كتب الفريق المتقاعد أحمد الرجيب، وكيل الداخلية السابق، مقالا في «الأنباء» ملأه بالحسرة والألم، تطرق فيه الى ظاهرة تحوّل الكويتيين لأقلية في وطنهم، بعد تزايد نسبة المقيمين بينهم، التي نعتقد أنها ستكون في حدود %72 لمصلحة هؤلاء مع ظهور نتائج التعداد! وقال إنه شارك في عدة لجان خرجت بتصورات واضحة للمشكلة، لكن الحكومة تجاهلتها، على الرغم من خطورة الوضع. وقال إن وراء المشكلة المواطن والشركات.. والحكومة!
اسمح لنا يا أخي الكريم أن نختلف معك هنا.
أولا: لا يتحمّل أي فرد أو شركة مسؤولية مباشرة عن الخلل، بل هي لعبة سياسية حكومية صادرة عن سلطة خفية داخلها تتحكم في قرارها، وهي التي فرغت مؤسسات الدولة من كل مضامينها! فحق استقدام العمالة بالجملة، أو غض النظر عمن يطلبها، مثلها مثل أي عملية تنفيع أخرى، كأعلاف الماشية المدعومة وتوزيع الزرائب وزيادة مساحة الحيازات الزراعية والتعامي عن مخالفات البناء وتكليفات شراء مباشرة وتلزيم أداء مختلف الخدمات من دون مناقصات، ما هي إلا وسائل سهلة و«مجانية»، وإن على حساب المال العام، لشراء ولاء النواب وإسكات الخصوم وإرضاء الأحباب! وبالتالي ليس من العدل أن تضع اللوم على المواطن، الذي كان، ولا يزال لدى «الجهاز الأمني» تعليمات بتسهيل طلبات نوابه، وطلبات المتنفذين الآخرين المتعلقة باستقدام العمالة الرثة والمتاجرة بها جهراً!
كنت ستصبح يا سيدي الكريم، على الرغم من كل خصالك الطيبة وأمانتك، شخصا كبيرا طالما انتظرنا سماع صرخته، لو كنت تقدّمت باستقالة مسببة من منصبك، احتجاجا على قيام السلطة، أو لنقل الحكومة، بتجاهل كل التحذيرات والتقارير الأمنية، التي صدرت عنك وعن غيرك، منذ ما بعد التحرير وحتى اليوم، والمتعلقة بطرق علاج هذه المشكلة الخطيرة، ولكن..!
وبالتالي، فالخلل في التركيبة السكانية ليس خطرا مقارنة بخطر التركيبة الحكومية، وتشجعها لشهية الكسب غير المشروع، لدى الكثيرين، على حساب أمن الوطن والمواطن.
أحمد الصراف