منذ أن بدأت حركة الاستحواذ على أموال البترودولارات، قبل ثلاثين عاما، من خلال حركات وجمعيات «الصحوة الدينية»، وكأن المسلمين كانوا نياما طوال 14 قرنا، وأيقظتهم رائحة النفط النفّاذة من سُباتهم الطويل، وهناك تكالب شرس وصراع مكشوف بين المبرات والجمعيات «الخيرية»، التي لا تعدو ان تكون الأذرع المالية للاحزاب السياسية الدينية، على جمع أكبر قدر من المال السهل، خاصة في المناسبات الدينية، والتصرف في تلك الأموال كيف شاءوا، او شاء القائمون عليها! وعلى الرغم من سلامة نية وحرص مسؤولي وزارة الشؤون – وهذا يخالف الصورة السابقة عنهم – على ضبط عملية الجمع ووضع القواعد لها، فإن «الخيريات والمبرات» كانت دائما تنجح في الالتفاف على تلك القوانين ورفض التقيد بها، سنة بعد اخرى، من خلال ارتكاب مئات المخالفات التي تكفي واحدة منها لإلغاء ترخيص الجمعية، لتتدخل جهة في السلطة – وغالبا من رئاسة الوزارة – وتطلب اسقاط التهم مقابل تعهد الجهات المخالفة بعدم تكرار المخالفات في السنة التالية! وليتكرر مسلسل «لحس التعهدات» في السنة التالية ويتكرر التدخل، وهكذا في لعبة مملة وسمجة ومخالفة لكل أقوال وتعهدات الحكومات محليا وللجهات الدولية والأميركية المناهضة، والادعاء بأن الأمور «تحت السيطرة»!
إن هذه المخالفات الجسيمة، التي يبدو انها لن تنتهي بسهولة، لكل التعليمات يجب ألا تستمر إلى ما لا نهاية، ويجب على الحكومة ان تبين جديتها، خاصة أنها عاجزة تماما عن معرفة الكيفية التي تتصرف الجمعيات والمبرات «الخيرية» بما تحت ايديها من أموال.
فهل سنرى في بداية رمضان المقبل بداية النهاية لفوضى جمع التبرعات، ولحركة التسول التي وكأنها تدار من قبل مافيات، أو مؤسسات جريمة منظمة؟
نتمنى ذلك، فقد تعبت نفوسنا من كل هذا التسيب في كل مرفق وزاوية!
أحمد الصراف