احتلت القوات الأميركية والروسية كوريا بعد الحرب العالمية الثانية إثر انتصارها على اليابان، التي احتلت كوريا في القرن 19 وأذلت شعبها. قسّمها الحلفاء الى دولتين. اشتق اسم كوريا من أسرة Goryeo التي حكمتها من 918 وحتى 1392 وحدثتها وطورت قوانينها بشكل كبير، وخلال القرن 13 تم اختراع أول آلة طابعة معدنية في التاريخ. بعدها سيطر المغول على البلاد إلى أن قام الجنرال Yi Seong-gye بتأسيس دولته التي استمرت أسرته في حكمها حتى 1910، وخلال تلك الفترة تبنت الكونفشيوسية على حساب الديانة البوذية، وانتهى حكمها بالاحتلال الياباني الذي قتل آلاف المتظاهرين وثبت احتلاله حتى تحررت كوريا بعد انتهاء الحرب الثانية. خلال تلك الفترة قامت اليابان بترحيل خمسة ملايين كوري للعمل في حقولها ومصانعها بنظام السخرة، ولقي أكثر من 400 ألف حتفهم نتيجة ذلك وفي عمليات حربية. كما تم تشغيل ما يقارب 200 ألف امرأة كورية، قبل الحرب الثانية وخلالها، في مهام الترفيه جنسيا عن الجنود، وقد اعترفت اليابان عام 1993 بجرائمها وعوضت أسر الضحايا. وخلال الاحتلال الياباني تأثرت اللغة الكورية كثيرا، وأجبر الشعب على تبني أسماء يابانية، وعانت الثقافة بشكل واضح، وبذلت جهود ضخمة لمسح هوية البلاد، وتم تحطيم وسرقة الكثير من رموزها الفنية وآثارها.
في يونيو 1950 قامت قوات كوريا الشمالية، بدعم سوفيتي، بغزو الجنوبية، ولكن الحرب انتهت بعد 3 سنوات، من دون أن يحقق أي طرف انتصارا ساحقا على الآخر. وبدأت نهضة كوريا الجنوبية مع بداية ستينات القرن الماضي، بعد أن وصلت أوضاعها الى الحضيض، وأصبحت خلال سنوات قليلة من نمور آسيا ومنافسة لسنغافورة وتايوان وهونغ كونغ، حدث ذلك بالرغم من عدم تمتعها بالعنصر او التأثير الثقافي الصيني. وفي فترة التحول الكبيرة هذه في كوريا الجنوبية تخلفت الشمالية في كل مجال، ويقال إن أكثر من ثلاثة ملايين كوري شمالي لقوا حتفهم جوعا في الفترة نفسها.
لقد زرت كوريا وأعجبت كثيرا بما حققته، وكنت ولا أزال أتساءل عن سبب نجاح هذا الشعب، المنسي تاريخيا والموجود على الهامش، والذي تعرض لشتى صنوف الاحتلال والقهر، والذي لم يدع يوما انه يمتلك الحضارات والانهار والديانات والرسالات، بشكل كبير في كل مجال تقريبا، وبشكل لافت، وكيف استطاعت كوريا خلال نصف قرن أن تصبح قوة اقتصادية وتحقق معدلات نمو مستمرة وغير مسبوقة، وتنجح في تجنب الدكتاتورية، وأن يصبح اسمها على اي منتج دليل مصدر كفاءة وقوة. كما اصبح لشركاتها الإنشائية الفضل الأكبر في بناء مئات المشاريع الضخمة في كل أنحاء العالم.
الجواب معروف ويسمع طنينه في الأذن، ولكن في الفم ماء كثير!!
أحمد الصراف