هي قاعدة: «إذا كانت الحكومة فاسدة، فالشعب الذي يختار نواباً حكوميين يكره بلده، والشعب الذي يختار نواباً معارضين يعشق بلده».
وكان المصري أحمد عز، رجل الحزب الوطني القوي، القريب من جمال مبارك، يقول مندهشاً، أو يتصنع الدهشة، وهو يخاطب المعارضين الباكين على حال مصر: «الله، ما عندكو أهوه النواب بتوعكم اللي انتو اخترتوهم برغبتكم»، ويضيف: «محدش ضرب حد على ايدو عشان ينتخب فلان أو علان… دي حاجة تحير فعلاً».
وفي ليبيا أيام العبودية، يقول القذافي مهاجماً الليبيين الهاربين من جحيمه: «يتذمروا ويهاجموا الخدمات والمشاريع في ليبيا، ما بيعرفوش أن همّا هكّا بيهاجموا الشعب، لأن الشعب هو اللي اختار الناس اللي يمثلوه في اللجان الشعبية».
هذا الكلام المصري والليبي لو صرفناه بالعملة الكويتية لوجدناه كالتالي: «الشرهة مو على الحكومة، الشرهة على نوابنا اللي اخترناهم وطلعوا فاسدين… نختار نواب فاسدين بعدين نتحلطم».
وأنا وأنت والعريس والعروس نعرف أن المصريين لم يختاروا نوابهم بملء إرادتهم، ولا الليبيين فعلوا، ولا الكويتيين كذلك. وإن كان الكويتيون «أهون شوي» من الآخرين.
وأنا وأنت والعريس والعروس والمأذون أيضاً نعرف أن الحكومة تستخدم سلاح المعاملات النووي في الانتخابات، فينجح نائب بطعم «السكر» في حلق الحكومة ويسقط آخر بطعم «الخروع». وهناك من النواب مَن ترعاه الحكومة منذ ولادته كما ترعى الأم وليدها، فتحرص على تغذيته بأجود أنواع السيريلاك بالقمح، وتحممه، وتدهن جسمه بالكريمات المرطبة، وتدفع مصاريفه في المدرسة الأجنبية، ووو، «فيتخرج» من الانتخابات جاهزاً على سنقة عشرة، وهناك من تتسلمه الحكومة بعد «تخرجه»، وكلاهما «ينحط على الجرح»، فيداوي جرح الحكومة ويرقص على جراح الشعب والدستور والديمقراطية.
وفي الكويت ثمة «مكاسب» تحولت بفضل الحكومة ونوابها إلى «كذبات» كل واحدة تقول «الزود عندي»، أولاها المادة السادسة من الدستور «الأمة مصدر السلطات جميعاً»، والثانية «الكويت دولة ديمقراطية»، لكن أم الكذبات وأكذب كذبة هي «الشعب اختار نوابه».
إذا كان الشعب أصلاً ميتاً، أو «مرحوماً عليه» كما يقول لاعب المنتخب السعودي السابق فهد الهريفي، فكيف يختار الميت نوابه؟
***
نكتة مضحكة مبكية أرجو أن يقرأها وزير الكهرباء كي يشاركنا الضحك الباكي، النكتة مصدرها القطاع الذي يتولاه وكيل مساعد من غلاة المتدينين، يرفض الاستماع إلى شكاوى موظفات القطاع على اعتبار أنه «متدين» وهن «عورة»، وكأن المسؤولين الآخرين في الدولة الذين يستمعون إلى شكاوى الموظفات ويتعاملون معهن بطريقة طبيعية من كفار قريش، وهو الوحيد الذي أعلن إسلامه بعد فتح مكة.
صدقاً لا أدري من أي إسلام استقى أخونا الوكيل هذه التصرفات، فما نعرفه أن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين كانوا يستمعون إلى شكاوى المظلومين من الجنسين.
أما صاحبنا الوكيل فمنع مجموعة من الموظفات المشتكيات من الدخول إلى مكتبه، وعندما شاهدنه في إحدى المرات وتوجهن إليه، أعرض عنهن ووضع غترته على عينيه وتسارعت خطواته الهاربة منهن وهو يتمتم: «استغفر الله استغفر الله استغفر الله»! مع العلم أن الموظفات منقبات ويرتدين اللباس الإسلامي.
يا سيدي هل تعلم أنك بتصرفك هذا إنما تتهمهن، بصورة غير مباشرة، بالفسق والانحلال؟ يا فضيلة الوكيل هن لم يأتين إليك ليحظين بشرف توقيعك على الصور، فـ»اركد شوي» هدانا وهداك الله.
ويا أخانا الوزير، إما أن تقنع وكيلك بالتعامل مع موظفيه من الجنسين باحترام، أو فليستقل ويبتعد عن «العورة»، أو فاسمح لهن بالتوجه مباشرة إلى الوكيل العام للوزارة.
ألا قاتل الله المتكلفين والمتصنعين والمسيئين للدين.