حاجة الكويت لمشروع مماثل لــ«خطة مارشال» لا تقل عن حاجة أوروبا لها قبل 60 عاما، وذلك، كما سبق وذكرنا، بسبب الوضع المتردي الذي وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية والإدارية في البلاد وعجز أجهزة الدولة شبه التام في الاستفادة من الفوائض المالية. وبالتالي يمكن النظر لاختيار السيد عبدالوهاب الهارون، لإدارة ملف الخطة كأمل أخير، فقدرات الرجل وخبراته تجعله واحدا من اكثر المؤهلين للمهمة، ولكن حجم التحديات التي تواجهه ليست بالهينة، كما أنه يعلم بأن المشكلة لم تكن يوما في الأشخاص بقدر ما كانت ولا تزال في النهج! يمكن القول إن الوزير الجديد تواجهه جملة تحديات منها: أولا: صعوبة ضمان الدعم غير المشروط والسريع من جميع الفرقاء الحكوميين للمتطلبات اللوجستية للخطة، ثانيا: القيود الإدارية المعيقة لإطلاق يد الوزير في إصلاح جهاز وزارة التنمية والتخطيط. فقد أهمل هذا المرفق طوال عقود، وحالة الاحباط التي تسود كل قطاعاته، نتيجة التعيينات العشوائية في أجهزته، أمر لا يمكن تجاهله! ثالثا: نقص التشريعات واللوائح والقرارات الوزارية المتعلقة بتنفيذ سياسات الخطة وأهدافها. رابعا: صعوبة متابعة برامج خطة التنمية، لاسيما تلك المتعلقة برفع مستوى التعليم والخدمات الطبية والتنمية الإدارية، ومستوى عطاء الموظف، والموازنة بين التوظيف في سوقي العمل الخاص والعام، ومعالجة الاختلال الحاصل في التركيبة السكانية، وتنفيذ كل ذلك ضمن فترة قصيرة نسبيا، وهي الحيوية لضمان نجاح الخطة. خامسا: ضرورة إعادة النظر في القوانين المعيقة للتنمية كالـ «بي. أو. تي»، وقانون الشركات، وقانون تشجيع المستثمر المحلي والأجنبي.
على الرغم من صعوبة مثل هذه التحديات فانه ليس من المستحيل التغلب عليها شريطة توافر عاملين اثنين:
أولا: الوقت، ليس هناك ضمان بأن السيد الهارون سيستمر وزيرا للتنمية للسنوات الأربع المقبلة، وهي الفترة المطلوبة لظهور أولى نتائج تطبيع الخطة، وقدوم غيره قد يعيد الأمور للمربع الأول.
ثانيا: دعم السلطة، وليس الحكومة فقط، غير المحدود للوزير لتجنيبه، قدر الإمكان، الخضوع للضغوط النيابية فيما يتعلق بالتعيينات، فبغير ذلك ستفشل الخطة لا محالة.
هنا نعتقد أن الوزير الهارون سيدخل تاريخ الكويت السياسي إما كأسرع الوزراء استقالة، أو أن يصبح اسمه مقترنا إلى الأبد بأكثر خطط التنمية طموحا في تاريخ الكويت!
أحمد الصراف