“القبس” شغلت الناس بخمسة وعشرين مليون دينار أودعت في حسابات بعض النوّاب، وأربكت بعض البنوك كما ورد في خبر الزميلة، ومنذ نشر هذا الخبر والناس حائرون، يفكرون، يتساءلون: من يكون المرتشي؟
السخط والغضب، والدعوة إلى الاستقالة والتخوين وذم المجلس وذم الحكومة والمطالبة برحيلهم هي الكلام الرائج اليوم على خلفية خبر الـ25 مليون دون أن نعلم من رشى من، ولكننا نرفض أن تشترى ضمائر الأمة وأصواتها وممثلوها، هذا ما يعتقده الكثيرون حينما يبدون استياءهم.
هذا ليس الواقع ومعظم الساخطون كاذبون للأسف، لنتعمق كي نستوعب أكثر، كم شخصا أوصل مرشحه إلى الكرسي الأخضر لأنه “يمشي معاملات” أو يستطيع إرساله للعلاج في الخارج أو يمنحه ما لا يستحق بـ”الواسطة” كالترقية أو التعيين بلا كفاءة أو… أو… أو؟
نخفف الألم ونطرح سؤالا آخر: من منا لا يعرف نائبا يخلص معاملات قانونية (يسرّع من وقتها متجاوزا من لا واسطة له) وغير قانونية؟.
وكم منا يستغل هؤلاء النواب أو على الأقل يوصي بهم لزملائه وأقربائه؟
والسؤال الأخير: لماذا يتحول كثير من النوّاب، سواء كانوا بحناجر قوية رنانة أو صامتين، إلى مخلصي معاملات ومناديب للمواطنين؟ وما المقابل الذي يدفعونه من جراء امتلاكهم ورقة تخليص الأمور الرابحة؟
ما أهدف إليه هو أننا عندما نختار مرشحينا لأنهم يخلصون لنا معاملاتنا أو يمنحوننا ما لا نستحق أو بغير وجه حق فإننا أول المرتشين بل أسوؤهم لأننا نقدم الكويت على طبق من ذهب لأسوأ الناس لكي يديروها، وعندما نعلم أن أكثر من ثلثي المجلس التشريعي لا يبالون بالقانون، ويتجاوزونه من أجل الوصول إلى أعلى سلطة في البلاد دون أن نحرك ساكنا، بل نقدم لهم صك النجاح الدائم فإننا أول الفاسدين، كما أننا طبعا نعلم علم اليقين أن كل الأمور لها ثمن، وبالتالي فحصول بعض النواب على صلاحية الفساد لا بد أن يقابله ثمن يدفع سواء من أموالنا أو من مستقبلنا.
إن الزوبعة المثارة حول الـ25 مليونا الأخيرة ما هي إلا سخط على كبر المبلغ فقط، ولكننا نتجاهل ذلك ونمثل على أنفسنا قبل الغير بأننا لا نقبل شراء الذمم ونحن أول البائعين.
“القبس” لم تقدم الجديد لكنها فاجأتنا بجرعة زائدة من الفساد ليس إلا.
خارج نطاق التغطية:
«عيدكم مبارك وعساكم من عوّاده».