تشاهده فتجرّك ذاكرتك من قفاك إلى أولئك الذين يحتلون صفحات التعارف وجمع الطوابع في مجلات الثمانينيات… تقرأ له فتدمنه والعياذ بالله.. كتاباته فتنة سامح الله من أيقظها.
هو صعلوك سعودي أحياناً… وهو شيخ الطريقة الرطيّانية دائماً… له مريدون وأتباع، من هنا إلى هناااااك، يقرأون له وهم يهزون رؤوسهم، وينتظرون «أوراده» بجوعٍ مرموق… وليس لديه فروع أخرى.
يعرّف نفسه لمن يعرفه:
السلام عليكم. أنا محمد الرطيان. أعمل في شركة الاتصالات السعودية (لن أتردد لحظة واحدة في مهاجمتها لو شعرت أنها رفعت فواتيري أو فواتيركم !) أعيش في مدينة رفحاء العظيمة في شمال البلاد، وولدت فيها في عام النكسة (كل الأعوام العربية منذ عام 48م هي أعوام نكسات ونكبات… فاختاروا من التواريخ ما تشاءون!) متزوج ورزقني الله ستة أطفال رائعين ولهم أحلام رائعة: « سيف» ويحلم أن يسافر من رفحاء إلى جيزان عبر القطار! «سلطان» ويحلم أن يذهب إلى أحد مراكز الاقتراع ليدلي بصوته عن أي شيء! «أحمد» ولديه أحلام خطيرة لا تصلح للنشر! «فاطمة» تحلم أن يكف اليمين واليسار عن التحدث بالنيابة عنها، وتسلّم عليهم، وتقول لهم: إذا فيكم خير تجاوزوا الحديث عن «قيادة المرأة للسيارة» للحديث عما هو أهمّ وأخطر! «مريم» لا تحلم… ولكنها تخاف عليّ من المبالغة في الأحلام الكبرى! «الحميدي» يحلم بتغيير اسمه!… وطبعًا سأقول له وبكل ديمقراطية: «معصي»!! وأرجو أن تجدوا على مائدتي ما لذّ وطاب من المقالات والأفكار الطازجة والشهية. ولن أعدكم بشيء… فقط أعدكم بأنني سأحاول: أن نغني معاً للبلاد… أن نشتم القبح علانية… وننحاز للجمال… أن نفتح نافذة (ولو صغيرة) لضوء سماوي… أن نرفع السقف (ولو قليلاً) عن رؤوسنا… أن نفضح الأشياء التي تستحق الفضح، ونحتفي بالأشياء التي تستحق الاحتفاء… أنا «محمد الرطيان»… أردت أن أصافحكم بحرارة وأقول لكم: كم أنا مشتاق لكم.
يهلوس ربما:
• كل مدينة أنثى، لهذا أرى أن العواصم والمدن الكبرى لسن سوى عاهرات، والمدن الصغرى: أمهات.
• رائحتك تجعل العالم كله يتحول إلى أنف.
• الحياة مثل البيانو لا يكتمل لحنها فقط بالمفاتيح البيضاء… لا بد من استخدام المفاتيح السوداء أيضا!
• لي صديق – جزاه الله خيراً – إذا أصابتني مصيبة قال إنها «عقاب» وإذا أصابته مصيبة قال إنها «ابتلاء»… كأنني جدة.. وكأنه الرياض.
• في رأسك ألف باب صغير لم يُفتح من قبل… اكتفيتَ بفتح الأبواب التي ورثتَ مفاتيحها من الأهل والأقارب والكتب الأولى… جرب أن تفتح الأبواب الأخرى. لا تخف من الهواء الجديد.
• جهلك ببعض الأشياء فيك لا يعني أنها غير موجودة لديك… اخرج منك. لتراك بشكل جيد.
• «صح» مطبعي: لكل مجتهد «نسيب».
• الجبناء يرون أن أي فعل شجاع هو تهور… والبخلاء يرون أن أي فعل كريم هو إسراف وبذخ… لا تستشر الجبناء والبخلاء في أمور الشجاعة والكرم.
ويقهقه الرطيان:
• «يا كثر النفافيخ اللي تبي تطق بـ 2011 م!
ولا نملك في هذه اللحظة التاريخية، التي تعصف بأمتنا العظيمة، إلا أن نردد مع زكية زكريا: «هات البلالين يا نجاتي».
ونقهقه معه…
اليوم: 2 يونيو، 2011
وكلاء الأمة ووكلاء الشيوخ
صراعات القصر ليست مسألة جديدة على التاريخ الكويتي بصفة خاصة، وعلى تاريخ الحكم الملكي بصفة عامة، قبل أن تعرف هذه الأنظمة مبدأ الملكية الدستورية، فشغف الاستئثار بالحكم وتنحية المنافسين المرشحين للخلافة عبر المكيدة والحيلة أو من خلال انقلابات دموية، كلها مسائل يضج بها تاريخ الملوك والأمراء. في التاريخ القريب كانت هناك خلافات وصراعات بين أفراد الأسرة الحاكمة على منصب الإمارة، فلم يكن سراً التنافس بين المرحومين الشيخ جابر العلي والأمير الراحل جابر الأحمد حتى قبل أن يتولى الأخير منصب الإمارة، وبعدها، وحتى اللحظات الحرجة قبل تولي المرحوم الشيخ سعد منصب ولاية العهد، وقبل هذا التاريخ وقبل العصر الذهبي للدولة مع عبدالله السالم وأثناء حياته كانت هناك خلافات بين أفراد الأسرة بشأن مَن سيكون الرجل الثاني والثالث على سلم الحكم بالدولة.
بعد العمل بالدستور وقانون توارث الإمارة يفترض (والافتراض لا يطابق الحقائق التاريخية) أن تنتهي الدولة من صراعات الطامحين إلى منصب الرجل الثاني أو الثالث في أولويات القادمين إلى الحكم، لكن هذا لم يحدث، وليس لأحد أن يحاكم التاريخ، وإنما لنا كل الحق اليوم أن نطالب بوقف هذا العبث السياسي في صراعات القصر، فليست الكويت اليوم هي كويت الأمس وما قبله، والتحديات التي تواجه الدولة الآن ليست كما كانت بالأمس، والمنطقة العربية تعيش فوق بركان يغلي بتغيرات في أنظمة الحكم، وحطمت شعوب المنطقة حاجز الخوف الذي حال دون تغيير الأنظمة القمعية، وعلى النظام الذكي الذي يريد إطالة عمره أن يقرأ التغيرات ويستوعبها كي يتواءم معها، وإلا فنهايته ونهاية الدولة مسألة محسومة، فاحتمال «صوملة» اليمن و»بلقنة» ليبيا ليست بالمسائل البعيدة، والقادم في دول أخرى مثل سورية أمره مجهول وفي علم الغيب السياسي. في الكويت لولا الدستور ووجود نظام شبه ديمقراطي لما اختلفت أمورنا عن الغير، ومن يتصور في الدول البترولية الثرية أن سياسة العطاء المالي ورشوة الشعوب، ومن يمثلها في برلمانات الأتباع من دون حساب غير حساب إفلاس المستقبل، ستضمن له البقاء فهو واهم.
بعد جلسة أمس الأول، على المتشدقين بوحدة مواقف الأسرة الحاكمة أن يكفوا عن هذا الابتذال الخطابي، فقد رأينا كيف يدار صراع الاستجوابات بالوكالة عبر نواب الأمة ووكلاء الشيوخ. فكان هناك شيخ يستجوب وآخر يستجوب ضده من ابن عمه وقريبه أو يتملص من مشروع استجوابه عبر الوكلاء أيضاً، فهل انتهت تحديات وجود الدولة ومستقبلها الآن لنتفرغ لمشاهدة مسرحيات شكسبيرية عن صراعات القصر؟! ارحموا مستقبل البلد فالتاريخ لا يرحم أبداً.
الوهم المفيد والحقيقة الضارة
لا يمكن أن يتحضر مجتمع بشري من غير جهد ووقت ومال، والأمم لا تتحضر وتتطور من غير سبب، أو محرك، وليس هناك أكثر أهمية من التعليم الصحيح لجعل التحضر والتطور ثابتين ومستمرين، وبالتالي يصبح للتعليم الفضل الأكبر ويقف وراء مثل هذا النوع من التطور النوعي في تركيبة أي مجتمع، وهذا التعليم لا يمكن أن ينجح بغير حفظ حقوق الجميع والاهتمام بالضمان الاجتماعي وضمان حرية الفرد بشكل مطلق. أما التقدم الحقيقي واللحاق بالأمم المتقدمة فيتطلبان إطلاق العنان للفكر البشري لينطلق إلى ما شاء.
ولو استعرضنا وضع دول العالم لوجدنا ان أفضلها على البشرية واكثرها تطورا وتحضرا وتقدما ومساهمة في الفكر الإنساني في الوقت نفسه هي الأقل تعلقا بالعقائد وبمعتقدات الماضي، والعكس صحيح، فكلما تخلف المجتمع زاد تمسكه بمعتقداته وتقاليده وأعرافه بسبب ارتباط معيشة نسبة كبيرة من المجتمع ببقاء مثل هذه المعتقدات من دون تغيير، فلو افترضنا أن جهة علمية موثوقة ما اكتشفت مثلا أن قبر السيد البدوي في مصر، الذي يحظى بما يقارب القدسية فيها، لا يحتوي على أي رفات بشرية، أو أي شيء آخر، فإن أول المشككين في مثل هذا الكشف العلمي هم الذين تعتمد مصالحهم ومعيشتهم، بل وحياتهم برمتها، على بقاء «الوهم» على حاله، فمجتمعاتنا بشكل عام تفضل «وهما مفيدا على حقيقة ضارة»! فمعيشة عشرات آلاف الأفراد، كسدنة المزارات والوكلاء والحراس واصحاب المحال التجارية في المنطقة ومصنعي وباعة التعاويذ والأدعية والتذكارات والمطاعم وشركات النقل واصحاب عشرات المهن الأخرى واسرهم، تعتمد بشكل كلي على بقاء الوضع، أو الوهم على ما هو عليه لأهميته للاقتصاد والمجتمع وحتى أمن الوطن!
أحمد الصراف
[email protected]