أستغرب عندما أستمع إلى التصريحات الدولية بشأن ما يحدث في العالم العربي من ثورات ووقفات احتجاجية ضد الأنظمة الديكتاتورية القابعة على صدر الشعب العربي، وخاصة تلك الدعوات الدولية التي تطالب النظام السوري ومن قبله النظام الليبي بأن يقوم وعلى الفور بإصلاحات سياسية جذرية وإعطاء الشعب حقوقه وحفظ كرامته.
هل من الممكن أن يتنازل النظامان السوري والليبي عن السلطة التي يعتبرها كل منهما من ممتلكاته الشخصية، أي نظام منهما يقبل بإجراء انتخابات ديموقراطية ونزيهة، وهو يعلم علم اليقين انه سيخسرها حيث لا قبول له في المجتمع رغم طول مدة حكمه له وان أي انتخابات حقيقية ستأتي بقوى المعارضة وستكون نهاية الديكتاتور إما إلى محاكمة قضائية أو أن يسحله شعبه كما كان يفعل مع من سبقهم.
إذن تلك الدعوات الدولية ما هي إلا تعبير ديبلوماسي عن غضب المجتمع الدولي، وتشجيع للحراك السياسي والمعارضة.
فعلى مر التاريخ ينتهي حكم الديكتاتور الدموي بطريقة دراماتيكية ومأسوية، فأي إصلاح يرتجى من أنظمة حكمت بالحديد والنار عقودا من الزمن، ويمكن للمعارضة السورية ان تتعلم من الدرس الليبي حيث استطاع الثوار الليبيون ورغم قساوة ووحشية القذافي، أن يسقطوا العديد من المدن وعلى رأسها بنغازي التي جعلوها عاصمة للثوار ولم يكتفوا بذلك، بل أسسوا مجلسا للثورة الليبية اعترفت به أغلب القوى الدولية ودعمته ماليا وعسكرا، إذ يجب على الثوار السوريين أن يتوحدوا وان يؤسسوا مجلسا للثورة وأن يكثفوا مجهوداتهم لإسقاط إحدى المدن السورية الكبرى لتكون مركز تجمع للثوار والمنشقين من الجيش وعندئذ يستطيع المجتمع الدولي أن يخطو خطوات عملية لدعمهم وإسقاط نظامهم الوحشي.. ولنا في السنن الكونية والقرآنية خير دليل، إذ يقول الحق تعالى في محكم تنزيله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).