ضج عدد من الكتاب الغربيين إزاء الجريمة البشعة للنازي النرويجي «أندري بريفك» بعد تفجير أوسلو وقتله للعشرات من الشباب في معسكر تابع لحزب العمل النرويجي. خوف هؤلاء الكتاب الإنسانيين وشجبهم للجريمة نابع من خشيتهم على مصير التعددية الاجتماعية في النرويج وفي أوروبا عموماً، فالمتهم لم يُخفِ شعوره بكراهيته العميقة للمسلمين المهاجرين، وخشيته من تشويه «ثقافتهم الدخيلة» للثقافة الأوروبية… تلك المشاعر العدائية ليست قاصرة على هذا الجاني، وما يخشاه هؤلاء الكتاب أصحاب الضمير أن يشارك الكثيرون في أوروبا بريفك مثل تلك المشاعر، فشويب سلطان السكرتير العام السابق للمجلس الإسلامي في النرويج، كتب في «فورن افيرز» إن عدد المسلمين في النرويج يقارب المئة ألف وهناك مئة مسجد في النرويج، ورغم التسامح الكبير للنرويجيين هناك فإن نمو عدد المسلمين وشيوع عاداتهم مثل ختان الأطفال وطريقة الذبح للبهائم والحجاب ولّدت مشاعر القلق لدى النرويجيين، وبرزت أصوات ماكرة في الإعلام تحذر من المسلمين، إلا أن المؤسسة السياسية في النرويج تفعل الكثير لتنمية الحوار الثقافي بين المسلمين النرويجيين وغيرهم.
الكاتب النرويجي «اسلاك مايير» في «واشنغتون بوست» أعلن سخطه الشديد على مشاعر الكراهية نحو المسلمين كما تجلت في جريمة بريفك، ويرى أن ظاهرة «إسلامفوبيا» لم تكن معروفة قبل ثلاثين عاماً، فهو يذكر أن المدرسين الذين تعلم منهم في طفولته كانوا شديدي العقاب لأي مظهر من مظاهر الكراهية للغير، فلم يكن يسمح لأحد أن يقول إن السود أغبياء وإن المسلمين قتلة وإن البيض أكثر رقياً من غيرهم، إلا أن تغيرات كثيرة طرأت علي النرويج في السنوات الاخيرة بعد أحداث 11 سبتمبر ومشاركة النرويج في حرب الخليج الثانية وحرب أفغانستان، لكن رغم كل ذلك فالنرويج لم تفقد «براءتها» من التعصب العرقي والديني، وجرائم «بريفك» يتحملها مرتكبها وحده، لكن في الوقت ذاته هناك واجب على النرويجيين لتعميق الحوار الثقافي بينهم، فليس مقبولاً تمييز الناس على أساس «نحن» و»هم». (انتهى الاقتباس من اسلاك).
تقسيم البشر بين «نحن» و»هم» هو المصيبة الآن، فأصحاب الفكر الديني المتشدد والقوميات المتعصبة هم سادة هذا التقسيم بين البشر، وليس «بريفك» إلا نسخة مسيحية من بن لادن والظواهري وأتباعهما، وهناك نسخ مماثلة ليهود متعصبين، الفرق في النهاية أن ثقافة التسامح هناك تقف حائلاً دون تمدد تيار التعصب الديني والقومي وفلسفة «نحن وهم» البغيضة، ولديهم المؤسسات الثقافية الراسخة لمحاربة جنون «نحن وهم»، بينما ليس لدينا مثل تراثهم ولا مؤسساتهم حتى الآن، فهناك مئة مسجد في النرويج، بينما هنا تبقى قضية السماح ببناء كنيسة يتيمة للأقباط تائهة في أضابير المجلس البلدي ووزارة الأوقاف…!
الشهر: يوليو 2011
همسة في أذن ابن عمي
عزيزي أبونومس..
لا أعتقد انه يجب النظر الى وظيفة خطيب الجمعة كأي وظيفة حكومية أخرى يلتزم صاحبها بالانصياع التام لأوامر مسؤوليه وينفذ السياسة العامة للدولة ويعبر عن توجهاتها!
قد أطلب ذلك من الوزراء والوكلاء وكل من ينطق باسم الحكومة، كالسفراء ووكالة الانباء الرسمية وغير ذلك من المنابر والمناصب الرسمية! أما خطيب الجمعة فهذه وظيفة شرعية ودعوية قبل ان تكون رسمية خاصة ان معظم من تم ايقافهم لا يتقاضون رواتب من الدولة على أداء خطبة الجمعة! ومتى ما كان الخطيب ملتزماً بتوجهات الدولة وسياساتها الخارجية أصبحت الخطبة مملة ومكررة وفقدت بريقها ولم تعد وسيلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولو أردنا للخطيب ان يلتزم بسياسة الحكومة فعليه ان يراعي أموراً كثيرة وتدخل المحاباة وتقدير المصالح والمجاملات والنفاق السياسي في خطبته، فهل تسمى هذه خطبة صلاة جمعة؟ اذهب الى مساجد خطباء السلطان – واقصد الخطباء الذين يقرأون خطبة الوزارة من على المنبر – واذهب الى مساجد خطباء يرتجلون خطبهم وفقا لمشاعرهم ورؤاهم ولاحظ الفرق! عند الأول تشعر انك امام موظف يؤدي واجباً وظيفياً.. خطبة بلا روح! وعند الثاني تشعر انك تؤدي عبادة وتستفيد من وقتك، لذلك تجد الحضور هنا بالعشرات وعند الآخر بالآلاف.
عزيزي بونومس..
إيقاف الخطيب عن الخطابة، شكل من أشكال التعسف في العقوبة، ونوع من تكميم الأفواه، ومظهر من مظاهر قمع الرأي الشعبي، خاصة في هذه القضية.. قضية رفع الظلم عن المسلم والدعاء له، وأنا أعلم جيداً انه قرار حكومي قبل ان يصبح قراراً وزارياً، لكنه صار «في وجهك» وأنا متأكد أنك لن تعدم اقناع حكومتك بضرورة العدل عن هذه السياسة التي تراعي فيها حكومتنا طهران اكثر من مراعاتها لدمشق! ولا أظننا في حاجة الى محاباة نظام يتهاوى وفقد شرعيته، ولم يعد يدافع عنه الا وكيل المراجع في الكويت وسمحاته في قم!
الأمل في الله ثم فيك كبير لاعادة النظر بهذا القرار.. وأنا متأكد انك ستسمع من بعض جلسائك من ينفخ بالكير ويحذرك ويزين لك ترهيبا تارة وترغيبا تارة أخرى، لكنك تظل محمد النومس، الذي أعرفه: تفكر بعقلك قبل قلبك، يحفظك المولى ويسدد خطاك.
***
بالأمس، سعد العجمي.. واليوم عثمان الشعلان.. والحبل على الجرار! فهل هذه نهاية تيار أم بداية حركة تصحيحية لتيار ظل لعقود يغرّد خارج سرب توجهات الأمة وعقيدتها؟!
***
أتمنى ونحن نستقبل رمضان ان يرقّق الله قلب الحكومة على «البدون»، الذين لم يجدوا غير بالونات بنصف دينار، للتعبير عن معاناتهم! الله يفرجها عليهم عاجلاً غير آجل.
طفولتنا وطفولتهم
هاجر صديقي اللبناني سليم وزوجته وولداه في أوائل السبعينات الى استراليا، لم يمكث هناك طويلا، بالرغم من انه حصل على وظيفة مرموقة ذات دخل كبير ومستقبل واعد، وذلك بعد تعرضه لاستجواب مهين من الشرطة وتوبيخ وانذار من المراقبة الاجتماعية في مدرسة ابنائه وتهديد جدي بأخذ أبنائه منه ان تكرر ضربه لهم بسبب شقاوتهم. وأخبرني سليم انه شخصيا مؤمن بأن الضرب أسلوب تربية ناجع، وان والده كان يضربه وهو صغير وهذا جعل منه رجلا، ولكنه قرر العودة للعمل في الكويت بسبب رفضه تدخل سلطات استراليا في طريقة تربية ابنائه، فهو يعتقد ان هذا حق يجب ألا ينازعه عليه أحد! لا أعتقد أن أفكار سليم بقيت كما هي، هذا ان كان لا يزال حيا!
أما صديقي الفلسطيني يونس فقد حصل في اواخر سبعينات القرن الماضي على عمل جيد في هولندا، فهاجر اليها مع زوجته الحامل، مع وعد من صاحب العمل بانه سيحصل على الجنسية خلال ثلاث سنوات! ولكن قبل ان يكمل سنتين هناك، وبعد ان أنجبت له زوجته ولدا وبنتا، اضطر للعودة الى بلدته في الضفة الغربية اثر وفاة والده المفاجئة. ويقول يونس ان رسائل من جهة رسمية في هولندا اصبحت ترده مطالبة اياه بتأكيد قيامه بإعطاء طفليه ما هما بحاجة له من أمصال مضادة لشلل الأطفال وغير ذلك، وكيف انه تجاهلها، فهو، حسب اعتقاده، أدرى بمصلحة ابنيه ولا حق للهولنديين عليه. ولكن بعد فترة وردته رسالة مسجلة من السفارة الهولندية في عمان بالمعنى نفسه، ولكنه تجاهلها مما دفع السفارة لإرسال من يبلغه بصورة نهائية بأن تقاعسه عن اثبات ما يدل على اعطاء اطفاله التطعيم اللازم سيؤدي لسقوط حقهم في المطالبة بالجنسية الهولندية متى ما بلغوا الثامنة عشرة! وهنا رفض يونس تدخل السفارة و«حشريتها» و«قلة أدب» مندوبها واسمعه كلاما قاسيا! وهنا أيضا لا اعتقد ان يونس، ان كان لا يزال حيا، سعيد بقراره ذلك!
أما في 2011/7/24، ونقلا عن الـ«سي.ان.ان»، فقد قام مسلحون في اقليم هلمند بأفغانستان، يعتقد بانهم من طالبان، بشنق طفل لا يتجاوز الثامنة من العمر، بعد ان رفض والده الشرطي الاستجابه لطلبهم بتزويدهم بمركبة عسكرية!!
في الفم ماء، ماء كثير، فأين أنت يا سفير طالبان لتشرح لنا سبب كل هذا التخلف الظالم؟!
أحمد الصراف
وحوش جنسية!
لا تتعلق مسألة منع اختلاط الطلاب والطالبات في المدارس والمعاهد والجامعات بكونها مشكلة ترتبط بنقص القدرة الاستيعابية أو عدم كفاية الهيئة التدريسية في المؤسسات التعليمية، وهي المشكلة التي تحاول الجهات المعنية حلها بصورة مؤقتة ومشوهة، ولا يعرف كيف ستتعامل معها في السنوات المقبلة، بل بكونها مشكلة ذات ابعاد اجتماعية وأخلاقية خطيرة وسيئة، وهو ما سعى من أقروا القانون لترسيخه في أذهان الجميع، خاصة الشباب! فهدف هذا القانون المسخ، على مدى سنوات الدراسة، ترسيخ فكرة، أو بالأحرى مبدأ، صوابية فصل الجنسين عن بعضهما وجعله يبدو طبيعيا، وان وجود الجنسين معا مخالف للطبيعة وشر أخلاقي كبير، وان الأصل هو في الفصل في كل مجال، حتى ولو كان مختبرا طبيا. كما أن القانون وممارسته يرسخان فكرة أن من يخالف قانون منع الاختلاط مفسد وشيطان، وإن كان رجلا فهو وحش جنسي. وتمكن ملاحظة مدى هوس الجهات المتخلفة في ترسيخ «مبدأ المنع» في الطريقة التي كتبت فيها لافتات «ممنوع الدخول» البات والتام لكل جنس في قاعات دراسة وكليات الجنس الآخر، وليشمل الحظر حتى المدرسين والمدرسات، ومن حملة الدكتوراه، ولو تجاوزوا السبعين من العمر! فهؤلاء، وفق ما تبينه أوامر المنع، يمثلون خطرا «جنسيا» بعضهم على بعض داخل الصفوف والممرات الدراسية وخارجها، وبالتالي ليست لهذه المباني – في عرف من أجاز القانون – أي حرمة، كما يفترض، وخلق هذا الشعور بالدونية عند كل طرف، لكونه خطرا على الجنس الآخر، سينتقل مع كل طالب وطالبة لما بعد مرحلة الدراسة ويتكرس بالممارسة العملية وليستمر الفصل ويشمل كل مرافق الحياة، وهنا مكمن الخطورة وهدف من شرع القانون.
إن الحكومة مطالبة، وليس في ذلك ما يشين، بتقديم مرسوم بقانون يجيز الاختلاط ويلغي القانون السابق، وليأت مجلس الأمة في دورته المقبلة ويختار إما قبول المرسوم واما رفضه، فهناك على الأقل فرصة %50 في أن يمر، خاصة إذا ما سبقته تحركات حكومية ونيابية وطنية تعمل على إزالة هذا العار من جبين ابنائنا وبناتنا، والذي يخلق صورة مشوهة لكل جنس في ذهن الجنس الآخر وفكره.
أحمد الصراف
قصة سيدة كبيرة
ولدت أوبرا وينفري عام 1954 لخادمة وعامل منجم غير متزوجين، وسرعان ما هجر الرجل المرأة فور حملها. بعد الوضع انتقلت الأم للعيش مع أمها، وكانوا فقراء لدرجة أن ملابس أوبرا كانت تحاك من أقمشة أكياس البطاطس الخشنة، ولكن تأثير الجدة عليها كان عظيما، فقد علمتها القراءة وهي في الثالثة، كما كانت تصحبها إلى الكنيسة وتطلب منها حفظ الصلوات والتراتيل وإلقاء الخطب. وعندما بلغت أوبرا السادسة انتقلت بها أمها لميلواكي، وهناك افتقدت حنان جدتها ورعايتها، بعد ان أصبحت وحيدة، لاضطرار أمها للعمل كخادمة، وهذا جعل من أوبرا هدفا سهلا، حيث اعتدى عليها جنسيا قريبها وخالها وصديق للعائلة، وحملت وهي لم تتجاوز الـ14 من العمر، ولكن جنينها مات بعد ولادته مباشرة. أغضب وضعها السيئ والدتها فقامت بارسالها للعيش مع والدها، الذي أصبح الآن يعمل حلاقا. صرامته، التي كانت بحاجة لها، أفادتها كثيرا، وساعدتها في تفتح مواهبها في المدرسة، حيث تم اختيارها كأكثر الفتيات شعبية، كما أصبحت عضوا في فريق الخطابة، وهذا أتاح لها الحصول على منحة جامعية. وفي سن الــ17 فازت بلقب ملكة جمال الفتيات السود لولاية تنيسي، وهذا لفت الانظار إليها فأصبحت مذيعة نشرة اخبار إذاعية في سن مبكرة، وكانت تلك بداية ميلاد نجمة عالمية غير عادية، وخلال سنوات قليلة، وبجهودها الشخصية، تحولت لواحدة من اشهر وأغنى نساء أميركا والعالم. وعندما بدأت برنامجها التلفزيوني الشهير احتلت مركز «بيل كوسبي» كأغنى شخصية سوداء في أميركا، وتجاوزت ملكيتها المليارين ونصف المليار دولار! ولكنها لم تكتف بتنمية الثروة بل بصرفها في أفضل المجالات، حيث اختيرت في 2005، كواحدة من أكثر الشخصيات كرما، حيث صرفت مئات الملايين على مشاريع تعليمية وتنموية للفتيات السود في أميركا وأفريقيا، وعلمت في معاهدها ومدارسها الآلاف، وساعدت في إلهام الكثيرات وتغيير حياتهن للأفضل بتأثيرها الإيجابي الكبير، وأهلها هذا لتكون ملكة على قلوب مئات ملايين المعجبين بها والمحبين لمنجزاتها من الرجال والنساء ومن كل جنس وجنسية. وتقول أوبرا إن لجدتها الفضل الأكبر عليها، وذلك عندما كانت تشجعها على الخطابة في الكنيسة! وعن السر في كيف وصلت لما وصلت إليه واصبحت مليونيرة وهي في الـ 32 بالرغم من تواضع منشئها، قالت إن السر في أنه ليس هناك سر، فمهما كانت أهدافنا فإننا سنصل إليها متى ما توافرت لدينا الرغبة في العمل.
وهكذا نرى أن ما حققته هذه السيدة الكبيرة بشخصيتها والناجحة في عملها والتي بلغت شهرة لم تنلها سيدة اخرى في التاريخ الحديث بفضل أعمالها وادائها وتفوقها وقلبها الكبير المحب للخير يجعلها في الصفوف الأولى من شخصيات التاريخ اللامعة. ويحق لنا بالتالي أن نقول إن العظمة ليست في أن نولد في أسر عظيمة، بل في أن نخلق من بعدنا أسرا عظيمة من خلال ما نتركه خلفنا من أثر كبير وعمل طيب.
أحمد الصراف
وصاية أسيل
عندما ضجر الناس من كتلة العمل الوطني بسبب صفقاتها المكشوفة وغير المكشوفة مع الحكومة.. وبدأ الكُتّاب يتحدثون بوضوح عن تاريخ هذا التيار، الذي تميز منذ عقود بعقد مثل هذا النوع من الصفقات مقابل تحالف «شاهر ظاهر» مع الحكومة ومواقفها، أقول عندما ضج الناس من تغليب المصلحة الحزبية أحيانا والاقتصادية احيانا اخرى على المصلحة العامة، انزعج رموز هذا التيار وبدأوا يبحثون عن الأعذار الواهية ويطرحون قضايا عل وعسى أن تشغل الناس عن هذه الفضيحة التي أحرجتهم أمام جمهورهم. أما نحن فلم نستغرب مثل هذه المواقف النفعية والتي حاولوا الصاقها بالتيار الاسلامي منذ عقود من الزمان، ولكن في كل مرة يكشف الله عز وجل زيف اتهامهم ويثبت للناس أنهم أصحاب شعارات فقط لا روح فيها ولا فتات ولا واقع لها، ولعل آخر فضائحهم التصرف الذي تعاملوا فيه مع الكاتب الزميل سعد العجمي، والذي قد نختلف معه في بعض أفكاره، لكننا لا نغلب المصلحة على المبدأ، وهذا ما تعاملت به صحيفة محسوبة على هذا التيار عندما رفضت نشر مقال له فقط لأنه انتقد التيار الوطني وكشف زيفه.
النائبة أسيل العوضي وصفت المطالبين باستمرار منع الاختلاط في الجامعة بأنهم «يريدون أن يكونوا أوصياء على الناس»! وسؤالي بكل بساطة: من هو الذي يريد أن يكون وصيا على الناس هل هو من يطالب باحترام القانون والالتزام بتطبيقه؟ أم من يريد الغاء القانون وفرض واقع جديد على الناس؟!
أنا أعلم جيدا أن صدور هذا القانون قبل سنوات عدة أوقف مشاريع كثيرة للتيار الليبرالي الذي كان ولا يزال مسيطرا على العملية التربوية والتعليمية منذ عقود طويلة وكلها مشاريع تغريبية تلغي أي شكل من أشكال الانتماء الحضاري للأمة وتاريخها وثوابتها التي تفرضها عقيدتها الاسلامية، لذلك لن يهدأ لهم بال حتى يلغوا هذا القانون، وأعتقد أنه قد حان الوقت للتفكير الجدي في تطبيق روح هذا القانون وبنوده المجمدة منذ صدوره حتى لا نعطي فرصة لأسيل وأمثالها ليكونوا أوصياء على الناس!
شكرا لسمو الأمير على تبرعه السخي لاخواننا في الصومال. والشكر موصول للهيئة الخيرية الاسلامية العالمية وقياداتها على ادارة هذه الأزمة باقتدار فهذا هو الدور الحقيقي لهذه الهيئة الرائدة فهي الوجه المشرق للكويت في مختلف بقاع الأرض وهي السفير المشرّف لأهل الكويت في كل ميدان.
بالمناسبة أذكر في التسعينات عندما أردنا انشاء الهيئة بمرسوم في الكويت حاول التيار اياه عرقلة انشائها بحجة أنها ستكون مركزا للارهابيين ولأنها حجج كشفها وتعود عليها نواب الأمة فقد كانت نتيجة التصويت موافقة ستين نائبا واعتراض ثلاثة نواب يمثلون التيار اللي ما عنده شغل غير التشكيك في كل عمل خيري.
الخير في رمضان المقبل
منذ أن بدأت حركة الاستحواذ على أموال البترودولارات، قبل ثلاثين عاما، من خلال حركات وجمعيات «الصحوة الدينية»، وكأن المسلمين كانوا نياما طوال 14 قرنا، وأيقظتهم رائحة النفط النفّاذة من سُباتهم الطويل، وهناك تكالب شرس وصراع مكشوف بين المبرات والجمعيات «الخيرية»، التي لا تعدو ان تكون الأذرع المالية للاحزاب السياسية الدينية، على جمع أكبر قدر من المال السهل، خاصة في المناسبات الدينية، والتصرف في تلك الأموال كيف شاءوا، او شاء القائمون عليها! وعلى الرغم من سلامة نية وحرص مسؤولي وزارة الشؤون – وهذا يخالف الصورة السابقة عنهم – على ضبط عملية الجمع ووضع القواعد لها، فإن «الخيريات والمبرات» كانت دائما تنجح في الالتفاف على تلك القوانين ورفض التقيد بها، سنة بعد اخرى، من خلال ارتكاب مئات المخالفات التي تكفي واحدة منها لإلغاء ترخيص الجمعية، لتتدخل جهة في السلطة – وغالبا من رئاسة الوزارة – وتطلب اسقاط التهم مقابل تعهد الجهات المخالفة بعدم تكرار المخالفات في السنة التالية! وليتكرر مسلسل «لحس التعهدات» في السنة التالية ويتكرر التدخل، وهكذا في لعبة مملة وسمجة ومخالفة لكل أقوال وتعهدات الحكومات محليا وللجهات الدولية والأميركية المناهضة، والادعاء بأن الأمور «تحت السيطرة»!
إن هذه المخالفات الجسيمة، التي يبدو انها لن تنتهي بسهولة، لكل التعليمات يجب ألا تستمر إلى ما لا نهاية، ويجب على الحكومة ان تبين جديتها، خاصة أنها عاجزة تماما عن معرفة الكيفية التي تتصرف الجمعيات والمبرات «الخيرية» بما تحت ايديها من أموال.
فهل سنرى في بداية رمضان المقبل بداية النهاية لفوضى جمع التبرعات، ولحركة التسول التي وكأنها تدار من قبل مافيات، أو مؤسسات جريمة منظمة؟
نتمنى ذلك، فقد تعبت نفوسنا من كل هذا التسيب في كل مرفق وزاوية!
أحمد الصراف
يا دين… يا دستور
قلناها مراراً ونكررها، نواب الإسلام السياسي لا يعترفون لا بالدستور ولا بالدين إن لم يوافق أهواءهم الشخصية، نضرب مثلاً قبل أن تختلط الحبال، في واقعة “ديوان الحربش” في ديسمبر الماضي كان هناك تياران لا ثالث لهما؛ الأول، يقول حرية التجمعات بانياً كلامه وطرحه على أساس دستوري بحت. والثاني، يقول إن طاعة ولي الأمر واجبة وإن لم يرغب ولي الأمر بالتجمع فعلينا ألا نتجمع انطلاقا من مدخل ديني.
المفارقة في ذلك الحين هي أن نواب الإسلام السياسي انتصروا للدستور ورفعوا شعاره متغاضين عمداً عن كل ما يقال أو يثار عن طاعة ولي الأمر، بل تجاهلوا الفتاوى الملزمة للطاعة وقاموا بالطعن في مصدريها أحياناً.
اليوم تطفو قضية أخرى وهي التعليم المشترك وضرورة إعادته على الأقل لمعالجة أزمة القبول في الجامعة والتي تسبب بها قانون فصل الاختلاط بشكل مباشر، ليظهر لنا النواب اليوم برأيين أيضاً: الأول، يقول إنه لا يجوز الاختلاط شرعاً. والآخر، يقول إن التعليم المشترك والمساواة بين الجنسين في التعليم وحرية اختيار نوع التعليم حق دستوري واضح وأصيل ولا يمكن تأويله.
وعلى الرغم من أن الحجة الشرعية التي يتذرع بها البعض أراها واهية وغير قويمة، فأصل الدين الاختلاط كما هو ثابت منذ الأزل حتى في بيت الله الحرام وفي مساجد صدر الإسلام، فإننا لو سلمنا جدلا بأن الحجة الشرعية سليمة، لكان من يتبناها من النواب اليوم هم أنفسهم ممن رفضوا الحجة الشرعية في طاعة ولي الأمر قبل سبعة أشهر؟!
وهو ما يثبت أن الدين لهم هو مجرد رداء يستخدم وقت الحاجة لمنع ما لا يرغبون بوجوده، ولا أستثني أحداً من نواب التيار الديني من ذلك فحتى محمد هايف الذي كنت أعتقد لفترة قريبة أنه ذو مبدأ على الرغم من الخلاف العميق مع معظم ما يطرحه، رمى الدين جانباً في ديسمبر ورفض طاعة ولي الأمر وجاء اليوم ليقول إن الاختلاط من المحرمات، ليصف أهل الكويت- كل أهل الكويت- بأنهم مارسوا الحرام طيلة حياتهم.
أكرر لو كان نواب كهايف ووليد والصواغ قبلوا بكل الأوامر الدينية حتى إن تعارضت مع رغباتهم، لكنت اختلفت معهم واحترمتهم على الاختلاف، أما اليوم وبعد أن تكشفت الصورة بمثال ساطع لا يمكن أن يُؤَّل بأن دينهم هو لتحقيق طموح ذاتي فقط ولا يستخدم إلا عند الرغبة فأنا لا أعتقد أنه من الممكن حتى أن يرتقوا إلى مستوى الاختلاف في الرأي، فهم- كما هو ثابت- متمصلحون من الدين والدستور ولا يرغبون إلا في أهوائهم.
إما دين وإما دستور فتسلموا بكل ما نُص فيهما، وإلا فستكونوا منافقين لا يحبكم الله ولا يفترض أن يحترمكم الناس.
خارج نطاق التغطية:
مشكلة سرّاق المال العام أنهم يضيقون ذرعاً من أي شخص في الكويت حصل على ثروته بطرق مشروعة وقانونية، ومشكلة الكويت أن سرّاقها هم إعلامها المسموع والمنتشر بين أوساط الشعب.
عندما يمتلئ الفم بالماء
احتلت القوات الأميركية والروسية كوريا بعد الحرب العالمية الثانية إثر انتصارها على اليابان، التي احتلت كوريا في القرن 19 وأذلت شعبها. قسّمها الحلفاء الى دولتين. اشتق اسم كوريا من أسرة Goryeo التي حكمتها من 918 وحتى 1392 وحدثتها وطورت قوانينها بشكل كبير، وخلال القرن 13 تم اختراع أول آلة طابعة معدنية في التاريخ. بعدها سيطر المغول على البلاد إلى أن قام الجنرال Yi Seong-gye بتأسيس دولته التي استمرت أسرته في حكمها حتى 1910، وخلال تلك الفترة تبنت الكونفشيوسية على حساب الديانة البوذية، وانتهى حكمها بالاحتلال الياباني الذي قتل آلاف المتظاهرين وثبت احتلاله حتى تحررت كوريا بعد انتهاء الحرب الثانية. خلال تلك الفترة قامت اليابان بترحيل خمسة ملايين كوري للعمل في حقولها ومصانعها بنظام السخرة، ولقي أكثر من 400 ألف حتفهم نتيجة ذلك وفي عمليات حربية. كما تم تشغيل ما يقارب 200 ألف امرأة كورية، قبل الحرب الثانية وخلالها، في مهام الترفيه جنسيا عن الجنود، وقد اعترفت اليابان عام 1993 بجرائمها وعوضت أسر الضحايا. وخلال الاحتلال الياباني تأثرت اللغة الكورية كثيرا، وأجبر الشعب على تبني أسماء يابانية، وعانت الثقافة بشكل واضح، وبذلت جهود ضخمة لمسح هوية البلاد، وتم تحطيم وسرقة الكثير من رموزها الفنية وآثارها.
في يونيو 1950 قامت قوات كوريا الشمالية، بدعم سوفيتي، بغزو الجنوبية، ولكن الحرب انتهت بعد 3 سنوات، من دون أن يحقق أي طرف انتصارا ساحقا على الآخر. وبدأت نهضة كوريا الجنوبية مع بداية ستينات القرن الماضي، بعد أن وصلت أوضاعها الى الحضيض، وأصبحت خلال سنوات قليلة من نمور آسيا ومنافسة لسنغافورة وتايوان وهونغ كونغ، حدث ذلك بالرغم من عدم تمتعها بالعنصر او التأثير الثقافي الصيني. وفي فترة التحول الكبيرة هذه في كوريا الجنوبية تخلفت الشمالية في كل مجال، ويقال إن أكثر من ثلاثة ملايين كوري شمالي لقوا حتفهم جوعا في الفترة نفسها.
لقد زرت كوريا وأعجبت كثيرا بما حققته، وكنت ولا أزال أتساءل عن سبب نجاح هذا الشعب، المنسي تاريخيا والموجود على الهامش، والذي تعرض لشتى صنوف الاحتلال والقهر، والذي لم يدع يوما انه يمتلك الحضارات والانهار والديانات والرسالات، بشكل كبير في كل مجال تقريبا، وبشكل لافت، وكيف استطاعت كوريا خلال نصف قرن أن تصبح قوة اقتصادية وتحقق معدلات نمو مستمرة وغير مسبوقة، وتنجح في تجنب الدكتاتورية، وأن يصبح اسمها على اي منتج دليل مصدر كفاءة وقوة. كما اصبح لشركاتها الإنشائية الفضل الأكبر في بناء مئات المشاريع الضخمة في كل أنحاء العالم.
الجواب معروف ويسمع طنينه في الأذن، ولكن في الفم ماء كثير!!
أحمد الصراف
أبشروا بطول السلامة
أظهر النواب الإسلاميون «قلقهم» غير المبرر من أن حكومة الشيخ ناصر المحمد ستنصاع لدعوة التحالف الوطني وتبادر إلى إلغاء قانون منع الاختلاط، بسبب أزمة القبول في الجامعة وأزمات «اللامعقول» في جامعة الدولة والدولة برمتها.
هؤلاء النواب يريدوننا أن نصدق أن الحكومة «يمكن» أن تساير الليبراليين هذه المرة وتلغي قانون «الطهارة الجامعية» بمعنى أن الاجتماع مع الأنثى في الجامعة ينقض وضوء الطلاب والطالبات…! من «صجكم» يا حضرات النواب؟ معقول أن حكومة الشيخ ناصر ستهلل للتحالف الوطني والمنبر الديمقراطي لأنها فقط عينت اثنين من الشباب المحسوبين على التحالف أو المنبر في وظائف قيادية بالدولة، مع أن الدولة كلها أطلقت لحيتها وقصرت جلبابها منذ زمن طويل ومن بداية تحالفها القديم مع الجماعات الدينية في بداية ثمانينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم لا شيء تغير غير السير الحثيث للدولة على دروب التزمت الديني، ولم يكن تعيين أي مواطن تقدمي في منصب قيادي كوزير أو غير ذلك غير ذر للرماد في العيون، وكان التقدميون ودعاة الحداثة الوزراء والقياديون مجرد «حصان طروادة» الحكومي الديني في بيوت القوى التقدمية إن صحت التسمية الأخيرة.
هل نسي المتزمتون أن قانون منع الاختلاط أقر أيام وزير التربية التقدمي المرحوم أحمد الربعي!
لم يقلق النائب وليد الطبطبائي أو محمد هايف أو فيصل المسلم وما حاجتهم للتهديد والوعيد بالمساءلة السياسية لرئيس الحكومة، فهم يعلمون أن هذه الحكومة حالها من حال من سبقتها لن تقدم ولن تؤخر في موضوع الاختلاط بالجامعة ولا في أي موضوع آخر يكدر خاطر القوى الدينية المتزمتة، فتلك الجماعات رضينا أم لم نرض تملك حصة الأسد في الشارع الكويتي «المتدروش»، وأولى أولويات السلطة في مثل ظروفها السياسية القلقة لغياب الرؤية والمنهج عند أربابها هي سد باب الذرائع اليوم عن كل ما يثير أوجاعها السياسية، وغلق باب قانون الطهارة الجامعية هو إغلاق باب الريح، الذي ستسده الحكومة وتستريح، فأبشروا يا نواب بطول السلامة.