ضج عدد من الكتاب الغربيين إزاء الجريمة البشعة للنازي النرويجي «أندري بريفك» بعد تفجير أوسلو وقتله للعشرات من الشباب في معسكر تابع لحزب العمل النرويجي. خوف هؤلاء الكتاب الإنسانيين وشجبهم للجريمة نابع من خشيتهم على مصير التعددية الاجتماعية في النرويج وفي أوروبا عموماً، فالمتهم لم يُخفِ شعوره بكراهيته العميقة للمسلمين المهاجرين، وخشيته من تشويه «ثقافتهم الدخيلة» للثقافة الأوروبية… تلك المشاعر العدائية ليست قاصرة على هذا الجاني، وما يخشاه هؤلاء الكتاب أصحاب الضمير أن يشارك الكثيرون في أوروبا بريفك مثل تلك المشاعر، فشويب سلطان السكرتير العام السابق للمجلس الإسلامي في النرويج، كتب في «فورن افيرز» إن عدد المسلمين في النرويج يقارب المئة ألف وهناك مئة مسجد في النرويج، ورغم التسامح الكبير للنرويجيين هناك فإن نمو عدد المسلمين وشيوع عاداتهم مثل ختان الأطفال وطريقة الذبح للبهائم والحجاب ولّدت مشاعر القلق لدى النرويجيين، وبرزت أصوات ماكرة في الإعلام تحذر من المسلمين، إلا أن المؤسسة السياسية في النرويج تفعل الكثير لتنمية الحوار الثقافي بين المسلمين النرويجيين وغيرهم.
الكاتب النرويجي «اسلاك مايير» في «واشنغتون بوست» أعلن سخطه الشديد على مشاعر الكراهية نحو المسلمين كما تجلت في جريمة بريفك، ويرى أن ظاهرة «إسلامفوبيا» لم تكن معروفة قبل ثلاثين عاماً، فهو يذكر أن المدرسين الذين تعلم منهم في طفولته كانوا شديدي العقاب لأي مظهر من مظاهر الكراهية للغير، فلم يكن يسمح لأحد أن يقول إن السود أغبياء وإن المسلمين قتلة وإن البيض أكثر رقياً من غيرهم، إلا أن تغيرات كثيرة طرأت علي النرويج في السنوات الاخيرة بعد أحداث 11 سبتمبر ومشاركة النرويج في حرب الخليج الثانية وحرب أفغانستان، لكن رغم كل ذلك فالنرويج لم تفقد «براءتها» من التعصب العرقي والديني، وجرائم «بريفك» يتحملها مرتكبها وحده، لكن في الوقت ذاته هناك واجب على النرويجيين لتعميق الحوار الثقافي بينهم، فليس مقبولاً تمييز الناس على أساس «نحن» و»هم». (انتهى الاقتباس من اسلاك).
تقسيم البشر بين «نحن» و»هم» هو المصيبة الآن، فأصحاب الفكر الديني المتشدد والقوميات المتعصبة هم سادة هذا التقسيم بين البشر، وليس «بريفك» إلا نسخة مسيحية من بن لادن والظواهري وأتباعهما، وهناك نسخ مماثلة ليهود متعصبين، الفرق في النهاية أن ثقافة التسامح هناك تقف حائلاً دون تمدد تيار التعصب الديني والقومي وفلسفة «نحن وهم» البغيضة، ولديهم المؤسسات الثقافية الراسخة لمحاربة جنون «نحن وهم»، بينما ليس لدينا مثل تراثهم ولا مؤسساتهم حتى الآن، فهناك مئة مسجد في النرويج، بينما هنا تبقى قضية السماح ببناء كنيسة يتيمة للأقباط تائهة في أضابير المجلس البلدي ووزارة الأوقاف…!
اليوم: 31 يوليو، 2011
همسة في أذن ابن عمي
عزيزي أبونومس..
لا أعتقد انه يجب النظر الى وظيفة خطيب الجمعة كأي وظيفة حكومية أخرى يلتزم صاحبها بالانصياع التام لأوامر مسؤوليه وينفذ السياسة العامة للدولة ويعبر عن توجهاتها!
قد أطلب ذلك من الوزراء والوكلاء وكل من ينطق باسم الحكومة، كالسفراء ووكالة الانباء الرسمية وغير ذلك من المنابر والمناصب الرسمية! أما خطيب الجمعة فهذه وظيفة شرعية ودعوية قبل ان تكون رسمية خاصة ان معظم من تم ايقافهم لا يتقاضون رواتب من الدولة على أداء خطبة الجمعة! ومتى ما كان الخطيب ملتزماً بتوجهات الدولة وسياساتها الخارجية أصبحت الخطبة مملة ومكررة وفقدت بريقها ولم تعد وسيلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولو أردنا للخطيب ان يلتزم بسياسة الحكومة فعليه ان يراعي أموراً كثيرة وتدخل المحاباة وتقدير المصالح والمجاملات والنفاق السياسي في خطبته، فهل تسمى هذه خطبة صلاة جمعة؟ اذهب الى مساجد خطباء السلطان – واقصد الخطباء الذين يقرأون خطبة الوزارة من على المنبر – واذهب الى مساجد خطباء يرتجلون خطبهم وفقا لمشاعرهم ورؤاهم ولاحظ الفرق! عند الأول تشعر انك امام موظف يؤدي واجباً وظيفياً.. خطبة بلا روح! وعند الثاني تشعر انك تؤدي عبادة وتستفيد من وقتك، لذلك تجد الحضور هنا بالعشرات وعند الآخر بالآلاف.
عزيزي بونومس..
إيقاف الخطيب عن الخطابة، شكل من أشكال التعسف في العقوبة، ونوع من تكميم الأفواه، ومظهر من مظاهر قمع الرأي الشعبي، خاصة في هذه القضية.. قضية رفع الظلم عن المسلم والدعاء له، وأنا أعلم جيداً انه قرار حكومي قبل ان يصبح قراراً وزارياً، لكنه صار «في وجهك» وأنا متأكد أنك لن تعدم اقناع حكومتك بضرورة العدل عن هذه السياسة التي تراعي فيها حكومتنا طهران اكثر من مراعاتها لدمشق! ولا أظننا في حاجة الى محاباة نظام يتهاوى وفقد شرعيته، ولم يعد يدافع عنه الا وكيل المراجع في الكويت وسمحاته في قم!
الأمل في الله ثم فيك كبير لاعادة النظر بهذا القرار.. وأنا متأكد انك ستسمع من بعض جلسائك من ينفخ بالكير ويحذرك ويزين لك ترهيبا تارة وترغيبا تارة أخرى، لكنك تظل محمد النومس، الذي أعرفه: تفكر بعقلك قبل قلبك، يحفظك المولى ويسدد خطاك.
***
بالأمس، سعد العجمي.. واليوم عثمان الشعلان.. والحبل على الجرار! فهل هذه نهاية تيار أم بداية حركة تصحيحية لتيار ظل لعقود يغرّد خارج سرب توجهات الأمة وعقيدتها؟!
***
أتمنى ونحن نستقبل رمضان ان يرقّق الله قلب الحكومة على «البدون»، الذين لم يجدوا غير بالونات بنصف دينار، للتعبير عن معاناتهم! الله يفرجها عليهم عاجلاً غير آجل.