كنت في منتصف السبعينات أُكثر من زيارة «ضيعة» أنسبائي في لبنان، وكنت كثيرا ما أصادف هناك عدداً من المغتربين، السابقين، أو العائدين في إجازة من افريقيا أو اميركا الجنوبية. وكنت ألاحظ أن صحة نسبة كبيرة منهم لم تكن على ما يرام، فبعد سنوات طويلة من الكد والجد والعمل في أجواء غير عادية، وجد غالبيتهم أن عليهم صرف الكثير مما جنوه من مال على ما فقدوه من صحة، وهم مشغولون بجني المال، وتذكرت حالهم تلك عندما قرأت قبل أيام الحكمة التي تقول إننا عندما نكون شباباً نستخدم صحتنا للبحث عن المال، وعندما نكبر نعيد شراء صحتنا بما حققناه من مال، وغالبا ما يكون الوقت قد تأخر كثيرا للقيام بذلك، وهذا صحيح غالبا! كما أن المال الذي بحوزتنا ليس لنا إلا أن نقوم بالتصرف فيه، ولكن إن قمنا بذلك أصبح ملك الغير، فالسعادة لا تكمن في ما نملك من مال، بل بقلة متطلباتنا واحتياجاتنا من الحياة. وفي هذا الصدد يقول حكيم هندي إن الإنسان يحتاج مع المال إلى الوقت، فهما العاملان المهمان في الحياة، فمن دون المال لا تستطيع العيش براحة نسبية، ولكن من دون الوقت لا تستطيع الاستمتاع بصرف المال.
ومن أقوال «بوذا»: إن كنت على حق فلا حاجة لأن تستشيط غضبا، وإن كنت على خطأ فلا حق معك لأن تغضب! وإن علينا ألاّ نفكر كثيرا في أحزان مضت، فقد تدمع العين على ذلك، ولا أن نفكر كثيرا في ما يخفيه المستقبل، فقد يجعلنا ذلك كثيري الخوف منه، وأن نعيش اللحظة ونبتسم، فهذا كفيل بأن يجلب السرور إلى قلوبنا.
وتقول حكمة هندية جميلة إن الفراغات بين أصابعنا وُجدت لكي يقوم من نحب بملئها بأصابعه عندما تتشابك أيدينا معا، فلا تنس أن تشبك أصابعك بحنان، بأصابع من تحب.
أحمد الصراف