احمد الصراف

سقوط المقولة

وضع محاضر في جامعة بريطانية ملصقاً كبيراً أمام طلبته يظهر رجلا داكن البشرة ويرتدي بنطال جينز وسويتر اسود وقبعة حمراء وينتعل حذاء رياضيا وهو يركض أمام شرطي، وطلب منهم تفسير ما تعنيه لهم الصورة، وأخفى التعليق تحتها. ركزت أغلب الإجابات على أن الشرطي يطارد رجلا أسود مطلوبا أمنيا إما لأنه مروج مخدرات، أو سارق، او هارب، أو قاتل خطر، المهم أنه محل اتهام قطعا! وعندما كشف المحاضر التعليق تحت الصورة تبين أنها تخص إعلان لـ «الاسكتلنديارد» لطلب انضمام الشباب، من مختلف الأعراق، لسلك الشرطة!
أصيب الطلبة بالصدمة لتسرعهم في الحكم، واعتقادهم ان الرجل الأسود هارب من العدالة، وعند سؤالهم عما دفعهم للتفكير بتلك الطريقة قال معظمهم ان تلك هي الصورة النمطية في ذهنهم والتي تكونت نتيجة ما تبثه وسائل الاعلام، التي غالبا ما تقرن الاسود بالإجرام، وانه ملاحق دائما! هنا قال المحاضر ان موضوع محاضرته يتعلق بــ«الصورة النمطية»، وهي غالبا غير دقيقة، عن أشياء أو أشخاص غالبا ما تتكون لدينا نتيجة لما يتلقاه الذهن من معلومات عن موضوع أو شخص او بلد معين على مدى فترة من الزمن، والصورة النمطية بالتالي هي حكم مسبق على الأمور من غير دراسة ولا تدقيق. والصور النمطية عن العرب والمسلمين في بلاد الغرب كثيرا ما تشوبها الضبابية والتشوه والسلبية، والأمر ذاته نجده في ذهنية غالبية العرب والمسلمين في نظرتهم للمجتمعات الغربية، وكل ذلك نتيجة الإغراق الإعلامي الذي تمارسه وسائل إعلام كل طرف، والتي تقرن صورة العرب بالسذاجة والتخلف، وصورة الغربي بالانحلال والتفكك الأسري.
ولو نظرنا للصورة النمطية التي كونتها المجتمعات الخليجية النفطية على مدى عقود عن الشعبين التونسي والمصري، والعكس صحيح، لوجدناها موغلة في السلبية، ولكن هذين الشعبين استطاعا، من خلال انتفاضتين رائعتين، إثبات خطأ تلك الصورة وأن العكس أقرب للصحة. وبالتالي يمكن القول ان التغيرات التي طرأت علىالمنطقة، وحتى الكون، في السنوات الأخيرة، اثبتت أن ليس من الضرورة أن يكون الناس على دين ملوكهم، فالواقع الحاصل الآن هو أن غالبية الشعوب ليست على عقائد ملوكها، أو رؤسائها، ولم تكتف بذلك بل سعت حتى لتغييرهم بآخرين.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ساحة الصفاة

قرار وزارة الداخلية منع استقدام مواطني سوريا وايران واليمن وباكستان وافغانستان هو قرار خاطئ وتوقيته غير سليم.
حجة «الداخلية» التي اعلنتها ان هذه الدول غير مستقرة وفيها اضطرابات، وكأن الذين سيتم استقدامهم هم مثيرو الشغب في تلك الدول ونخاف ان يثيروا اضطرابات في الكويت كما اثاروها في بلدانهم!
يحدثني زميل سوري طلب مني التوسط لاستقدام زوجته واولاده للزيارة الى الكويت حتى تستقر الامور في سوريا، ان الاوضاع هناك مرعبة ومخيفة لدرجة كبيرة والميليشيات البعثية لا تعرف الرحمة، حيث القتل العشوائي وهتك الاعراض والسلب والنهب منتشرة في معظم المدن السورية بعد انتشار الاحتجاجات في تلك المدن، واصبح كل سوري او يمني او غيره من الجنسيات الممنوعة من الذين يعملون في الكويت قلقين على عوائلهم هناك، لذلك هم امام خيارين لا ثالث لهما إما ان يغادروا الى بلدانهم للاطمئنان على احوال اهلهم، وهذا فيه قطع ارزاقهم، وإما ان يستمروا في اعمالهم وهم قلقون على عوائلهم، وهذا يؤثر في نفسياتهم وانتاجيتهم. لذلك اعتقد أن السماح باستقدام العوائل للزيارة هذه الايام هو عمل انساني يضاف الى سجل الكويت في مراعاة حقوق الانسان.

***
يبدو أننا لا نتعلم مما يجري حولنا.. اقول هذا بعد ان قرأت لبعض اصحاب الرأي الذين يدعون وزارة الداخلية الى مواجهة المسيرات الاحتجاجية بالقوة العسكرية، اعتقد ان مثل هذه الدعوات تزيد النار اشتعالا، انا اقول اتركوهم يخرجون ويتجمعون ويقولون ما يشاؤون ويرجعون الى بيوتهم مطمئنين، هنا فقط نكون قد حققنا الامن والامان للديرة.
***
البعض اعترض على تجمع الشباب المحتجين في ساحة الصفاة بحجة ان فيها دكاكين ومجمعات تجارية وان التجمع يؤثر في حركة السوق ويهدد الاقتصاد.
الذي اعرفه ان التجمع يكون يوم الجمعة.. حيث العاصمة تتحول الى مدينة اشباح وبالذات في ساحة الصفاة، حيث سقوط الابرة فيها يسمعه المار في دوار الشيراتون.