مبارك الدويلة

التكامل الخليجي

ردة الفعل الشعبية من أهل الخليج العربي كانت كافية لإجهاض اقتراح ضم المغرب والأردن الى مجلس التعاون الخليجي، حيث لا منطقية ولا جدية ولا وجاهة في هذا الاقتراح الغريب والمفاجئ، حيث لم يكن مدرجا على جدول الأعمال. ويبدو انها رسالة أريد لها أن تصل الى جهة معينة ولكن تم اخراجها بشكل سيئ أدى الى اجهاضها.
المطلوب اليوم من دول مجلس التعاون المزيد من التكامل في ما بينها، فشعار «خليجنا واحد وشعبنا واحد ومصيرنا واحد» يجب ان يتعدى كونه حبرا على ورق وأناشيد في الأعياد والمناسبات، الى واقع ملموس نشعر به يوميا في حياتنا العملية.
اتفاقية مجلس التعاون تسمح بأن نعلن عن تشكيل جيش خليجي واحد تحت قيادة مشتركة، ولا بأس من اشتراط الإجماع لتحريك هذا الجيش. كما أن دول الخليج اليوم ـــ باستثناء قطر ـــ تنتهج سياسة خارجية واحدة من دون الزام لبقية الدول، فلماذا لا نعلن قيادة واحدة للسياسة الخارجية تحددها مصالح دوله من دون اخلال بالالتزامات القومية والإسلامية؟ وأنا شخصياً اعتقد ان قطر، هذه الدولة الصغيرة، انتهجت سياسة مميزة، وتمكنت من ان تفرض وجودها على أجندة الكبار، فلا بأس اذاً من ان نستفيد من سيرة هذه الدولة في هذا المجال.
وبما ان المصالح النفطية واحدة، ولا مجال للفلسفة في السياسة النفطية، فلذلك أجد ان التكامل الخليجي في هذا المجال سهل المنال، ان لم يكن واقعا اليوم.
فإذا أضفنا المرور بالبطاقة والربط الكهربائي والقطار الخليجي ثم أخيرا وليس آخرا العملة الخليجية الموحدة، كل ذلك يجعل من ايجاد الكونفدرالية أمرا ميسورا وواقعا محسوسا.
القضية التي يجب التأكيد عليها قبل الختام هي ان الخصوصية في إدارة الشأن المحلي سمة النظام الكونفدرالي، فالكويت مثلا تستطيع ان تحافظ على طبيعة النظام البرلماني والرقابي من دون الاخلال بالالتزام بالكونفدرالية. كما ان المملكة العربية السعودية تستطيع ان تحافظ على ظاهرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من دون تناقض مع التزامها الكونفدرالي. فإذا أضفنا إلى ذلك ان كل اسرة حكم تستمر في مكانتها وموقعها وحكمها للبلاد من دون تعارض مع هذا النظام فسنجد ان تطبيق الكونفدرالية امر ضروري لحفظ الأمن لهذه الدول، بدلا من ضم دول أخرى تجعل من التكامل الخليجي امرا مستحيلا.

ملاحظة داخلية: نائب رئيس مجلس الأمة عبدالله الرومي يتميز بضيق الصدر، لذلك أسهل شيء عنده لإدارة الجلسات هو الإعلان عن رفع الجلسة، لذلك من لا يرد لهذا المجلس أن ينجز شيئا فكل ما عليه ان «يطفر» بومحمد عندما يبدأ في ادارة الجلسة وسيتحقق له ما يريد.

احمد الصراف

الأيتام على مائدة اللئام

«…لو كان ستيف جوبس أو ويلي برانت كويتيين، لما أصبحا أكثر من موظفي مستوصف صحة في منطقة نائية»!!
***
بسبب حالة النفاق التي تعيشها مجتمعاتنا فإن الكثير من القضايا لا تنال ما تستحق من اهتمام «اجتماعي» بسبب نفور الكثيرين منها، ورغبتهم في إنكار الواقع المر والتمسك بـ«الفضيلة»! ومن هذه القضايا «اللقطاء أو مجهولو الأبوين». فعلى الرغم من أن الجهات المعنية، وفق علمي البسيط، لم تقصر في توفير احتياجات هؤلاء، فان هناك تقصيرا في التعامل مع هذه الفئة وتخفيف معاناتها، واعتقد أن التقصير نابع إما من سوء فهم، وإما لوجود تفسير مجحف لنصوص دينية في كيفية التعامل مع هؤلاء بطريقة سليمة، فقضيتهم ليست جديدة أو طارئة، كما ليس من المتوقع أن تختفي من مجتمعنا، أو اي مجتمع آخر، وهي بازدياد مع زيادة عدد السكان واختلال التركيبة السكانية لمصلحة الذكور في مجتمع منغلق ومنافق!
ظاهرة مجهولي الأبوين موجودة في أي مجتمع مذ كان هناك رجل وامرأة، ولن يفيد التجاهل في التقليل منها، وعلاجها الوحيد هو تشجيع التبني والتوسع فيه ضمن ضوابط واضحة وسهلة إلى حد ما، فالوضع لدينا مثلا عكس ما هو عليه في الدول المتقدمة، فقوائم انتظار تبني طفل في أي مجتمع غربي عادة ما تكون طويلة لقلة العرض، أما عندنا فعلى الرغم من وجود طلب لا بأس به على التبني، فإن العرض، ولأسباب «حكومية دينية» مختلفة، غير متوافر أو مرحب به! وفي هذا السياق أهداني السيد فهد الوردان، الذي سبق أن عمل مديرا لإدارة الحضانة العائلية، كتابه «الأيتام في الكويت»، وهنا يقصد «اللقطاء»!! وعلى الرغم مما تضمنه من معلومات فإنه، كما توقعت، لم يتطرق الى موضوع التبني، وركز بدل ذلك على انجازاته ومؤهلاته.
نتمنى قيام جهة «إنسانية» بتبني قضية هذه الفئة، والمساهمة في سرعة اندماجها في المجتمع الكبير بطريقة حضارية أكثر.

أحمد الصراف

حسن العيسى

من نادي الملوك إلى نادي الشعوب

لم يجد أحد المعلقين في «بي بي سي» تسمية لمجلس دول التعاون الخليجي غير «نادي الملوك»، وهو بالفعل يشكل نادياً للملوك العرب، لكن هذا النادي يمد يده الآن إلى المملكة الهاشمية والمملكة المغربية للانضمام إليه مع تحفظ الكويت وقطر وعمان، وسواء جاءت مبادرة الانضمام إلى دول المجلس من الأردن والمغرب أم بطلب من «نصف» دول المجلس فلن يغير هذا من حقيقة الواقع بأن الدعوة لا تخرج عن أنها نوع من الاستقواء بهاتين الدولتين لمواجهة التحديات الإيرانية.
ولادة مجلس التعاون الخليجي ذاتها في مايو ٨١ كانت بحد ذاتها رد فعل للثورة الإيرانية، ولم تكن ولادة المجلس ناتجة عن قناعة راسخة لدول المنطقة بضرورة الشروع في الوحدة الاقتصادية ثم السياسية بين دول المنطقة. لم يكن «الإقليم» الخليجي الواحد هو معيار خلق المجلس، فلا إيران ولا العراق ولا اليمن أعضاء فيه، ولم يبد أن مشروع التوحيد الجزئي في البداية ثم نحو الوحدة الأوسع، كما هو الحال مع دول الاتحاد الأوروبي، في بال أصحاب فكرة المجلس. لم يكن المجلس في أفضل أحواله سوى واجهة للتنسيق السياسي والعسكري بين دوله لمواجهة التحديات الخارجية المتمثلة في الدولتين الأقوى في المنطقة وهما إيران والعراق (سابقا)، أيضاً كان تشابه الأنظمة الحاكمة في دوله لأنها ممالك وإمارات، تقوم على تحالفات قبلية واقتصاد ريعي أساسه تصدير النفط، مع اعتماد شبه كامل على العمالة الأجنبية، هما الركيزتان خلف قيام المجلس. على ذلك لم تستطع دول المجلس على مدى ثلاثين عاماً تحقيق أبسط أحلام شعوبها، فتعثرت فكرة السوق المشتركة وانتهت إلى غير رجعة فكرة العملة الواحدة بعد أزمة دبي المالية قبل ثلاثة أعوام، ولا يبقى من «شكل المجلس» غير «كاونتر» الجوازات الخاص بمواطني دول المجلس، ثم تطورت الأمور قليلاً بعد اعتماد التنقل بالبطاقة المدنية…!
أما قوات «درع الجزيرة» فقد كانت أضعف من رد الأخطار عن دول المجلس، وكان الاحتلال العراقي للكويت عام ٩٠ دليلاً على ذلك، ولولا تدخل القوى الكبرى لما حدث التحرير، واليوم لا يظل هناك دور لقوات درع الجزيرة إلا التدخل الشكلي لحماية الأنظمة في دول المجلس، مع إبراز صورة غير واقعية عن الوحدة الموهومة. وليس هناك من عذر لدول المجلس في ضعفها العسكري، فالسؤال الثابت يتلخص في أين تذهب الأموال الفلكية التي رصدت للميزانيات العسكرية لمعظم دول المجلس؟
دخول المغرب والأردن في نادي الملوك لن يغير من الأمر شيئاً، وإن كان هناك أمل كبير أن تتسع مظلة المجلس لكل الدول العربية وحتى غير العربية متى قامت أنظمتها على شرعيات دستورية تضمن الحد الأدنى لمبادئ حقوق الإنسان، وهذا غير متيسر في معظم دول المجلس ولا عند أشقائه العرب حتى هذه اللحظة، وحتى تحين هذه اللحظة ليس لنا غير الحلم بأن تتحول دولنا العربية من نوادي الملوك والرؤساء الملكيين إلى نواد للشعوب.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

من حطم مختارة ماي؟

ربما لم يسمع أحد منا بالباكستانية «مختارة ماي» من قبل، ولكن قصتها جديرة بأن تروى. ففي 2002 شوهد أخوها الأصغر يسير بصحبة فتاة من قبيلة أكثر نفوذا من قبيلتها، ولردع الغير عن التعدي على شرف القبيلة الأخرى الأرفع، ولو بالسير معها في الطريق، قرر حكماء القرية معاقبة الصبي بطريقة شرعية، وذلك بالحكم على شقيقته بالاغتصاب الجماعي من رجال القبيلة، وعلناً، وهذا ما حدث بالفعل.
وتقول «مختارة» إنها شعرت باليأس والمهانة، وكان أمامها أحد ثلاثة طرق: إما الانتحار، أو دفن نفسها بالحزن، وإما أن تواجه الموقف بقوة وتتحدى الظروف، وكان قرارها الأخير هو الذي دفعها لأن تتعلم وتفتتح مدرسة للبنات لتساهم في رفع مستواهن وتعريفهن بحقوقهن المهدورة.
عادت قضية «مختارة» للسطح مؤخرا بعد ان تدخلت المحكمة العليا في باكستان لوقف قرار احدى المحاكم بتبرئة خمسة من أصل الــ 14 رجلا الذين سبق وأن أدينوا بجريمة اغتصابها علنا، وهي الحادثة المأساوية التي أثارت في حينه مشاعر الكثيرين من مناصري المرأة والمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم أجمع، ويبدو أننا لم نكن وقتها من هؤلاء، ولن نكون!
وباكستان اليوم بانتظار حكم محكمة الاستئناف بحق مقترفي هذه الجريمة المسيئة للخلق والضمير والنفس البشرية، ويذكر أن الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف سبق ان منع «مختارة» من السفر، ووضعها قيد الإقامة الجبرية، خوفا من أن تغادر باكستان للغرب وتفضح أنظمة بلدها، وعلىالرغم من أنها حصلت على جوازها مؤخرا، لكنها لم تحاول مغادرة وطنها.
لا أدري لماذا نحن بحاجة الى وقوع مثل هذه المآسي المؤلمة لنعرف مدى حاجة مجتمعاتنا لجرعات كبيرة من زيادة الوعي والتعريف بابسط حقوق الإنسان، فما تتعرض له المرأة في المجتمعات المسلمة، وبالذات في المناطق المتشددة دينيا من باكستان وأفغانستان وإيران، هذا بخلاف دولنا الخليجية العامرة، أمر مؤلم ومؤلم جدا.
وفي تصريح للآنسة مختارة، التي تتمتع بوسامة لافتة، قالت إنها تلقت عروضا كثيرة للزواج، وانها قبلتها، مع شرط موافقة زوج المستقبل العيش معها في قريتها والعمل معها في المدرسة، وقالت إنهم هربوا جميعا، لأنهم كانوا يطمعون في ما تملك.. من مال!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

في بلاد العجائب

من يسمع بوجود «الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات» يعتقد بأن الأمر يتعلق بهيئة في السويد، ولكنه جهاز حكومي كويتي، على الرغم من جمال هدفه، إلى أنه سيصبح مع الوقت، وفي أحسن الأحوال جهازا بيروقراطيا مهلهلا، فقد أعلن مسؤولوه في الصحف قبل فترة عن دعوة لتأهيل المكاتب الاستشارية لدراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع بناء فندق في منطقة الشدادية، ضمن مشروع الجامعة الجديدة، على مساحة أكثر من 34 ألف متر مربع، ولا ادري ما الجدوى الاقتصادية التي يمكن لمشروع بهذا الحجم وهذا البعد أن يحققه، سواء أخذت قيمة الأرض في الاعتبار أو من دونها، في ظل قانون الـ«بي أو تي» BOT الصعب التحقيق؟ ولا أدري ما الجهة التي ستخاطر ببناء فندق على هذه المساحة الشاسعة في منطقة شبه نائية بنظام البناء والتشييد والاستغلال لفترة عشرين سنة تقريبا، ومن ثم إعادة ملكية المشروع للدولة!
لقد سبق أن كتبنا عن مشاريع فاشلة مشابهة بنظام الــBOT، ومنها مشروع مدينة الخيران الذي تضمن قيام الشركة المنفذة ببناء مدينة كاملة بكل مرافقها من جمعيات وطرقات ودور عبادة وبضع مئات من منازل، ومن ثم القيام ببيع هذه المنازل للمواطنين بالتقسيط المريح جدا، وتحقيق ربح من هذه الأقساط على مدى عشرين أو مائة سنة! حيث ذكرنا وقتها أن في الأمر نكتة سمجة! وحدث ما توقعناه حيث لا يزال المشروع على الورق ولم تتقدم أي جهة لها، وهذا يعود اصلا لسخافة شروط العرض أو استحالة التقيد بها.
إن الحكومة مطالبة بإعادة النظر في قانون الـBOT الحالي، وتقديم بديل له للمجلس، وجعله أكثر مرونة، فمنذ أن أقر قبل 3 سنوات لم يطبق، فمتى كانت آخر مرة سمعنا فيها بآخر مشروع حيوي كبير في الكويت، قبل 122سنة مثلا؟ شيء من هذا القبيل!
***
ملاحظة إلى القراء الكرام الراغبين في الاتصال والتواصل: انني متواجد حاليا خارج الكويت لمدة 3 أشهر.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الإمام البنا

الضرب في الميت حرام..
وبدلاً من الضرب فالأولى إكرام الميت بحسن التعامل مع جثته، وأقصد هنا بالميت الحكومة وليس بن لادن كما قد يتبادر إلى الذهن.
أقول بدلا من نعت الحكومة بالألفاظ والألقاب السيئة الذكر، فالأولى اليوم أن نناقش كيف السبيل لإكرامها بدفنها!! بمعنى أن مرسوم التكليف صدر وأدت اليمين الدستورية أمام سمو الأمير وأمام مجلس الأمة، ومارس النواب دورهم في الاعتراض، ولم يبق إلا أن نطوي هذه الصفحة الى الصفحة التالية وهي كيف نتعامل مع الحكومة في ما تبقى من عمر دور الانعقاد؟!
أعتقد الأولوية اليوم بالاتفاق على عدد من المواضيع التي تأخرت على المواطن والوطن، وأصبح إقرارها واعتمادها فريضتين لازمتين قبل أي شيء آخر.
ان الخطأ الذي يهيمن على عقول النواب اليوم هو انه لا يجتمع تشريع مع رقابة، وهذا يعني ان الاستجواب اذا قدّم فعلى جميع أجهزة الدولة أن تصاب بالشلل التام حتى يتم انجاز هذا الدور الرقابي!!
على مجلس الأمة والحكومة أن يعوضا ما فاتهما من وقت لتشريع ما يمكن من القوانين المتأخرة، وعلى نواب المعارضة ان يعلموا ان هذه الحكومة هي الحكومة التي يجب أن يتعاملوا معها مهما قالوا فيها ما قالوا (خشمك خشمك لو كان أعوج). لذلك يجب ان يتمنى كل عضو أن تنجح الحكومة في تنفيذ برنامجها، وأن ينجح كل وزير مهما اختلفت معه في عمله. هنا نكون وطنيين وهنا فقط نحقق شعار «الكويت أولا».

***
البعض يجهل تاريخ العظماء.. لأنه دائما يعيش مع الأقزام.
الإمام الشهيد حسن البنا.. رجل أحيا أمة.. ورجل جدد الدين بعد أن انتشرت البدع والضلالات ومات الوازع الديني في نفوس الكثير من الناس.. وكاد الاستعمار الغربي بعد العثماني أن يجعل من أمة العرب نسيا منسيا.
الإمام البنا أوجد منهج حياة يحبه كل محب لله ورسوله.. ويكرهه كل مبغض لله ورسوله.. حاربه الخديوي، وحاربه اليهود، وحاربه الغرب كله، حتى ان سيد قطب، يرحمه الله، عندما زار أميركا استغرب شدة كره الأميركان له، وهو لم يقابله، فأحبه وأعجب به.
حسن البنا ترك ارثا من الفكر والمنهج ما زال أتباعه يتبنونه حتى اليوم. وعندما يقول قائل انه غير معروف حتى في مصر، نقول له ان اتباعه ما دخلوا انتخابات نزيهة الا وكانت لهم الجولة، فيكفي أنهم أرعبوا نظام حسني مبارك طوال ثلاثين عاما.
العظيم يبقى عظيما عند العظماء.. والقزم يراوح مكانه.

حسن العيسى

لنحذر حرب الطوائف

بسبب كذبة أو حكاية غير مؤكدة عن قبطية اعتنقت الإسلام، بعد أن وقعت في غرام شاب مسلم، وتم حجزها في كنيسة، خرج السلفيون المتشددون وبلطجية الشوارع وأحرقوا كنيسة، وقتلوا عدداً من الضحايا الأبرياء الأقباط، وكان رد الحكومة المصرية أنها ستضرب «بيد من حديد» على مثيري الفتن. ويمكن أن تكون الحكومة المصرية استعارت شعار «بيد من حديد» من التراث السياسي الكويتي في أيام الغيبة الدستورية.
حدوتة القبطية المتيَّمة بعشق الفتى المسلم التي تضحي بحريتها من أجل هذا الحب العذري حتى يأتي الفارس السلفي بصحبة رفيقه البلطجي وينقذها من أهل الكفر، محطماً سجن الباستيل الكنسي تصلح لرومانسيات عربية مستوحاة من ألف ليلة وليلة وروميو وجولييت وبكل الأوهام التي يضج بها العقل المتخلف، لكنه حتماً إن استمر البطل (السلفي) أو البلطجي في صولاته التحريرية لإنقاذ الفتاة من قصر الظلام فسيقود تحرير الفتاة الى مذابح دينية للطائفة القبطية، وللحكومة المصرية كل العذر بالضرب بيد من حديد على «مثيري الفتن» فهي مسألة وجود وطن تهدد بسحق أهل البلاد الأصليين الذين تمكنوا من دفع الجزية عند الفتح الإسلامي ولم يتحولوا إلى الدين الإسلامي بالتالي.
  صورة الفتنة الدينية في مصر ستكون بالغة الضآلة إذا ما تمت مقارنتها بدول عربية أخرى، فمصر هي الدولة الأمة الأكبر في المنطقة العربية، ولها سلطة مركزية قوية تمتد إلى عمق التاريخ، والمجتمع المصري متجانس بصفة عامة رغم وجود أقلية قبطية تمثل 10 في المئة من السكان، فهي في النهاية «أقلية»، والخطر الوجودي للدول لا يكون إلّا عندما تتقارب الأقليات في أعدادها، مثل المسلمين والمسيحيين في لبنان أو الشيعة والسنة في العراق، ولنا أن نقيس بالحالتين اللبنانية والعراقية معظم دول الموزاييك غير المتناسق بالدول العربية. إذن، هناك فتنة صغيرة نسبياً في الربيع العربي بدولة كبيرة مثل مصر، لكنها ستكون فتناً ستقود إلى مجازر وحروب «أهلية» (والأصح تسميتها بالحروب القبلية) في غير مصر، ففي سورية مثلاً هناك احتمال كبير بسحق الأقليات الدينية، رغم تطمينات أقطاب المعارضة السورية، لو تمكنت قوى المعارضة من الحكم، فهناك ثارات قديمة سيتعين الأخذ بها، ولن يكون العلويون  كأقلية حاكمة ومتحالفة مع قوى بعثية ضحيتها فقط، فهناك الدروز وطائفة الروم الأرثوذكس وغيرها ستكتوي بنار التصفيات الطائفية آخر الأمر، فلنا في العراق المحرَّر تجربة، فقد وجد الإرهابيون الأصوليون ضالتهم في إفراغ حنقهم على الكنائس المسيحية من كلدانية وآشورية وغيرها بعد أن عجزوا في حربهم الأهلية ضد الأغلبية الشيعية، وبعد أن استأثرت الأخيرة بالحكم ونحت جانباً الأقلية السنّية.
«فزاعة» الأصوليات التي ستحل محل الأنظمة الاستبدادية كما تروج تلك الأنظمة ذاتها ليست خرافة ووهماً يبرران استمرار حكمة «… امسك مجنونك قبل أن يأتيك الأجنّ منه» بل حقيقة يؤكدها واقع تلك القبائل التي ترفع أعلاماً، إذن لا يوجد حل قريب للاختيار بين البقاء تحت مظلة «حاكم غشوم ولا فتنة تدوم» وفكرة «الفوضى الخلاقة»، التي روّجت لها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة… فلننتظر كيف سيمتد ربيعنا العربي إلى الخريف القادم أو «الثلاثين سنة القادمة»، والعبارة الأخيرة تذكّرنا بالحرب الدينية في أوروبا التي انتهت بمعاهدة وستفاليا 1648، فلنكن هنا في الكويت على حذر ولنقرأ التاريخ جيداً فما يجري الآن من مزايدات مذهبية من نواب ديّنين ليس إلّا لعباً بنار ستحرقنا  جميعاً دون تفرقة.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

مؤتمر الحمام!

ورد في الصفحة الأولى من جريدة المستقبل قبل أيام، وعلى لسان معاذ خالد المسعود ان مركز فهد السالم لحوار الحضارات والدفاع عن الحريات! ومقره مدينة نيويورك، سيعقد مؤتمرا دوليا يركز على الكويت كنموذج ديموقراطي لمجتمع معاصر. وقال المسعود، وهو امين عام المركز ان الكويت ستستضيف المؤتمر من 21 الى 23 مايو، وسيحضره رؤساء دول ومسؤولون سابقون ورؤساء منظمات عالمية تعنى بحقوق الإنسان وحوار الحضارات، وانه سيقام بالتعاون مع نادي مدريد، وسيكون عقده ايذانا بانطلاق مركز فهد السالم لحوار الحضارات والدفاع عن الحريات الى واقع عملي وملموس، وليكون الخطوة الاولى على طريق اعمال المركز الذي لم يمض شهر على تأسيسه(!!)
وأضاف المسعود ان المؤتمر يحظى بأهمية توافقه مع ما تشهده منطقة الشرق الاوسط من متغيرات وحراك شعبي غير مسبوق في تاريخ المنطقة، بهدف إرساء مفاهيم الحرية والديموقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية لهذه الشعوب(!!) مؤكدا ان انعقاده في الكويت يحظى بأهمية خاصة، فالكويت من الدول العربية القليلة، ما لم تكن الفريدة(!!) التي تحتكم في تسيير شؤونها وقضاياها الى دستور ونظام سياسي قائم على تجربة ديموقراطية تعلي من حق المواطن في حرية الاختيار والاختلاف في الرأي (!!). وكرر المسعود، وكرر وكرر، ان المركز سيعمل على ابراز «دور الكويت كبلد ديموقراطي حر ونموذج لمجتمع مدني معاصر متسامح، وان على الدول الاخرى استلهام هذا الدور والنموذج على طريق التغيير الذي تنشده شعوب المنطقة (لا حاجة هنا لوضع اي علامات استفهام)، فالكلام موجه في صورة نصيحة لتونس ومصر وحتى لبنان.
وأنا هنا على استعداد لان اقص يدي اليسرى ان كان السيد المسعود يؤمن بكلمة واحدة مما صرح به، كما انني على استعداد لقص اليد الثانية ان توصل مؤتمره المنشود الى أي إنجاز او اعجاز، وعلى اي صعيد كان بخلاف تنفيع الفنادق وشركات الطيران والتاكسي الجوال، وهذا المشروع لا يختلف كثيرا عن تلك اللجنة او الجمعية التي شكلها، على ما اذكر الشيخ احمد الفهد، لتقوم بمنح جائزة باسم المرحوم الشيخ فهد الاحمد لأفضل جمعية خيرية!
نكتب ذلك ونحن بانتظار ان «تستلهم» شعوب الدولة العربية النموذج الكويتي! وقديما قال المصريون «اللي معاه قرش ومحيره يشتري حمام ويطيره».

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

«ليش استقلتوا عيل؟!»


بنظرة بسيطة إلى التشكيل الحكومي، فإن الواضح في الوزارة هو مجرد استبدال القليل من الأسماء الوزارية بدخول أحمد المليفي بدلاً من موضي الحمود، وانضمام علي الراشد بدلا من روضان الروضان، والسيد محمد النومس بدلاً من المستشار راشد الحماد، والسيدة أماني بورسلي بدلاً من السيد أحمد الهارون، والكابتن سامي النصف بدلا من الشيخ أحمد العبدالله، والسيد سالم الأذينة بدلاً من الدكتور بدر الشريعان، مع عودة جميع الوزراء من أبناء الأسرة إلى مناصبهم باستثناء الشيخ أحمد العبدالله. كما هو ملاحظ فإن اختيار الوزراء لم يكن وفق خطة أو تكتيك معين، فهي ليست حكومة نيابية؛ بدليل وجود نائب برلماني واحد كما هي الحال سابقاً، وليست حكومة تكنوقراط؛ بدليل وجود البصيري وزيراً للنفط والنومس للأوقاف والمليفي للتربية، وليست أيضاً وزارة تيار واحد أو خط فكري معين، فالبصيري في جهة، والنصف في أخرى، والراشد في ناحية، ولعل ما يجمعهم هو حب سمو الرئيس فقط. كما أن سبب استقالة الحكومة الرئيسي وهم الوزراء الشيوخ ممن اجتمعوا لوحدهم قبيل استقالة الحكومة السادسة للشيخ ناصر، وقرروا عدم استمرار هذه الحكومة، عادوا جميعا وإلى مناصبهم إلا الشيخ أحمد العبدالله، فإن كان هو سبب الاستقالة وهو ما أستبعده جداً، فقد كان من الأولى أن يستقيل وحيداً بدل أن يجر حكومة كاملة ويعطل العمل النيابي والتنفيذي معه. إذن، فالوزارة هي مجرد تغيير للأسماء، بل تعدّت ذلك لتصبح مقسمة على مقاعد فئوية، فيحل وزير من العوازم الكرام بديلاً عن آخر، وتحل سيدة بدلاً عن أخرى، وما يثبت ما ذهب إليه الكثير من أصحاب الرأي هو أن ما حدث خلال الشهر الماضي، ما هو إلا عرقلة لشؤون البلد تتحمل الحكومة دون سواها مسؤوليته. إن الحكومة الحالية في اعتقادي هي أسوأ حكومة قام بتشكيلها سمو الرئيس على الإطلاق، فهي لم تقرأ الواقع البرلماني إطلاقا ولم تكتف بذلك، بل اختارت من يتصادم معهم المجلس أيضاً، وليس من المعقول أبداً أن تكون جملة «نمد يد التعاون» كافية لترقيع هذه التشكيلة. خارج نطاق التغطية: نستنكر منع النقاب في فرنسا، ونطالب بإعدام من لا يعجبه الإسلام أو شخصياته في الكويت!

احمد الصراف

الريحاني والصواغ

تاريخيا، ولأسباب بعضها ديني، لم يعرف العرب فن كتابة الرواية حتى عام 1914، عندما أصدر محمد حسين هيكل روايته «زينب»! ومع بداية ثلاثينات القرن الماضي بدأت روايات عبدالقادر المازني وطه حسين وتوفيق الحكيم وغيرهم بالانهمار. ولكن «كتاب خالد» كان أول رواية يكتبها عربي باللغة الانكليزية، وكان ذلك عام 1911 للشاعر والرحالة الاميركي اللبناني أمين الريحاني، الذي هاجر عام 1888، وهو في الحادية عشرة الى نيويورك، والذي عاد لوطنه بعدها، وجاب دولا عربية عدة، وصادق زعماءها ومنهم ابن سعود.
وبمناسبة مئوية «كتاب خالد» قامت جين أوبريان، مراسلة الـBCC في واشنطن، باجراء تحقيق عن أمين الريحاني، الذي توفي عام 1940، تطرقت فيه لروايته، وقابلت افرادا من عائلته ومن المعجبين به، وقالت إنه كان يقرأ المستقبل، فأحداث الرواية تشبه كثيرا ما يجري حاليا من ثورات وانتفاضات شبه كاسحة في شوارع ومدن العرب، وقالت إن قصته تمحورت حول أخوين لبنانيين هاجرا الى اميركا، تأقلم الأول مع محيطه، وفشل الثاني بالرغم من حياة البوهيمية التي عاشها، فاضطر إلى العودة لوطنه الذي لم يتحمل البعد عنه. وتتطرق الرواية لتعقيدات العلاقة الاميركية العربية في تلك الأيام، وكيف أثرت القيم الاميركية في العرب ودفعتهم للثورة على العثمانيين، لتنتهي الرواية بتظاهرات يقودها خالد، اللبناني، في شوارع دمشق! وكيف أن هذه العلاقة الغريبة بين أحداث الرواية وما يجري أعطت الرواية نكهتها بتطابق نظرات الريحاني وآرائه، من خلال أحداث الرواية، مع رفض الشباب للدكتاتورية والتسلط والظلم وانتهاك حقوق الانسان، في اشارة لأحداث ميدان التحرير بمصر وغيرها من العواصم العربية. وقال أحد اقرباء الريحاني إنه كان يطالب دائما بتجسير العلاقة بين الشرق والغرب، وكان يرى في نفسه الطرف الأنسب في تلك المهمة، وأن أعماله التي تركها خلفة بينت بالفعل توجهاته الوطنية، ويقول السفير كلوفيس مقصود إن البذور التي زرعها الريحاني في مجمل كتاباته قد بدأت تعطي ثمارها، وبصرف النظر عن اي شيء فان «كتاب خالد» أصبح أكثر صلة بواقع أوضاعنا اليوم.
***
ملاحظة: لا يزال الكتاب وبعد 100 عام من صدوره بغير ترجمة عربية، فالكتب الدينية والطبخ والسحر أولى بالأهمية، ومن يقل غير ذلك يعدم، انسجاما مع طلب النائب الصواغ!

أحمد الصراف