أعتذر لأني أكتب اليوم عن أمر قد لا يعني الكثيرين، ولكني أكره أن ينسب الأمر إلى غير أصحابه عمدا، وبشكل غير موضوعي أبدا.
فقد انتهز البعض فرصة نجاح المنتخب الكويتي لكرة القدم أخيرا في بداية تصفيات كأس العالم، والتي سنتوجها بإذن الله بالوصول إلى كأس العالم في البرازيل 2014، أقول انتهز البعض هذا النجاح في تتويج طلال الفهد رئيس اتحاد كرة القدم غير الشرعي كقائد للانتصارات ومعيد لمجد الكويت الكروي الضائع.
قبل تفنيد هذا التتويج غير المستحق لطلال الفهد أود أن أقر بأن الكويت أضاعت أمجادها الكروية من منتصف الثمانينيات تقريبا إلى يومنا هذا، والسؤال هو: من كان يتولى شأن الرياضة منذ ذلك الحين إلى اليوم؟
نعود إلى موضوع طلال الفهد، ونسب النجاح إليه بغير وجه حق، كما يعلم المعنيون بالشأن الرياضي بأن نجاح أي فريق رياضي مرتبط بثلاثة عوامل رئيسة هي:
الجهاز الفني، والجهاز الإداري، واللاعبون، ويقصد بالجهاز الفني المدرب ومساعدوه والطاقم الطبي، أما الجهاز الإداري فهو يتمثل بمشرفي الفريق ومديري شؤونه، أما اللاعبون فهم نتيجة لاختيار الجهاز الفني للفريق.
أما الجهاز الفني لمنتخب الكويت فيتولى شؤونه منذ أكثر من عامين (قبل تولي طلال الفهد لاتحاد الكرة بشكل غير شرعي) مدرب مغمور يدعى “غوران”، وهو مدرب استطاع خلال فترة وجيزة تكوين هوية واضحة للمنتخب الكويتي وانطلق تصحيح مسار المنتخب على يديه؛ بدءا من التأهل لنهائيات آسيا الماضية والحصول على بطولة غرب آسيا وكأس الخليج، ولكن ما يتعمد تجاهله مشجعو طلال الفهد هو أن اتحاد طلال الفهد غير الشرعي لم يكن راغبا في التجديد لهذا المدرب لولا الضغط الإعلامي ومرض المدرب البديل الذي كان يرغب فيه طلال الفهد، وهو ما يعني أن الجهاز الفني لم يكن باختيار طلال الفهد إطلاقا لا من خلال التعيين ولا الاستمرارية.
الجهاز الإداري الذي يعنى بشؤونه حاليا كابتن منتخب الكويت سابقا أسامة حسين بمعية الكابتن علي محمود، واللذان يشهد لهما بأنهما صاحبا رؤية وأسلوب إداري مميز ساهم بشكل كبير في الوضع المميز لمنتخبنا الوطني اليوم، وهما أيضا عُيّنا قبل اتحاد طلال غير الشرعي.
أما اللاعبون فلا علاقة لطلال الفهد أبدا بأدائهم، بل هم مواهب كويتية تزخر بها البلاد منذ الأزل ولا تأمل سوى العناية والتخطيط الجيد كي تلمع وتبهر، وهو ما حصل من خلال الجهازين الفني والإداري.
الأمور السابق ذكرها ما هي إلا لإعطاء كل ذي حق حقه بعيدا عن المطبلين والمهللين لطلال الفهد دون منطق أو حجة أو برهان، بل إنه هو من تسبب في وقف الدعم المالي من الدولة للمنتخب؛ لأن حضرته لا يريد ترك الكرسي الذي ناله بشكل غير شرعي، في حين أن كل ما هو مطلوب منه اليوم أن يجري انتخابات حسب القانون الكويتي الذي يعلو الجميع.
اليوم: 12 سبتمبر، 2011
ليبيا غيت
منذ الأيام الأولى لتسلم معمر منيار القذافي للسلطة في ليبيا المنكوبة به بدأ أعماله التخريبية في الوطن العربي، حيث مول بالمال والسلاح بعض المنظمات الفلسطينية التي عاثت بالأردن فسادا وتجاوزا حتى انتهى الأمر بحرب أيلول عام 1970 المسماة بـ«أيلول الأسود» التي تسببت في وفاة عبدالناصر وادعاء القذافي وراثته، ثم استدار إلى لبنان فساهم في بقاء الحرب الأهلية مشتعلة هناك لمدة 17 عاما خطف خلالها إمام المحرومين السيد موسى الصدر كي يشعل الفتنة الطائفية بين الشيعة اللبنانيين والسنة الفلسطينيين حيث بدأ ما سمي بحرب المخيمات بين حركة أمل ومنظمة التحرير.
ورغم ادعاء القذافي إيمانه بالقومية العربية إلا أنه وقف مع إيران في حربها ضد العراق العربي المحكوم بحزب يرفع شعار القومية العربية (!) ولم يكن ذلك الوقوف حبا في إيران بل لإبقاء الحرب مشتعلة بين الطرفين لاستنزاف ثرواتهما وتدميرهما معا، ولولا ذلك الدعم الليبي و«أمثاله» لتوقفت الحرب بعد الانتصار الإيراني عام 82 وطرد القوات الصدامية من المحمرة وأسر مائة ألف جندي عراقي بدلا من استمرارها بفضل ذلك الدعم غير المفهوم، وانتهائها بهزيمة عام 88 وتجرع السم، ومن ثم تجرأ المنتصر صدام على غزو الكويت.
وعمل القذافي دون كلل أو ملل على تشويه سمعة العرب والمسلمين بعملياته الإرهابية التي تثير حنق الشعوب المستهدفة، فقام بتفجير الطائرات المدنية الأميركية والفرنسية ومثل ذلك تفجيرات برلين ولندن وروما (هذه الأيام يقوم بمثلها تنظيم القاعدة)، ودعم الحركات الانفصالية في السودان واليمن والمغرب، وتخريب أعمال الجامعة العربية والاتحاد الافريقي بالمشاكل التي يثيرها بحجة عداء الدول الاستعمارية والغربية.
وقد كشف ثوار ليبيا عن وثائق خطيرة ترتقي لمسمى «ليبيا غيت» كحال وثائق «إيران غيت» و«عراق غيت» التي أظهرت تعاون النظامين الثوريين في طهران وبغداد مع الغرب رغم دعاوى العداء الظاهر، فقد أثبتت الوثائق الليبية تعاون نظام القذافي الوثيق مع من يدعي عداءهم، كما أظهرت تعاونه ـ رغم ادعائه الإسلام ـ مع الطاغية الصربي سلوبدان ميلوسيفتش في حربه الإبادية ضد مسلمي البوسنة وكوسوفو وتضخم ثروته الشخصية لما يزيد على 100 مليار دولار رغم ادعائه الكاذب للتقشف وسكن الخيمة وقيادة السيارات الصغيرة.
آخر محطة: 1 ـ ادعى القذافي عام 86 وكوسيلة لإثبات ثوريته وتضحيته وفاة طفلته بالتبني في الغارة الجوية على باب العزيزية، وقد كشف الثوار هذه الأيام وعبر الشهود انها حية ترزق، والسؤال المحق هو: كم من ثوري آخر أظهر للسذج من الاتباع ثوريته وصدقه عبر ادعاء استشهاد أقاربه ممن هم في حقيقة الأمر أحياء عند أقاربهم يرزقون؟!
2 ـ لماذا لم يكشف أعداؤه كذب ادعائه موت طفلته خاصة انها كانت تعمل وتتجول في الأماكن العامة بطرابلس؟!
3 ـ لماذا، أخرى، رغم ادعاء الثورة المسلحة في بلاد الشام إلا أن الصور والأفلام لم تظهر قتيلا واحدا يحمل السلاح؟!
الخوف من الظلام الإيراني (3-3)
تعتبر أغنية «طير السحر» من اشهر الأغاني السياسية الإيرانية، رغم قدمها، ويحب الجمهور سماعها من المطرب شجريان، الذي اختارته محطة تلفزيون أميركية واحدا من بين أجمل 50 صوتا في العالم. كتب كلمات «طير، أو مرغ سحر» الشاعر بهار، وجدد لحنها مؤخرا من قبل مثقف ومعارض للوضع الاجتماعي والسياسي السائد حاليا في إيران. وتكمن ديمومتها في كون كلماتها صالحة لكل زمان، وقد ظهرت للوجود في خضم الأحداث التي وقعت في أعقاب انهيار سلالة قاجار وتسلم رضا خان بهلوي الحكم. تقول كلماتها:
يا طائر السَّحر، أطلق الأنين، وجدد الحروقَ في كياني. بالآهات اكسر القفص المبعث للشَّرر واجعل عاليه سافله. أيها الطائر المغلول جناحه في ركن القفص.، اصدح بأنغام حرية البشر.
وبنَفَسٍ حارقٍ املئي تركيبة هذا التراب بالشرر. ظلم الظالم، وجور الصياد جعلا عشي في مهب الرياح. يا الهي، أيها الفلك، أيتها الطبيعة، اجعل ظلمة ليلنا سَحَرًا. أتى الربيع من جديد، محملاً بالزهور، وهذا القفص، كما قلبي حالك الظلام. أشعل النار في القفص، يا نيران الآه، يا أيادي الطبيعة لا تقطفي زهور عمري. يا طائراً دون قلبٍ، اختصر، اختصر في شرح الهجران. لقد مضى عمر الحقيقة، ولم يبقَ أثر للوفاء. أنين العاشق، ودلال المعشوق، أصبحا كذبتين من دون ثمر. الصدق، والمودة والمحبة أصبحت أساطير، الوعد والشرف هجرا ساحتنا. أصبح الدين والوطن أعذاراً لأجل السرقات، دع العينين تغرقان في الدموع. من جور المالك، ظلم الأرباب، لم يعد الزَّارع يحتمل شدة هَمّ.ه.. كؤوس الأغنياء ملؤها الخمر الصافي، وكؤوسنا ملؤها دماء أكبادنا. أطلق الآهات يا قلبي الحزين، واصرف النظر عن المساواة. أيتها الساقية يا من وجهك كالورود، اسقني ماء النار، اسدلي ستارة الانجذاب أيتها المليحة، واطلق الآهات من قفصك أيها البلبل الحزين. فمن حزنك، امتلأ صدري شررا، امتلأ صدري شررا.
***
ملاحظة: شارك المهندس والشاعر «علي العبدالله» في كتابة هذه المقالة، فله الشكر.
أحمد الصراف