يتميز الشعب اللبناني بفرديته، وعدم ميله لأي عمل جماعي، وهذا، ربما، ما جعله ينجح خارج بلاده، حيث هو مقابل الآخرين، أكبر من نجاحه داخل وطنه.
وكان قدر لبنان أن يتخصص أهله منذ عقود طويلة في بيع الآخرين كل ما لا يفتقدوه في أوطانهم، وخاصة العرب. فقد برع اللبناني في تسويق ثلاثة أمور اساسية، إضافة لأخرى لا تقل أهمية، وهذه الثلاثة هي الهواء، أو الطقس المعتدل، الذي يتمثل في الموسم السياحي صيفا وشتاء، بعد ان اصبح الوصول للمشاتي الأوروبية أكثر صعوبة وتكلفة، وما يتبع ذلك من صناعة فندقية مميزة، ولو أنها لا تزال فقيرة في كمها، إضافة للطعام، الذي اشتهر اللبناني، فردا ومؤسسة غذائية، بالكرم في تقديمه، مع الجودة والتنوع. ويمكن القول أن لا دولة في الشرق الأوسط تجاري لبنان في براعة الخدمة «الغذائية» وفي ما يتوفر من أنشطة ثقافية وأدبية وترفيهية متعددة. وهناك التعليم، حيث بإمكان لبنان، كما كان دأبه في الستينات والسبعينات، تقديم أعلى مستوياته وبكل المجالات وبثلاث لغات، العربية والإنكليزية والفرنسية، وهذا ما لا توفره اية دولة في المنطقة، إن لم يكن في العالم. ثم أخيرا هناك الخدمة الطبية، فلا يزال لبنان، بالرغم من كل ما لحق به من دمار خلال سنوات حربه الأهلية، الأخيرة، المكان الأكثر تميزا، عربيا على الأقل، في تقديم هذه الخدمة المتقدمة، ولا تجاريها في المنطقة وتتفوق عليها «طبيا» غير «إسرائيل» التي تقارب نسبة أطبائها 4 لكل ألف مواطن، في الوقت الذي لا تزيد فيه على 3 وربع في لبنان، ومع هذا يتفوق لبنان على دول أوربية غربية عديدة مثل إسبانيا ومالطا والنرويج في عدد الأطباء فقط.
الغريب أن كوبا، التي يتعالج فيها رئيس فنزويلا شافيز من إصابته بمرض سرطان التشبث بــ «السلطة»، تتصدر قائمة الدول في عدد اطبائها، حيث تبلغ النسبة 6 أطباء لكل الف تقريبا! أما الكويت، يا حبة عيني، فلا يزيد العدد على طبيب ونصف طبيب لكل ألف، تسبقها الإمارات والأردن وحتى رومانيا، ولكنها تسبق كل الدول الأفريقية!!
أحمد الصراف