احمد الصراف

لثتي وحسن البنا

اضطررت اخيراً للخضوع إلى مشرط جراح لزرع اسنان جديدة، وهذا تطلب ازالة قطع عظمية من الحنك، أو الذقن، باستخدام مطرقة ومنشار دقيقين، وزرعها في الجزء الأعلى من اللثة، وهذا تطلب قطع اللثة بطول 10 سنتيمرات، واستغرقت العملية أكثر من ثلاث ساعات متواصلة، وتم كل ذلك من دون ألم يذكر، وانا في كامل وعيي، وكل ذلك بفضل فضيلة التخدير العجيبة، وهذا دفعني، فور العودة إلى البيت لأقرأ واكتب شيئا عنه وعن أولئك العظام الذين ساهموا في تخفيف آلام ومعاناة مليارات البشر الذين أجروا عملية أو اكثر، وتتبين المعجزة عندما نعرف حجم المعاناة الذي كان يتعرض له كل الماضي طوال آلاف السنين قبل توصل هؤلاء العظماء إلى التخدير الموضعي والكامل، حيث كان المريض يتعرض للخنق حتى يفقد وعيه ومن ثم اجراء العملية له أو بربطه ووضع قطعة جلد في فمه ليعض عليها وبعدها يبدأ النشر والتقطيع، أو يضرب في مكان من جمجمته فيفقد وعيه لساعات، أو ينوم مغناطيسيا، هذا غير اجباره على تناول الغريب من خليط الأعشاب المخدرة، أو تناول مخدر كالكوكايين أو المورفين لتخفيف آلامه، وهذه جميعا لم تكن تجدي نفعا، إما لضعف مفعولها وإما لخطورتها قبل واثناء وبعد العملية، الى أن جاء د. كراوفورد لونغ ليستخدم سائل الأثير، أو ether في 1842 في عملية جراحية لازالة ورم من مريض، وكررها على آخرين، ولم ينشر شيئا عن منجزاته الا عام 1849، أثناءها قام وليم مورتن باجراء أول عملية علنية باستخدام المخدر، من دون أن يعرف بتجارب زميله كراوفورد، وكان ذلك في بوسطن. وفي عام 1947 اكتشف جيمس يونغ فعالية سائل الكلوروفورم في التخدير، وانتشر بعد أن استخدم في مساعدة الملكة فكتوريا عام 1853 في ولادة صعبة، ولكن لم يكن استخدامه آمنا على اي حال فتم التخلي عنه، أما الآن فقد تقدم علم التخدير واصبح تخصصا عالي الأهمية، وتعددت أنواعه في التخدير العام، أما الموضعي فالأفضل حتى الآن هو الزايلوكايين xylocaine.
ما نود قوله هنا أن لا أحد من هؤلاء الأفذاذ الذين كان لهم حتماً فضل كبير في تخفيف آلام أعضاء «لجنة تسمية الشوارع» في المجلس البلدي وبقية زملائهم في المجلس ووزيرهم صفر وكل «طوافيهم»، استحق أن يطلق اسمه على سكة أو «زنقة» في الكويت، في الوقت الذي نجد أسماء لنكرات تطلق على شوارع ضخمة وواسعة لا يعرف أحد شيئا عن اصحابها. وكما سمي أحد شوارع الرميثية باسم حسن البنا، في الوقت الذي لا نجد فيه حتى سكة باسمه في وطنه مصر، هل لأن مصر تعتبره ارهابيا مثلا، ونحن لا نراه كذلك؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

إذا عُرف السبب..

استغربت ــــ كما استغرب غيري ــــ من هذا الهجوم النيابي المعترض على توزير هلال الساير مرة أخرى لوزارة الصحة! ومع أنني لست فرحاً بإعادة التوزير هذه، لأن ما بيننا وبينه ما صنع الحداد كما يقولون. لكن عبارات الاعتراض التي صدرت من بعض النواب عليه جعلتني أتوجه إلى أحد وكلاء الصحة، والذي قابلته في احدى المناسبات الاجتماعية، لأمطره بسيل من الاسئلة عن مكنون هذا الاعتراض وأسبابه.
وكانت المفاجأة عندما أجاب بالتفصيل عن أسئلتي وأزال الاستغراب الذي لدي. ولذلك، ولعلمي بأن الكثيرين مثلي كان وما زال لديهم هذا الاستغراب، فإنني أذكر لهم وأسطر ما سمعته من هذا الوكيل من باب اذا عرف السبب بطل العجب.
اما كبيرهم وسيدهم الذي أعلن أن توزير الساير هو سقوط لخط الدفاع الأول عن سمو رئيس الوزراء فقصته أنه تقدم بطلب علاج في الخارج لاحدى قريباته ــــ شافاها الله ــــ ولما كان العلاج متوافرا في الكويت رفضت اللجنة تحمل مصاريف علاجها، فطلب تدخل وزير الصحة الذي احترم قرار اللجنة، فيما اعتبر النائب ان هذا الموقف تجاهل لمكانته وعدم احترام له، فشن عليه هذا الهجوم الذي استغربه الكثير.
صاحبنا الآخر كان له دور في تشكيل قافلة وزارة الصحة التي انطلقت لمساعدة البحرين في مصيبتها التي ألمت بها، لكن المسؤولين البحرينيين ــــ ولأسباب أمنية ونفسية لم يعلنوها ــــ رفضوا دخول القافلة الكويتية واعتذروا من الحكومة الكويتية، عندها ثارت ثائرة صاحبنا وطالب وزير الصحة باتخاذ موقف قوي وارغام الاخوة في البحرين على قبول القافلة، وهذا ما لم يتمكن من عمله الوزير الساير، الذي اصبح في مرمى نيران صاحبنا النائب الذي عرف عنه اتزانه ووقاره، لكن الدوافع كانت أقوى من كل هذه المشاعر فكان هذا الموقف العدائي ضد الوزير.
اما ثالثة الأثافي فسببها «كوهين»، الذي اغرق وزارة الصحة بمناقصاته، الا ان واحدة منها كانت اسعارها عالية ولا تنطبق عليها شروط المناقصة، فما كان منه الا ان طلب من الوزير التدخل، وطبعا الوزير راجع الاوراق ولم يغير من النتيجة شيئا لعدم انطباق الشروط، فما كان من هذا الاعلامي التاجر الا ان سخّر بعض نواب المجلس وبعض منابره الاعلامية ضد إعادة توزير الساير.
انا بصراحة ما همني رجع ولا ما رجع، لكن يحز في نفسي ان يعتقد البعض انه يستطيع بما يملك من امكانات ان يغير الحقائق ويقلبها الى اباطيل او العكس ويستسهل هذه الممارسات مع هؤلاء المسؤولين. لكن لا نملك إلا ان نقدر للوزير الساير هذه المواقف.
للعلم.. تم حل الحكومة بعد ان قدم نواب استجوابات للشيخ ناصر المحمد والوزراء احمد الفهد ومحمد الصباح وهلال الساير، وكان الجميع قد ادرك ان سبب الحل هو تلافي هذه الاستجوابات!
السؤال الذي يطرح نفسه: رجعت الحكومة ورجع هؤلاء.. اذاً لماذا تم حل الحكومة؟!