ما شأننا بخلافات الشيوخ وصراعاتهم؟ وكيف تدار هذه الدولة؟ وكيف سننظر إلى المستقبل وتحدياته الأمنية والاقتصادية مادام كل شيخ «كبير، ويحكم» لا عمل ولا هدف له غير نصب الفخاخ للشيخ الآخر الكبير والمرشح للحكم، لأنه أيضاً من «ذرية مبارك» وله أحلامه العريضة بالسلطة والتفرد بها مع حاشيته التي تحمل المباخر، وتهرول خلف بشت الشيخ المعزب لتعطيره؟.
قضية الصراع القديم بين رئيس الحكومة سمو الشيخ ناصر المحمد ونائبه للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد قبيحة وخطيرة من ناحيتين، فخلاف الشيخين لا يجب النظر إليه على أنه محصور في حشد وتجييش هذا النائب أو ذاك «ويالله تزيد النعمة على تلك الشاكلة من النواب الهباب»، بل يجب قراءتها على أنها صراع من أجل التوحد بالسلطة وعزل الآخر، وأسلحة أطراف النزاع هي ذمم خراب لها سعرها وثمنها في أسواق النخاسة السياسية، الوجه الآخر من قباحة هذا الصراع أنه بعد نصف قرن من الحكم «شبه الدستوري» نجد أنه لم يعد كافياً لبعض الشيوخ الامتيازات «المشيخية» التي شرعها لهم القانون، وغيرها التي شرعوها لأنفسهم من غير حكم القانون، وأضحوا عبرها شيوخاً فوق حكم القانون، وكرسوا ودونوا أعراف الفساد في الدولة، فلم يعد مهماً أن نعرف أن هناك فساداً في شراء رخص قيادة المرور أو رخص بناء مخالف في بلدية الكويت، بل أصبحت هناك أسعار «شبه رسمية» لبعض نواب الأمة، أثمان نواب البؤس هي إما «كاش» أو تمرير معاملات غير جائزة أو الاثنان معاً، وفي كلتا الحالتين نجد أنفسنا أمام جرائم مشهودة نعرف الفاعلين وندرك تماماً حجم جرائمهم بحق الوطن ومستقبله، ورغم ذلك لا تتم مساءلتهم حسب القانون! لأنهم وضعوا أنفسهم فوق المساءلة القانونية، وسكتنا عنهم حين سلمنا أمورنا لقدر الفساد وأحكامه. مللنا يا سادة من الشكل الدستوري والدمية «الديمقراطية» فتحت جلبابها هناك فضائح تجري كل يوم، ويتم حرق أرصدة الغد وضمان حلم الجيل القادم من أجل أن يسعد البعض بكراسي السلطة منفردين، كل هذا يجري وهناك من يقف متفرجاً ضاحكاً، وكأنه أمام مسرحية هزلية هو مخرجها ومبدعها بداية ونهاية.