هاجر صديقي اللبناني سليم وزوجته وولداه في أوائل السبعينات الى استراليا، لم يمكث هناك طويلا، بالرغم من انه حصل على وظيفة مرموقة ذات دخل كبير ومستقبل واعد، وذلك بعد تعرضه لاستجواب مهين من الشرطة وتوبيخ وانذار من المراقبة الاجتماعية في مدرسة ابنائه وتهديد جدي بأخذ أبنائه منه ان تكرر ضربه لهم بسبب شقاوتهم. وأخبرني سليم انه شخصيا مؤمن بأن الضرب أسلوب تربية ناجع، وان والده كان يضربه وهو صغير وهذا جعل منه رجلا، ولكنه قرر العودة للعمل في الكويت بسبب رفضه تدخل سلطات استراليا في طريقة تربية ابنائه، فهو يعتقد ان هذا حق يجب ألا ينازعه عليه أحد! لا أعتقد أن أفكار سليم بقيت كما هي، هذا ان كان لا يزال حيا!
أما صديقي الفلسطيني يونس فقد حصل في اواخر سبعينات القرن الماضي على عمل جيد في هولندا، فهاجر اليها مع زوجته الحامل، مع وعد من صاحب العمل بانه سيحصل على الجنسية خلال ثلاث سنوات! ولكن قبل ان يكمل سنتين هناك، وبعد ان أنجبت له زوجته ولدا وبنتا، اضطر للعودة الى بلدته في الضفة الغربية اثر وفاة والده المفاجئة. ويقول يونس ان رسائل من جهة رسمية في هولندا اصبحت ترده مطالبة اياه بتأكيد قيامه بإعطاء طفليه ما هما بحاجة له من أمصال مضادة لشلل الأطفال وغير ذلك، وكيف انه تجاهلها، فهو، حسب اعتقاده، أدرى بمصلحة ابنيه ولا حق للهولنديين عليه. ولكن بعد فترة وردته رسالة مسجلة من السفارة الهولندية في عمان بالمعنى نفسه، ولكنه تجاهلها مما دفع السفارة لإرسال من يبلغه بصورة نهائية بأن تقاعسه عن اثبات ما يدل على اعطاء اطفاله التطعيم اللازم سيؤدي لسقوط حقهم في المطالبة بالجنسية الهولندية متى ما بلغوا الثامنة عشرة! وهنا رفض يونس تدخل السفارة و«حشريتها» و«قلة أدب» مندوبها واسمعه كلاما قاسيا! وهنا أيضا لا اعتقد ان يونس، ان كان لا يزال حيا، سعيد بقراره ذلك!
أما في 2011/7/24، ونقلا عن الـ«سي.ان.ان»، فقد قام مسلحون في اقليم هلمند بأفغانستان، يعتقد بانهم من طالبان، بشنق طفل لا يتجاوز الثامنة من العمر، بعد ان رفض والده الشرطي الاستجابه لطلبهم بتزويدهم بمركبة عسكرية!!
في الفم ماء، ماء كثير، فأين أنت يا سفير طالبان لتشرح لنا سبب كل هذا التخلف الظالم؟!
أحمد الصراف