انشغل العالم صباح امس بزواج الأمير وليام والأميرة كيت، وهو حدث شجع السياحة وجلب الأموال لبريطانيا، حيث امتلأت فنادقها وشققها الفندقية بالزائرين، في الوقت ذاته انشغل الحكام الثوريون العرب وأبناؤهم بقتل شعوبهم وتخريب ديارهم وتهجير مواطنيهم الى الدول المجاورة.
وكانت العهود الملكية السعيدة في مصر وإيران والعراق والأردن قد اشتهرت بمثل تلك الأفراح والليالي الملاح التي تسعد الشعوب وتفرح القلوب ويمكن متابعة البعض منها على اليوتيوب كحال زواج الملك فاروق من الملكتين فريدة وناريمان، والشاه من ثريا وفرح ديبا والملك حسين من دينا، وقد تسببت الثورات الهوجاء في استبدال أنظمة الأفراح السابقة بأنظمة الأتراح اللاحقة.
«ماذا فعلت الثورات بالعالم العربي؟» كان عنوان أول مقال لي في الصحافة الكويتية قبل 3 عقود انتقدت فيه البقرة المقدسة المسماة آنذاك الأنظمة الثورية التي كانت شعاراتها الكاذبة حول الوحدة العربية وتحرير فلسطين تدغدغ عواطف الشباب الغر وتخدع عقول رجال الفكر، وقد تحديت في ذلك المقال البعيد ان يجد لنا احد دولة عربية او اسلامية قامت بها ثورة فتحسن حالها وتحولت من الفقر الى الغنى او من التخلف الى التقدم، ان الثورات الحالية ستحيل الأوضاع السيئة القائمة الى أوضاع أسوأ قادمة وستتحول دولنا الموحدة الى دويلات مفككة يحارب بعضها بعضا وغدا لناظره قريب.
لقد بدأت حقبة الثورات الحالية في تونس بسبب حالة الفقر والبؤس التي عانى منها الشاب البوعزيزي فهل تحسنت أحوال العاطلين والبائسين في تونس بعد الثورة؟! تظهر الأرقام هذه الأيام هجرة 28 ألف تونسي (بوعزيزي) الى إيطاليا وفرنسا، كما تمتلئ صالات «المغادرين» في الدول الأخرى التي قامت بها الثورات بالسائحين والمستثمرين وقبلهم المواطنون بسبب غياب الأمن والتحول السالب في الأوضاع الاقتصادية بعد ان عادت الثورات العربية الفتية سريعا لنهج ثورات الخمسينيات والستينيات القائم على الانتقام والمحاكمات وتأميم الممتلكات والمظاهرات اليومية بدلا من التفرغ لإتقان العمل والإبداع وتطوير الذات كما حدث في دول أوروبا الشرقية بعد سقوط الأنظمة الشيوعية فيها.
آخر محطة:
(1) الحقيقة الجلية تظهر انه لولا التدخل العاقل والحازم للقيادات الخليجيةوالإرسال السريع لقوات درع الجزيرة التي نجحت فيما لم تنجح فيه قوات الردع العربية التي لم تستطع وقف الاقتتال الأهلي في لبنان، لكانت الدماء تسيل انهارا في مملكة البحرين.
(2) خارطة طريق الثوريات العربية والإسلامية كلها ضرر بأوطانها وشعوبها، حيث تبدأ بـ «أحكمكم قسرا ثم أقتلكم وأسجنكم وأسرقكم وأضيع مواردكم فيما لا ينفع، وقبل رحيلي أقسّم بلدانكم الى دويلات متناحرة كي تتندموا على تركي لكم» الملكية الفكرية لتلك الخارطة المدمرة مسجلة باسم صدام حسين الذي عاد من تحت الرماد.