حسن العيسى

تعليقاً على ما حدث

أظهر نواب الصفعات في جلسة الأسبوع الماضي سواد وجه الأمة، وليس سواد وجوههم فقط، فلم تكن تلك «النخب» البرلمانية المتعاركة بالشتم والصفعات تمثل نفسها، وتنفس عن احتقاناتها الطائفية والعنصرية، بقدر ما كانت تعبر عن إرادة «الأمة» الطائفية، التي وجدت في ممثلي الطوائف والقبليات والشلل خير تعبير عن إرادتها المتعالية والمتغطرسة، بعد أن صورت «الآخر» الغير بمنظار الاحتقار الديني «الخارج عن الملة والجماعة»… وهذا أبسط أولويات الاعتقاد التي تضج في الصدر الديني المتزمت، اعتقاد خارج العقل لا يفرق بين «شهيد» الأمة بن لادن أو نواب الشهيد عند ممثلي الأمة الكويتية.

حدث الضرب في المجلس، وفقدان القدرة على الحوار المتزن في بيت الطوائف السائر بهدي السلطة الحاكمة لم يكن بحد ذاته مهماً، بقدر ما كان معبراً عن الحالة الطائفية والانقسامات الاجتماعية التي تجتاح الدولة في السنوات الأخيرة. وهي تدق جرس الخطر من التفجر الطائفي والحرب الأهلية القادمة، مادام الفكر الحاكم الذي خلقها بداية ما زال ينظر إليها بالمنظار القديم المتخلف ذاته، متصورا أنها «ظاهرة صحية»، بالنسبة إليه، يستطيع أن يمسك عبرها بزمام الحكم من دون منافس حين يعلي من نفسه، وكأنه فوق تلك التشوهات الدينية والمذهبية، وكأنه رمز «الحياد القانوني» وفوق الشبهات! بينما يدرك أي واع أنه المسؤول الأول عنها، فقد كانت البداية بتقسيم الدوائر السابق حسب التفريعات الطائفية والعشائرية، ثم كان هناك الميل بممالأة الاتجاهات التعصبية الدينية، الذي تجلى في «بعثات» الجهاد إلى أفغانستان المناضلة ضد «الكفار» الشيوعيين، ثم ما تبع ذلك من أحداث بعد انتصار الجهاد والإرهاب معا تمثلت في تشجيع سافر لقوى التطرف الديني، وأصبح وعاظ آخر زمن نجوماً على شاشات التلفزيون والإعلام الرسمي وغير الرسمي، وأصبحوا خير وسيلة، من ناحية أخرى، لترويج السلع التجارية مختومة بأختام المباركة الدينية.

لم نكن بحاجة إلى كل ذلك الهوج الديني، والتقسيمات الاجتماعية، فالكويت ليست العراق، وهي أيضا ليست البحرين ولا مصر، ولا مثل أي من شقيقاتها العربيات المبتلاة بنقص الموارد الطبيعية، وحجم سكاني كبير نسبيا. كانت الكويت، مع بعض التحفظ، وعاء صهر مصغرا، لأعراق مختلفة، جاء أهلها من الجزيرة العربية، ومن بلاد الرافدين، ومن بلاد فارس… فهل أضحينا بعد تلك العقود الممتدة غير متآلفين وعاجزين عن قبول بعضنا بعضا؟ من المسؤول عن هذه الخبيصة؟ وهل يعلم النافخون في جمر التقسيمات المذهبية والعرقية أي منقلب سينقلبون؟!

احمد الصراف

الإدارة وليس الذرة

قرر المركز الاستشاري للتنمية المستدامة في بريطانيا قبل سنوات رفض فكرة بناء جيل جديد من المفاعلات النووية، على الرغم من دعم الحكومة للفكرة، لان بناءها لا يشكل الرد المناسب للتحديات التي افرزها التغير في المناخ والاغراض الأمنية. واشار تقرير المركز الى وجود مجموعة سلبيات رئيسية للطاقة النووية وهي: عدم وجود استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع التلوث الذي سينتج عن استخدام الغاز النووي السام، فالعمر النصفي لعنصر البلوتونيوم الناتج عن مخلفات الوقود الذي تستهلكه محطات الطاقة، يقدر بحوالي 24 الف سنة، اضافة الى عدم التيقن من مدى كلفة بناء محطات نووية جديدة ومقدار المخاطرة الذي سيتعرض له دافعو الضرائب، وهناك ايضا الخطر المحدق ببريطانيا نتيجة استخدام هذه الاستراتيجية النووية، والذي قد يضعها في مواجهة نظام مركزي لتوزيع الطاقة المخصصة للخمسين سنة المقبلة، اضافة إلى الخطر الذي يتهدد الجهود المبذولة لتطوير كفاءة اداء الطاقة القائمة بسبب البرنامج النووي الجديد، واخيرا الخوف من هجمات ارهابية والتعرض للاشعاعات النووية في حال قامت دول اخرى ذات معايير امنية متدنية باتباع النموذج البريطاني!
كل هذا في بريطانيا، فكيف الامر في دولة متخلفة تقنيا وصغيرة حجما وسكانا كالكويت؟ علما بان بريطانيا تحصل الآن على %20 من حاجتها من الطاقة من مصادر نووية، ولكن بحلول 2020، ستنخفض النسبة الى %7 قبل ان يتم اغلاق محطات توليد الطاقة الحالية نهائيا في عام 2035. وقد حثت مفوضية المركز الاستشاري الحكومة على دعم مزيد من التوسع في البحث عن مصادر جديدة وبديلة للطاقة واتخاذ اجراءات جديدة من شأنها تعزيز كفاءة اداء الطاقة وتطوير تكنولوجيات حديثة مثل تقنية «امتصاص الكربون» للتعامل مع التهديد البيئي الناتج عن محطات الوقود. وقالت المفوضية انه بالرغم من فوائد الطاقة النووية، فإنها لا تقارن بالسلبيات الجدية، وان على الحكومة التوقف عن البحث عن حل سهل لمشكلة التغير في مناخنا وازمات الطاقة، والتي لا تقتصر على مشكلة واحدة ببساطة، وانه يجب البحث عن مصادر بديلة للطاقة مثل الرياح والامواج والديزل والوقود العضوي، الخالية جميعها من الكربون، والتي يمكن ان تولد ما نسبته %68 – %87 من الطاقة الكهربائية اللازمة لبريطانيا في حال تم استغلالها بشكل جيد، وبالتالي فما نحتاج اليه في الكويت في الخمسين سنة المقبلة هو محطات طاقة محلية صغيرة، متعددة المصادر من رياح ووقود نفطي وطاقة شمسية، كما يتطلب الامر تقنين استخدام الكهرباء فوراً من خلال رفع الدعم عنها او توفيرها بنظام الشرائح، فما نشكو منه من هدر مخيف، بلغ الاعلى في العالم للكهرباء والماء، لا يمكن ان يستمر الى الابد.
إننا أكثر حاجة لإدارة فعالة منا لمفاعل نووي.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ابليس دخل المجلس

كانت الجلسة هادئة.. والنقاش فيها موضوعياً ومنطقياً.. والاسلوب في الطرح كان راقياً.. وتسابق النواب في اثبات حق ابنائنا في الدفاع عن انفسهم.. وحقهم في محاكمة عادلة في بلدانهم.. وكادت الجلسة تنتهي من هذا الموضوع باجماع غير مسبوق، حيث شارك في النقاش الشيعة والسنة والبدو والحضر والاسلامي والعلماني، وكلهم يطالبون الحكومة الكويتية بالسعي عند الحكومة الاميركية للافراج عن ابناء الكويت، وعددهم اثنان، ومحاكمتهما في بلادهما.
لكن ابليس ما يهون عليه يشوف الناس مجتمعين على خير، فدخل عليهم في اخر لحظة على هيئة احدهم، وطالب الرئيس بالحديث، وهنا بدأ في اثارة الفتن والنعرات بهدف تخريب هذا الانجاز الرائع، وعندما لم يحقق مراده وجاءه بعض زملائه يطالبونه بأن يتقي الله في ابناء الكويت، وجدها فرصة للوصول الى مبتغاه فرفع العصا في وجه احدهم وشتم الاخر بألفاظ سوقية مما افقد الاخرين اعصابهم وحصل ما حصل.
انا ضد كل ما حصل مهما كانت اسبابه، ونحمّل المسؤولية لكل من كان في القاعة من الرئيس الى المتفرج، لكن لا بد من وضع دوائر حمراء وعلامات استفهام على تصريحات هذا النائب الذي «ما فتئ» يثير النعرات بين الحين والاخر.
المجتمع الكويتي عانى الكثير من بلاويه التي يثيرها هو ووكيل مراجعه بين الحين والاخر، وكما ذكرت في مقال سابق إن كان عندكم مجانين فعندنا اكثر، لكن اربطوا مجانينكم حتى نتمكن من ربط اللي عندنا، وبما انه ذو منزلة عالية لديهم فلم يتمكن احد من ان يقول له قف عند حدك الكويت اولى! لذلك كان سببا في اثارة بعضنا والرد عليه بمثل ما يقول.
اتمنى من سمو الامير، حفظه الله، والذي لا اشك لحظة في انه سيختم هذه الفتنة بالشمع الاحمر، ان يطلب من القائم مقام (….) ان يوقف تصريحاته الاستفزازية ويراعي مصلحة الكويت بدلا من ان يراعي مصلحة معزبه عندها صدقوني سيخرج ابليس من القاعة.

***
ميناء مبارك الكبير.. اثار مشكلة غير متوقعة مع العراق.. قد تكون مصطنعة.. وقد تكون عفوية.. المهم لا نتجاهل الموضوع.. ولا نهمش مطالب الجيران لو كانت غير منطقية.. يجب اعطاء الموضوع حقه من النقاش والحوار الهادئ وتغليب مصالحنا القومية والوطنية.. والتي لا شك من اهمها ان نعيش بسلام مع جيراننا.
بصراحة لا نريد ان نكرر مأساة اكاذيب صدام بسرقة النفط من حقل الرميلة، اليوم عندنا فرصة نمنع الاسوأ من ان يتكرر.. فقط قليل من الاهتمام والانتباه.