تعمل بروني وير Bronnie Ware ممرضة في احد مصحات كبار السن. وخلال عملها قامت بتدوين مشاعر ورغبات أولئك الذين كانوا على فراش الموت، ووجدت أن غالبيتهم تحسروا على عدم فعل أو القيام بأمر من الأمور الخمسة التالية، والتي لسبب أو لآخر لم يستطيعوا تحقيقها: أولا: يا ليت كانت لدينا الشجاعة لأن نعيش الحياة التي كنا نرغب فيها ونحبها، وليست الحياة التي أرادها لنا الآخرون! وهذا صحيح إلى حد كبير، وربما ينطبق الأمر على النساء، في منطقتنا بالذات، أكثر منه على الرجال.
ثانيا: أتمنى لو أنني لم اعمل بكل تلك الجدية طوال حياتي! وهذه ربما تنطبق على الرجال أكثر، وليس في منطقتنا غالبا. ويقول هؤلاء ان انشغالهم بالعمل أفقدهم متعة الاستمتاع بطفولتهم، أو برفقة شركاء حياتهم من خلال قضاء وقت أقل في المكتب أو الورشة. وتحقيق هذه الأمنية ليس بالأمر الصعب متى ما علمنا أن المال الذي نتعب في الحصول عليه هو غالبا أكثر مما نحن بحاجة اليه! وثالث الأمنيات، التي فات الوقت لتحقيقها على من كانوا على فراش الموت: يا ليت كنت أمتلك الشجاعة في التعبير عن حقيقة مشاعري! وهذه تنطبق على الجنسين، وفي أي مجتمع كان. فنحن غالبا ما نلجأ لهذا الأسلوب لكي نحتفظ بعلاقتنا «الطيبة» مع الآخرين، ولكن لو علمنا بفوائد مصارحة الآخر بحقيقة مشاعرنا لما تردد الكثيرون منا في ذلك، وليزعل من يزعل!
ورابع الأمنيات: ياليتني احتفظت باتصالاتي وعلاقاتي مع اصدقائي! وهذه تصبح أكثر أهمية مع التقدم في العمر، فنحن عادة لا نقدر قيمة الأصدقاء إلا بعد فقدهم، بالبعد أو الموت أو الخلاف، فالحياة غالبا ما تجرفنا عنهم، وفي آخر ايامنا نصبح أحوج ما نكون للاصدقاء والمحبين. أما الأمنية الخامسة فهي: يا ليتني كنت أكثر مرحا في حياتي واقل جدية! وهذه عادة ما يكتشف أهميتها من قضى حياته متجهما، مقطب الجبين، دائم العبوس والجدية، ولم يكسب غير بعد الناس عنه.
والآن، طالما أن هناك متسعاً من الوقت لدينا، فهل لدينا الشجاعة لتقليل «آهات وحسرات» ما قبل الموت، ومحاولة الاستمتاع بملذات الحياة ومسراتها بقدر ما نستطيع، إن لم يكن بالإمكان، «حتى الثمالة»؟
أحمد الصراف