محمد الوشيحي

بو عكاريش

الدنيا تغيرت، والدول العربية المحيطة بنا تجري كل يوم لترفع لياقتها البدنية وتلحق بالدول المتقدمة، وما كان يحدث في سنة بات يحدث في يوم أو بعض يوم، ولم يعد لدى العشاق ما يكفي من الوقت للاستماع لأغاني أم كلثوم التي تمتد أكثر من ساعة وساعتين… خلاص… يا تلحق يا ما تلحق.

حتى الرجل الكويتي الذي كانت أقصى رغباته تنحصر في الأسعار والنساء، ولهذا جمع الرغبتين في دعاء واحد: «يا كريم يا مرخص الحريم»، على اعتبار أن النساء من مسؤوليات إدارة حماية المستهلك… أقول حتى الرجل الكويتي تغيرت رغباته، فالنساء اليوم أكثر من الهم على قلبه، خصوصاً بعد أن امتد نطاق مجلس التعاون الخليجي واتسع، وكل ما لا يجد سعره مناسباً أو حتى رخيصاً في الكويت يشتريه عن طريق الإنترنت أو أي طريق آخر. والمرأة الكويتية كانت فأصبحت.

إذاً… تغيرت المشاكل والطموحات والرغبات والنفسيات، وتغيرت الثقافة، وبات الكويتي، كغيره من مواطني دول العالم، يناقش مشاكله السياسية والاقتصادية ويحتج على هذا ويؤيد ذاك، وأصبح يشاهد ما تفعله الحكومات لخدمة شعوبها، وتابع تنافس فنلندا وآيسلندا والنرويج في قطاع الاتصالات، وكيف اشتعل السباق بين الحكومات الثلاث للتفوق على بقية دول العالم، فقرر برلمان فنلندا أن يضمّن الدستور مواد خاصة بالإنترنت باعتباره من حقوق الإنسان، فالتزمت الحكومة بذلك وتعهدت بأن توفر لكل منزل إنترنت بسرعة «1 ميغا بايت» كحد أدنى، فغضب الشعب النرويجي على حكومته وشعر بالغيرة، فخافت حكومته وتعهدت بأن «تشد حيلها»، وشدت حيلها بالفعل فتفوقت على فنلندا، ودخلت آيسلندا على الخط، وهات يا منافسة..

كل هذا وحكومتنا تعيش على النظام القديم، وتختبئ خلف نظام المشيخة وفداوية الإعلام وفداوية البرلمان وفداوية الفتاوى وأهل الفتنة، وتركت الاتصالات على نظام «يا طير يا خافق الريش، سلّم على بو عكاريش»، وإلى أن يصل الطير أبو الريش برسالة العاشق إلى منزل معشوقته الآنسة أم العكاريش تكون اليابان قد أعادت بناء جسورها المهدمة جراء الزلزال إلى حالتها قبل الزلزال (العالم شاهد صور إعادة الإعمار، وكيف استطاع اليابانيون إعادة بناء طريق سريع خلال أقل من أربعة أيام).

طيب وبعدين… ما الذي تبقى لم يفعله الشعب الكويتي ليعبر عن غضبه؛ استجوابات واستجوب، مقالات وكتبَ، مسيرات ومظاهرات وسارَ وتظاهرَ، لم يبقَ إلا أن «نطبع مفروشات ونوزعها»، على رأي اللمبي، بينما الحكومة تتمدد على أرجوحتها التي ربطتها بين شجرتين، وتستمتع بنكهة الفراولة على أنغام شتائم فداويتها لخصومها، والبلد يهوي ويهوي ويهوي، والشعب يغلي ويغلي ويغلي… وحتماً لن تستمر الأمور بهذه الصورة.

احمد الصراف

أهواء ملالي وشيوخ القرون الوسطى

يعيش غالبية مسلمي أوروبا الغربية، وبعض الأقليات الأخرى، في مجتمعات متعددة الثقافات، فلها ما يشبه المحاكم الشرعية أو المحلية الخاصة بقضايا الأسرة والارث وغيرها. كما يلعب رجل الدين دورا مهما في حياة هذه المجتمعات، وتم ذلك بفضل مجموعة من القوانين التي اقرتها برلمانات تلك الدول التي هدفت في البداية لخلق مناخ أفضل لهؤلاء المهاجرين. ولكن بعد مرور ما يقارب العقدين على هذا التسامح والتعدد الثقافي تبين لعلماء الاجتماع والسياسة وحقوق الانسان خطأ هذه السياسة، فقد استغل دعاة التزمت والتشدد، ومن المسلمين بالذات، تسامح مجتمعاتهم الغربية الجديدة في استمرار اضطهادهم للمرأة كابنة أو زوجة او اخت، أو حتى كأم، وكأنهم لا يزالون يعيشون في سابق مجتمعاتهم أو دولهم، سواء من خلال اجبارهن على الزواج المبكر، والعيش بالطريقة التي تناسب آباءهن أو الذكور من اخوتهن، أو الاقتران بمن يفرض عليهن، ورفض حقوقهن كبشر، وحتى ان تعلق الأمر بالدراسة واللباس، وعليه أعلنت السلطات الألمانية والايطالية والهولندية وغيرها فشل نظام تعدد الثقافات وأنها بصدد اعادة النظر فيه. وقال ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، ان اتباع هذه السياسة زاد من تطرف الأقليات في بريطانيا، وان الدولة بحاجة الى هوية وطنية اقوى لمنع الآخرين من اللجوء إلى التطرف، وأن سياسة التعدد الثقافي دفعت كل طرف لأن يعيش منفصلا عن بقية المجتمع، وقلل هذا من درجة التسامح بينها بنسبة كبيرة. كما تحول المجتمع الغربي لغيتوهات، فهنا يعيش الباكستانيون، وهناك مسلمو الهند، ومنطقة ثالثة للايرانيين وغيرهم، وكل منها لها ثقافتها التي تساعدها على الاستمرار في رفض الانصهار في المجتمع الأوسع والأكبر. وليس بالمستغرب أن نسمع قريبا بقوانين أوروبية «تضيقية» جديدة تهدف إلى الاسراع في عملية انصهار الأقليات بدرجة أكبر في مجتمعاتهم الجديدة، ولو تطلب الأمر استخدام «عضلات الليبرالية»، ان جاز التعبير، في تحقيق ذلك، فلا يمكن ترك تربية النشء لعقلية النجوع والقرى التي قدم منها هؤلاء بحجة الحق في «التعدد» الثقافي، فحقوق الانسان يجب ألاّ تترك لأهواء ملالي وشيوخ القرون الوسطى.
***

ملاحظة: بسبب غيابنا الذي سيستمر حتى ما بعد رمضان، وبسبب فارق الوقت، يرجى ممن يرغب في الاتصال بنا عدم إرسال رسائل نصية والاكتفاء برسائل الايميل.
وشكرا للجميع

أحمد الصراف
[email protected]

مبارك الدويلة

حصاد السنين الصمت المريب

لم يعد مقبولاً هذا الصمت المطبق تجاه الأحداث في سوريا من قبل جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي. فما يحدث هناك مجزرة وحشية بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى. ولئن كان البعض يرى في نظام الأسد رمزا للصمود، فقد حان الوقت كي يترك هذه النظرة، التي ليس لها رصيد من الواقع، جانبا، وينظر إلى الأمر من منظور انساني بحت. فهذه الجموع البشرية التي انتفضت في مختلف المدن والمحافظات السورية لا يمكن ان يوجهها حزب واحد أو تنظيم بعينه أو جماعة محرضة، بل هذه الآلاف المؤلفة من البشر حركتها مشاعر الظلم والقهر، واشتركت في ما بينها بالشعور بالمهانة وقسوة الحياة عليها، لذلك نقول لمن يرى في نظام الأسد نفعا ان الوقوف مع الشعب أنفع لك اليوم فقد يأتي نظام مخلص للأمة العربية ومنحاز للأمم الإسلامية والقضايا القومية لها أولوية عنده، نقول لحزب الله في لبنان، ادعم مطالب الشعب السوري فهو الذي سيدعم غدا كل غيور على أمته وكل محب لتحرير أرضه. كما نقول للجارة إيران، حان الوقت لتظهري للعالم كله وللعرب بشكل خاص انحيازك للشعوب المقهورة وليس للأنظمة الظالمة المتجبرة! ونقول لبعض اخواننا هنا في الكويت الذين لم يراعوا مشاعر اخوانهم السوريين الذين سقط اقرباؤهم بالمجازر البشعة لجلاوزة النظام البعثي العلوي، نقول لهم اتقوا الله في اهل السنة والجماعة، فالوقوف مع الظالم بهذا الشكل السافر وغير المبرر له عواقب وخيمة، فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
بقي ان نتوجه الى حكام وملوك ورؤساء العرب، ونقول لهم ان النظام السوري كان، وما زال، عنصر أمن وأمان لاسرائيل، فها هي جبهة الجولان ساكنة سكون اهل المقابر منذ قرابة نصف قرن لم تطلق فيها رصاصة واحدة، وها هو نظام حسني مبارك ونظام بن علي سقطا سقوطا مدويا يجب ان يكون درسا لكل الطغاة، وكلنا نذكر موقفكم الطيب والمشرف من ثورة الشعب الليبي، فلماذا هذا الصمت المريب عن النظام السوري الوحشي؟ أليس عيبا ان «تفزع» اوروبا للشعب السوري ونحن ندرك جيدا مدى مصالحها مع بقاء نظام الأسد؟ لكنها القراءة الجيدة للساحة السياسية! بينما نحن ما زلنا نعيش في الوهم.
• • •
• كلمة أخيرة: كلمة شكر وتقدير للسفير الكويتي عادل حيات والدبلوماسي عريفان العريفان على حسن تعاملهما مع الكويتيين في وارسو (بولندا)، حيث انهما يقدمان صورة مشرفة للدبلوماسية الكويتية، وذلك بتعاملهما الراقي مع مصالح الكويتيين هناك وبعلاقاتهما الواسعة مع المسؤولين في تلك الديار، فكل الشكر والتقدير لهما.