قدم النواب هايف والطبطبائي والوعلان أكبر هدية لحكومة الشيخ ناصر المحمد باستجوابهم البائس لرئيسها، فليس هناك مادة للاستجواب غير اتهام رئيس الحكومة بالتواطؤ مع النظام الإيراني، بكل ما تحمله هذه العبارة من ظلم وفقدان لأبسط معايير العدالة نحو رئيس الحكومة. فلا يبدو أن المستجوبين على وعي بما تحمله عبارات شائنة مثل «الإضرار بالأمن الخليجي، والإضرار بالعلاقات مع دول مجلس التعاون، والإهمال أمام التغلغل الإيراني…» من اتهامات صريحة لرئيس الحكومة تكاد تقارب تهم الخيانة الوطنية…! وخلط المستجوبون بين «العلاقة الشخصية»، أو أياً كان وصفها، بين رئيس الحكومة وبعض الأفراد، وبين ما هو مستحق فعلاً من مساءلة سياسية وقانونية معاً ضد رئيس الحكومة.
حدثوا العاقل بما يعقل، وحدثونا يا حضرات النواب بالمعقول بشأن «تواطؤ» رئيس الحكومة مع النظام الإيراني، كما جاء بفحوى استجوابكم…! فهل كان من المفروض على رئيس الحكومة أن يبعث بالأساطيل والجيوش الكويتية لنجدة البحرين، وكأن البحرين كانت في مواجهة عدوان خارجي واستيلاء على السلطة هناك؟! أم كان من واجب الشيخ ناصر إعلان الحرب «الاستباقية» على إيران «الصفوية» دون انتظار إشارة قبول من الولايات المتحدة، وذلك كي تكون الكويت متسقة مع مفهوم الأمن الوطني ومنفذة التزاماتها مع دول درع الجزيرة؟! أخبرونا ماذا تريدون؟ ونحن هنا نفترض حيادكم في إعمال حكم القانون، وأنكم لا تقصدون بأي حال فرض الوجه الطائفي البشع على الدولة، حين تصبح إيران وتطلعاتها بالهيمنة تكئه وسبباً لاستصغار شيعة الكويت، وكأن هؤلاء وكلاء رسميون للجمهورية الإيرانية.
ماذا كان مطلوباً من رئيس الحكومة نحو إيران ودول مجلس التعاون الخليجي حتى يثار مثل ذلك الاستجواب المقيت. هناك عشرات ومئات الأسباب لمساءلة رئيس الحكومة والسلطة كلها وأعوانها بمجلس «الخدمات» النيابي على الحالة الكويتية اليوم وبالأمس القريب. إلا أن تصوير رئيس الحكومة بالشخص المتخاذل والمتواطئ مع إيران، كما جاء في استجوابكم، مسألة صعبة ولا يمكن هضمها تحت أي حال، ابحثوا لكم همومنا الكبيرة، وما أكثرها، بداية من غياب أبسط مبادئ حكم القانون في الدولة، مروراً بحفلات الرشاوى السياسية التي تدفعها السلطة إلى أمة الاستهلاك ونوابها المبجلين، مع انتشار وباء الفساد في معظم أجهزة الدولة من غير استثناء، ونهاية باحتقار روح الدستور والمساءلة السياسية من الحكومة وأذنابها، كأن يحذف استجواب سياسي مدة سنة كاملة بحجة «الألفاظ» الدستورية مع تغييب متعمد للمعنى والمقصد الدستوريين! ابحثوا لكم عما ينقذ الوطن من محنته معكم ومع هذه السلطة… من غير أن تضيعوا أعمارنا في تلك الترهات… قولوا خيراً أو اصمتوا.