عادل عبدالله المطيري

الثورة السورية والدرس الليبي

أستغرب عندما أستمع إلى التصريحات الدولية بشأن ما يحدث في العالم العربي من ثورات ووقفات احتجاجية ضد الأنظمة الديكتاتورية القابعة على صدر الشعب العربي، وخاصة تلك الدعوات الدولية التي تطالب النظام السوري ومن قبله النظام الليبي بأن يقوم وعلى الفور بإصلاحات سياسية جذرية وإعطاء الشعب حقوقه وحفظ كرامته.

هل من الممكن أن يتنازل النظامان السوري والليبي عن السلطة التي يعتبرها كل منهما من ممتلكاته الشخصية، أي نظام منهما يقبل بإجراء انتخابات ديموقراطية ونزيهة، وهو يعلم علم اليقين انه سيخسرها حيث لا قبول له في المجتمع رغم طول مدة حكمه له وان أي انتخابات حقيقية ستأتي بقوى المعارضة وستكون نهاية الديكتاتور إما إلى محاكمة قضائية أو أن يسحله شعبه كما كان يفعل مع من سبقهم.

إذن تلك الدعوات الدولية ما هي إلا تعبير ديبلوماسي عن غضب المجتمع الدولي، وتشجيع للحراك السياسي والمعارضة.

فعلى مر التاريخ ينتهي حكم الديكتاتور الدموي بطريقة دراماتيكية ومأسوية، فأي إصلاح يرتجى من أنظمة حكمت بالحديد والنار عقودا من الزمن، ويمكن للمعارضة السورية ان تتعلم من الدرس الليبي حيث استطاع الثوار الليبيون ورغم قساوة ووحشية القذافي، أن يسقطوا العديد من المدن وعلى رأسها بنغازي التي جعلوها عاصمة للثوار ولم يكتفوا بذلك، بل أسسوا مجلسا للثورة الليبية اعترفت به أغلب القوى الدولية ودعمته ماليا وعسكرا، إذ يجب على الثوار السوريين أن يتوحدوا وان يؤسسوا مجلسا للثورة وأن يكثفوا مجهوداتهم لإسقاط إحدى المدن السورية الكبرى لتكون مركز تجمع للثوار والمنشقين من الجيش وعندئذ يستطيع المجتمع الدولي أن يخطو خطوات عملية لدعمهم وإسقاط نظامهم الوحشي.. ولنا في السنن الكونية والقرآنية خير دليل، إذ يقول الحق تعالى في محكم تنزيله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

احمد الصراف

من هي الفرقة الناجية؟

أعلن 36 نائبا في البرلمان العراقي قبل فترة عن تأييدهم لحملة وطنية تهدف إلى فصل الدين عن السياسة. وبالرغم من اتساع التأييد للحملة بسبب ما ستؤدي إليه من خلق عراق متحضر وديموقراطي، وهو حلم يراود مخيلة الكثيرين، إلا أن القيادات الدينية المسيطرة بقوة على عقول غالبية العامة وأفئدتهم لا يمكن أن تسمح بحدوث ذلك، فتأثير مثل هذا الفصل على سلطاتهم ونفوذهم سيكون قاتلا، وبالتالي لم يكن مستغربا قلة تعاطفهم مع هذا الاتجاه، الذي شارك فيه مسؤولون ومهنيون ومثقفون وكتاب وشيوخ عشائر. والحقيقة أن من الصعب تخيل وجود حل للكثير من مشاكلنا المستعصية بغير فصل الدين عن السياسة، ولكن ما الذي سيحدث لمكانة وسطوة وسيطرة مراكز الفتوى والحل والربط الدينية التي تستمد سلطتها وتترسخ مكانتها في بقاء الأوضاع على ما هي عليه، فقوتها تكمن في ذلك وفي التحذير المستمر من خطر الآخر، حتى لو كان ابن الوطن نفسه، وهم فوق هذا وذلك بحاجة إلى أموال أتباعهم وزكواتهم وأخماسهم وأسداسهم لتعينهم على استمرار التفريق.
إن مقترح الفصل هذا لا يمثل الحل الوحيد أمام دولة كالعراق، بل هو ما يجب أن تعمل كل دولة عربية، ومسلمة بالذات للوصول إليه. فقد عانت دولنا، طوال قرون، من التشابك الحاصل بين المؤسسة الدينية «الروحية»، والمؤسسة السياسية «الدنيوية»، وهذا ما ادركه الغرب قبل اكثر من قرنين وسعى إلى تلافيه، وكانت تلك بداية تقدمه وازدهاره.
إن رفض مبدأ فصل الدين عن السياسة يعني رفض الآخر كمواطن، ولو فرضنا اتفاق مسلمي العراق على التخلص من مسيحييه وصابئته وشبكه وغيرهم، وتحقق لهم ذلك لداروا بعدها على الأكراد وقضوا عليهم، ومن بعد سيدورون على بعضهم البعض، ويتقاتلون حتى تنتصر «الفرقة الناجية»!! ولكن عندها سيكتشف هؤلاء أن عددهم لا يتجاوز بضعة آلاف فقط، بعد أن أنهى التقاتل بينهم حياة الملايين منهم!

أحمد الصراف

احمد الصراف

أخلاقية الغرب

أقرت بريطانيا أخيراً قانوناً جديداً ضد الرشوة يهدف الى مقاضاة الجهات التي تقوم بدفع أموال أو هدايا قيمة لمسؤولين في دول خارجية بغية الحصول على وضعية تنافسية أفضل، وبالتالي كسب عقود التجارة والمقاولات والاسلحة وغيرها. وتضمن القانون عقوبات مشددة تصل إلى السجن لفترات تصل الى عشر سنوات، وغرامات مالية لا حدود لها، في حق من يدان. واعتبر القانون تقديم رشوة لمسؤول في الخارج ممارسة غير قانونية، وشمل ذلك جميع المؤسسات والشركات المحلية والأجنبية التي تعمل في بريطانيا، وحتى الأفراد.
ولو تمعنا في الجانب المادي لهذا القانون لوجدنا انه يقلل من قدرة الشركات البريطانية على منافسة غيرها، وبالذات الأوروبية الكبرى، خاصة تلك التي تنشط في دفع رشى لمسؤولي الدول الأجنبية، التي لا تجرم قوانينها مثل هذه الأفعال.
والأهم من ذلك ما لهذا القانون من جانب أخلاقي لا يمكن إغفاله، وهذا ما يبرز عظمة الغرب ومكانته الأخلاقية الرفيعة، علما بأن دولا عدة في اسكندنافيا، إضافة للولايات المتحدة، سبقت بريطانيا في إقرار مثل هذا التشريع.
إن هدف هذا القانون ليس فقط حماية الدول الأخرى، والمتخلفة بالذات، من الفساد الإداري، بل وحماية الدول المشرعة من تفشي الفساد فيها، ولكي لا يصبح دفع الرشوة أمراً يسهل قبوله والتعامل معه. وعلى ضوء ما أصبحت الإدارة الحكومية تشتهر به في الكويت من انتشار الفساد المالي في أروقتها، فمن المتوقع جدا أن تقل حصة الشركات البريطانية من مختلف عقود الإنشاء والتوريد المدني والعسكري.
هذا ما نحتاج لتعلمه من الغرب، وليس التركيز على التافه من الأمور وكأن ليس لديهم ما يشكرون عليه!

أحمد الصراف

احمد الصراف

جامعتان في واحدة

لو أردنا تلخيص سبب كل مآسينا وحروبنا العبثية واختلافاتنا حول القضايا العرقية والطائفية والدينية في كلمة واحدة لما وجدنا كلمة أكثر دقة من «الجهل»! ولو علمنا اننا نعيش في بداية الألفية الثالثة من التاريخ الحديث، التي بإمكان أي فرد فيها، تقريبا، الحصول على ما يحتاج من علم ومعرفة من مصادر عدة، لوجدنا أن بقاء مجتمعاتنا جاهلة جريمة لا تغتفر. وليس هناك من وسيلة للقضاء على الجهل بصورة فعالة غير طريق التعلم النظامي، الذي يمكن أن يكون طريقا، في مرحلة تالية، للقضاء على الجهل!
وعلى ضوء فشل كل مؤسسات الدولة التعليمية العليا في استيعاب مخرجات ثانوية هذا العام، دع عنك الأعوام القادمة، فإن هذا يشكل أكبر دليل على فشلنا، أو ربما عدم رغبتنا، في القضاء على الجهل، وهو الهدف الذي ربما كان في بال من أسسوا المدرسة المباركية قبل مائة عام. فبعد عشرة عقود من التعليم النظامي لم نستطع ترسيخ حس المواطنة الحقيقي في أفئدة أبنائنا، وبالتالي بقي جهل كل طائفة وفريق وفريج بمن يجاوره أو يشاركه الحي نفسه هو السائد. فكيف يمكن، وبعد قرن من التعليم النظامي، وصرف عشرات مليارات الدولارات على التعليم، أن نصل لهذا المأزق التعليمي؟ أليس الجهل بحقيقة أوضاعنا التعليمية وتطورنا السكاني واحتياجاتنا من مخرجات الجامعات هو السبب؟ وإن فشلنا بعد كل سنوات «الجهاد والاجتهاد» هذه في معرفة أن الجهل هو عدونا الحقيقي، فمتى سنعرف ذلك؟ وكيف يمكن أن يقبل أي عاقل على صرف أكثر من مليار دولار، من المال العام، على بناء جامعة جديدة في الشدادية تتسع بالكاد لثلاثين ألف طالب، في الوقت الذي يمكنها استيعاب 60 ألف طالب بكل سهولة، إن قمنا برمي قانون منع الاختلاط في سلة القمامة؟
إن قانون الفصل الجنسي هذا لن يصمد لسنة التطور إلى ما لا نهاية، لأنه، ببساطة، يخالف المنطق والعقل والفطرة البشرية، فقد اعتاد الناس العيش بعضهم مع بعض، وهذا هو الطبيعي وهو الأساس، وفصلهم هو الشاذ، وما نحتاجه هنا هو بعض من عودة الوعي لدى السلطة، التي بإمكانها تغيير القانون بمرسوم، ودفع مجلس الأمة في مرحلة لاحقة لإقراره!
ملاحظة: في ديسمبر 2011 ستحل الذكرى المئوية لتأسيس المدرسة المباركية، فهل ستتولى جهة ما مسؤولية الاهتمام بهذه المناسبة العظيمة؟.

أحمد الصراف

حسن العيسى

مع آيمي

 ابتدأت ديان جونسن عرضها ونقدها لكتاب «آيمي شوا» (أميركية من أصول صينية) وأستاذة القانون في جامعة ييل الرصينة بعبارات اقتبستها من مذكرات الرئيس أوباما (أحلام من والدي)، فالرئيس يتذكر أن والدته حين كان طفلاً في إندونيسيا كانت توقظه الساعة الرابعة صباحاً، وتبدأ معه دروس اللغة الإنكليزية مدة ثلاث ساعات قبل أن يذهب هو للمدرسة وتغادر هي للعمل، وحين كان الصغير أوباما يبدي امتعاضه ورفضه لهذه القسوة التربوية، كانت ترد عليه: «هذه ليست رحلة متعة بالنسبة إلي أيها الشقي»… شدة وصبر انتجا لنا محامياً وأستاذاً عريقاً في كلية حقوق هارفارد، ثم رئيساً للولايات المتحدة…! لنعود الآن لعرض ونقد آيمي شوا في كتابها «معركة أنشودة الزفاف للأم النمرة»، فآيمي شوا تتحدث في هذا الكتاب عن تجربتها في تربية ابنتيها «لولا» و»سوفي»، واحدة عازفة كمان والثانية عازفة بيانو من الدرجة الأولى، وهما متفوقتان في الدراسة بمعدل لا يقل عن «اي» وهو القمة، وتستعدان للتقدم  لجامعة هارفارد، تمضي هذه الأم وتقرر أنه رغم مشاغلها كأستاذة قانون في «ييل»، إلا أنها تقضي ساعات طويلة يومياً مع ابنتيها، تدرس معهما مواد الرياضيات والتهجئة، ثم قراءة النوتة والعزف الفني، وتقرر الأستاذة «آيمي» انه عند الصينيين هي كارثة عندما تقل الدرجات عن الكمال، فمعدل «بي» غير مقبول أبداً، وبغير ذلك لن يكون لنا مكان تحت الشمس.
شغل كتاب آيمي جدلاً كبيراً في الولايات المتحدة، فالبعض امتدحها والبعض الآخر انتقدها وطالب بمحاكمتها بجريمة استغلال الأطفال. المعارضون الأميركيون يقولون إن طريقة آيمي في التعليم تقضي على روح المبادرة والاستقلال لدى الأطفال، والتركيز لأكثر من أربع ساعات على نوتة فنية فيه إرهاق شديد لعقل وروح الطفولة! ترد آيمي بأنه «ليس هذا وقت التنظيرات التربوية، فنحن كصينيين لا نكترث للدافع النفسي، وإنما نريد الجهد والنضال فقط، نبحث عن القوة وليس الضعف، اقلبوا العملة سترون أنه بالجهد الدؤوب سيبني الطفل ثقته بنفسه».
لن أمضي في عرض وجهات النظر «مع» أو «ضد» آيمي، فردها الأخير كان قاطعاً بمقولة: «انظروا أين وصلت الصين اليوم، وأين هي الولايات المتحدة؟ بالعمل والعمل الدؤوب فقط تعتلي الأمم المجد، وكنت سأتطرق إلى أزمة التربية في البيت الكويتي والخليجي، مثلاً هل سألنا أنفسنا في الماضي لماذا أبناء الفلسطينيين كانوا يحتلون المراكز الأولى في الثانوية العامة، واليوم أبناء مصر، رغم الظروف الصعبة لكل من الجاليتين، فلا دروس خصوصية، وأمهات (وهن الأساس التربوي) لن تجدهن يتسكعن في مولات الحداثة في «مدن الملح» أو يسرن برؤوس مائلة لليمين أو اليسار من طول المحادثات التلفونية، مجرد شقاء ومعاناة أنتجا هذا التحدي الكبير… إلا أنني تذكرت أن اليوم «كركيعان» وسأفتح الباب بعد قليل لأجد جيشاً من الأطفال تحيط بهم جيوش أعظم من الفلبينيات… قد تكون الأستاذة آيمي واحدة منهن، فكلهن من آسيا، ورحم الله أمهاتنا، وأجيال ما قبل حداثة النفط.

ملاحظة: تجدون عرض الكتاب ونقده في «نيويورك بوك رفيو» العدد الأخير.

احمد الصراف

الخوف من التهم المعلبة

انتشرت قبل فترة رسائل على التويتر والمواقع الإلكترونية يسخر اصحابها او ينتقدون قيام وزير الاشغال، السيد فاضل صفر، أثناء لقائه بالسفير الإيراني في الكويت، بالتفاهم والتباحث معه باللغة الإيرانية، مفترضين أن الوزير صفر، بسبب اصول أجداده، لا شك يتقن التحدث باللغة الفارسية، ومعتبرين الامر معيبا.
عزز نفي ناطق باسم وزارة الاشغال التي يتولى الوزير صفر حقيبتها، هذا الاعتقاد، وأكد أن الحديث بين الوزير، وضيفه قد تم بحضور مترجم! وهذا أمر مخجل حقا، ولو كنت مكان الوزير وكنت أتقن التحدث بالإيرانية، أو غيرها، لما ترددت في التحدث مع ضيفي وغيره بلغته، فهذا يقرب بين الافراد ويزيل ما في النفوس من أمراض، وكم هو جميل التحدث بطلاقة بلغة الآخر من دون عقد وقيود، فالعاجز من لا يعرف لغة الآخر، وليس العكس! كما لو كنت مكان الوزير لما اصدرت نفيا لما أشيع، فهذا يعني أن علينا أن نتوقع صدور نفي، من مكتب أي وزير أو مسؤول، ولو كان متخرجا في جامعة أميركية، عند اجتماعه بأي مسؤول زائر، ولو كان أميركيا، بأنهما اجتمعا بحضور مترجم، وهذا أمر مضحك! فعندما يزور البلاد مسؤول بريطاني مثلا، نصر، حتى لو كان الضيف يتقن العربية، على التحدث معه بالإنكليزية؟ هل لكي نبين له ولغيره «ثقافتنا وتعليمنا العالي»، ولكن لا يحدث ذلك عندما يكون المسؤول الزائر إيرانيا؟ فهل الخوف من الطعن في الولاء والتبعية مثلا؟ ولماذا نجد أن من تعود اصول أسرهم لإيران مرغمون أحيانا لنفي صلتهم بها، أو حتى معرفة شيء من ثقافتها؟ إن على هؤلاء التخلص من هذا الوهم، فمن يعرف فنا إيرانيا فليبرزه، ومن يتقن شعرا لسعدي فليسمعنا إياه، فليس هناك ما يعيب في معرفة لغة الآخر وثقافته. وأتذكر بهذه المناسبة ان الكثيرين كانوا يستنكفون، وبكل سذاجة، عن الاستماع للأغاني العراقية خلال الاحتلال، ويعيبون على غيرهم الاستماع لها، ولكن لم تمر إلا بضع سنوات على التحرير ليتسابق هؤلاء بالذات، وقبل غيرهم، لشراء أشرطة الأغاني العراقية واستضافة مطربيها في بيوتهم.
أعتقد أن شاه إيران، سيئ الذكر، لو كان لا يزال موجودا على عرش الطاووس، وكانت إيران على ما كانت عليه قبل ثورة الخميني وحرب إيران والعراق، وسياسات الملالي الخرقاء، لكان الوضع غير ذلك. ويجب على الطرفين التخلص من عقدهم واوهامهم فليس كل ما هو غير عربي، سبة وشر، فهذا هراء ما بعده هراء. فإتقان لغات الشعوب الأخرى ومعرفة ثقافتها ميزة وفضيلة لا يمكن نكران فائدتها، وقلة من البشر تمتلك مهارة التحدث بلغات الغير، وكنت أتمنى لو انني اتقن القراءة بالفارسية، لغصت في بحار أسرارها، واطلعت على روائع ما كتب بها.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

من يجرؤ على الكلام؟

مهما نختلف مع النائب المحترم أحمد السعدون، يظل أبو عبدالعزيز رقما لا يمكن تجاوزه، ويظل تاريخه المشرف يشفع له عن كل زلاته وأخطائه التي يحسبها له المراقبون، لكن هذا لا يمنع أن نناقش بهدوء بعضا من أفكاره التي نعتقد أن التوفيق جانبها، والتي تحولت الى قوانين أصدرها مجلس الأمة ووافقت عليها الحكومة وأصبحت شأنا عاما، لذلك تكون مناقشة هذه الأفكار من الأهمية بمكان نظرا لتأثيرها على مسيرة التنمية ومستقبلها.
نبدأ بقانون الــ B.O.T
وهو قانون أصدره مجلس الأمة بدعم وإصرار من النائب السعدون الذي رأى قصورا في النظام السابق نتجت عنه تجاوزات وتعديات خطرة على المال العام، لذلك أصدره بقانون ووضع فيه شروطا ظن أنها تمنع هذه التجاوزات، ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟
منذ أن صدر القانون توقفت مشاريع الــ B.O.T، لأن الشروط والضوابط التي وضعت فيه لم تمنع فقط التجاوزات، بل ايضا منعت تنفيذ القانون على الواقع، لأنها ضوابط تتعارض مع روح القانون وهو تشجيع القطاع الخاص للاستثمار، وتلغي أي جدوى اقتصادية منتجة لأي مشروع، وانطبق عليها المثل الكويتي «الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده».
والمثال الثاني.. قانون شركات المشاريع الإسكانية!
فقد صدر القانون بموافقة مجلس الأمة والحكومة التي لم تكن مقتنعة بجدواه، ولكن تحاشيا للصدام مع رئيس اللجنة الاسكانية التي كان وزير الإسكان السابق يجامل أعضاءها كثيرا، وافقت عليه على مضض وصدر القانون وهو غير قابل للتطبيق، والكثير من المختصين يدركون ذلك، ولكن من يجرؤ على الكلام؟! حاولوا تطبيق هذا القانون على أول مشروع وهو البيوت منخفضة التكاليف، فاصطدموا بالواقع، ولم تتقدم ولا شركة للمنافسة، لأن المشروع، وفقا للقانون السعدوني، غير مجد اقتصاديا، وطالب المختصون بتعديل القانون بحيث تتكفل الحكومة بانشاء البنية التحتية وتقوم الشركة الفائزة ببناء بقية المشروع، لكن تهديدات ابو عبدالعزيز بالويل والثبور لمن يجرؤ على التفكير بالتعديل حالت دون إجراء ذلك، وهاهي المشاريع الإسكانية محفوظة بالأدراج عاجزة عن ان ترى النور لأن القانون غير قابل للتطبيق!
ثالثة الأثافي مشروع المصفاة الرابعة!
ونعلم أن مجلس البترول الأعلى في الحكومة السابقة تبنى هذا المشروع، وألغاه نواب التكتل الشعبي بعد حملة شرسة من إحدى الصحف اليومية، وأعلنوا سببين لرفضهم للمشروع: الأول أنه تم إقراره من لجنة مناقصات خاصة بالقطاع النفطي والتي تبنت مبدأ Cost Plus وهذا وضع لم يكن مرضيا للنواب، والثاني أن رقابة ديوان المحاسبة كانت لاحقة! فجاء وزير النفط الحالي وعالج هاتين القضيتين، فجعل لجنة المناقصات المركزية هي التي تقر المشروع بعد أن ألغى نظام Cost Plus، وجعل مراقبة ديوان المحاسبة سابقة! ولكن الأفكار السعدونية كانت بالمرصاد!
فها هي تهديدات ابو عبدالعزيز وتحذيراته للوزير إن لم يصدر قانون بانشاء المصفاة الرابعة عن طريق شركة مساهمة! يعني «بيدفنها» كما دفن المشاريع الإسكانية والتنموية!
نقول لأبو عبدالعزيز: لا نشك بنواياك.. بل لا نشك بوجود قصور في النظام السابق، لكن لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم! إذا كان لا بد من وضع قانون للمشاريع فلتكن قوانين قابلة للتنفيذ، ولا تقول الحرامية لا يريدون تنفيذ القانون، فهذا صحيح، لكن ايضا عندما يكون القانون غير قابل للتنفيذ نعطي هؤلاء الحرامية فرصة للاعتراض.
***
آخر الكلام
مشروع السكة الحديد الذي تم توقيع عقد الاستشارات بشأنه أمس سيكون مصيره مصير سابقه من المشاريع، لأنه وفقا لنظام B.O.T، لذلك سنصرف ثلاثة ملايين دينار على الدراسات الاستشارية، ولكن سيكون المشروع حبيس الأدراج الى أن يرضى بو عبدالعزيز علينا ويوافق على تعديله، ولن نتنبه إلا عندما تسبقنا دول الخليج ونكون آخر من ينفذ المشروع!

احمد الصراف

المحامي والمحاسب

تمتلئ الكثير من المهن الرفيعة بمن لا يستحق الانتماء اليها، والسبب في ذلك يتمثل في جانب منه في عدم وضوح أو غياب القوانين المنظمة لأخلاقيات ممارستها، كالطب والمحاماة والمحاسبة، وفتح هذا المجال للمحتالين وللمتطفلين ليعيثوا في هذه المهن الرفيعة فسادا! فعدد من كبار مدققي الحسابات يمتلكون مصالح تجارية ووكالات معروفة، وهذا يتعارض، أخلاقيا وقانونيا، مع طبيعة مهنهم، خاصة عندما «يتصادف» قيامهم بتدقيق حسابات شركات منافسة لهم! ولكن يبدو أن مشرعينا أكثر انشغالا بتعديلات كوادر وكواعب رواتب موظفي الدولة منهم لهذه الأمور الخطرة. كما يشعر الكثيرون، بقلق واضح لتزايد عدد الجرائم التي يكون أحد المحامين طرفا فيها، فالنسبة مقلة وبازدياد، ولا يبدو أن جهة ما ستتحرك لمراقبة سلوك هؤلاء أو ما ارتكبوه من جنح وجرائم خطرة، أو على الأقل تطبيق عقوبات على المسيئين للمهنة منهم. وقد نشرت القبس في آخر مايو الماضي تحقيقا مرعبا تبين فيه تورط 75 محاميا، وخلال فترة 5 أشهر فقط، في جرائم تزوير في محررات رسمية وتقاضي اتعاب باهضة والتعدي على موظفين عامين، هذا بخلاف قيام البعض منهم باستغلال الظروف الأسرية السيئة لبعض موكلاتهم.
وعلى الرغم من ان تحقيق القبس خلص إلى أن المسؤولية تقع على عاتق جمعية المحامين، التي تبدو مترددة في تفعيل دورها ومعاقبة أولئك المحامين الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية وشطب عضويتهم، فإن موقف الجمعية برأينا هو تحصيل حاصل لخطأ الحكومة، أو السلطة بالذات. فهذه هي التي شرعت الأبواب وفتحت المجال ليقوم غير المؤهلين بممارسة هذه المهنة شبه المقدسة، سواء من خريجي الكليات غير المتخصصة أو ربما من خريجي جامعات غير معترف بها، وبالتالي لا يمكن أن تقوم جمعية المحامين، على الرغم مما تضمه من نخبة من كبار المحامين وأفضلهم وأصدقهم في ممارسة المهنة، بمعاقبة نفسها. ونعتقد بالتالي أن الحكومة هي الجهة المطلوب منها التحرك، وفعل شيء لإزالة الطارئين على هذه المهنة التي أصبح عدد ممارسيها يفوق الحاجة بكثير، وهذا سبب آخر لتردي أوضاع العاملين فيها وتكالبهم للحصول على القضايا، ولو باللجوء لفعل غير المستحب والمقبول.

أحمد الصراف

حسن العيسى

تنفخ بقربة مقطوعة يا جاسم

تقريباً لأكثر من ثلاثين سنة والاقتصادي جاسم السعدون يكتب في الجرائد ويعد تقارير «الشال» ويتحدث وينصح، لا بل يكاد يزعق لكن لا أحد يسمع، ربما لدينا سلطة في الحكومة والمجلس مشكلة من طرش، فلا جاسم السعدون ولا كثيرون غيره من المخلصين الناصحين نفع حديثهم، ولا أحد من «أهل الحل والعقد» ينصت لهم، أما الكويتيون فهم لاهون، لاهون يعدون الأيام والساعات متى تدخل جيوبهم مكرمة حكومية، لأن المناسبة هي ختان ابن واحد كبير أو غير ذلك من أسباب توزيع الثروة على العائلة الكويتية، وهم (أهل الديرة) أيضاً مشغولون متى تأتي مبادرة من ناحية مجلس النواب تصب في قالب إسقاط فواتير الكهرباء والماء كإسقاط القروض للقادرين وغير القادرين، أصبح واجباً مقرراً ويومياً للكثير من الأسر ملاحقة أخبار الهبات والمنح والكوادر والإجازات وغيرها في بلد مهما كثرت أموال أهله فالملل والسأم يقتلهم… سجن كبير يضج بالمساجين الممتلئة جيوبهم وليس لهم مكان يتنفسون فيه غير المولات ومطاعم «الجنك فود»!
صفحتان كاملتان في جريدة «الجريدة» قبل يومين ضجت بنقد مر لجاسم السعدون تحدث فيهما عن غياب التخطيط وغياب الرؤية عند أهل القرار «… ففجوة الاعتماد المتزايد على الحكومة زادت في صناعة الاقتصاد، والمالية العامة أصبحت أكثر اعتماداً على النفط، موظفو الحكومة أصبحوا أقل عملاً وأكثر رواتب…» والمشكلة عند جاسم وغير جاسم من الواعين هي «الإدارة، مجلس الوزراء يشكل لتوزيع المنافع على الوزراء بدلاً من خلق مجلس وزراء يحقق منافع للدولة…»! لكن أين صرنا اليوم؟ افتحوا أي جريدة أجنبية أو طالعوا أي محطة تلفزيون غير محطات «هشك بشك» العربية، ستجدون الأخبار والمقالات كلها تتحدث بالدرجة الأولى عن الأزمة المالية في أوروبا وأزمة التصنيف المالي والسندات للولايات المتحدة، تلك الدولة التي تصنع «مكوكات الفضاء» وليس تصريحات الهباء مثل حالنا. يقولون ويقلقون من القادم الذي يبدو مخيفاً لهم وللعالم، يقلقون قلق العقلاء الذين ينظرون إلى المستقبل ويتلمسون أخطاء الماضي، وهو ماضي تاريخ الجشع والأنانية، وكأن الفقراء عندهم وطبعاً في الدول الفقيرة سيدفعون أكثر الأثمان، لكن ماذا عنا، ماذا يقول حصفاء الديرة لو نزلت أسعار البترول عن 88 دولاراً، كيف ستوفر الدولة الرواتب وكيف ستتكفل السلطة «بدهان سير» هذا أو ذاك من نواب الهبش حتى يسكت، هل سنرهن الأرض وما عليها، أم أننا نظن أننا كابن نوح سنأوي إلى جبل يعصمنا من الطوفان… ما العمل؟
لا تقولوا هذا كلام ناس ممتلئة أرصدتهم البنكية… ولا يفكرون بالموظف «الغلبان» الذي تنهش من لحمه ديون الأقساط وغلاء الأسعار، ربما يكون هذا صحيحاً عند النفوس المنهكة، لكن ماذا لو فكرنا دقيقة واحدة في الغد وماذا سنصنع وماذا يخبئ لأبنائنا ذلك الغد المقلق؟… وهو قادم لا محالة كالموت وهو قدر الإنسان.

علي محمود خاجه

أمين سر تمويل المقاومة؟!

لن يكفي الكلام أو التعبير بمقال فقط للرد على ما نشرته “الوطن” في الذكرى الـ21 للغزو العراقي، حينما أوردت النصوص التالية “قام علي الخليفة بمهام الإدارة الفعلية للحكومة أثناء الغزو”، “استطاع علي الخليفة أن يوفر معونات شهرية للكويتيين في جميع أنحاء العالم”، “أعطى دفعة معنوية للمقاومين من خلال توفير التمويل اللازم لهم”، “قاد علي الخليفة برنامج الترويج للحق الكويتي في المملكة المتحدة والولايات المتحدة”، “اعتمدت الحكومة على علي الخليفة للتفاوض مع زعماء الدول ورؤسائها لحشد التأييد للحق الكويتي”. هذا ما قالته المؤسسة المملوكة لعلي الخليفة عن مالكها بعد 21 عاماً من كارثة الغزو، لتصحو اليوم هذه المؤسسة على دور صاحبها، بعدما قضى أعواماً طويلة كمتهم في قضية اختلاسات شركة ناقلات النفط، وحفظت قضيته قبل أعوام قليلة لعدم كفاية الأدلة، ليتحول اليوم إلى أحد أبطال التحرير بإرادة جريدة “الوطن” فقط. لن أقول أكثر، فما أعرفه جيداً أن تشويه التاريخ بهذا الشكل هو نتيجة صمتنا وتخاذلنا واكتفائنا بعبارة “لن ننسى في كل أغسطس”، ونحن ننسى ونهدر كرامة شهدائنا يومياً بقبولنا هذا التشويه. لنحول كلامنا إلى فعل ولو لمرة واحدة لفعل قوي صلب تقديراً لمن قدموا أرواحهم ودماءهم للكويت واحتراما لأبنائهم وذويهم. عريضة حفاظاً على تاريخ الكويت تاريخ الكويت جزء لا يتجزأ من حاضرها وواقعها الحالي، بل هو بذرة الحاضر التي شكّلت الكويت ورسمت صورتها التي نعيشها اليوم. وقد مرت الكويت بمحطات تاريخية مفصلية ومؤثرة في مسيرتها الطويلة التي دامت أكثر من قرنين من الزمان، ولعل أبرز تلك المحطات في تاريخ كويتنا الحبيبة هي فاجعة الغزو العراقي الغاشم على أرض الكويت في الثاني من أغسطس سنة 1990، وما قدمته تلك المحنة من دروس وعبر مازلنا نستخلصها ونلجأ إليها كلما زاد الوضع قتامة وشتاتاً. فمن بذلوا الغالي والنفيس في سبيل عودة هذه الأرض وعودة شرعيتها سيظلون شموعاً ينيرون درب الوطن بدمائهم وأرواحهم التي اتحدت في سبيل رفع علم الكويت وإعلاء شأنه وبقاء كيانه. اليوم وبعد 21 عاما من محنة الغزو نفاجأ بمن يحاول نسب نفسه قسراً لسجل أبطال الكويت الشرفاء الذين لم يسعوا إلا لرفعة شأن الكويت وحريتها وسيادتها. بعد 21 عاما يدعي علي خليفة عذبي الصباح، من خلال مؤسسته الإعلامية “الوطن”، بأنه كان من مهندسي عمليات تمويل المقاومة الكويتية! معلومة غير صحيحة ولم ترد بأي من أدبيات أو معلومات أو وثائق حقبة الغزو، بل لم تجرؤ حتى مؤسسة علي خليفة عذبي الصباح الإعلامية “الوطن” على إقحامها طوال الـ20 عاماً الماضية. ولأننا كما أسلفنا بأن تاريخ الكويت هو بذرة حاضرها، وأي تلاعب فيه يعد تلاعباً بحاضر ومستقبل الكويت وتزييفاً لبطولات الكويتيين وتضحياتهم وتضليلاً للأجيال الفتية التي لم تعاصر الغزو، فإننا نعلن نحن الموقعين أدناه رفضنا هذا التشويه التاريخي للكويت وأهلها، وندعو حكومة الكويت ممثلة في رئيسها ووزير الإعلام تحديداً ونواب مجلس الأمة الموقرين إلى أن يتخذوا موقفاً حازماً تجاه هذا التشويه التاريخي المخل، وأن يتحمل الجميع مسؤوليته لكيلا تشوه الصورة التاريخية الرائعة التي رسمها أبطال الكويت الشرفاء بدمائهم وتضحياتهم. • ستسلم هذه العريضة غدا بتاريخ 11-8-2011 إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء ولجنة العرائض والشكاوى في مجلس الأمة. شارك في توقيع العريضة: http://www.savingkuwait.org