردانين… عا دروب مخضرين… وأرض الهوى والحب موعدنا!».
فمتى يعود ربيعنا يا وطني؟ متى يطل علينا نيساننا الذي خطف في ليلة ظالمة وظلماء؟ متى يعود الربيع لنخبره بما فعل الصيف بنا، ولنسمعه اشعار بورسلي وفهد العسكر وصوت الفضالة وشدو أماني الحجي؟ متى يعود لنروي له كيف اغتصب دعاة الجهل أحلامنا، وكيف سيطرت قوى الغباء على إبداعات ابنائنا، وكيف غطت جحافل التعصب وجوه أخواتنا وعيونهن، وكيف جففت الشفاه الشرهة ينابيع بساتيننا؟ وكيف توقف الحب عن ارتياد حينا، بعد ان غطت الوجوه العابسة حاراته وسكيكه الضيقة؟ يا ترى لماذا تأخرت يا نيسان كثيرا؟ فقد مرت سنوات لم نسمع فيها زقزقة عصافيرك، وحرمنا الغلاة من منظر زهورك ورياحينك، بعد أن داسوها بنعالهم التي خربت كل جميل ومفرح. متى تأتي يا نيسان لنخبرك بما فعل الأفاقون بنا وبوطننا وبذمم الكثيرين من قياديينا ومشرعينا؟ متى تأتي لتعيد الفرحة لنا فقد انقبضت قلوبنا بعد أن جفف هؤلاء عروقه من دفء دمائه، فما أكثر برودة شتائنا وما أثقل خريفنا! ارجع لنا يا ربيعنا، فالعمر يجري بنا ويكاد أن ينتهي، ونحن لا نزال ننتظر عودتك مقبلا علينا فقد اشتقنا الى نسيمك، ولأن نمرر بأيدينا على رؤوس نويرك الأصفر في صحرائنا الجميلة، ونذرف الدمع على من ظلمه القدر فغادرنا قبل أن يراك أخيرا، فمتى يتلاشى الغبار ويأخذ معه الهواء الحار، وتبدو لنا من الأفق البعيد يا نيسان؟ فقد كثر الباكون في الصفوف الاولى من صلوات «العياد»، متناسين من سرق أموالنا وأحلامنا وانتزع الفرح من أفئدة أبنائنا! فمتى يعود ربيع الكويت ليبقى، فقد تعبنا من طول الصيف ولهيبه الحارق والسارق، وقسوة الشتاء ورخاوة الخريف، فهل تعلم يا سيدي من سرق ربيع الكويت؟ وهل ستتوقف السرقة ويتوقف النهب والفساد، وتعيد البسمة لشفاه تيبست وهي تنتظر قطرة الندى التي لا تأتي إلا مع الربيع الجميل؟ هل ستعيده لنا يوما يا سيدي؟
أحمد الصراف