هكذا هم المحبون، وهكذا هو الحب، عطاء لا مقابل له… وليس بين العاشقين «بارد حيل» ولا «نذل» ولا «تربية ماما»، كل العاشقين من النخبة، إن كان ابن بدوية يجرّ بعيره في الصحراء، أو كان ابن شقراء عطراء، واسألوا «نمر بن عدوان» واسألوا «داوسون» عاشق تايتانيك، بل واسألوا الأم التي تحتضن جنينها… وكم ودّ المحب لو دشّن طريقاً سريعاً من جيبه إلى جيب محبوبته، وكم تمنى أن يقطع من جسمه ليعطيها فيرضيها.
هي قاعدة: «من يسرق أموال محبوبته لا يحبها»، واستناداً إلى هذه القاعدة أقول إن «الذي يسرق الوطن لا يحبه»، لو كان يحبه لأعطاه ولم يسرقه، فلا يمكن أن نتخيل أن قيس بن الملوح كان يمد يده إلى جيب ليلى العامرية، ولا عنترة العبسي كان يستغل عبلة بنت مالك، ولا كان داوسون يستثمر حب روز له، ولا ولا ولا، ليش؟ لأن هؤلاء يعشقون بصدق.
وكنا في أيام المراهقة، وكان أحد الأصدقاء من ذوي الوسامة و«الضميرلس» على علاقة ببنت أحد متوسطي الثراء، وكان يتصنع حبها كي «يأكل حصادها»، فصدقته وأمرت غيماتها بأن تمطر عليه، واقتنت له سيارة وهاتفاً نقالاً، في وقت كان فيه من يملك الهاتف يشار إليه بالبنان والذهول، وتكفلت بمصاريفه في حله وترحاله، وفوق كل ذا كان يستعرض كرمه وبذخه من جيبها، وعاش على ظهرها طفيلياً عيشة السلطان حسن بلقيه وأغاخان.
ودارت الأيام على حل شعرها، وانقلب صاحبنا الطفيلي إلى محب صادق، وعاد الضمير الغائب إليه، فتوقف عن استغلال «موارد» حبيبته وأصبح هو من يعطي رغم «قحْطه». ليش؟ لأنه حب، والحب عطاء.
وخذ قاعدة أخرى «من يستغل أموال أبناء وطنه لا يحبهم»، ولولا الحياء لقلت إنه «يكرههم»، واستناداً إلى هذه القاعدة أقول إن «من يرفع أسعار السلع بجشع يكره أبناء وطنه»… هذه حقيقة مهما حاول الإعلام المزور تغطيتها وإخفاءها تحت بطانية في السرداب.
لذا، وكي تعرف من يحب الوطن ومن يكرهه، ومن يحب أبناء الوطن ويكرههم، ما عليك إلا أن تحمل ورقة وقلماً وتسجل أسماء الطفيليات التي تقتات على رفع الأسعار أو على أملاك الدولة، وأسماء من اعتاد التصدي لهم فشوهوا، أو حاولوا تشويه، وجه تاريخه السياسي بماء النار لكن مساعيهم تصطدم بجدران عشاق الوطن.
سلامنا عليك يا دولة الرئيس أحمد السعدون… سلامنا عليك يا عاشق الوطن.