انتشرت قبل فترة رسائل على التويتر والمواقع الإلكترونية تسخر من قيام وزير الأشغال، السيد فاضل صفر، أثناء لقائه بالسفير الإيراني في الكويت، بالتفاهم والتباحث معه باللغة الإيرانية، مفترضين أن الوزير صفر، بسبب أصول أجداده، لا شك يتقن التحدث باللغة الفارسية، واعتبار هؤلاء أن في الأمر ما يعيب! وقد عزز نفي ناطق باسم وزارة الأشغال هذا الاعتقاد، وأكد أن الحديث بين الوزير وضيفه قد تم بحضور مترجم! وهذا أمر مخجل حقا، ولو كنت مكان الوزير وكنت أتقن التحدث بالإيرانية، أو غيرها، لما ترددت في التحدث مع ضيفي وغيره بلغته، فهذا يقرب بين الأفراد ويزيل ما في النفوس من ضغائن، وكم هو جميل التحدث بطلاقة بلغة الآخر دون عُقد وقيود، فالعاجز من لا يعرف لغة الآخر، وليس العكس! كما أنني لو كنت مكان الوزير لما أصدرت نفيا لما أشيع، فهذا يعني أن علينا أن نتوقع صدور نفي، من مكتب أي وزير أو مسؤول، ولو كان متخرجا من جامعة أميركية، كلما اجتمع بمسؤول زائر، ولو كان أميركيا، والتأكيد أن الاجتماع تم بحضور «مترجم»، وهذا أمر مضحك، ويخالف الواقع، فعندما يزور البلاد مسؤول بريطاني مثلا، نصرّ، حتى لو كان الضيف يتقن العربية، على التحدث معه بالإنكليزية، لكي نبين له ولغيره «ثقافتنا وتعليمنا العالي»، ولكن الغريب أن هذا لا يحدث عندما يكون المسؤول الزائر إيرانيا؟! فهل الخوف من الطعن في الولاء والتبعية مثلا هو الدافع لمثل هذا الصد مثلا؟ ولماذا نجد دائما أن من تعود أصولهم لإيران مرغمون، في أحيان كثيرة، لنفي صلتهم بها، أو حتى معرفتهم بثقافتها؟ إن على هؤلاء التخلص من هذا الوهم، فمن يعرف فنا إيرانيا فليبرزه، ومن يتقن شعرا لسعدي فليُسمعنا إياه، فليس هناك ما يعيب في معرفة لغة وثقافة الآخر. وأتذكر بهذه المناسبة أن الكثيرين كانوا يستنكفون، وبكل سذاجة، الاستماع للأغاني العراقية خلال أشهر الاحتلال، ويعيبون على من يستمع لها، ولكن لم تمر إلا بضع سنوات على التحرير حتى تسابق هؤلاء بالذات، وقبل غيرهم، لشراء أشرطة الأغاني العراقية واستضافة مطربيها في بيوتهم.
أعتقد أن شاه إيران، سيئ الذكر، لو كان لا يزال موجودا على عرش الطاووس، وكانت إيران على ما كانت عليه قبل ثورة الخميني وحرب إيران والعراق، وسياسات الملالي الخرقاء، لكان الوضع غير ذلك. ويجب بالتالي على الطرفين التخلص من عُقدهما وأوهامهما، فليس كل ما هو غير عربي سبة وشرا، فهذا هراء ما بعده هراء. فإتقان لغات الشعوب الأخرى ومعرفة ثقافاتها ميزة وفضيلة لا يمكن نكران فائدتها، وكنت شخصيا أتمنى دائما لو أنني أتقن الفارسية، لغصت في بحار أسرارها، واطلعت على روائع ما كتب بها.
ملاحظة (1): يعتبر الدكتور عبداللطيف السهلي، مدير منطقة الصباح الطبية، من أطباء وزارة الصحة المميزين، وإلى جانب ذلك اشتهر بنجاحه في جذب أموال الخير لمستشفياته لتحسين الخدمة السريرية فيها. ونتمنى هنا على محبي فعل الخير من المحسنين التعاون معه في هذا المجال الحيوي.
ملاحظة (2): بعد جهد استمر لسنة تقريبا، انتهيت أخيرا من تدشين موقعي الإلكتروني، ولا يزال يخضع للتطوير، ويمكن الاطلاع عليه على العنوان التالي:
أحمد الصراف