اضطررت اخيراً للخضوع إلى مشرط جراح لزرع اسنان جديدة، وهذا تطلب ازالة قطع عظمية من الحنك، أو الذقن، باستخدام مطرقة ومنشار دقيقين، وزرعها في الجزء الأعلى من اللثة، وهذا تطلب قطع اللثة بطول 10 سنتيمرات، واستغرقت العملية أكثر من ثلاث ساعات متواصلة، وتم كل ذلك من دون ألم يذكر، وانا في كامل وعيي، وكل ذلك بفضل فضيلة التخدير العجيبة، وهذا دفعني، فور العودة إلى البيت لأقرأ واكتب شيئا عنه وعن أولئك العظام الذين ساهموا في تخفيف آلام ومعاناة مليارات البشر الذين أجروا عملية أو اكثر، وتتبين المعجزة عندما نعرف حجم المعاناة الذي كان يتعرض له كل الماضي طوال آلاف السنين قبل توصل هؤلاء العظماء إلى التخدير الموضعي والكامل، حيث كان المريض يتعرض للخنق حتى يفقد وعيه ومن ثم اجراء العملية له أو بربطه ووضع قطعة جلد في فمه ليعض عليها وبعدها يبدأ النشر والتقطيع، أو يضرب في مكان من جمجمته فيفقد وعيه لساعات، أو ينوم مغناطيسيا، هذا غير اجباره على تناول الغريب من خليط الأعشاب المخدرة، أو تناول مخدر كالكوكايين أو المورفين لتخفيف آلامه، وهذه جميعا لم تكن تجدي نفعا، إما لضعف مفعولها وإما لخطورتها قبل واثناء وبعد العملية، الى أن جاء د. كراوفورد لونغ ليستخدم سائل الأثير، أو ether في 1842 في عملية جراحية لازالة ورم من مريض، وكررها على آخرين، ولم ينشر شيئا عن منجزاته الا عام 1849، أثناءها قام وليم مورتن باجراء أول عملية علنية باستخدام المخدر، من دون أن يعرف بتجارب زميله كراوفورد، وكان ذلك في بوسطن. وفي عام 1947 اكتشف جيمس يونغ فعالية سائل الكلوروفورم في التخدير، وانتشر بعد أن استخدم في مساعدة الملكة فكتوريا عام 1853 في ولادة صعبة، ولكن لم يكن استخدامه آمنا على اي حال فتم التخلي عنه، أما الآن فقد تقدم علم التخدير واصبح تخصصا عالي الأهمية، وتعددت أنواعه في التخدير العام، أما الموضعي فالأفضل حتى الآن هو الزايلوكايين xylocaine.
ما نود قوله هنا أن لا أحد من هؤلاء الأفذاذ الذين كان لهم حتماً فضل كبير في تخفيف آلام أعضاء «لجنة تسمية الشوارع» في المجلس البلدي وبقية زملائهم في المجلس ووزيرهم صفر وكل «طوافيهم»، استحق أن يطلق اسمه على سكة أو «زنقة» في الكويت، في الوقت الذي نجد أسماء لنكرات تطلق على شوارع ضخمة وواسعة لا يعرف أحد شيئا عن اصحابها. وكما سمي أحد شوارع الرميثية باسم حسن البنا، في الوقت الذي لا نجد فيه حتى سكة باسمه في وطنه مصر، هل لأن مصر تعتبره ارهابيا مثلا، ونحن لا نراه كذلك؟
أحمد الصراف