ولدت أوبرا وينفري عام 1954 لخادمة وعامل منجم غير متزوجين، وسرعان ما هجر الرجل المرأة فور حملها. بعد الوضع انتقلت الأم للعيش مع أمها، وكانوا فقراء لدرجة أن ملابس أوبرا كانت تحاك من أقمشة أكياس البطاطس الخشنة، ولكن تأثير الجدة عليها كان عظيما، فقد علمتها القراءة وهي في الثالثة، كما كانت تصحبها إلى الكنيسة وتطلب منها حفظ الصلوات والتراتيل وإلقاء الخطب. وعندما بلغت أوبرا السادسة انتقلت بها أمها لميلواكي، وهناك افتقدت حنان جدتها ورعايتها، بعد ان أصبحت وحيدة، لاضطرار أمها للعمل كخادمة، وهذا جعل من أوبرا هدفا سهلا، حيث اعتدى عليها جنسيا قريبها وخالها وصديق للعائلة، وحملت وهي لم تتجاوز الـ14 من العمر، ولكن جنينها مات بعد ولادته مباشرة. أغضب وضعها السيئ والدتها فقامت بارسالها للعيش مع والدها، الذي أصبح الآن يعمل حلاقا. صرامته، التي كانت بحاجة لها، أفادتها كثيرا، وساعدتها في تفتح مواهبها في المدرسة، حيث تم اختيارها كأكثر الفتيات شعبية، كما أصبحت عضوا في فريق الخطابة، وهذا أتاح لها الحصول على منحة جامعية. وفي سن الــ17 فازت بلقب ملكة جمال الفتيات السود لولاية تنيسي، وهذا لفت الانظار إليها فأصبحت مذيعة نشرة اخبار إذاعية في سن مبكرة، وكانت تلك بداية ميلاد نجمة عالمية غير عادية، وخلال سنوات قليلة، وبجهودها الشخصية، تحولت لواحدة من اشهر وأغنى نساء أميركا والعالم. وعندما بدأت برنامجها التلفزيوني الشهير احتلت مركز «بيل كوسبي» كأغنى شخصية سوداء في أميركا، وتجاوزت ملكيتها المليارين ونصف المليار دولار! ولكنها لم تكتف بتنمية الثروة بل بصرفها في أفضل المجالات، حيث اختيرت في 2005، كواحدة من أكثر الشخصيات كرما، حيث صرفت مئات الملايين على مشاريع تعليمية وتنموية للفتيات السود في أميركا وأفريقيا، وعلمت في معاهدها ومدارسها الآلاف، وساعدت في إلهام الكثيرات وتغيير حياتهن للأفضل بتأثيرها الإيجابي الكبير، وأهلها هذا لتكون ملكة على قلوب مئات ملايين المعجبين بها والمحبين لمنجزاتها من الرجال والنساء ومن كل جنس وجنسية. وتقول أوبرا إن لجدتها الفضل الأكبر عليها، وذلك عندما كانت تشجعها على الخطابة في الكنيسة! وعن السر في كيف وصلت لما وصلت إليه واصبحت مليونيرة وهي في الـ 32 بالرغم من تواضع منشئها، قالت إن السر في أنه ليس هناك سر، فمهما كانت أهدافنا فإننا سنصل إليها متى ما توافرت لدينا الرغبة في العمل.
وهكذا نرى أن ما حققته هذه السيدة الكبيرة بشخصيتها والناجحة في عملها والتي بلغت شهرة لم تنلها سيدة اخرى في التاريخ الحديث بفضل أعمالها وادائها وتفوقها وقلبها الكبير المحب للخير يجعلها في الصفوف الأولى من شخصيات التاريخ اللامعة. ويحق لنا بالتالي أن نقول إن العظمة ليست في أن نولد في أسر عظيمة، بل في أن نخلق من بعدنا أسرا عظيمة من خلال ما نتركه خلفنا من أثر كبير وعمل طيب.
أحمد الصراف