أكتب هذا المقال اليوم، ولا أعلم من سيكون وزيراً للتربية.. ستعود معالي الوزيرة، وهذا ما أتمناه، أم سيأتي أو تأتي غيرك؟! ولكن في جميع الأحوال الأمر يتطلب لفت نظر جهة ما، فقد سئمنا من سماع أن مناهجنا لا تشكو من خلل، وأنها مترابطة وتنسجم مع عاداتنا وتقاليدنا، والآن دعينا نقرأ معا ابيات هذه «النشيدة» المدرسية:
«صباح الخير يا وطني ويا أنسي ويا سكني
وتاريـخا مـن الأمجاد مسطورا على الزمن
صـباح الخـير والنور على الأبراج والسور
على اليامال والهولو على الولدان والحور».
هذه النشيدة تدرس لأطفال أبرياء في الصف الأول الابتدائي، الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسادسة، والنص منقول من منهج اللغة العربية، الجزء 3، كتاب «العربية لغتنا» ص 23!!
قد يكون بامكان المدرسة والأم، دع عنك غالبية الآباء، مع بعض الجهد، شرح ما يعنيه «اليامال والهولو» لطفل أو طفلة صغيرة، ولكن كيف بامكانهم شرح «الولدان والحور» لهم ولبراءتهم؟ تتساءل من ارسلت النص، وهي مربية وأكاديمية فاضلة، ما علاقة «الولدان والحور العين» بالوطنية؟ وما أهميتهما لطفل في الخامسة، وكيف يمكن أصلا شرح ما يعنيه «الولدان والحور العين»؟ وهل ان قلنا لطفلة في الخامسة ان الحور العين هن اللواتي يسعى منفذو بعض العمليات الانتحارية للالتقاء بهن، نكون قد اعطينا الموضوع حقه وفسرنا ما يصعب تفسيره؟ وان تجاوزنا عقبة الحور العين فهل سننجح في تخطي حاجز «الولدان»؟
ألا نستحي ونخجل من انفسنا لسكوتنا عن تضمين مناهج دراسية لأطفال في مثل هذا العمر الغض من مثل هذه المعاني الدينية الشديدة التعقيد والارباك التي تحير حتى البالغ في استيعاب معانيها بطريقة صحيحة؟
نعود ونرفع الصوت ونقول ان كل بلاوينا وتخلفنا وغلونا وتطرفنا الفكري والديني تعود الى ما تم تدريسه لنا من مواد في المدارس، الحكومية بالذات، وهي التي أفسدت العقول والأفئدة بشكل كبير، فيا سيدتي ويا سيدي قوما بفعل شيء ما لوقف سيل التخلف هذا، وان عجزتم فاستقيلوا، فهذا أرحم لكم ولنا ولبراءة وصحة عقول أبنائنا وأحفادنا.
أحمد الصراف