عسى الزميل الوزير المحامي أحمد المليفي ألا يكون جالسا على كرسي الوزارة وعيناه على صندوق الانتخابات! وعساه لم يكن قد أصدر قراراً خطيراً يسكب الملح على جروح التعليم ودقات قلبه تنتظر رجع الصدى من نواب «الشعبويات» والاتحاد الوطني لطلبة الكويت! أو لربما كان الصديق أحمد يأمل ابتهالات وأدعية أهل الطلاب والطالبات ترتفع عاليا في السماء لتزيد من كفة ميزان حسناته (إن كان في ذلك حسنات). هل لبس أحمد ثوب الخلفاء والملوك والأمراء وقعد متكئاً على كرسي الرئاسة في مجلس الجامعة ليصرح آمراً أعضاء المجلس: «أنا هنا لرفع أعداد المقبولين في الجامعة… عجبكم أهلاً وسهلاً… ما عجبكم باب الاستقالة يتسع للجمال»…!
عدا العضو د. مثنى الرفاعي ( وفق رواية القبس) الذي اعترض على هذه الممارسة التسلطية لاجتماع تحديد نسبة المقبولين في الجامعة فإن بقية الأعضاء سكتوا (خاموش) ولم ينبس أي منهم بكلمة رفض واعية «لأوامر» الوزير. خسارة وألف خسارة عليكم وعلينا… فأنتم يا أعضاء مجلس الجامعة يا من يفترض بكم أن تكونوا قدوة ونبراساً لإصلاح «روضة» الكويت الجامعية قد أضحيتم «خيال المآتة» في عملكم، وجلست الغربان فوق رؤوسكم تسرح وتمرح فى مزرعة الجامعة.
نعلم يقينا أن الطاقة الاستيعابية للجامعة لا تستوعب 8000 طالب وطالبة من المقبولين، فالحد الأقصى بالكاد يستوعب نصف هذا العدد، فماذا سيحدث (وقد حدث) للتعليم الجامعي في «روضة ماما وبابا بيحبوني وأنا أحبهم مثل عيوني»!
يدري الوزير أن الجامعة ليس لديها العدد اللازم من المدرسين لأعداد جيوش الموظفين (الطلبة) القادمين إلى أسواق التوقيعات في امبراطورية الموظف العام الكويتية، ويدرك العالمون بمخرجات التعليم أن الجامعة لا تملك الأدوات التعليمية من مختبرات ومكتبات وغيرها لقبول تلك الأعداد الرهيبة من الطلاب والطالبات، فأين قضيتك يا أحمد لتكدس كل المقبولين في علبة سردين جامعة «روضة الأطفال» الكويتية!
وقبل ذلك، يفترض أن للجامعة استقلالها العلمي والإداري، فماذا فعلت بهذا الاستقلال وتلك الحرية الجامعية، بعد أن أضحت جامعة الكويت انعكاسا بشعا لواقعنا السياسي بدلاً من أن تكون منارة لهدي وتقدم المجتمع والدولة. قبل أن أنسى، أود أن أسأل صديقنا الوزير ورفاقه البصامين في مجلسه، كم طالباً وطالبة أنهوا دراستهم في أربع سنوات فقط! هل أعيد السؤال كي تستوعبوا كارثتنا التعليمية وتدني التعليم العام في الدولة وأنت و(أنتم) تعلمون أن معظم الطلبة لا يستطيعون إنهاء الدراسة في مدة الأربع سنوات المفترضة، والسبب هو عدم كفاية الشُّعب الدراسية بروضتكم الجامعية، فهل كان فتح معسكرات الجيش الشعبي بالجامعة هو الحل؟
يا خسارة وألف خسارة حين يصبح الكم قبل النوع في التعليم، ويا خسارة وألف خسارة حين أصبحت سياسة الترضيات تقضم بشراهة من لحم التنمية والتقدم في الجامعة وبقية مؤسسات الدولة! لا فائدة اليوم من الكتابة… فنحن نؤذن في مالطا… الله اكبر… الله اكبر!
***
ملاحظة: التدخين مضر بالصحة، إلا أن بعض الجمعيات التعاونية مثل جمعية مشرف يبدو أنها حرمت بيعها، أخشى ان يصبح سعر كرتون السجائر 500 دينار أو أكثر بالسوق السوداء… حاله من حال بقية «الكراتين» المحرمة… متى يأتي دور المنع على «الدندرمة» (الآيس كريم)، أو نطالع على صفحات الجرائد بلدوزورات البلدية تسحق كراتين التتن وجهاز النيابة العامة يشرف على عملية إعدامها، او نقرأ عن ضبط باكيت سجائر في جيب قادم من باكستان… وتمت إحالته إلى الجهات المختصة بوزارة الداخلية!
الشهر: يوليو 2011
القيد الأمني
مصطلح «القيد الأمني» تعرفه جيدا شريحة «البدون»، وقد ظهر هذا المصطلح بعد التحرير مباشرة لتحديد من تعاون مع العدوان العراقي على الكويت، وبالذات من انخرط بالجيش الشعبي العراقي. لكن هذا المصطلح اتسع نطاقه في عهد من تسلم ادارة اللجنة التنفيذية للبدون في منتصف التسعينات من القرن الماضي ليشمل شرائح اخرى مثل من تسلم راتبا او راتبين من عمله اثناء فترة الاحتلال، حتى وان لم يذهب للدوام! وكذلك من وجدوا احد اقاربه مسجلا في كشوف الجيش الشعبي، واخيرا اضيف إليه بند جديد تفتقت عنه ذهنية القائمين على هذه اللجنة المنكوبة، وهو من ثبت لدى اللجنة ان اصوله عراقية!
وأعتقد جازما ان هذه الافكار العقيمة والتي تنتج عنها قرارات جائرة هي السبب في تأخر حل ازمة البدون التي وصلت الى مرحلة الخطر وتنذر بالانفجار في اي لحظة.
بعد التحرير مباشرة طالبنا بإعطاء الحقوق المدنية والانسانية للبدون، ولو بحدها الادنى! وكان رد المسؤولين علينا: لو فعلنا ذلك لما استخرجوا جناسيهم الاصلية! وكانت النتيجة مزيدا من التضييق والحرمان ومزيدا من الاحتقان. اليوم وبعد عشرين عاما يأتون ليتحدثوا عن الحقوق المدنية بعد ان فشلوا في تحقيق مرادهم، لكنهم جعلوا العصا في الدولاب عندما اشترطوا على الاغلبية العودة الى اصولهم واستخراج جوازاتهم العراقية!
هذه العبارة قيلت لعائلتين اعرفهما جيدا عندما ذهب افرادهما لتجديد بطاقاتهم الامنية.
اما الاولى فأسرة شهيد واجب قبل الغزو، ترك اولاده القصّر السبعة في حضن والدتهم التي سهرت عليهم وربطت الليل بالنهار كي ينشأوا نشأة صالحة.. فيتخرج منهم الطبيب والمهندس والجيولوجي وعالم الحاسوب، الابن الاكبر اليوم عمره 45 عاما وكلهم مواليد الكويت، واستشهاد والدهم لم يسعفهم لتجديد بطاقاتهم الامنية، وسجل احد الظالمين من العاملين باللجنة امام اسم العائلة: الاصل عراقي!
يقول الابن المهندس: كنا نتأمل يتصلون فينا في اي لحظة ليخبرونا بقرار منحنا الجنسية الكويتية، لكننا فوجئنا بقرار حرماننا من الحقوق المدنية المزعومة!
عائلة اخرى قدم والدهم للكويت في الثلاثينات وعمل في الاربعينات موظفا في KOC، وفي السبعينات ارادت الشركة ان ترسله دورة في الخارج تقديرا له، فاضطر إلى الذهاب للسفارة العراقية لاستخراج وثيقة سفر مزورة بعد ان دفع مبلغا من المال لموظف بالسفارة. تزوج وانجب اولادا وكبروا وتزوجوا كويتيات وعملوا في الجيش والشرطة وانجبوا اولادا الذين كبروا بدورهم وتزوجوا. وكان لهم دور مميز في حرب التحرير، توفي رب الاسرة وبقي اولاده على رأس عملهم وعندما تقدموا لطلب الحقوق المدنية قيل لهم: انتم عراقيون! استخرجوا جناسيكم الاصلية والا فلا حقوق لكم! قال كبيرهم الذي بلغ 55 عاما لكنني لا اعرف غير الكويت وطنا لي!
لو اردنا ان نطبق بدعة «ارجع لأصلك» لسحبنا الجنسية من ثلث سكان الكويت، وكلنا نعرف المجاميع التي وفدت على الكويت في الخمسينات والستينات وحصلت على الجنسية الاولى. وكلنا يدرك ان اهل الكويت اما من اصول سعودية او ايرانية او عراقية، وكلنا يعرف من تم تجنيسه وهو في العراق لم تطأ قدمه الكويت، وكلنا يعرف من تم تجنيسه لابداعه في الغناء او الرقص.
قانون الجنسية الكويتية يمنح الجنسية للعربي الذي امضى 15 سنة في الكويت دون مغادرتها. فكيف بمن امضى حياته كلها من الميلاد الى اكثر من نصف قرن؟!
القيد الامني سيعيدنا الى المربع الاول.. وقد تدخلت المزاجية والشخصانية فيه، فهل يفعلها السيد صالح الفضالة ويضع حدا للتلاعب فيه؟! حل مشكلة البدون لا يكون بالنظام والمسطرة، بل بالروح الانسانية التي تنظر بعيدا لمصلحة البلد.
الجائزة
يستضيف بنك الكويت الوطني كل عام تقريبا شخصية دولية مرموقة، وكان دانيال يرغن Daniel Howard Yergin، الذي يعتبر من أكبر خبراء استراتيجيات وتاريخ النفط في العالم، ضيف هذا العام. عمل يرغن مستشارا لأكثر من إدارة أميركية، وهو مؤلف كتاب الجائزة The Prize الذي سنكتب عنه عدداً من المقالات، والذي أهله للفوز بجائزة «بوليتزر» المرموقة.
ولد يرغن في 1947 وتخرج في جامعة «ييل»، وحصل في عام 1974على الدكتوراه في «العلاقات الدولية من جامعة كيمبردج، وله برنامج تلفزيوني استضاف خلاله شخصيات عالية الأهمية كالرئيس بيل كلينتون وديك تشيني وغيرهما. وعلى الرغم من كل ما قرأت وعرفت عن النفط، مصدر حياة الكويت ومنطقتنا ورفاهية شعوبها، طوال نصف القرن الماضي، فإنني لم اكن أعرف مدى جهلي بهذه المادة ومدى أهميتها الخارقة إلى أن قرأت كتاب «الجائزة»، وكيف أن معارك وكوارث عالمية عدة وقعت بسب النفط، ومنها هجوم اليابان على «بيرل هاربر»، والذي كان الكارثة والمفاجأة الأكبر في تاريخ اميركا، حتى «غزوة منهاتن»، التي تعتبر السخافة الأكبر في التاريخ. وكان الهدف من الهجوم الياباني على الأسطول الأميركي في هاواي هو تحطيمه ليتمكن الاسطول الياباني من الوصول لحقول نفط جنوب شرق آسيا من دون عائق او خوف.
كما يتضمن الكتاب، على مدى 900 صفحة من القطع الكبير، قصصاً مثيرة ومهمة عن الكيفية التي حصلت فيها شركات النفط الغربية، والأميركية والإنكليزية بالذات، على امتيازات التنقيب عن النفط في إيران والعراق والبحرين والسعودية والكويت.
لمزيد من المعلومات عن مراسم استسلام اليابان لأميركا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، يمكن الاطلاع على فيلم وثائقي نادر، على رابط القبس على الإنترنت، من خلال النقر على:
http://www.youtube.com/watch_popup?v=vcnH_kF1zXc&feature=player_embedded
أحمد الصراف
ماذا اختفى وسيختفي من حياتنا؟
ظهرت في نصف القرن الماضي الكثير من الاختراعات التي كنا نعتقد أنها ستستمر لفترة طويلة، ولكن أخرى «جبتها» وهمشتها وكادت، أو أزالتها تماما من حياتنا، كآلات النسخ القديمة والحاسبات اليدوية والمنبهات الكبيرة وآلات الطباعة التقليدية والفاكس والتلكس. كما أن هناك أمورا عدة ستختفي من حياتنا في المستقبل القريب، تبعا لمدى تقدم او تخلف خدمات اي دولة. فمكاتب البريد تواجه صعوبات مالية في البقاء بسبب تطور وسائل الاتصال الحديثة من فاكس وإيميل وبريد سريع ورسائل نصية وتويتر، فكل هذه قضت على دخل مكاتب البريد. كما أن التعامل بالشيكات المصرفية سيتوقف تدريجيا، وخاصة في الغرب، فتكلفة طباعتها وتوزيعها اصبحت غير مجدية، وحلت محلها بطاقات الائتمان وتحويلات الإنترنت المصرفية. كما ستختفي مع الوقت الصحف الورقية، وسيطالعها الجميع على الإنترنت، مع قهوة الصباح. أما الكتاب التقليدي فعمره في تناقص مستمر، بالرغم من كل ما يعتقده البعض من أنه سوف لن يتخلى يوما عن فكرة الإمساك بكتاب للقراءة، إلا أن واقع الحال غير ذلك، فالجميع سيتقبل الفكرة مع الوقت، كما تقبلوا ما هو «اقسى منها»!
كما سيختفي الهاتف الأرضي من حياتنا، بعد ان اصبح لكل فرد في الأسرة، وحتى البسطاء من العمال والخدم، هواتفهم النقالة. ومن الأمور الصغيرة الأخرى التي ستختفي او اختفت بالفعل السي دي والدي في دي والفلاش ميموري بعد ان اتفق العمالقة غوغل وأبل ومايكروسوفت على تطوير فكرة «خدمة السحاب» والتي تعني أن بإمكان أي مستخدم للإنترنت حفظ تسجيلاته وصوره ومستنداته وابحاثه في «حساب السحاب»، واستعادتها متى شاء مقابل اشتراك رمزي.
وأخيرا فإن هذه الاختراعات والاكتشافات ستؤدي في النهاية لاختفاء الخصوصية والحميمية والعزلة من حياتنا، وتصبح جميعها شيئا من الماضي بعد أن اصبحنا «مكشوفين» للجميع فكاميرات المراقبة في كل مكان، والنقال والجب بي اس يحدد موقعنا في أي لحظة، وغوغل يتتبعنا في كل زاوية، وفي النهاية سوف لن يتبقى لنا غير أحلامنا وذكرياتنا، فاجعلها جميلة.
أحمد الصراف
وآخرتها معاكم
لفتت انتباهي هذه الفقرة للزميل محمد الجاسم في «الكويتية» من مقال بعنوان «وين اللي يقتنع عاد»، وكتب فيها: «… ويستفاد من ذلك (يقصد نص المادة ٤ من الدستور) أن أسرة الصباح ليست جزءاً من المؤسسات الدستورية، ولم يمنحها الدستور أي اختصاص، بما ذلك تزكية ولي العهد، فهذا الأمر منوط بالأمير». انتهت فقرة محمد. وهذا صحيح فليس هناك أي وضع دستوري لأسرة الصباح ككل، وإنما حدد الدستور فرع ذرية مبارك تعييناً بعبارة «الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح». ولا يعني ذلك غير أن المشرِّع الدستوري كانت له في ذلك الوقت التأسيسي للدولة رؤية مستقبلية ثاقبة النظر تقرر أنه ليس هناك في الدستور ما يمنع أن تكون الكويت ملكية دستورية، وعزز المشرع هذا الرأي حين قرر في المادة السادسة أن «نظام الحكم ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات…». وعلى هذا فلا تعارض بين المادة الرابعة المقررة أن الكويت «إمارة وراثية في ذرية مبارك»، والمادة السادسة التي تنص على أن «الأمة مصدر السلطات»، فعبارة «إمارة وراثية» تضع الأساس «لشكل الدولة»، أو ما يفترض أن تكون عليه، بينما المادة السادسة تحدد بصفة قاطعة «مضمون الدولة» أي محتواها الذي لا يجوز انتهاكه بأي حال.
كان ذلك ما يجب أن يكون is ought to be، وما يفترض أن تتطور عليه الأمور، لكن الممارسة الواقعية مختلفة، فالشيوخ أصبحت لهم شرعية عرفية بحكم الواقع، تتمثل في حصة الأسد من التشكيلات الوزارية الأولى، إلا أن الممارسة «المشيخية» لهذه الحصة الأسدية كانت مقيدة بأمرين، أولهما حكمة وقوة رجل الدولة المؤسس عبدالله السالم، وثانيهما، مجموعة الرجال التي كانت محيطة بدائرة الحكم، فلم يكونوا في أغلبيتهم ما يطلق عليهم بلفظ انتهازي استغلالي اسمه «بطانة»، بل كانوا بطانة للحق ولروح الدستور، كانوا يحملون إرثاً تجارياً كان مصدر الدخل العام للسلطة قبل عصر البترول. بقية الحكاية معروفة حين تقلص دور التجار بعد النفط، وأصبحوا «وكلاء» تجاريين لبضائع وسلع هي «مفاتيح» صناديق الثراء، ولكن أقفالها عند الدولة (الحكومة ) التي تماهت تماماً مع الشيوخ ككل، لا مع «ذرية مبارك» فقط. والأمر الآخر أن جيل المناضلين التجار قد تقلص ومات، وأصبح من الصعب خلافة تراثهم، لأن «أقفال» صناديق الأرزاق في النهاية ـ كما ذكرت ـ ليست معهم.
في الوزارات التالية لسنوات «البندروسا» السياسية والاجتماعية لعبدالله السالم تقلص عدد الشيوخ في التشكيلات الوزارية من ذرية مبارك ومن غير ذريته، وإن ظل سلطان الذرية (وأيضاً بحكم العرف الممارس) مهيمناً، وبقي ما يسمى وزارات السيادة بيد الشيوخ من ذرية مبارك في الأغلب الأعم. لنختصر وننتهي بحاضر يقرر أنه ليست هناك ديمقراطية حقيقية في الدولة، فالشيوخ وعلى غير «مضمون» الدستور يمسكون بمفاصل الدولة من ألفها إلى يائها، وبالتأكيد «اللي يبونه يصير». إلا أن المسألة لم تقف عند ذلك الحد، وتطورت الأمور إلى صراع قصور، وضلع بعض الطامحين من ذرية مبارك في الصراع مع أبناء عمومتهم كي تبسط أرض الحكم لهم ولذريتهم الخاصة من بعدهم، واستعان المتصارعون، كما نعرف بالإعلام مكتوباً أو مرئياً، فتلك جريدة أو قناة تلفزيونية إن لم يكن الشيخ يملكهما على عين عينك، فإنه يمولهما من «خيرات بلدي» على عين عينك، وتمتد يد الخير إلى كتاب وصحافيين أجراء وغيرهم، وقبلهم وأهم منهم، كان الكثير من النواب هم طائرات «الستليث» الشبحية الأمضى حسماً في صراعات القصر. بعد كل ذلك، أليس من الأنسب أن يفكر أهل التدبير اليوم، وبعد المخاضات التي تمر بها المنطقة العربية، في الملكية الدستورية؟ على أن يسبق ذلك تشريع ينظم الأحزاب السياسية، ثم تشكيلات حكومية من حزب الأغلبية أو حكومات ائتلافية. كي ننتهي من هذا الصداع المزمن وتلك الفوضى السياسية المدمرة، ولنفكر جيداً في الغد، ولنا في المغرب أولاً، ثم الأردن ثانياً، مثالان ليسا كاملين، ولكنهما أفضل من حالنا «المايع».
هل هناك حضارة إسلامية؟
اشتهر المفكر الراحل أحمد البغدادي بمقولة إن المسلمين هم الوحيدون في العالم الذين ينسبون الحضارة إلى دين، فلا هناك حضارة إسلامية ولا بوذية أو يهودية او مسيحية! فالأديان لم تأت لتبني حضارات وتخترع وتشيد الصروح، بل لإبلاغ دعوة! ولو نظرنا إلى حضارات العالم القديمة، وحتى الحديثة منها، لما شاهدنا صلة وثيقة ومتداخلة لأي منها بدين معين، بالرغم من اعتناق أصحاب الحضارة لدين أو آخر. فالفراعنة وبلاد الرافدين القدماء وشعوب المايا والأزتك تركوا وراءهم شواهد واضحة تبين حضارتهم، ولكنهم لم يتركوا دينا يتبع من بعدهم. ولم يعرف عن المسلمين أنهم تركوا كغيرهم آثارا حضارية، فالمسجد الأموي الأكثر قدما بين المواقع الإسلامية، كان كنيسة ارثوذوكسية، وآثار اسبانيا لم يعرف أنها صممت أو بنيت من المسلمين، وغالبيتها بنيت لأغراض غير دينية، فهي، بتصاميمها وموادها وعمالها إسبانية معجونة بثقافة البربر الأمازيغ، والدليل على عدم علاقة الحضارة بالدين أننا لا نجد في مهد الإسلام أي اثر أو معلم حضارى، سواء في المباني أو في الأنشطة الثقافية والفنية، وربما يكون فن الشعر هو الوحيد الذي نبغ فيه العرب المسلمون، لأنه الوحيد تقريبا الذي لا يحتاج إلى مدرب أو مبنى أو مدرسة أو مطرقة او لون وريشة ووتر وآلة عزف! نقول ذلك ونضيف بأن الحضارات المعروفة كافة ارتبطت ونسبت إلى مناطق وثقافات جغرافية معينة، كالفرعونية والسومرية، ولكن لا يمكن نسبتها إلى دين أو معتقد. أما ما يقال عن «اختراع» المسلمين للصفر فلا يركن لأي دليل مادي واضح، وغير معروف حتى اسم من ينسب إليه الاختراع، أو حتى المنطقة التي اخترع فيها، وحتى إن صح ذلك فلا يعني الأمر وجود حضارة! كما أن الشيء ذاته يقال عن ترجمة التراث اليوناني القديم، فقد ذكر المرحوم البغدادي أن الترجمة قام بها غير المسلمين، من اشوريين ويهود، ممن كانوا يتقنون تلك اللغات الأجنبية، فالمسلمون كانوا اصلا من محرمي دراسات المنطق والفلسفة، وكانوا يعتبرونها من أعمال الزندقة، ولكن تسامح الخلفاء العباسيين، وربما قربهم من الزنادقة، سهل عملية الترجمة والنقل. كما أشك في أن أياً من هذه الأعمال المترجمة، قديمها وحديثها، يدرس حاليا في أي جامعة «إسلامية»! وبما أن الإسلام يجب ما قبله من أديان وثقافات، فإنه كان دوما يمثل الفكر الغازي والماحق، وبالتالي يعتبر التصرف الذي قامت به حركة طالبان من نسف لتمثال بوذا في منطقة بانيان مثالاً على تلك العقلية! كما أن مسجد «بابري» التاريخي في الهند بني على أنقاض معبد هندوسي، وعندما قام متطرفو الهندوس قبل سنوات بهدمه ثار خلاف بين الطرفين دفع المئات أرواحهم فيه، ثم صدر حكم بتقسيم الأرض بين أتباع الديانتين، ليصبح المعبد مجاورا للمسجد!
ولو راجعنا آراء السلف في العلماء الذين يفتخر بهم العرب والمسلمون وينسبون إليهم «حضارتهم» مثل الرازي وابن سينا والبيروني والفارابي وابن برد وابن الرومي وابن عربي وابن رشد، لوجدنا أن لا أحد من هؤلاء يعتبر مسلما في نظر السلف!
ليس القصد من هذا المقال التهجم، بل الحث على أن نبحث في تاريخنا ونصلح منه، ونبتعد عن الفارغ من الادعاءات.
أحمد الصراف
الفراغ بين الأصابع
كنت في منتصف السبعينات أُكثر من زيارة «ضيعة» أنسبائي في لبنان، وكنت كثيرا ما أصادف هناك عدداً من المغتربين، السابقين، أو العائدين في إجازة من افريقيا أو اميركا الجنوبية. وكنت ألاحظ أن صحة نسبة كبيرة منهم لم تكن على ما يرام، فبعد سنوات طويلة من الكد والجد والعمل في أجواء غير عادية، وجد غالبيتهم أن عليهم صرف الكثير مما جنوه من مال على ما فقدوه من صحة، وهم مشغولون بجني المال، وتذكرت حالهم تلك عندما قرأت قبل أيام الحكمة التي تقول إننا عندما نكون شباباً نستخدم صحتنا للبحث عن المال، وعندما نكبر نعيد شراء صحتنا بما حققناه من مال، وغالبا ما يكون الوقت قد تأخر كثيرا للقيام بذلك، وهذا صحيح غالبا! كما أن المال الذي بحوزتنا ليس لنا إلا أن نقوم بالتصرف فيه، ولكن إن قمنا بذلك أصبح ملك الغير، فالسعادة لا تكمن في ما نملك من مال، بل بقلة متطلباتنا واحتياجاتنا من الحياة. وفي هذا الصدد يقول حكيم هندي إن الإنسان يحتاج مع المال إلى الوقت، فهما العاملان المهمان في الحياة، فمن دون المال لا تستطيع العيش براحة نسبية، ولكن من دون الوقت لا تستطيع الاستمتاع بصرف المال.
ومن أقوال «بوذا»: إن كنت على حق فلا حاجة لأن تستشيط غضبا، وإن كنت على خطأ فلا حق معك لأن تغضب! وإن علينا ألاّ نفكر كثيرا في أحزان مضت، فقد تدمع العين على ذلك، ولا أن نفكر كثيرا في ما يخفيه المستقبل، فقد يجعلنا ذلك كثيري الخوف منه، وأن نعيش اللحظة ونبتسم، فهذا كفيل بأن يجلب السرور إلى قلوبنا.
وتقول حكمة هندية جميلة إن الفراغات بين أصابعنا وُجدت لكي يقوم من نحب بملئها بأصابعه عندما تتشابك أيدينا معا، فلا تنس أن تشبك أصابعك بحنان، بأصابع من تحب.
أحمد الصراف
الكذبة الكبرى
دأب خصوم التيار الإسلامي منذ 1976 على تكرار كذبة تحالف الإسلاميين مع الحكومة وترتيب الصفقات الواحدة تلو الأخرى، حتى صدّقوا كذبتهم، مع أن الذي يملك قليلاً من الإنصاف وشيئاً من الحكمة يدرك هذا الافتراء وأبعاده ومقاصده.
الدكتور أحمد الخطيب كان رمزاً للشيوعيين في الخمسينات والستينات، ثم رمزاً للقومية العربية في السبعينات، وبعد سقوطها حافظ على اشتراكيته، وعندما انهارت الاشتراكية في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات حافظ على وطنيته وأصبح يمثل التيار الوطني إلى اليوم، بعد أن أصبح تمثيله للشيوعية والاشتراكية والقومية «عارا» على صاحبه وماضياً لا يشرف المنتمين إليه!
ما لفت نظري أن أحمد الخطيب وجماعته، الذين أوجدوا كذبة تحالف التيار الإسلامي مع الحكومة في السبعينات، هم أنفسهم مع حلفائهم الجدد الذين يكررون اليوم الكذبة إياها نفسها من دون خجل من تحالفهم المكشوف في صفقات مكشوفة منذ ثلاثين عاماً.
في مطلع الثمانينات، وعندما شارك التيار الإسلامي لأول مرة في الانتخابات، واختاره الناس الذين أسقطوا تيار الشعارات الفارغة والأكاذيب المكشوفة، صرخ هذا التيار المتهالك: إنه تحالف الحكومة مع الإسلاميين. ووصموا المجلس في 1981 بـ «المجلس البصام». ويشاء الله أن يفضح أكاذيبهم، وتتقدم الحكومة بمشروعها لتنقيح الدستور، لكنها فوجئت بأن من أسموهم زوراً بحلفائها يتسببون في إفشال مشروعها عندما طرحوا نموذجاً جديداً للمعارضة.
في مجلس 1992 اتفقت القوى السياسية، التي نجحت في الانتخابات، على ألا تتسلم وزارة التربية أو الإعلام، وأن تترك هاتين الوزارتين للمستقلين نأيا بهما عن الخلافات، وفعلاً عندما عُر.ضت «التربية» على د. إسماعيل الشطي (ممثل الحركة الدستورية الإسلامية في ذلك الوقت) رفضها التزاماً باتفاق القوى السياسية، لكن عندما عُر.ضت على ممثل المنبر الديموقراطي آنذاك د. أحمد الربعي ـــ يرحمه الله ـــ بادر الى الموافقة في صدمة لجميع أعضاء مجلس الأمة، الذين كانوا مجتمعين حينها في ديوان العم عباس مناور.
تحالف التيار الليبرالي مع الحكومة واضح للعيان ومكشوف، فكل مواقف هذا التيار منذ التحرير إلى اليوم متناسقة ومتفقة مع الحكومة، بينما معظم مواقف التيار الإسلامي، وفقا للتصويت على مشاريع القوانين في مجالس الأمة المتعاقبة، كانت تتعارض مع مواقف الحكومة.
الصورة انعكست منذ نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات الى اليوم، فبينما كانت المناطق الداخلية هي مناطق المعارضة السياسية للحكومة والمناطق الخارجية هي مناطق الموالاة، نجد أن معظم المعارضة السياسية اليوم تنتجها المناطق الخارجية، وأرجو ألا يقول قائل إن الحكومة صارت «سنعه» و«زينه» فأيدتها معارضة الداخل، لأن الحكومة اليوم في حال لا تُحسد عليه.
الناس وعوا وعرفوا أن «الصج يبقى والتصنف جهالة»، وجماعة التحالف والمنبر الى اليوم في غيّهم وضلالهم وما زالوا يكررون كذبتهم الكبرى منذ السبعينات، وتناسوا أن مصداقيتهم عند العامة تقارب درجة التجمّد، ولعل مواقف التحالف وكتلتهم في مجلس الأمة خلال الأسابيع الماضية وبيان المنبر والتحالف تأكيد لما ذكرته في هذا المقال.. قد تخدع الناس بعض الوقت لكنك لن تخدعهم كل الوقت.
عذراً فوربس
كل خواجة بروفيسور ما لم يثبت العكس، وكل أشقر عالِم، وكل أسمر جاهل، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وكان الأفارقة السود في القرون السابقة يظنون أن البحارة الأوروبيين «أولاد الله» جل شأنه، ويركعون على ركبهم كلما شاهدوهم، خصوصاً بعد أن رأوا بأعينهم كيف يحتجز الأوروبيون مجموعات من النمور والأسود والفهود حية سليمة في أسيجة (بالفصحى أسوجة). وكان الأوروبيون قد اكتشفوا طريقة لتخدير السباع والقبض عليها سليمة لا إصابات فيها. إذاً خلاص، هؤلاء هم «أولاد الله» لا محالة. وطبعاً الأوروبيون الأتقياء لم يفوّتوا الفرصة، بل راحوا يمسحون رأس كل من يركع أمامهم ويشفطون خيرات أرضه ويستعبدونه.
حتى أجدادنا في جزيرة العرب، كانوا في ذهول مهول من هؤلاء «الشقران»، تحديداً بعد أن شاهدوا الطائرات البريطانية فوقهم تطلق القنابل، ورسخ في أذهان بعضهم أن هذه هي «الطير الأبابيل»، وازدادت جرعة الدين عندهم، فالخوف يقرّب الخائف من ربه، وراح «الشيبان» يقرأون سورة الفيل: «ألم ترَ كيف فعل ربك بأصحاب الفيل…»، وظنوا أنهم هم أنفسهم أصحاب الفيل، والدليل هذه الحجارة من سجيل التي أحرقتهم، فأكثروا الاستغفار، وتواصوا بالتوبة إلى الله، وأيقنوا أن هؤلاء الشقران ليسوا بشراً، بل في مرتبة أعلى.
وفي السنوات التي تلت التحرير، تعاقدت إحدى الوزارات الكويتية مع شركة تدريب بريطانية، وجاء الخواجات بعنطزتهم وغطرستهم الطاووسية، وبدأت المحاضرات، وكل الأمور تمام التمام وسنجة عشرة، إلى أن أوقعت إدارة الشركة عقاباً على أحد «الأساتذة» الإنكليز بعد أن سرق بعض المعدات باهظة الثمن، فغضب السارق وكشف اللعبة أمام الكويتيين: «لسنا أساتذة ولم يسبق لنا التدريس في بريطانيا، فقط رؤساء الأقسام هم الأساتذة، والأستاذ البريطاني فلان كان حمّالاً (عتّالاً) في الميناء، والأستاذ فلان كان حداداً قضى جل حياته في السجن، والأستاذ فلان مساعد ميكانيكي قضبان حديدية، ووو، أما أنا فكنت أنظف زجاج البنايات… أتوا بنا لتدريب أبنائكم كأساتذة معاهد، بعد أن دربونا ثلاثة أشهر فقط، وليس منا من أكمل تعليمه، ونتقاضى منكم مبالغ طائلة»! ومع كل هذه الاعترافات استمرت الشركة واستأنف الخواجات تدريبهم، وكأن شيئاً لم يكن. أليسوا خواجات؟ إذاً كيف يخطئون ويكذبون ويغشون؟ معاذ الله.
وقبل أسبوعين، تلقيت رسالة: «السيد الوشيحي، نحن مجلة فوربس، وقد رأينا أنك من الشخصيات العربية المئة الأكثر حضوراً على تويتر – هكذا كانت صياغتهم للجملة – نرجو تزويدنا برقم هاتفك»، أنعم وأكرم، هاكم رقم هاتفي، وهاتفوني، ثم وضعوا قبل يومين قائمة الشخصيات العربية المئة الأكثر حضوراً، فاطّلعت عليها وكانت الكارثة.
السيطرة على القائمة كانت للكويتيين، يليهم المصريون، وليست هنا المشكلة… المشكلة هي أن العزيزة «نوارة نجم» باعتراف كثير من أهل تويتر هي الأكثر تأثيراً وحضوراً ونشاطاً في تويتر، حتى وصل الأمر إلى مهاجمتها من قبل مرتضى منصور وآخرين من كبار الساسة في مصر، وتطور الأمر بعد ذلك إلى أن هُدّدت بتحويلها إلى النيابة بصفتها «المحرضة الأولى» على التظاهر في ميدان التحرير، وهي كذلك بالفعل، ورغم ذا لم يظهر اسمها في القائمة (بالمناسبة، لم يظهر من المئة إلا 61 اسماً ولا أدري أين اختفت البقية)، وجاء وائل غنيم وفيصل القاسم ومحمد الرطيان وآخرون لا يقلون عنهم شهرة وحضوراً في مراتب متأخرة!
يبدو أن أختنا «فوربس» تلعب لعبة تسويقية جميلة، أو أن شيئاً ما في داخل القفص… عذراً خواجات فوربس لستم «أولاد الله»، ولا أصدقكم.
على دين حكوماتهم
لنقل إن الناس على دين حكوماتهم ومتنفذيهم ولا أكثر، والمقصود بالدين هنا ليس المعتقد الروحي والإيماني وإنما المسلك والمنهج والطباع، وبكلام ثان، نقول بألا نأمر بالمعروف وننسى أنفسنا، وبكلام ثالث، نخاطب أهل الخير مرددين: بألا ننهى عن طبع ونأتي مثله (أهكذا يقولها العرب أم ماذا)، وأصل الحكاية تبدأ بمشوار قطار الكوادر المالية، الذي نقل وعبر كل محطات العمل واللاعمل في دولة «عطني وسكتني» الكويتية، وحين وصل إلى محطة المعلمين توقف وتصلب في مكانه! لماذا قطار الترضيات والتبديدات يعبر كل محطات الاستهلاك الأخرق ويمد الجالسين فيها بكل خيرات ديرة «يا رب لا تغير علينا» و»يتنحر» عند المدرسين ومربي الأجيال!
تعالوا نقرأ بعض العناوين في صحافتنا عندما تحشر نفسها، وتحاول أن توازن بين المعقول والمنقول. المعقول الاقتصادي، هو أن تتوقف الدولة عن المزيد من التبديد المالي، فالميزانية «المجنونة» (اصطلاح النائب عدنان عبدالصمد) زادت هذه السنة بنسبة أكثر من ١١ في المئة عن السنة الماضية وأرقامها صارت فلكية، وكي تسير أمور الدولة يجب ألا تقل أسعار برميل النفط عن تسعين دولاراً أو خمسة وثمانين كما بح صوت «الشال» دون أن يسمع أحد في حواري «الطرشان» بالمجلس النيابي التابع وعند الحكومة المتبوعة التي يسير معظم أهل الكويت على دينها. في التقرير الاقتصادي للزميل محمد البغلي بجريدة الجريدة كتب بالخط العريض آخر الشهر الماضي «من مشروع توزيع الثروة إلى مشروع تدمير الدولة: كوادر وبدلات بلا رؤية…»؛ يبدو أنه خطاب «المعقول» في بلد اللامعقول، لكن الرد جاء سريعاً من المشاركين في ندوة للتجمع الشعبي ونقلتها «القبس» أيضاً بالخط العريض أمس بعبارة مثيرة «… مطلوب كادر للحرامية ليمرروا كادر المعلمين»… وهذا هو «المنقول» عن السيرة المتواترة بسلوك الحكومات الكويتية المتعاقبة في سياسة ممارسة الترضيات كي يخرس الناس عن السرقات، وهذا هو النهج الذي سارت عليه المجالس النيابية المتناسخة من بداية «سنة» إسقاط فواتير الكهرباء والماء حتى اليوم.
المعلمون في الدولة لهم حجتهم، وهي الدعوة إلى العدل، والعدل دائماً هو الإنصاف، فكما أنصفت أو لم تنصف الحكومة معظم البشر في الدولة بكوادر وزيادات ليس لها أي مبرر غير تسكيت النواب وتخدير وعي الناس عن مستقبل أولادهم المجهول في السنوات العجاف القادمة، فمن الواجب أيضاً أن تنصف الحكومة المعلمين اليوم، وتتم مساواتهم بالآخرين، أما الكلام عن الاستهلاك وتبديد ثروة البلاد في بند الرواتب والأجور فهذا كلام مستهلك «ومأخوذة زبدته»، يعني هل نسينا البلايين التي أهدرت بالأمس وتهدر الآن من غير رقيب تحت بنود احتكار المقاولات وتفصيل المناقصات على مقاس المؤلفة قلوبهم وكله يدخل تحت باب الفساد الكبير، فيأتي الدور اليوم على المعلمين و»تتحنبل» عليهم الحكومة…! وهل يعد ذلك عدلاً؟ لماذا؟ لا أعلم الجواب لكني أعرف أن الناس على دين حكوماتهم وكفى.