هناك مؤشران يمكن ملاحظتهما في ما يتعلق بتطور الشعور الديني ونموه لدى مختلف المجتمعات، فالأول يبين زيادة الاهتمام الديني لدى بعضها والحرص على الانتصار للدين والدعوة له ومقاومة المخالفين له، والآخر يبين اهتماما أقل بالموضوع نفسه. وقد تطور المؤشران بصورة تدريجية، ولكن الثاني تسارع في المائة سنة الأخيرة بشكل واضح، وخاصة في المجتمعات الغربية الأوروبية المتقدمة علميا، فنسبة عدم الاكتراث بالمؤسسة الدينية في دول كالسويد وصلت إلى %64 وفي الدانمرك %48 وفرنسا %44 أما في مجتمعات صحراء أفريقيا مثلا فلم تتجاوز الــ %1. وطالما حيرت هذه الظاهرة علماء الإنسان لعقود إلى أن جاء جيمس فريزر وافترض أن التنبؤ العلمي، وما توصل له الإنسان من قدرة على التحكم في الطبيعة أدى أو ساعد في استئصال، أو تقليل أهمية المعتقد الديني ودوره كوسيلة لمعرفة غير المنظور أو التحكم فيه وفي حياتنا. وقال انه كلما ازداد انتشار التعليم قل انتشار التدين! كما لاحظ فريزر وجود علاقة متبادلة بين ضعف الاعتقاد والذكاء، فغالبية هؤلاء من خريجي الجامعات وأهل المدن والأكثر ثراء والذين لديهم شعور أقوى بالأمن المادي والمعيشي. أما غيرهم فأكثر لجوءا للمعتقد لمواجهة مشاكلهم وغير المعروف في حياتهم. كما نجد أن برامج الرعاية والضمان الاجتماعي في المجتمعات المتقدمة قد أزالت الخوف من المجهول من فكرهم. كما ساهم ما يتمتعون به من تأمين صحي، وفي الشيخوخة في جعلهم أكثر قدرة على مواجهة قوى الطبيعة ومتطلبات الحياة، مقارنة بغيرهم الأقل حظا والأكثر إيمانا بالغيبيات التي تلعب دورا اكبر في حياتهم.
***
ملاحظة: لفت الزميل صالح الشايجي نظرنا الى حقيقة أن بكر صدقي هو أول عسكري في التاريخ العربي المعاصر يقوم بانقلاب وكان ذلك في العراق في أكتوبر عام 1936 في عهد الملك غازي، واغتيل بعد أقل من عام.
أحمد الصراف