لا أرغب في استمرار سمو الرئيس، ولا أعتقد أن مشاكل البلد ستحل بطريقة إدارته التي ترضخ، وأحيانا تقترح من نفسها، صرف الأموال في كل جهة دون حل جذري منطقي وموضوعي.
فغلاء الأسعار لا يحل بزيادة الرواتب بل بتقنين الأسعار، وارتفاع أسعار العقار لا يحل بزيادة البدلات بل بتحرير المزيد من أراضي الدولة، وزيادة الأمراض لا تحل برحلات العلاج إلى الخارج بل بتوفير العلاج المناسب في البلد، وتردي الخدمات التعليمية لا يحل بالبعثات الخارجية أو الداخلية في المؤسسات التعليمية الخاصة بل من خلال تطوير المدارس والجامعات والهيئات التعليمية الحكومية، وهلم جرا على كل القطاعات المتردية وهي كل القطاعات تقريبا.
وكل الأمور السابق ذكرها لم تُعالج بل استمر نهج المحاصصة والمجاملة وأحيانا التخوف من بعض الحناجر النيابية من قبل الحكومات المتعاقبة، فكان الضحية المجتمع بشكل عام، والمستفيد بعض الأفراد من هنا وهناك، ولا ألتمس إلى اليوم أي خطوة تجعلنا نتفاءل بالمستقبل الإداري للحكومة الجديدة القديمة، وعليه فأنا لا أرغب في استمرار سموه كرئيس للسلطة التنفيذية.
لكن دعونا نتوقف قليلا، ونفكر كيف لنا أن نبعد تلك الإدارة بالأطر الدستورية، أو على الأقل نحاول أن نقومها في عمر المجلس المتبقي قبل أن نعود إلى الاختيار على أمل أن نحسنه فعلا.
فالحل المنتهج اليوم من قبل بعض النواب، وهو تقديم استجواب تلو الآخر إلى سمو الرئيس حل خاوٍ فارغ ضعيف لا داعي له أبدا، فالمجلس كما هو واضح للجميع لا يملك من أمره شيئا، والأصوات محسومة مهما عظم الفساد وكبر وأحسن الظروف، أقول أحسنها، لن تحقق أكثر من 22 صوتا نيابيا لعدم التعاون، وكل جلسة استجواب تتحول إلى سرية بإرادة مجلسنا المنتخب منا، وهو ما يعني أننا لا نتمكن حتى من سماع المرافعات كي نشكل الضغط الكافي للتغيير.
وهذا ما ينتج البطالة المقنعة للمجلس حتما، فالاستجوابات المتتالية التي لا فائدة منها حسبما أرى تأخذ جلسات كاملة من عمر مجلس الأمة، وبالتالي فإن الدور التشريعي يختفي لأن الاستجواب يسبق كل بنود جدول الأعمال، ويلغيها من جلساتها المخصصة.
لقد أسأنا الاختيار، وعلينا أن نسلم بهذا الواقع، فلا «جمعة وثيقة» ولا « جمعة غضب» ولا «جمعة رحيل» ستجدي نفعا أبدا، وسيطرة الحكومة على المجلس هي صنيعة أيدينا، وسمو الأمير صاحب الحق الدستوري الوحيد بحل مجلس الأمة، فدعونا نستثمر ما يمكن استثماره من هذا المجلس بدلا من تكرار الأسطوانة دون جدوى أبدا، وعندما يحين الاختيار مجددا سيكون لنا كلمة أخرى ستجعل سمو الرئيس يرحل إن رغبنا فعلا في ذلك، وانعكست رغبتنا على اختيارنا.
بقاء سمو الرئيس مدة سنتين لحين الانتخابات المقبلة واقع صنعناه بأيدينا واختيارنا، وليس من المنطقي أن نحاسب سموه على كعكة الاستسلام النيابي للحكومة التي قدمناها له على طبق من ذهب، ونلوم الحكومة على التهامها تلك الكعكة!!
ضمن نطاق التغطية:
من خلال متابعتي لنوّاب الحكومة لاحظت أن أغلبيتهم العظمى هي ممن فازوا بسبب الفرز القبلي «الفرعيات» أو الفرز الطائفي «الدائرة الأولى» أو من التيارات الدينية… والقبيلة والعائلة والطائفة والدين تأتي في أعلى سلم أولويات الكثير من أبناء المجتمع، وبالتالي لن يتغير أو تنصلح الحال ما دامت الأولويات بهذا الشكل.