محمد الوشيحي

حسبة دجاج

البريطانيون، بل الأوربيون والأميركان كلهم، من موريتانيا إلى صنعاء، لديهم الوقت الكافي لمتابعة تفاصيل زواج وليام وكيت. ووليام، كما يعرف المارة وعابرو السبيل، هو الابن البكر لولي عهد بريطانيا تشارلز والبرنسيسة ذات العيون «النجلى» والرموش الكسلى والخدود الخجلى ديانا سبنسر التي غادرت دنيانا، تغمدها الله بواسع رحمته بقدر ما أسكتت صراخ بطون جائعة في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
ولا أدري لمَ كل هذه الكاميرات والفلاشات والبرامج المخصصة لتغطية زواج هذا الأمير الكسول الذي اكتفى بممارسة هواية امتطاء الخيل وركوب البحر، فلا هو رئيس اتحاد كرة قدم كما هو حال أقرانه الأمراء العرب، ولا هو شاعر مثلهم يستحوذ على الأمسيات والأصبوحات الشعرية في كليات البنات والآداب والتجارة (تسعة وتسعون في المئة من الأمراء والشيوخ العرب، خصوصاً الشبان منهم، يولدون شعراء لا يقارعهم جرير ولا ينازلهم الفرزدق)، ولا هو ابن من استحوذ على أموال بريطانيا وهي تحت الاحتلال، فسرق استثماراتها وأسس قناة فضائية وجريدة وإمبراطورية إعلامية تضرب أشراف بريطانيا وتشعل حرائق الفتنة بين البريطانيين، ولا هو ولا هو ولا هو، إذاً «هذه الضجة الكبرى علامَ؟»… ما عليك من السوالف، أشهد أن وليام رخمة، وأشهد أن الشعوب تلك فاضية لا شغلة عندها ولا عملة.
 ***
القاضي السابق والنائب الحالي حسين الحريتي، رئيس اللجنة التشريعية البرلمانية، علّق على قضية الأغذية الفاسدة: «شدعوه، كلها ست دجاجات»، في محاولة منه لتهوين الأمر.
ورغم أن الدجاجات كانت أكثر من ست، أظنها كانت سبعاً، أو عدة أطنان، لا يهم، إلا أنني سأعتبرها ست دجاجات عجاف، وإذا افترضنا أن الدجاجة الواحدة، فاسدة كانت أو صالحة، تكفي لشخصين بالغين، أو ثلاثة أطفال، فلن يموت إلا اثنا عشر بالغاً أو ثمانية عشر طفلاً، بس… إذاً «هذه الضجة الكبرى علامَ؟».
والله يذكره بالخير السفاح الليبي معمر القذافي الذي قال في إحدى خطبه مستهزئاً: «يقولون قتلنا الآلاف (يقصد الثوار)، والصدق أنه لم يمت إلا مئتا شخص فقط»… ظلموه سحقاً لهم.
وأتذكر خبراً قديماً قرأته عن سقوط قطعة من سقف غرفة طوارئ في أحد مستشفيات بلجيكا (إن لم تخذلني الذاكرة)، نتيجة أعمال الصيانة، على رؤوس المرضى وذويهم، ما أدى إلى وفاة طفل وإصابة أمه وثلاثة آخرين… وفي لجنة التحقيق البرلمانية أخطأ المسؤول الحكومي في اسم المستشفى وذكرَ اسم مستشفى آخر، فهاج النواب عليه وعلا صراخهم: «ألهذه الدرجة لا يهمك الحادث؟ ما هذا الاستهتار؟ كلنا نعرف اسم المستشفى إلا أنت رغم أنك المسؤول التنفيذي؟!»، وبعد أن مرمطوا كرامة معاليه في الأرض، كتبوا في تقريرهم إلى البرلمان: «نرى أنه مستهتر ونطلب إيقافه عن العمل فوراً وإحالته إلى القضاء»، وهو ما تم فعلاً! اللافت أن رخصة هذا المستشفى الخاص سُحبت بعد أن ألزم مالكه بدفع مبالغ خيالية، وسُحبت معها رخصة شركة الصيانة بحجة إجراء الصيانة دون إخلاء المبنى من المرضى، وأحيل رئيس بلدية الحي والمسؤولون عن الموافقة على الصيانة إلى القضاء بعد إيقافهم عن العمل، ووو، وكانت ليلة كبيرة لا فجر لها…
البلجيكيون مؤزمون بطبيعتهم ونوابهم يخدمون أجندات خارجية للأسف، ولو كنا بلجيكيين لربما طالبنا بإعدام البعض في ساحة الإرادة أمام مبنى البرلمان… لكن الحمد لله على العروبة.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *