احمد الصراف

مقال شوفيني

لا أدري من كتب هذا النص على الإنترنت، ولكني وجدته يستحق النشر بتصرف. سألني صديقي ونحن على شاطئ البحر عند الغروب، لماذا تحب القهوة وتتذوقها بمتعة تُحسد عليها؟ أجبته: ربما لأن في القهوة الكثير من المرأة والحب، قال: كيف؟ قلت: تعال نستعرض الأمر واحدة واحدة، شفة شفة، فبعضنا يحبها حلوة، وبعضنا يحبها مُرّة، وبعضنا يحبها خفيفة وبعضنا يحبها ثقيلة، بعضنا يحبها وسطا، وبعضنا يحبها عالريحة، البعض يحبها مغلية والبعض يحبها «مزبوطة»، آخر يحبها رائقة، وآخر يحبها وعليها قشوة، وواحد يحبها ساخنة، والثاني يحبها فاترة، الثالث يشربها بجرعة، والرابع يشربها شفطا، والخامس يسمع صوته وهو يشفها. وناس يشربونها بفنجان كبير، وناس يشربونها بفنجان صغير، وناس يمسكون الفنجان من وسطه، وناس يمسكونه من أذنه، وناس يشربون الفنجان كاملاً، وناس لا يشربون إلاّ نصف الفنجان، وناس يشربون القهوة ويكتفون، وناس يحملونها معهم في «الترمس»، وناس يشربونها في كل مكان، وناس لا يشربونها إلاّ في بيوتهم، ورجل يحب القهوة افرنجية، وآخر يحبها عربية، وثالث نسكافيه، وآخر يحبها كافي وبس. واحد يحبها مع حب الهيل، وآخر يحبها كلها حب هيل، وغيرهم لا حب ولا هيل. البعض يحبها فرنسية وآخر تركية، الباقي يحبها عربية، فالدنيا أمزجة، فهناك من لا يشرب القهوة إلاّ إذا عرف نوع البن، وهناك من يشربها كيفما كان البن، وهناك من يبحث في البن عن ماركته، وهناك من لا يهمه من البن إلاّ نكهته الأصلية. هناك من يشتري البن ليحمصه على يده، وهناك من يشتريه مطحوناً خالصاً، وبعد أن يشربوا القهوة ينقسمون إلى قسمين، قسم يهوى قراءة الفنجان ليعرف الأسرار ويفك الرموز، وقسم يضحك على القارئين!
قاطعني وقال: ولكن هناك نساء يدّع.ين معرفتهن بقراءة الفنجان؟ قلت: طبعا، لأنه لا يفهم المرأة إلاّ المرأة، ولا تنس يا صديقي أنه وعلى الرغم من حبنا للقهوة فإن الإفراط فيها ضار، إلاّ في الحب، فالإنسان كلما أفرط فيه أحس بجمال الدنيا وروعة العمر وخفايا نفسه! وسألني: وأنت يا عاشق القهوة كيف تحب القهوة؟ قلت: أحبها «مزبوطة» لا حلوة كالقطر ولا مُرّة كالحنظل. سألني: مغلية أم عكرة؟ قلت: مغلية جداً. سألني: رائقة أم على وجهها قشوة؟ قلت: رائقة جدا. سألني: وإذا جاءتك وعلى وجهها قشوة؟ قلت: انفخ أو أمسح القشوة عنها حتى يعود إليها صفاؤها، وهل يسمع الناس صوتك وأنت ترشف القهوة؟ قلت: كانوا يسمعون صوتي عندما كنت صغيراً أما الآن فلا يسمع حفيف فمي إلاّ فنجاني وحده. سألني وأين تشرب قهوتك، أينما كان، أم تشربها في بيتك وحده؟ قلت: قد لا أشربها في بيتي وحده، ولكنني لا أشربها في كل مكان. قال: أين تشربها إذاً؟ قلت: حيث يكون فنجان. قال: وكيف تفضل القهوة: عربية أم افرنجية؟ قلت: أفضلها حيث أحبها، فالوطن هو الحبيب والحبيب هو الوطن! قال: ها وبعدين؟ قلت: القهوة هي المرأة والمرأة هي الحب والحب هو المرأة!!
أحمد الصراف
[email protected]

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *