بعض الزملاء عنده عقدة منذ الصغر اسمها «الإسلام» أو «إسلامي» أو «إسلامية» أو «المسلم»، لذلك تجده «ينرفز» بسرعة اذا ذكر له شيء من هذه الألقاب ويتكدّر ويتعكر مزاجه، فإذا كتب عن أي موضوع فلا بد أن يضع بصمة لحقده الدفين على هذا الدين، وكل من ينتسب اليه من جماعات وشعارات وكتل وأحزاب وواجهات وأفراد، وإن كان هو واحدا منهم!! أحياناً تعتقد أنه جهل، وأحيانا تعتقد أنه «حقد» دفين متراكم نتيجة تربية بيئية، وأحيانا تجد فيه الاقتناع بالفكر الإلحادي اللاديني، لذلك هو يكره كل ما يمت بصلة للأديان!!
نموذج من هؤلاء الزملاء في المهنة يكتب منذ فترة طويلة عن انتقاد الظاهرة الاسلامية ـــ لاحظ الإسلامية وليس الدينية ـــ وهو يعتقد ان ما يكتبه مقنع للآخرين، حتى انه كتب عن المؤسسات المالية الاسلامية، وضرب مثلا لفشلها في عملها، مبرراً أن سلوكها للمنهج الاسلامي سبب فشلها، ويتجاهل مخالفة كلامه للواقع، وان نجاح النموذج الاقتصادي الاسلامي جعل اهم المؤسسات الاقتصادية، ممثلة بالبنوك، تنتهج النهج الاسلامي وتتحول بالكامل الى بنوك اسلامية، وبقية البنوك الربوية خصصت لها صناديق تعمل وفقا للشريعة الإسلامية.
نموذج آخر على تطرف هؤلاء في فكرهم المتخلف: كتب أحدهم مقالاً يمتدح داروين، لانه اوجد فكرة اصل الانسان «قرد»، وشطح به الأمر عندما ذكر مثلاً يؤكد فيه صحة نظرية داروين عندما قال «ان الإنسان كان مميزا في عالم الحيوان وخلق لنفسه بيئة…..»، ثم ضرب مثلاً لهذا الخلق ـــ والعياذ بالله ـــ عندما قال «فالدب القطبي مثلاً تطور بتكوين فراء يحميه من البرد»!! وبعد هذا المقال عرفت ان صاحبنا يكتب من خلفية بعيدة عن واقع أهل البلد وانتمائهم وبيئتهم، لذلك ما استغرب عندما يصر على ان خليجنا فارسي وليس عربياً!!
كاتب علماني متحرر يطالب بالحريات واحترام حقوق الإنسان، ويعتبر كبت الحريات ظلماً يجب رفعه، ويرفض قانون اللباس المحتشم، ويعتبر ذلك تعدياً على الحريات الشخصية، وعندما تطبق فرنسا قانون منع لبس النقاب في الأماكن العامة يحوشه «الطرم» والخرس ويصمت صمت الموتى.
كاتب ثالث من المناضلين القدامى، ومن الذين سطروا اسماءهم في سجل النضال العربي ضد الامبريالية والاستعمار، ساءه ما يشاهد من مواقف مشرفة للتيار الاسلامي المحافظ على الساحتين الكويتية والعربية، وبالمقابل انكشاف جماعاته من شرق العالم الى غربه في مواقف مخزية مؤيدة للاستعمار الذي كان يناضل ضده!! فضيع البوصلة وأخذ ينتقد ما كان يدعو اليه بالأمس، وعندما قام هذا التيار الاسلامي بالمطالبة بتغيير رئيس الحكومة أطلق عليه تسمية «جماعة تخلف بلا حدود» فقط لأن الذين يدعون الى ما كان يدعو اليه هم من الاسلاميين الذين «ما يمرون من الزور» مثل ما يقولون!!
< بالمناسبة.. صج الفلوس تسوي كل شيء مثل ما يقولون، حتى جماعة الدفاع عن حقوق الإنسان ما سلموا من هذا المرض، فمن كان واجبه الدفاع عن المظلومين والفقراء والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة صار اليوم يدافع عن ابو الملايين وصاحب أكبر مؤسسة إعلامية في البلاد وصاحب تاريخ قديم وحديث في توريط البلد مع الجيران، ويخلف الله على الإنسان وحقوقه إذا كانت عند هذا وأمثاله.
الشهر: أبريل 2011
توظيف القضايا المذهبية في الصراع السياسي (3)
في مقابل الدعوات الفتنوية والطائفية التي يحملها الخطاب الديني غير المعتدل، وغير الناظر الى مصلحة الوطن والمواطنين – أياً كانت صبغة ذلك الخطاب المذهبية- تتعالى أهمية وجود خطاب ديني مسئول! وبالطبع، تلك المسئولية هي المهمة الأكبر للعلماء لحفظ البلاد والعباد، خصوصاً حينما تبرز الى السطح تلك الخطابات والدعوات الآثمة لتدمير المجتمع، فيلزم هنا أن يتعالى الصوت المسئول.
لندخل مباشرة الى مقارنة لخطبتي إمام وخطيب جامع السيدة عائشة أم المؤمنين، رئيس تجمع الوحدة الوطنية، الشيخ عبداللطيف المحمود في جمعتين متتاليتين، ففي يوم الجمعة (8 أبريل/ نيسان 2011، حذر الشيخ المحمود من «أن يكون لروح الانتقام مكانة في التحقيق مع المتهمين أو أخذ البريئين بذنوب المجرمين والمسيئين، ومع المحاسبة القانونية والجنائية لكل أصحاب الفتنة الذين ارتكبوا الجرائم في حق الوطن والمواطنين والمقيمين، ومن فعل تلك الأفاعيل في بلدنا ومواطنينا والمقيمين معنا في بلدنا الآمن، لكننا نعلنها صريحة أننا لا نسمح ولا نجيز ولا نرضى عن أي تجاوز للحقوق أو خروج على العدالة».
أما في خطبته أمس الأول (الجمعة 15 أبريل/ نيسان 2011)، فقد كرر الشيخ المحمود ما طرحه في الخطبة السابقة: «إننا مع المحاسبة القانونية والجنائية لكل أصحاب الفتنة الذين ارتكبوا الجرائم في حق الوطن والمواطنين والمقيمين، لكننا نعلنها صريحة أننا لا نسمح ولا نجيز ولا نرضى عن أي تجاوز للحقوق أو خروج على العدالة ونحذر من أن يكون لروح الانتقام مكانة في التحقيق مع المتهمين أو أخذ البريئين بذنوب المجرمين والمسيئين»، وزاد الشيخ تأكيده بعد أن توفي عدد من المقبوض عليهم أثناء التحقيق، بأن «يتم التحقيق المحايد في أسباب وفاة هؤلاء، وندعو المسئولين إلى أن يمكنوا الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وغيرها من المحايدين للاطلاع على الحقائق، وتتم محاسبة من تسبب في ذلك إذا كان هناك متسبب».
وقد وضع الشيخ المحمود (مسئولية خطابه) لرفض اتهام الناس في المقدمة، بقوله: «لا يجوز أن نضع جميع أتباع الشيعة الجعفرية في سلة واحدة ونوجه لهم كلهم الاتهام عما حدث فإن ذلك من الجور والظلم، وربنا لا يظلم احداً، ولا يجوز لنا أن نظلم أي بريء، فمنهم براء واتضحت براءتهم أثناء الفتنة، ومنهم من سكتوا ولم يظهر منهم أي عداء او عدوان على غيرهم، ولكن من بغى واعتدى»، ويكشف موقع الخطورة بقوله: «ومن هذا الظلم أننا نرى منشورات توصل إلى بعض بيوت الشيعة تطالبهم بالرحيل عن سكنهم وتهدد بقاءهم من غير ذنب ارتكبوه، وذلك لا نقره ولا نرضى به ونرجو من إخواننا الذين يرسلون هذه الرسائل أن يكفوا عن هذا الفعل، وألا تأخذهم العاطفة فيقعوا في ذات الخطأ الذي وقع فيه أصحاب الفتنة الذين لم يكونوا يريدون التعايش مع غيرهم».
وبعد، لابد من الاحتكام الى دستور البلاد الذي كفل في مادته رقم (22) حرية ممارسة الشعائر الدينية، وجاء فيها نصاً: «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقاً للعادات المرعية في البلد»، لهذا نشدد على أن المجتمع البحريني، يمتلك إرثاً دينياً واجتماعياً مميزاً بالمساحة الكبيرة المنضوية تحت عنوان التسامح والتعايش الاجتماعي واحترام المذاهب الإسلامية والأديان الأخرى، لكن ثمة محاذير كثيرة شهدتها السنوات الماضية من خلال رصد انحراف الخطاب الديني لدى فئة من الخطباء والمتصدين للجانب الديني وكذلك السياسي سارت في اتجاه الترويج للأفكار التي لا تتواءم مع المجتمع البحريني، سواء كان ذلك بالترويج للفكر الديني المتشدد وإقصاء الآخر، أو من خلال التحريض والدفع في اتجاه اشعال الفتنة بين الناس، أو عبر ذلك الخلط المتزمت بين السياسي والديني الذي يرجى منه تفتيت المجتمع
وزّروا الأطباء وزوّجوا الطبيبات
مبادرة طيبة وذكية من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد بدعوة كتلة العمل الوطني للتشاور والوصول لوضع تصورات عمل مشتركة، ونرجو أن تمتد تلك المبادرة الى باقي الكتل والأعضاء، وقد يحتاج البعض منها الى عمل رحلات مكوكية تلين الأجواء قبل اللقاء وتسهل عملية الانفراج التي يأملها كل محب لهذا الوطن، ونرجو في هذا السياق ألا يرفض أحد ذلك التحرك الخير، فالديموقراطية ـ للتذكير ـ تقوم على مبدأ الرأي والرأي الآخر، والسياسة هي فن الممكن لا طلب المستحيل كما ان العمل السياسي يهدف في النهاية لخلق التوافقات لا اصطناع الأزمات ولا منتصر عندما تغرق المراكب..!
كل البضائع في الأسواق من سيارات وتلفزيونات وغيرها تتباين أسعارها بشكل كبير تبعا لجودتها وقدرتها على العمل ولو فرض سعر موحد لها لما اشترى احد الا الأفضل من تلك السلع وهذا أمر أقرب للبديهة.
الكويتيون من رجال ونساء هم كحال تلك البضائع تختلف قدراتهم وجودتهم بشكل كبير، فهناك مسؤول يمكن ان يوفر على الدولة بقدراته المميزة مليار دينار، وهناك مسؤول آخر يمكن ان يكلف الدولة بسبب محدودية القدرة مليار دينار، والجميل ان الاثنين كلفتهما على المال العام واحدة حيث تتساوى رواتب ومكافآت الوزراء، لذا نرجو الحرص على اختيار الأكفاء في الوزارة القادمة حتى تصبح وزارة كفاءات متفق عليها، والبعد عن محدودي القدرات مادام الثمن واحدا.
الذكاء هو اهم الفوارق بين المقتدرين وغير المقتدرين، وأغلب الأذكياء، كما هو معروف، هم من العاملين في مجال الطب، لذا نود ان نرى الكثير منهم في الوزارة المقبلة بعد ان نحافظ على وزراء أمثال د.هلال الساير ونضيف له من تلك العينة على ان يكونوا من المتميزين كحال د.ابراهيم الرشدان ود.خالد الصبيح والعشرات غيرهما ولا يهم التخصص، حيث ان الوزارة في النهاية هي منصب سياسي، كما يجب عدم الاقتصار بالطبع على الطب فهناك مميزون في مجالات الحياة الأخرى والمقتدر يمكن ان يدير بكفاءة شديدة اي وزارة يتحمل مسؤوليتها، كما انه قادر على إقناع الناس بشكل أفضل من غيره.
آخر محطة:
(1) في كتاب «من الثالث الى الأول» لرئيس وزراء سنغافورة الأسبق لي كوان يقول اننا كشرقيين نود دائما ان تكون الزوجة أقل مكانة من الزوج، لذا تبقى كثير من الطبيبات في بلده ـ وفي بلدنا ـ دون زواج، ما يجعل جينات الذكاء والعبقرية التي يملكنها لا تورث منهن لأجيال لاحقة، لذا كان يحث الدولة على تشجيع مثل تلك الزيجات وهو أمر يجب ان يعمل به في الكويت التي تحتاج بشدة لرفع مستويات الذكاء فيها.
(2) من يتزوج لجمال فالجمال قابل للذبول السريع، ومن يتزوج لمال فصفقة تجارية واحدة تحيل الأثرياء الى فقراء، اما من يتزوج لذكاء فالذكاء باق بل ويورث فاحرص على ذات الذكاء.
داروين الإنسان والرق
يعتبر تشارلز داروين واحدا من أعظم علماء البشرية، ولا تزال نظريته عن أصل الأنواع، وبعد 160عاماً، الأكثر جدلا في التاريخ حتى يومنا هذا، ويعتقد أنها وضعت حدا لجدل دام آلاف السنين. لم يكن داروين عالما فذا فحسب، بل صاحب رسالة إنسانية، فقد كان له موقف واضح من الرق سبق به عصره، وهو ما تكون لديه نتيجة مشاهداته على سواحل أميركا الجنوبية من وحشية في التعامل مع الرقيق باسم الكنيسة المسيحية، وكيف أن بعض أولئك البؤساء، وبينهم مسلمون، كانوا أكثر فهما ورقيا مقارنة بسادتهم البيض! وقد شكلت تلك المشاهد لديه البعد الاثني الانساني الانثروبولوجي الذي ساعده لاحقا في التوصل الى نظريته الإنسانية ومواقفه المناهضة لفكرة التفوق العرقي. وقد سعى للكشف عن مظاهر الاخوة الانسانية عبر البحث والاستقصاء العلمي، من دون التورط في أي ممارسات سياسية. ومع وفاته في 1822ودفنه في مقبرة «وستمنستر آبي» للعظماء، وصلت نظرياته عن «أصل الانسان» الى منعطف مهم وحظيت باهتمام العلماء وأصبحت لاحقا المصدر الاساسي للتعرف على طرق التطور واساس النظريات الحديثة. وعلىالرغم من مواقف داروين الإنسانية هذه، فان المتدينين من قومه لم يفوتوا فرصة لدحض أفكاره ومحاولة محوها ومنعها من أن تدرس، وكان أشد المناهضين له أولئك المطالبون ببقاء نظام الرق على ما هو عليه! ومعلوم أن إنكلترا سبقت العالم بتحريم الرق رسميا في 1833، وتضرر من ذلك الكثير من مالكي الرقيق، ومنهم عرب ومسلمون، وكان الرق معروفا في الكويت حتى ما قبل الاستقلال بقليل، وحتى بعد ذلك بسنوات في مناطق أخرى من الجزيرة العربية، وهو ما عاصرته شخصيا خلال عملي المصرفي. وقد بينت الدراسات الحديثة أن الإنسان العصري لم يتوقف عن التطور، ولكنه أصبح أكثر بطئا من ذي قبل، وأن الإنسان كان مميزا في عالم الحيوان وخلق لنفسه بيئة تحميه من تقلبات البيئة بطريقة لم تعرفها الحيوانات الأخرى، فالدب القطبي مثلا تطور بتكوين فراء يحميه من البرد، ولكن الإنسان، بدلا من ذلك، قام بقتل الدب واستخدم فراءه للحصول على الدفء. مما يعني أن التقدم التقني ابطأ من تطورنا الجيني، ولكن لم يوقفه، فلو قمنا بمقارنة جينات مختلف البشر حول العالم لأمكن ملاحظة مدى ما هنالك من اختلاف بين الأجناس البشرية وكيف تطور البعض بمعزل عن الآخر منذ أول ظهور للجنس البشري، وأحد اشكال التطور هذه لون البشرة، كما أن هناك ظاهرة أخرى تتعلق بصعوبة قيام الجهاز الهضمي لدى البشر بهضم مواد معينة وتغلب غيرها عليها وهضمها بسهولة، فمادة السكر في الحليب، أو اللاكتوز، وقبل أن يعرف الإنسان الزراعة قبل عشرة آلاف سنة تقريبا، لم يكن بإمكانه هضمها، ولكن مع التطور البشري أصبح البعض أكثر تقبلا أو تحملا لهذه المادة من غيرهم، فــ %99 من الإيرلنديين مثلا يتحملونها، أما في جنوب شرق آسيا، حيث لا تنتشر بينهم منتجات الحليب، فإن النسبة لا تزيد على %5.
أحمد الصراف
شعب… بصلعة ونظارة
كان الزعيم العربي الإفريقي الراحل معتاداً أداء صلاة العيد في الجامع القريب من قصره، وفي طريق العودة إلى قصره يسير موكبه ببطء، محاطاً بضباط الحماية الشخصية، كي يتسنى للزعيم تحية الجموع المحتشدة على جانبي الطريق.
وفي أحد الأعياد، وأثناء عودة الموكب من الجامع إلى القصر، فوجئ ضباط الحماية الشخصية برجل أصلع مهيب المنظر، يرتدي بذلة سوداء أنيقة، جسمه رياضي مشيق، نظارة سوداء معتمة تغطي عينيه، وفي أذنيه يضع سماعات صغيرة، ويجري بجانب سيارة الزعيم ويصدر أوامره بصوت عالٍ لضباط الحماية: «انتبه، على يمينك، الشاب ذو القميص الأزرق»، «أنت، ركّز نظرك على هذه السيدة ذات العباءة، في المرة المقبلة لا أريد أن أرى نساءً بعباءات على جانبي الطريق، فالعباءة هي الرداء الأنسب لإخفاء الأسلحة…».
وهكذا ظل الأصلع يصرخ ويوجه أوامره بصوت يسمعه الجميع، والضباط يتبادلون نظرات الدهشة وينفذون الأوامر، دون أن يعرفوا من هو هذا الرئيس الجديد لفريق الحماية، ويتساءلون في أذهانهم وهم يركضون ويتلفتون في محيط الموكب: «لا بد أن الزعيم اختاره دون أن يبلغهم، كان يجب إبلاغهم فهذا أمر لا مجال فيه للخطأ، لكن قد يكون الزعيم أبلغ الجنرال قائد الفريق الأمرَ ونسي الجنرال إبلاغهم، ثم إن هذا الوافد الجديد لم يتدرب بالتأكيد على حماية الشخصيات، إذ من الخطأ إصدار الأوامر بصوت عالٍ، بل بالهمس من خلال المايكروفونات الصغيرة المثبتة على ياقات القمصان».
واصل الموكب مسيره، وصاحبنا الأصلع ذو البذلة السوداء يصرخ هنا وهناك، إلى أن دخل الموكب باحة القصر، وترجل الزعيم من سيارته، واختفى في إحدى الفلل المتناثرة… هنا التفت صاحبنا إلى فريق الحماية وراح يربّت على زنودهم: «أحسنتم صنعاً لكن تذكروا جيداً ما قلته لكم، لا أريد أن أرى نساء بعباءات، ولا أريد كذا، ولا كذا»! تبادل أعضاء الفريق نظرات الدهشة، قبل أن يسأله القائد بأدب جم: «عفواً سيدي لم نعرفك… من أنت؟»، صمت صاحبنا برهة، وصمت معه الكون، ثم أطلق ساقيه للريح في اتجاه البوابة! هنا ارتفع صراخ الحراس وأعضاء فريق الحماية والخدم والمرافقين وهم يعدون خلفه: «قف قف قف» وألقوا القبض عليه، ليتبين أنه لا يحمل مسدساً بل غلاف مسدس خالياً، واكتشفوا لاحقاً أنه «مهووس» بهذا النوع من المغامرات، وبعد تفتيش منزله وجدوا أنه يحتفظ بأشرطة فيديو لهذا النوع من الأفلام والصور التي يظهر فيها كلها بصورة قائد فريق الحماية، وغير ذلك من العَته والهبل المدمس.
تطورت الأمور فتم فصل رئيس فريق الحماية وإنزال عقوبة قصوى عليه، وأُلقي بالمهووس في السجن، وتغير نظام الحماية بالكامل.
كتب بعد ذلك طبيب نفسي: «أرجوكم لا تقسوا عليه، يبدو أنه مصاب بالمرض الفلاني، وراح يشرح أعراض المرض، وكيف أن المصاب به سلمي لا يحب العنف وإن تظاهر به، وكيف أنه يتقمص الشخصية بصدق إلى أن تتلبسه بالكامل، تتلبس تفكيره وجسمه ونبرة صوته، ويكمن علاجه بتكرار شرح الأمر له، وتنبيهه بطرق مختلفة بأنه ليس قائد فريق حماية…
أنا مقتنع أن هذا المرض موجود، وأنه قد يتلبس جماعات وشعوباً، نحن في الكويت شعب كامل مصاب بهذا المرض، صدّقنا أننا في بلد ديمقراطي فرحنا نجري حول موكب الديمقراطية بنظاراتنا السوداء وصلعاتنا اللامعة، وصدقنا أن لدينا أدوات رقابة فجرينا حول موكبها بالسماعات الصغيرة والمايكروفونات المثبتة على ياقات قمصاننا، وصدقنا أن لدينا صحافة حرة فرحنا نصدر الأوامر ونمنع العباءات، وصدقنا وصدقنا وصدقنا، حتى تلبستنا الأوهام وسيطرت على تفكيرنا وجوارحنا ونبرة صوتنا.
بالله عليكم، هل لو كنا في بلد ديمقراطي حقيقي كان يمكن أن تختفي مليارات النفط رغم كل هذه الأجهزة المحاسبية؟ كيف يتم الاستحواذ على أراضي الدولة وتحويلها إلى مشاريع بالترسية المباشرة، وبسعر لا يكاد يُذكر بالعين المجردة، تحت أعين الأجهزة المحاسبية وفوق أنوفها؟… زوروا منطقة «الحزام الأخضر»، رئة الكويت، التي تضم «النافورة الراقصة» وتفرجوا على المشروع التجاري المقام هناك، ثم اسألوا أنفسكم: «مشروع تجاري بهذا الحجم، على أرضٍ في هذا الموقع، بكم كان يجب أن تُباع لو عُرضت على الجميع؟»، وإذا لم تجدوا الإجابة فأعطوني نظارة وسماعة… الله لا يهينكم.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
الدرس الياباني
يميل الياباني، رغم أدبه الجم وأخلاقه العالية وأمانته ونظافته الى الكتمان، ويصعب بالتالي معرفة حقيقة مشاعره بسبب القناع غير المرئي الذي يضعه على وجهه. كما أن اليابانيين يؤمنون عموما بأنهم أفضل من غيرهم بدرجات، وبالتالي لا تمنح الدولة جنسيتها للغير عادة. كما كان الشعب الياباني طوال تاريخه، والعسكري بالذات، يتصف بقسوة كبيرة، وعانت شعوب كثيرة في جنوب شرق آسيا من فظائعهم ومذابحهم واعتداءاتهم الوحشية، ولكن نقطة التحول الرهيبة في تاريخ اليابان الحديث بدأت مع دخول اليابان الحرب العالمية الثانية إلى جانب المانيا وما تبع ذلك من هجومها الجوي على سواحل أميركا في «بيرل هاربر»، الأمر الذي أثار غضب أميركا ودفعها الى إسقاط قنبلتين نوويتين على هيروشيما ونكاساكي ومن بعد ذلك احتلال اليابان وتعيين الجنرال ماك آرثر حاكما عسكريا. وقد كان لماك آرثر الدور الأكبر في خلق صورة اليابان الحديثة، فقد فرض مجموعة من قيمه الغربية على طريقة الحياة اليابانية، وأحدث تحولا هائلا في طريقة التربية، ونتج عن ذلك خلق مفاهيم ومعتقدات جديدة نتج عنها جيل مختلف في طبائعه وأخلاقه ومثله، بحيث أصبح الياباني اكثر ميلا للسلام وإلى المساهمة في مساعدة الغير، بعد ان تخلى تماما عن نزعاته الشوفينية وقلل من دور الدين في حياته وتخلى عن فكرة ألوهية الإمبراطور، وغير ذلك الكثير الذي ساهم في عظمة اليابان الحديثة. وقد بينت الكارثة الأخيرة، التي أصابت هذه الدولة المتقدمة، بعضا من طبائع الشعب الياباني النبيلة، حيث شاهدنا أن طرق تعبيرهم عن أحزانهم عادة ما تكون متحفظة، فلا شق جيوب ولا نتف شعر وضرب صدور وصراخ حتى لمن فقدوا أسرهم بكاملها، كما لم تسجل اي احداث نهب وسرقة وسلب. كما رأينا كيف يقف الياباني في طوابير الأكل والشرب دون تذمر أو تجاوز، وسجل صحافي غربي استغرابه الشديد عندما انقطعت الكهرباء عن سوبر ماركت كان يتواجد فيه، وكيف أن الزبائن أعادوا للأرفف ما بأيديهم من مواد وغادروا بهدوء دون تذمر أو سرقة شيء، وغير ذلك من التضحيات والتصرفات البالغة الدلالة.
فإذا كان بالإمكان تغييرعادات وتقاليد ومثل وأخلاق شعب بكامله من خلال مقررات دراسية، فلماذا لا نستفيد من هذه التجربة الناجحة بكل المقاييس؟ ألا تستحق دولنا جنرالا مثل ماك آرثر أو حتى «ماك موسى كوسا»؟
أحمد الصراف
توظيف القضايا المذهبية في الصراع السياسي (2)
في الحلقة الأولى من هذه السلسلة يوم الأحد الماضي، اختتمت بالإشارة الى ما تتطلبه المرحلة الحساسة التي تمر بها بلادنا، وأن الجميع في حاجة الى أن يجتمع أهل البلاد تحت مظلة التسامح والمحبة والتآخي، ,خصوصاً أن جلالة العاهل الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الراعي الأول لهذا التوجه من خلال اللقاءات المستمرة مع علماء الدين الأفاضل كما يعلم الجميع… وكان التساؤل الذي طرحته هو: «ما الذي سيحدث لو استمر وجود نفر من ذوي الخطاب المتشدد في بث سمومهم القاتلة؟».
ومن حسن الطالع، أن استهل الحلقة الثانية اليوم بلقاء مهم للغاية! ففي الوقت الذي شهدنا فيه بضعة أصوات شديدة الهجوم على طائفة كبيرة في البلد تطالب بالنيل منهم وحرمانهم حتى من (الحياة) والاستهزاء بمعتقداتهم وسلب وطنيتهم وانتمائهم لهذه البلاد الكريمة سواء في تصريحات صحافية أو مقابلات فضائية أو في منتديات وغيرها، نجد ذلك اللقاء المهم، الذي التقى فيه وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة يوم الثلثاء الماضي (12 أبريل/ نيسان 2011) مع رؤساء المآتم الحسينية، يضع الكثير من النقاط على الحروف بكل وضوح، وخصوصاً فيما يتعلق بحقوق المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية، مع التحذير من التجاوز المضر بالسلم الاجتماعي وترشيد الخطاب الديني لما فيه المصلحة العليا.
إن ذلك اللقاء يكتسب أهمية بالغة كما أشرت، لكن دلالته الأولى أن واحداً من كبار المسئولين في الدولة وبوزارة سيادية، يفتح صدره لنقاش صريح وواضح مع قطاع له جذوره في البلد وهو قطاع المآتم الحسينية، ولهذا، يأتي التأكيد دائماً على ما أردت الوصول إليه، وهو مغبة الخلط بين المعتقد الديني والحراك السياسي، ولعلني أجد من الضرورة بمكان الإشارة أيضاً الى فضيلة الشيخ القطان! ففي خطبته يوم الجمعة الماضي (8 أبريل/ نيسان 2011)، قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان: «إن بعض الإعلاميين والصحافيين والخطباء والكتاب، يعملون من خلال مواقع عملهم على تأجيج الفتنة الطائفية وتفكيك المجتمع، ويقتاتون على الأحداث والأزمات»، وكانت ملاحظة فضيلته في محلها، وقد عايشنا ونعايش هذا النمط من الاعتياش على الأزمات.
ومن المهم أن نمعن النظر في دعوة فضيلة الشيخ القطان، فقد دعا المصلحين والمفكرين والعلماء والخطباء وأصحاب الرأي الى الابتعاد عن التجييش والتحريض مع الاحتفاظ بالرأي الآخر، وعلى أهل العلم إرشاد الضال، والواجب على العلماء والخطباء ووسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية والمنتديات الإلكترونية، أن يتقوا الله في الشباب والوطن ويجعلوا منابرهم منابر رشد وإصلاح، وألا يخرجوا إلى موضوعات استفزازية تؤدي إلى تفكيك المجتمع، وتثير الفتنة الطائفية.
لماذا تناول فضيلته هذا المحور؟ والجواب في الخطبة ذاتها، فقد اعتبر فضيلته أن بعض الصحافيين والإعلاميين والخطباء لا ينتمون إلى الحوار المتعقل والطرح المتزن والنقاش المنصف، بل تطغى في كتاباتهم وتحليلاتهم الانتهازية والطائفية، اقتياتاً على الأحداث وعيشاً على الكوارث، لا يناقشون المشكلة من أجل حلها، بل يتوجهون باتهام بعضهم بعضاً، ويتعدون على العرف السائد، وأعراف أهل الإسلام التي تعود إلى دينهم.
نكمل يوم الأحد المقبل إن شاء الله
لماذا ساذجة؟!
رغم دخولنا سنة انتخاب الرئاسة في أهم دول المنطقة، الا ان الادارة المصرية السابقة وبغرابة شديدة لم تعلن حتى بداية هذا العام ان كان مرشح الحزب الحاكم هو مبارك أم جمال أم سليمان، فهل كان احد منهم يتوقع قيام ثورة ستمنع في النهاية قيام تلك الانتخابات الرئاسية؟!
اتضح ان احد اكثر الامور التي اثارت الشعب المصري ودفعته للثورة ضد الحكم هو قضية التوريث، فلماذا لم يتم نفي ذلك الامر بشكل واضح وصريح، ومن ثم ترك عائما يثير غضب وحنق الناس بشكل يومي دون فائدة أو رد؟!
لماذا أبدى امين عام الجامعة العربية عمرو موسى عام 2010 رغبته في عدم التجديد له، وهو أمر مفهوم لو كان يعتزم الراحة واعتزال العمل العام، الا ان المستغرب ترشحه هذه الايام لرئاسة مصر شبه المضمونة فهل كان يعلم او يتوقع في ذلك الوقت المبكر بالثورة القادمة؟ وهذا التساؤل ينطبق كذلك على المرشح الآخر د.محمد البرادعي!
لماذا زوّر أحمد عز وحبيب العادلي الانتخابات الاخيرة بشكل صارخ وفاضح استفز القوى الاخرى ودفعها للثورة؟!
لماذا سخّر كبار رجال الاعمال والاعلام المستفيدين بشدة من الوضع السابق قنواتهم وبرامجهم وصحفهم بل وحتى بعض برامج القنوات الرسمية لسنوات طوال لا للدفاع عن النظام بل لشتمه وتسويد صورته؟! ولماذا قام صنائع وحلفاء صفوت الشريف وأحمد عز وجمال مبارك أمثال مصطفى بكري وعمرو أديب بتسويد صورة النظام وتشجيع الناس على الثورة؟!
اذا كان وزير الداخلية قمعيا وقاتلا، فلماذا صمت ولم يفعل شيئا عن الكتب والافلام والمقالات التي كانت تحرض الشعب المصري بشكل فاضح على الثورة (كحال ابراهيم عيسى وعبدالحليم قنديل وكتب علاء الأسواني وافلام عماد الدين أديب وغيرهم)؟
لماذا شهدت مصر عودة لكثير من المغتربين ممن كان عملهم الوحيد بعد عودتهم تثوير الشعب المصري عبر الصحف التي اصدروها والبرامج الحوارية التي قدموها والافلام التي انتجوها؟!
لماذا وقد بات واضحا بعد خروج الملايين للشوارع ان النظام أصبح ساقطا لا محالة كحال النظام التونسي ألا يهرب الرئيس وكبار الوزراء ورجال الاعمال رغم سهولة ذلك الامر لوجود عشرات المطارات في مصر ولدى هؤلاء الثروات اللازمة لتأمين ذلك الخروج والعيش الكريم في الخارج؟ فلماذا بقوا ولماذا لا يحاكمون؟!
لماذا تبقى الساحة المصرية ساخنة بشكل دائم هذه الايام؟ ولماذا يسمح بإعادة تكرار مسار الانتقام والاجتثاث الذي دمر العراق والذي يجعل قطاعا كبيرا من رجال الامن والاعمال والاعلام المعزولين يسعى لخراب مصر وضرب استقراره بدلا من جعلهم ترساً في مشروع الاعمار والأمن؟!
وهل يراد من تغيير الواقع السيئ خير مصر ام التحول لأوضاع اسوأ منه تجعل الناس تترحم عليه كما حدث سابقا مع صدام وعرفات؟!
لماذا كتب د.عبدالحليم قنديل مقالا قبل سنوات قليلة أسماه «سقوط مبارك في ميدان التحرير» بعد ان ترك مهنة الطب لكتابة المقالات؟ ولماذا اصدر الطبيب الآخر الذي تحول للكتابة د.علاء الأسواني قبل عام كتاب «لماذا لا يثور المصريون؟».. ولماذا انتج قبل حوالي عام فيلم «هي فوضى» الذي ينتهي بخروج الجماهير المصرية في ثورة عارمة للشوارع لتسقط خلالها النظام وتخرج المساجين من الزنزانات؟!
آخر محطة:
1 – خطاب خاطئ آخر لمبارك دفع الناس للمطالبة باحضاره ومحاكمته، لا اعتقد بحدوث تلك المحاكمة ولا اعلم ان كان مبارك سيبقى في شرم الشيخ أم سيتجه لخارجها؟!
2 – يعكس الوضع الجغرافي لمصر الحقائق التالية: الى الشرق منها تم تقسيم فلسطين الى دولة علمانية في رام الله وامارة إسلامية في غزة، الى الجنوب انفصل السودان بفضل البشير الى امارة إسلامية في الشمال ودولة علمانية في الجنوب، الى الغرب انقسمت ليبيا العظمى بفضل القذافي الى امارة إسلامية في شرق ليبيا وجماهيرية علمانية في غرب ليبيا وحمى الله مصر من اصدقائها واعدائها على حد سواء وحماها قبل ذلك من مشاريع الامارة والدولة المختبئة تحت الرماد.
3 – سؤال ساذج أخير، اذا كان العهد السيئ في مصر اصبح من الماضي، والعهد المشرق ما هو قادم، فلماذا تهرب الاموال والاستثمارات الاجنبية من مصر هروب الغزلان من هجمة الاسد؟!
الأخرويات قبل الأولويات
أقر مجلس الأمة، بأغلبية 42 صوتا، وفي مداولتين سريعتين، قانون إنشاء الهيئة العامة للعناية بطباعة القرآن ونشره، مع تمام علم من أقر القانون أن المسلمين بقوا 1400عام من دون مثل هذه الهيئة أو غيرها ولم يتغير شيء، وقت لم تكن هناك سجلات ولا مطابع ولا آلات تصوير ولا أرشيف وحفظ، وعندما كانت نسخ القرآن تكتب على مدى قرون يدويا، فكيف أصبح خطر التحريف الآن على الأبواب وتطلب قانونا يمرر بمثل هذه السرعة، علما بأن مطابع مصر وغيرها كانت تاريخيا تزود الكويت، والمنطقة بحاجتها من نسخ القرآن من دون مقابل، أو بمقابل رمزي. كما أن السعودية قامت بصرف مبالغ هائلة على إنشاء هيئة مماثلة لطباعة القرآن ومنعت أي جهة من إدخاله إلى السعودية، وهذا سيشمل مستقبلا مطبوعات الهيئة العامة لطباعة ونشر القرآن الكويتية، وكان بإمكان الكويت الحصول على حاجتها من نسح القرآن الموثقة من السعودية وتوفير ملايين الدنانير التي ستصرف على جهاز إداري بالغ الكلفة!
على ضوء كل ذلك، فإن الشك يصبح مشروعا في سبب كل هذه العجلة في إقرار هذا القانون، وأن في الأمر شيئا يتعلق بمصالح انتخابية وتوظيفات وهمية، ولا علاقة للأمر بالرغبة في الحفظ من التحريف أو زيادة النشر، ومن المتوقع بالتالي نشوب صراع بين قوى السلف و«الإخوان المسلمين»، كالعادة على من سيتولى إدارة هذه الهيئة التي لن تبخل عليها الحكومة من مال «المسلمين»، وستنافس وزارة شؤون مجلس الأمة في عدد موظفيها غير المنتجين، وسنسمع قريبا بأخبار الصراع على مناصب هذه الهيئة الجديدة، وعلى التكالب في التعيينات العشوائية فيها، ولا نقول إلا لكم الرحمة ولنا السلوان، في أثناء ذلك على بقية مشاريع القوانين المهمة انتظار دورها فصحوة نواب مجلسنا ستأخذ بعض الوقت حتما، هذا إن حدثت!
***
ملاحظة: طالب نواب بفتح محمية «صباح الاحمد» أمام جمالهم وخرافهم لتعيث فيها خرابا، وتجعلها يبابا، وهؤلاء هم الذين سبق ان طالبوا بإسقاط القروض ومنح العطايا والهبات وزيادة الرواتب وتعديل الكوادر، ولتذهب بعدها الأجيال القادمة الى الجحيم، أو ما هو أسوأ!
أحمد الصراف
ماذا تنتظرون؟
موقف الكويت القوي والصلب من تدخل ايران في شؤوننا الداخلية موقف جيد ومطلوب في هذه المرحلة.. لكن الذي يعرف امكانات ايران في ازعاج الكويت وقدراتها على زعزعة امنها بواسطة طابورها العاشر له الحق ان يتساءل: بماذا تفكر الكويت وهي تتخذ هذا الموقف الصلب تجاه الدولة الفارسية؟!
موقف حكومة البحرين من المعارضين للنظام هناك موقف اكثر من قوي، وتجاوز احيانا حدود المعقول عندما يتم طرد اللاعبين من الاندية لمشاركتهم آلافا في ساحة اللؤلؤة وفصل المئات من وظائفهم للسبب نفسه!! ولانني احب البحرين.. واحب النظام الحاكم فيها، ولانني كنت ضد التظاهرات اللاسلمية في ساحة اللؤلؤة، لكن يدي على قلبي مما يجري الآن، لانني اعرف قدرات النظام هناك وامكاناته، كما اعرف ما يمكن ان يفعله تنظيم مدعوم من حكومة تضمر الشر لجيرانها وتعتمد تصدير ثورتها لها!!
ما يجري في الكويت والبحرين وما يثار من تساؤلات مشروعة مثل: بم تفكرون؟ على ماذا تستندون؟ في من «شادّين ظهركم»؟ كل هذه الاسئلة ممكن توجيهها الى بقية دول الخليج التي سعدنا ونحن نشاهد لها مواقف ايجابية وواضحة وشفافة وقوية تجاه قضايا الساعة، مثل تجاوبها مع احداث اليمن ومبادرتها لحلها، وقبلها موقفها القوي من دعم الثوار في ليبيا.
الهاجس الذي ينتابنا هو ان هذه الدول الصغيرة معتمدة على علاقتها باميركا!! فإن كان الامر كذلك فعلينا السلام، لان اميركا لم تفزع لانظمة كانت حليفة لها واكثر اهمية لديها بعدما رأت واقع الامر، وتعاملت مع الوضع من واقعه الذي فرضه عليها.
إذاً ما الحل؟
الحل ذكرناه في هذه الزاوية منذ اكثر من اشهر عديدة، وهو بوجود كونفدرالية بين دول الخليج تعطي كل دولة استقلالية في ادارتها لشأنها الداخلي بالطريقة التي تناسبها، وتلتزم بالسياسة الخارجية والدفاعية والنفطية لدول مجلس التعاون.
هذه الخطوة اصبحت اليوم استحقاقا سياسيا يفرضه الواقع والمصلحة!! فالواقع اننا دول صغيرة وسط دول جارة وجائرة!! دول لا امان لانظمتها ولا رادع، وليس للجيرة عندها اي اعتبار!! والمصلحة تستلزم ان نتحد في كيان واحد قوي، ولا مانع وقتها من عقد اتفاقات امنية مع من نشاء!!
التطورات تتسارع.. والوقت ما يرحم.. والمصالح تتشابك.. وصديق الامس عدو اليوم فماذا ننتظر!!