علي محمود خاجه

دستور الشعبي غير

   أعلم أنه إلى حين نشر هذا المقال سيهلل ويطبل الكثيرون حول الوثيقة التي بادر بها عضو كتلة العمل الشعبي مسلم البراك في “جمعة الرد” التي طالب بها بأن يرحل سمو رئيس الحكومة ونائبه، على أن تجهز “وثيقة الزنقة” كما أسماها البراك يوم الأحد؛ ليتم تمريرها على النواب لكشف من سيوافق ومن سيرفض أمام الشعب على حد تعبيره.
وقبل البدء لا بد أن أشير إلى أني من الموقعين على عريضة عدم تكليف الشيخ ناصر المحمد قبل شهر تقريبا كي لا يفسر ما سأكتبه بنحو غير صحيح، فما أكثر التخوين هذه الأيام!
وقبل البدء أيضا أقول إنه لو أوتيت أنا كمواطن الآن بوثيقة رحيل سمو الرئيس ونائبه فسأوقع وأختم وأبصم عليها فورا.
طيب، نتجه الآن للكلام الدستوري المنطقي البعيد عن العاطفة والتشنج، “الشعبي” يريد من النواب، ونضع عشرين خطاً تحت النواب، أن يوقعوا على وثيقة تطالب برحيل رئيس الحكومة ونائبه، على أي أساس؟ يقول قائل على أساس أنهم لا يصلحون وفشلوا في إدارة الحكومة أو الحكومات المتعاقبة… وأقول صحيح، وهذا رأيي أيضا.
لكن من أي منطلق دستوري قانوني نبرر هذه الوثيقة؟ فالنواب لهم أدواتهم الرقابية التي خصص لها الدستور فصلا كاملا من الشرح والتفصيل والتحليل، وإن كنا نريد الدستور واحترامه فعلينا تطبيقه دون الالتفاف عليه؛ حتى إن كان الغرض سليما والنوايا طيبة.
ثم لنفرض جدلا أن الوثيقة تم توقيعها من النواب، فأين تذهب الوثيقة حينها؟ إلى رئيس الوزراء أم الأمة أم إلى سمو الأمير؟ أعتقد أنه في حال تسليمها إلى أحدهم فإن الرد الطبيعي والمنطقي والمعقول هو أنكم أنتم ممثلو الأمة، وإن كنتم تريدون إقرار أمر ما فعليكم إقراره بالسبل الدستورية والقانونية، ووثيقتكم هذه لا تمثل شيئا أبدا، بل هي خلق عرف جديد فيه التفاف على الدستور والأدوات الدستورية.
هذا عطف على أن هذه الوثيقة يمكن أن تستغل كممسك للوقوف ضد الرئيس أو نائبه حتى إن كانت القضايا غير عادلة، بمعنى أنه من الممكن أن يوجه استجواب إلى الرئيس على خلفية فصل طالب من مدرسة، وإن لم يقف من وقع على الوثيقة من النواب مع مقدمي هذا الاستجواب غير المنطقي فإنه سيوصم بالتحالف والخيانة العظمى من قبل بقية فرقة الوثيقة.
لو رجعنا إلى الماضي القريب أو البعيد نيابيا فإننا لن نجد وثيقة كتلك أبدا، فلا المطالبون من النواب بالتعليم المشترك أو حق المرأة أو الدوائر الخمس قاموا بتوقيع وثيقة؛ لأن العقل هو المتسيد، فلا يجوز لنائب أن يستحدث أمرا غير دستوري لتحقيق هدف دستوري.
اختيار الوزارة وحل المجلس هما قراران للأمير فقط دستوريا، وتقديم النصح والمشورة هما الأمران الوحيدان اللذان من الممكن عملهما اليوم من قبل النواب في سبيل التغيير أو الحل؛ بالإضافة طبعا إلى تحقيق عدم التعاون أو طرح الثقة داخل قبة البرلمان.
لذا دعونا لا نستحدث أي أمر يخالف الدستور وقواعده العامة وقوانينه المنظمة في سبيل الوصول إلى أهدافنا، خصوصا ممن يمتلك الأدوات الكافية لصنع مصير الدولة وأعني هنا النواب، فإن لم يتحقق ذلك فعلينا أن نحترم الأغلبية، وإن عارضت أفكارنا ومعتقداتنا، وأن نحسن اختيارنا فعلا في المرة المقبلة.
آخر جملة: لقد تلطخت أيدينا بدم الدستور مرارا وتكرارا بتصفيقنا وتهليلنا لمنتهكيه وكارهيه فمتى تصحو العقول؟

خارج نطاق التغطية:
قد يكون الوزير الفهد مستقيلا حين نشر هذا المقال، وإن كان ذلك فهذا لا يعني انتهاء قضايا استجوابه، بل تجب ملاحقته قضائيا على ما طرح في محاور الاستجواب، أما إن لم يستقل فلا مناص من المنصة.

احمد الصراف

نوابنا والعراق

كتب يونس حنون مقالا في الحوار المتمدن تعلق ببعض الظواهر السلبية في وطنه العراق، وقال انه يتذكر عندما قاد صدام حسين حملة إيمانية، بعد ان سرق هو وابناؤه وعشيرته بلدا باكمله من اهله، بعد أن تحول فجأة لواعظ يتحف شعبه يوميا بنصائح الايمان والتقوى، ولم يتورع عن الاستمرار في تمثيله البائس بعد سقوطه، عندما كان يدخل قاعة المحاكمة متأبطاً مصحفا، وانتهى صدام وظن الكثيرون ان جرائمه ومذابحه لاكثر من ربع قرن يمكن أن تمحى، لأنه قال «الله اكبر» عند سماعه الحكم باعدامه. وانتهى زمنه الرديء، واعقبه اردأ منه، زمن الضحك على الذقون بالديموقراطية والانتخابات والاصابع البنفسجية، وبقيت صورة المحتال ماثلة امامنا نراها بشكل اوضح لكن في سيماء العشرات ممن اصبحوا سياسيين ومجاهدين رمدت عيوننا برؤية سحنهم التي تملأ شاشة الفضائيات والاخبار، وغيرهم من أفواج المنافقين من اصحاب السماحة والفضيلة الذين يتسابقون في اعلان ايمانهم وتقواهم وتمسكهم باهداب الدين واحكامه، وتيارات وأحزاب وحركات تدعي انها الاقرب الى الله من غيرها، وعمائم ومسابح ولحى وجباه مسودة تتصدر المشهد السياسي وتدعي انها مدعومة من المرجعيات والأنبياء والسماء، وصراخهم يعلو كل يوم بالدعاء الى الله ان يحفظ البلد ويحميه، نشاهدهم على رأس مواكب الزيارات متصدرين لصفوف المصلين وهم دائما اول الناس في الحث على الاعتصام بحبل الله والدعوة الى مكارم الاخلاق رغم انهم اكثر من مزق هذا الشعب وفرق ابناءه! وكيف أصبح إصلاح حال البلد الممزق، المنهك والجائع قضية ثانوية بجانب ضرورة بدء كل جلسة من جلسات مجلس النواب بتلاوة من القرآن، وبأن تتوقف الجلسات في مواعيد الصلاة، وان يذهبوا للحج جماعة! ورأيناهم ومن جاء بعدهم وهم يمارسون الركوع امام الكاميرات، ويكون صوتهم الاعلى وهم يتباكون على حقوق الشعب المظلوم لزوم خداع المغفلين ورفع العتب بعد ان حملوا الامانة في جيوبهم بدلا من اعناقهم، ومع كل هؤلاء المؤمنين من سياسيينا ونوابنا فإن البلد يمتلئ بالقتلة والسراق وكواتم الصوت والمفخخات والعبوات الناسفة. وينط دعاة ابليس ليتحفونا بين الفترة والاخرى بتفاهة يجعلون منها قضية كبرى عسى ان ينسى الناس بعدها الكهرباء والامن والتموين، فهذا مجلس محافظة البصرة يصدر قرارا بمنع بيع الخمور، ويتبعه مجلس بغداد، ويستمر القتل والاختطاف والارهاب وسرقة النفط، وكأن من يرتكب هذه الأمور هم من خريجي البارات، وكأن مشاكل الاسكان والمزابل والخراب والمشردين لا تحل إلا بغلق محلات بيع الخمور، ليصبح بعدها العراق جنة الله على الارض، أو كأن الذين فجروا انفسهم طمعا في الجنة كانوا يتعاطون الخمور، وأن فساد الحكومة ونهب ثروات الشعب والمشاريع الكاذبة والصفقات المشبوهة لم يقم بها سوى «العركجية»! وتبقى الحيرة مرتسمة والتساؤل قائما، من اين يأتي هؤلاء بكل هذا النفاق؟
ولو نظرنا لحال نوابنا في الكويت، وما ظهر على المعدمين منهم من مظاهر ثراء فاحشة، وكيف تقلبت مواقفهم، وانتقلت اصواتهم ذات اليمين وذات الشمال، خلال الاستجوابات الأخيرة، وقارناها بشديد تصلبهم في القضايا الدينية في الوقت نفسه، لعلمنا بأننا لسنا بأحسن منهم بكثير، فكلنا في الهم سواء!!
يقول غاندي: إن اعظم نجاحات الشيطان تحصل عندما يظهر وكلمة الله على شفتيه!

أحمد الصراف
[email protected]

محمد الوشيحي

المجد للقلم والموت للدفتر

هكذا هي قوانين الحياة… يضغط الشاعر بقوة على أعصابه ومشاعره وأحاسيسه ويستعين بكل معارفه من الجن لينظم قصيدة محبوكة مسبوكة، ويعاني الملحن ما يعاني ليخرج بلحن «يركب على» القصيدة، ويلامس ذائقة الجمهور، وبعد كل هذا العرق والتعب والأعصاب، يتقاضى كلّ منهما مبلغاً لا يكفي «الباب الأول» من احتياجاتهما، ليأتي بعد ذلك المطرب الذي وُلِدَ وفي فمه حنجرة جميلة، جاءت من دون أي مجهود منه، فيغني، فيكسب الملايين والشهرة والمكانة.
الشاعر السعودي العميق «نايف صقر» اختصر لنا المسألة عندما قال: «الموت حظ القلم والمجد للدفتر»، فعلاً… يشقى القلم وينزف، في حين يستلقي الكتاب على ظهره فيُمتدح، ويقال: «كتاب فلان الفلاني في غاية الجمال»، ولا يتطرق إلى سيرة قلمه.
ونتمايل طرباً ونمتدح عبدالمجيد عبدالله في أغنية «يا طائر الأشجان»، مثلاً، ولا نعرف شاعرها ولا ملحنها (الشعر ليحيى حداف والألحان للنجم الذي انطفأ، أو أطفأ نفسه، خالد الشيخ، صاحب أغنية «يا عبيد» الخالدة)، وسنعتبر المطرب كريماً متواضعاً إذا ذكر اسميهما في لقاء تلفزيوني أو صحافي.
هكذا هي قوانين العصر، فبعد أن كان المجد في الجاهلية للشعراء، ولا مجد للمطربين والمطربات، رغم إتقانهم الشعر وامتلاكهم الذائقة، جاء عصرنا هذا ليفرض قبحه وظلمه، فتسيّد عبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد ونبيل شعيل وغيرهم ممن لا يمتلكون أدنى ذائقة شعرية، ولا يعرفون من المحسنات اللفظية حتى اسمها، فلا وجود في قواميسهم لمصطلحات «الكناية والتشبيه والتورية والاستعارة والمجاز…»، ولا يفهمون الوزن الشعري، ولا يفرقون بين قصيدة وأخرى إلا بحسب اسم قائلها ومكانته الاجتماعية، والمالية أحياناً.
تأملوا كلمات بعض أغاني راشد الماجد. وخذوا هذه على سبيل الحزن والقهر ليس إلا:
«بيني وبينك شي أكثر من الأحلام، حقيقة حبي لك ما هو حكي وأوهام، تسهر مع أشواقي تحت الرموش تنام، ومنك أقل كلمة تخفف الآلام، زاد الوله فيني قلبي في حبك هام، واللي يحب مثلي ما تغيره الأيام»، إنا لله وإنا إليه راجعون. ولو أننا طلبنا من الشاعر إضافة بيتين لقال: «تعالي نروح للسينما نشوف آخر الأفلام، شدعوه ما تردين شدعوه صاكة الجام»، لكن الحمد لله أنه توقف قبل وقوع الكارثة بقليل… وها هو «السندباد» كما يحلو لمريديه تسميته، راشد الماجد، بجلالة سطحيته وقماءة ذائقته الشعرية يحتار في ثروته وشهرته ومعجبيه ومعجباته.
وتأملوا كلمات بعض أغاني زميله في السطحية نبيل شعيل، وخذوا هذه على سبيل البكاء:
«حالتي حالة من يوم تركوني وحيد، الله لو يرجعون أسعد إنسان أكون / بالوصل فرحتي وبالهجر ماني سعيد»! ألا لعنة الله على الشعر بأوزانه وسحره وقوافيه وكل ما يمت إليه بصلة نسب أو قرابة إن كان هذا شعراً… ومع ذا ورغم ذا ها هو نبيل على سنام المجد محتاراً في أعداد معجبيه ومعجباته.
واسألوا عن نايف صقر وعن شعره وستجدون أن شهرته لا تصل إلى واحد في المئة من شهرة الإخوة السطحيين… تعالوا اسمعوا نايف واغسلوا زجاج ذائقتكم بكلماته لتروا الجمال بوضوح:
«الموت حظ القلم والمجد للدفتر، حبر القلم غلطتي وايامي أوراقي / الخوف يجتاحني.. وجه الطريق أسمر، راح أكثر العمر يا خوفي على الباقي / يا صوت لا تلتحف صمتي ولا تصبر، قل ما تبي واترك الهقوة على الهاقي / ثراي ما ينشد الغيمة متى تمطر، مدامها في سماي تحن لاغراقي»…الله الله الله يا نايف. أين أنت يا عظيم؟ تعال فالقلم يستجديك وأمثالك للانتقام ممن استهانوا به، تعال يا نايف لتقف أنت وأمثالك العظماء على أبواب المكتبات دروعاً بشرية كي تمنعوا المستشعرين من الإساءة لتاريخ الأقلام، تعال يا نايف فالبعض يتعامل مع الشعر كما يتعامل مع القمصان التي لا تحتاج إلى كيّ… اغسل والبس.

حسن العيسى

إدارة دولة أم إدارة فريج

ما شأننا بخلافات الشيوخ وصراعاتهم؟ وكيف تدار هذه الدولة؟ وكيف سننظر إلى المستقبل وتحدياته الأمنية والاقتصادية مادام كل شيخ «كبير، ويحكم» لا عمل ولا هدف له غير نصب الفخاخ للشيخ الآخر الكبير والمرشح للحكم، لأنه أيضاً من «ذرية مبارك» وله أحلامه العريضة بالسلطة والتفرد بها مع حاشيته التي تحمل المباخر، وتهرول خلف بشت الشيخ المعزب لتعطيره؟.
قضية الصراع القديم بين رئيس الحكومة سمو الشيخ ناصر المحمد ونائبه للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد قبيحة وخطيرة من ناحيتين، فخلاف الشيخين لا يجب النظر إليه على أنه محصور في حشد وتجييش هذا النائب أو ذاك «ويالله تزيد النعمة على تلك الشاكلة من النواب الهباب»، بل يجب قراءتها على أنها صراع من أجل التوحد بالسلطة وعزل الآخر، وأسلحة أطراف النزاع هي ذمم خراب لها سعرها وثمنها في أسواق النخاسة السياسية، الوجه الآخر من قباحة هذا الصراع أنه بعد نصف قرن من الحكم «شبه الدستوري» نجد أنه لم يعد كافياً لبعض الشيوخ الامتيازات «المشيخية» التي شرعها لهم القانون، وغيرها التي شرعوها لأنفسهم من غير حكم القانون، وأضحوا عبرها شيوخاً فوق حكم القانون، وكرسوا ودونوا أعراف الفساد في الدولة، فلم يعد مهماً أن نعرف أن هناك فساداً في شراء رخص قيادة المرور أو رخص بناء مخالف في بلدية الكويت، بل أصبحت هناك أسعار «شبه رسمية» لبعض نواب الأمة، أثمان نواب البؤس هي إما «كاش» أو تمرير معاملات غير جائزة أو الاثنان معاً، وفي كلتا الحالتين نجد أنفسنا أمام جرائم مشهودة نعرف الفاعلين وندرك تماماً حجم جرائمهم بحق الوطن ومستقبله، ورغم ذلك لا تتم مساءلتهم حسب القانون! لأنهم وضعوا أنفسهم فوق المساءلة القانونية، وسكتنا عنهم حين سلمنا أمورنا لقدر الفساد وأحكامه. مللنا يا سادة من الشكل الدستوري والدمية «الديمقراطية» فتحت جلبابها هناك فضائح تجري كل يوم، ويتم حرق أرصدة الغد وضمان حلم الجيل القادم من أجل أن يسعد البعض بكراسي السلطة منفردين، كل هذا يجري وهناك من يقف متفرجاً ضاحكاً، وكأنه أمام مسرحية هزلية هو مخرجها ومبدعها بداية ونهاية.

احمد الصراف

أقوال القاضي وليم يونغ

y>في غمرة الهلع الذي كانت تعيشه أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر، القت السلطات الأميركية القبض على البريطاني رتشارد ريد، بعدها ببضعة أشهر لمحاولته تفجير طائرة أميركية كانت تقله ومئات الآخرين إلى أميركا، بعد أن كشفت المضيفة محاولته إشعال المتفجرات في كعب حذائه المبتل. اعترف ريد بجريمته وبولائه لأسامة بن لادن وللإسلام، وبأنه لا ينوي الاعتذار عن فعلته وأنه يعتبر نفسه في حرب مع أميركا! وهنا خاطبه القاضي يونغ قائلا: لقد حكمنا عليك بالسجن 130 عاما، وبغرامة مليوني دولار. والآن دعني أبين لك أننا يا سيد ريد لا نخاف منك ولا من كل الذين تآمروا علينا معك، فقد مررنا بأوقات عصيبة كثيرة طوال تاريخنا، ونحن هنا في هذه القاعة نتعامل مع الجميع كبشر لنصل إلى العدالة، وأنت لست في حرب معنا، كما تقول، ولست جنديا في جيش بل أنت إرهابي، ولا تستحق غير ذلك من صفة، ونحن هنا لا نتعامل أو نتفاوض مع إرهابيين أو نعقد اتفاقيات معهم، بل نتتبعهم ونحضرهم أمام العدالة. قد تكون شخصا ضخم الجثة (193سم) ولكنك لست بالمحارب، بل أنت إرهابي ومجرم تسعى لقتل أرواح بريئة، ومن كان بانتظارك في المطار لإلقاء القبض عليك كان على حق عندما قال لك بأنك لا تعني الكثير لأحد عندما تساءلت عن سبب عدم وجود صحافة وتلفزيون بانتظارك لحظة وصولك للمطار! ما يقلقني حقا هو السبب الذي دفعك للاقدام على فعل إجرامي كهذا، وقد استمعت لك بكل احترام، ولكن يبدوا أن الشيء الوحيد الذي تبغضه فينا هو حريتنا، وهي أثمن ما نملك، حريتنا في أن نعيش كما نحب ونرغب، لأن نؤمن أو لا نؤمن بما نريد، ففي هذا المجتمع كل نسمة ريح تحمل معها الحرية، ولهذا أنت تقف هنا في هذه القاعة الجميلة لتنال حقك في محاكمة عادلة، ولو تطلب الأمر حضور رئيس الدولة، من خلال ممثليه، لهذه القاعة للشهادة معك أو ضدك، لتم ذلك حتما، فلا أحد هنا فوق القانون. انتهى.
ولو بحثنا في خلفية ريد لوجدنا أنه من مواليد 1973، وينتمي لأسرة مفككة، وعاطل عن العمل وترك المدرسة في سن 16، أمه إنكليزية ووالده من جامايكا وخريج سجون ومعروف بتعدد جرائمه، كما أدين ريد بعشر جرائم ضد أشخاص وممتلكات!!
وهذه هي النوعية التي يجندها «القاعدة»، الذي تخلصنا من مؤسسها إلى الأبد، في زرع الدمار والخراب في كل مكان باسم الدين.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

لا علاقة للتنمية بالتوتر

ألا يمكن أن تسير أمور البلد بشكل طبيعي مع وجود هذا التأزيم في العلاقة بين السلطتين؟!
ما دخل وكيل وزارة خدمات ووكلاء وزارته ومديريه في المشاكل القائمة بين النواب والحكومة؟! لماذا كلما صرخ مسلم تعطلت الخدمات؟ ما علاقة تهديد فيصل المسلم واستجواب ابورمية بتسهيل معاملات المواطنين وأداء موظف جالس في مكتبه في مجمع الوزارات؟! لماذا نعول كل مشاكلنا وتخلفنا على العلاقة بين السلطتين؟
ما علاقة تنفيذ قانون الشركات المساهمة الجديد بهوشة الصواغ وعدنان المطوع؟ ما علاقة تنفيذ جسر جابر بإحالة استجواب الفهد إلى التشريعية؟ ما علاقة إنشاء تسعة مستشفيات تم الانتهاء من مناقصاتها بموضوع المحكمة الدستورية ونظرها في استجواب المحمد؟!
كل دول العالم فيها من التوتر بين السلطتين أكثر مما لدينا، ومع هذا لم يتعللوا بما تعللنا به من أسباب تعطل عجلة التنمية؟!
الذي عطل عجلة التنمية يا سادة هو الكسل وسوء الإدارة وانتظار الفرص المناسبة للنهش والهبش وليس له أي علاقة بما يجري في ساحة الإرادة أو قاعة مجلس الأمة؟!
صحيح «ما حد راضي» عن تردي العلاقة بين المجلس والحكومة، لكن لا أجد مبررا لتعليق تخلفنا على شماعة هذا التردي.

أحمد الفهد
يعجبني في الشيخ أحمد الفهد شخصيته وقوة ارادته وعزيمته، لكن مذكرته التي تبناها في اعتبار الاستجواب غير دستوري لا يمكن أن تكون معتمدة من عقلية مثل عقليته!! فالطالب في الثانوي يدرك من أول اطلاع على هذه المذكرة انها كتبت بعيدا عن المهنية وأصول اللعبة. فقد كتبها واحد قال للشيخ «انت عاوز ايه يا فندم؟» ثم كتبها!!
ولا أريد ان أكرر ما ذكره الزميل عبداللطيف الدعيج في نقده للمذكرة بالأمس، لكن أقول للشيخ أحمد ان هذه الخطوة مو منك ولا هي من أسلوبك اللي اعتقد اني أكثر واحد اعرفه وأكثر واحد عانى منه في التسعينات ومطلع القرن الجديد.

احمد الصراف

بناء الجسم في التسعين

يقول جين بول لوزا*: عندما كنت صغيرا كنت أشكو من الصداع وأمراض اللوز، وتسبب هذا في بطء نموي وشحوب بشرتي وشعوري المستمر بالإرهاق، وكان اقراني أطول واقوى مني. في سن الــ13 أزلت لوزتي فتحسنت صحتي وزاد نشاطي، فانخرطت في الملاكمة والتجديف وقررت أن ابقى سليم الجسد إلى الأبد.
تخرجت طبيب اسنان، ولكن الرياضة كانت شاغلي، ولكن مع الأربعين تماهت طريقة حياتي مع طريقة حياة زوجتي وأصبحت أكثر كسلا، فقد كنا نقضي الساعات دون فعل شيء، وتسبب ذلك في رفع ضغط دمي، وفي يوم شعرت بآلام في قدمي وببروز عروقها فعدت الى الرياضة كما في السابق. مضت بي الحياة وانفصلت عن زوجتي في الــ60 والتحقت بفريق التجديف وأصبحت أشارك في المسابقات الدولية، وكسبت 36 ميدالية ذهبية. وفي عامي الــ 75 بدأ الموت بخطف رفاقي، وكان الكل من حولي يكبر بالسن، وكنت على وشك التقاعد، ولكني استمررت في ممارسة التجديف، وفي الــ82 بدأت بإصدار مجلة تعنى بشؤون الفم والأسنان، وفي الــ85 واجهتني مشكلة، فقد نظرت لنفسي في المرآة ورأيت رجلا كهلا بقامة غير مستقيمة ووزن زائد وقطع الجلد تتدلى من اطرافه، وكنت أبدو كحطام سفينة غارقة، وشعرت بأن الموت قد اقترب مني، وكنت أعلم بأن عليّ أن أهدئ من نشاطي ولكني كنت اشعر بالقلق، فقد فقدت ذلك الجسم الذي كان يلفت الأنظار، وكنت وقتها لا أزال أمارس رياضة التجديف 6 أيام في الأسبوع وليس هناك ما يمنع من أن ابذل جهدا أكبر، وهكذا قمت في أواخر الثمانينات من عمري بالانضمام الى نادي بناء الأجسام، واكتشفت أن ليس لديهم اي تعليمات تتعلق بطريقة التعامل بمن هم في سني، وكان عليهم المرور بالتجربة والخطأ وهكذا قمت بممارسة رفع الأثقال، وتناول أنواع من البروتينات، وبدأ جسمي بالتحول وأصبحت أسمع تعليقات الاعجاب مرة أخرى، وخاصة من السيدات، وكيف انني أبدو أصغر بكثير من عمري. وبدأت بممارسة الجودو لتعلم تفادي السقطات المميتة، وهذا حسّن من الدورة الدموية لدي، كما تبين لي أن بناء العضلات سيحميني من خطر الألزهايمر، وعندما بلغت الــ 90 توقفت عن التفكير في الموت وأصبحت أركز أكثر على استعادة شكل جسمي القديم، وفي عام 2008 دخلت أولى بطولاتي الرياضية المتعددة متحديا من هم أصغر سنا مني بكثير، وكان الترحيب بي كبيرا، وحصلت على أعلى درجات من كل السيدات المشاركات، وكثير من الرجال، وفي مسابقة السنة الماضية في ألمانيا تفوقت بدرجاتي على الجميع.
أنا لا أجري وراء الشبوبية، بل أجري وراء الصحة، فالناس غسلوا عقولهم باعتقادهم أن الحياة تنتهي في الــ65 من العمر. كما قيل لنا ان الشيخوخة تعني التدهور المستمر في الصحة وفي وظائف الأعضاء، وعلينا التوقف عن أداء اي شيء، أو أداؤه بحذر وبطء، استعدادا للموت، وأنا أخالف ذلك تماما فأنا ابلغ الآن الــ92 وقانون الطبيعة لا يخيفني، فقد أقنعت نفسي بأن متى ما جاء الموت فلا مفر منه، ولكن حتى ذلك الوقت سأستمر في التركيز على أن يكون شكلي رياضيا ومعدتي مسطحة.
*مقابلة مع «الغارديان» اللندنية ـ 2011/4/24

أحمد الصراف
[email protected]

محمد الوشيحي

محمد الرطيان… ليس لديه فروع أخرى

تشاهده فتجرّك ذاكرتك من قفاك إلى أولئك الذين يحتلون صفحات التعارف وجمع الطوابع في مجلات الثمانينيات… تقرأ له فتدمنه والعياذ بالله.. كتاباته فتنة سامح الله من أيقظها.
هو صعلوك سعودي أحياناً… وهو شيخ الطريقة الرطيّانية دائماً… له مريدون وأتباع، من هنا إلى هناااااك، يقرأون له وهم يهزون رؤوسهم، وينتظرون «أوراده» بجوعٍ مرموق… وليس لديه فروع أخرى.
يعرّف نفسه لمن يعرفه:
السلام عليكم. أنا محمد الرطيان. أعمل في شركة الاتصالات السعودية (لن أتردد لحظة واحدة في مهاجمتها لو شعرت أنها رفعت فواتيري أو فواتيركم !) أعيش في مدينة رفحاء العظيمة في شمال البلاد، وولدت فيها في عام النكسة (كل الأعوام العربية منذ عام 48م هي أعوام نكسات ونكبات… فاختاروا من التواريخ ما تشاءون!) متزوج ورزقني الله ستة أطفال رائعين ولهم أحلام رائعة: « سيف» ويحلم أن يسافر من رفحاء إلى جيزان عبر القطار! «سلطان» ويحلم أن يذهب إلى أحد مراكز الاقتراع ليدلي بصوته عن أي شيء! «أحمد» ولديه أحلام خطيرة لا تصلح للنشر! «فاطمة» تحلم أن يكف اليمين واليسار عن التحدث بالنيابة عنها، وتسلّم عليهم، وتقول لهم: إذا فيكم خير تجاوزوا الحديث عن «قيادة المرأة للسيارة» للحديث عما هو أهمّ وأخطر! «مريم» لا تحلم… ولكنها تخاف عليّ من المبالغة في الأحلام الكبرى! «الحميدي» يحلم بتغيير اسمه!… وطبعًا سأقول له وبكل ديمقراطية: «معصي»!! وأرجو أن تجدوا على مائدتي ما لذّ وطاب من المقالات والأفكار الطازجة والشهية. ولن أعدكم بشيء… فقط أعدكم بأنني سأحاول: أن نغني معاً للبلاد… أن نشتم القبح علانية… وننحاز للجمال… أن نفتح نافذة (ولو صغيرة) لضوء سماوي… أن نرفع السقف (ولو قليلاً) عن رؤوسنا… أن نفضح الأشياء التي تستحق الفضح، ونحتفي بالأشياء التي تستحق الاحتفاء… أنا «محمد الرطيان»… أردت أن أصافحكم بحرارة وأقول لكم: كم أنا مشتاق لكم.
يهلوس ربما:
• كل مدينة أنثى، لهذا أرى أن العواصم والمدن الكبرى لسن سوى عاهرات، والمدن الصغرى: أمهات.
• رائحتك تجعل العالم كله يتحول إلى أنف.
• الحياة مثل البيانو لا يكتمل لحنها فقط بالمفاتيح البيضاء… لا بد من استخدام المفاتيح السوداء أيضا!
• لي صديق – جزاه الله خيراً – إذا أصابتني مصيبة قال إنها «عقاب» وإذا أصابته مصيبة قال إنها «ابتلاء»… كأنني جدة.. وكأنه الرياض.
• في رأسك ألف باب صغير لم يُفتح من قبل… اكتفيتَ بفتح الأبواب التي ورثتَ مفاتيحها من الأهل والأقارب والكتب الأولى… جرب أن تفتح الأبواب الأخرى. لا تخف من الهواء الجديد.
• جهلك ببعض الأشياء فيك لا يعني أنها غير موجودة لديك… اخرج منك. لتراك بشكل جيد.
• «صح» مطبعي: لكل مجتهد «نسيب».
• الجبناء يرون أن أي فعل شجاع هو تهور… والبخلاء يرون أن أي فعل كريم هو إسراف وبذخ… لا تستشر الجبناء والبخلاء في أمور الشجاعة والكرم.
ويقهقه الرطيان:
• «يا كثر النفافيخ اللي تبي تطق بـ 2011 م!
ولا نملك في هذه اللحظة التاريخية، التي تعصف بأمتنا العظيمة، إلا أن نردد مع زكية زكريا: «هات البلالين يا نجاتي».
ونقهقه معه…

حسن العيسى

وكلاء الأمة ووكلاء الشيوخ

صراعات القصر ليست مسألة جديدة على التاريخ الكويتي بصفة خاصة، وعلى تاريخ الحكم الملكي بصفة عامة، قبل أن تعرف هذه الأنظمة مبدأ الملكية الدستورية، فشغف الاستئثار بالحكم وتنحية المنافسين المرشحين للخلافة عبر المكيدة والحيلة أو من خلال انقلابات دموية، كلها مسائل يضج بها تاريخ الملوك والأمراء. في التاريخ القريب كانت هناك خلافات وصراعات بين أفراد الأسرة الحاكمة على منصب الإمارة، فلم يكن سراً التنافس بين المرحومين الشيخ جابر العلي والأمير الراحل جابر الأحمد حتى قبل أن يتولى الأخير منصب الإمارة، وبعدها، وحتى اللحظات الحرجة قبل تولي المرحوم الشيخ سعد منصب ولاية العهد، وقبل هذا التاريخ وقبل العصر الذهبي للدولة مع عبدالله السالم وأثناء حياته كانت هناك خلافات بين أفراد الأسرة بشأن مَن سيكون الرجل الثاني والثالث على سلم الحكم بالدولة.

بعد العمل بالدستور وقانون توارث الإمارة يفترض (والافتراض لا يطابق الحقائق التاريخية) أن تنتهي الدولة من صراعات الطامحين إلى منصب الرجل الثاني أو الثالث في أولويات القادمين إلى الحكم، لكن هذا لم يحدث، وليس لأحد أن يحاكم التاريخ، وإنما لنا كل الحق اليوم أن نطالب بوقف هذا العبث السياسي في صراعات القصر، فليست الكويت اليوم هي كويت الأمس وما قبله، والتحديات التي تواجه الدولة الآن ليست كما كانت بالأمس، والمنطقة العربية تعيش فوق بركان يغلي بتغيرات في أنظمة الحكم، وحطمت شعوب المنطقة حاجز الخوف الذي حال دون تغيير الأنظمة القمعية، وعلى النظام الذكي الذي يريد إطالة عمره أن يقرأ التغيرات ويستوعبها كي يتواءم معها، وإلا فنهايته ونهاية الدولة مسألة محسومة، فاحتمال «صوملة» اليمن و»بلقنة» ليبيا ليست بالمسائل البعيدة، والقادم في دول أخرى مثل سورية أمره مجهول وفي علم الغيب السياسي. في الكويت لولا الدستور ووجود نظام شبه ديمقراطي لما اختلفت أمورنا عن الغير، ومن يتصور في الدول البترولية الثرية أن سياسة العطاء المالي ورشوة الشعوب، ومن يمثلها في برلمانات الأتباع من دون حساب غير حساب إفلاس المستقبل، ستضمن له البقاء فهو واهم.

بعد جلسة أمس الأول، على المتشدقين بوحدة مواقف الأسرة الحاكمة أن يكفوا عن هذا الابتذال الخطابي، فقد رأينا كيف يدار صراع الاستجوابات بالوكالة عبر نواب الأمة ووكلاء الشيوخ. فكان هناك شيخ يستجوب وآخر يستجوب ضده من ابن عمه وقريبه أو يتملص من مشروع استجوابه عبر الوكلاء أيضاً، فهل انتهت تحديات وجود الدولة ومستقبلها الآن لنتفرغ لمشاهدة مسرحيات شكسبيرية عن صراعات القصر؟! ارحموا مستقبل البلد فالتاريخ لا يرحم أبداً.

احمد الصراف

الوهم المفيد والحقيقة الضارة

لا يمكن أن يتحضر مجتمع بشري من غير جهد ووقت ومال، والأمم لا تتحضر وتتطور من غير سبب، أو محرك، وليس هناك أكثر أهمية من التعليم الصحيح لجعل التحضر والتطور ثابتين ومستمرين، وبالتالي يصبح للتعليم الفضل الأكبر ويقف وراء مثل هذا النوع من التطور النوعي في تركيبة أي مجتمع، وهذا التعليم لا يمكن أن ينجح بغير حفظ حقوق الجميع والاهتمام بالضمان الاجتماعي وضمان حرية الفرد بشكل مطلق. أما التقدم الحقيقي واللحاق بالأمم المتقدمة فيتطلبان إطلاق العنان للفكر البشري لينطلق إلى ما شاء.
ولو استعرضنا وضع دول العالم لوجدنا ان أفضلها على البشرية واكثرها تطورا وتحضرا وتقدما ومساهمة في الفكر الإنساني في الوقت نفسه هي الأقل تعلقا بالعقائد وبمعتقدات الماضي، والعكس صحيح، فكلما تخلف المجتمع زاد تمسكه بمعتقداته وتقاليده وأعرافه بسبب ارتباط معيشة نسبة كبيرة من المجتمع ببقاء مثل هذه المعتقدات من دون تغيير، فلو افترضنا أن جهة علمية موثوقة ما اكتشفت مثلا أن قبر السيد البدوي في مصر، الذي يحظى بما يقارب القدسية فيها، لا يحتوي على أي رفات بشرية، أو أي شيء آخر، فإن أول المشككين في مثل هذا الكشف العلمي هم الذين تعتمد مصالحهم ومعيشتهم، بل وحياتهم برمتها، على بقاء «الوهم» على حاله، فمجتمعاتنا بشكل عام تفضل «وهما مفيدا على حقيقة ضارة»! فمعيشة عشرات آلاف الأفراد، كسدنة المزارات والوكلاء والحراس واصحاب المحال التجارية في المنطقة ومصنعي وباعة التعاويذ والأدعية والتذكارات والمطاعم وشركات النقل واصحاب عشرات المهن الأخرى واسرهم، تعتمد بشكل كلي على بقاء الوضع، أو الوهم على ما هو عليه لأهميته للاقتصاد والمجتمع وحتى أمن الوطن!

أحمد الصراف
[email protected]