سامي النصف

ترعة الشيخ جابر

أخبرني رجل أعمال كويتي بارز أثق تماما بما يقوله أن سقوط الرئيس مبارك قد يكون بسبب «حوبة» كويتية اخرى و«الحوبة» لغير الناطقين باللهجة الخليجية هي «اللعنة» التي تصيب كل من يتعرض للكويت بالقول او الفعل.

وقد سألته عن تفاصيل اسباب «الحوبة» ونحن نجلس في ديوانه العامر قبل ليلتين فأجاب بأنه التقى وزير الزراعة المصري السابق يوسف والي قبل عشرة أعوام وسأله عما وصل إليه مشروع ترعة الشيخ جابر أو بحيرة المياه العذبة الضخمة التي تبرع بها امير الكويت الراحل لمصر وكان يفترض ان تساهم في توطين ملايين المصريين في سيناء بعد استصلاح 620 ألف فدان وزراعة 50 مليون شجرة زيتون.

وكانت إجابة يوسف والي ان الرئيس مبارك قد أصدر أمره بإزالة اسم الشيخ جابر من تلك الترعة والاكتفاء بمسمى ترعة السلام (مع إسرائيل بالطبع) الذي يفترض ان يكون مسمى الجزء الغربي الصغير من المشروع الواقع في الدلتا وليس مسمى الجزء الشرقي القائم في سيناء التي ارتوت ارضها بدماء الجنود الكويتيين إبان حربي 67 و73.

وقد نقل رجل الأعمال الكويتي في حينه ذلك الخبر لسمو الراحل الشيخ جابر الأحمد الذي أطرق قليلا ثم علق «الله يسامحه على ما فعل» وهذه قمة التسامح والإنسانية التي نطالب بإفشائها هذه الأيام تجاه ملف الماضي في مصر كما نطلب من الدكتور عصام شرف ان يعيد تسمية ذلك المشروع بمسماه الأصلي وهو «ترعة الشيخ جابر» وما جزاء الإحسان إلا الإحسان، كما نتمنى أن يبقى اسم مبارك على الجسر الذي يربط سيناء بمصر كونه قد تم بجهد منه وبتمويل ياباني وفي هذا حفاظ على الحقوق (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا) صدق الله العظيم.

وضمن برنامج «صباح الخير يا مصر» الذي أذيع في 24/4/2011 أكد عميد كلية التخطيط العمراني د.سامي عامر على ضرورة إعطاء الأولوية لاستكمال مشاريع التنمية المتوقفة كحال مشروع ترعة السلام «ترعة الشيخ جابر» بدلا من الاهتمام ـ حسب قوله ـ بمشروع د.فاروق الباز الأقرب للخيال والذي يكلف 200 مليار جنيه وليس 24 مليارا كما يسوّق صاحبه.

ومثل ذلك ما ذكره د.فتحي أبو عنانة ود.بشرى سالم في ملتقى غرب ووسط الدلتا حيث ذكرت د.بشرى ان دراسة شارك فيها 18 عالما اثبتت عدم جدوى مشروع د.الباز وطالبت باستكمال مشروع ترعة السلام «ترعة الشيخ جابر» كونه الأقل كلفة والأكثر عملية كما أنه يحمي سيناء من الضياع، ونشرت جريدة «في حب مصر» الإلكترونية نص مذكرة سرية عمرها 9 سنوات يذكر فيها رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ان هناك «مؤامرة» من وزير الزراعة يوسف والي لإفشال مشروع ترعة الشيخ جابر وقد امتدت «الحوبة» إليه فتم سجنه في العهد السابق، ثم صدرت قبل أيام مذكرة منعه من السفر بسبب تهم الفساد التي وجهت اليه.

آخر محطة:

في لقاء تجمع 26 الأخير تحدث عضو المجموعة د.عبدالكريم السعيد بخطاب فيه حب وحسرة وألم، مبديا حرصه الشديد على مستقبل أجيالنا القادمة رغم علمه بأنه يعيش أيامه الأخيرة كما أخبره الأطباء، رحم الله فقيد الكويت الكبير المرحوم عبدالكريم السعيد وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

احمد الصراف

الود التركي المفقود

لا يشعر الكثيرون بالود تجاه الأتراك، ويكن آخرون العداء لهم بسبب تاريخهم الاستعماري الدموي وما اقترفوه من مجازر بحق الأرمن والكرد والعرب وغيرهم من شعوب أوروبا وآسيا، ولكن هذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد وتحميل تركيا اليوم وزر تركيا الأمس، خصوصا إن اعتبرنا أن تركيا هي الدولة الإسلامية الوحيدة المتقدمة سياسيا واقتصاديا، بخلاف ماليزيا، التي يعود فضل تقدمها للصينيين فيها وليس لغيرهم. ويعود سبب تميز تركيا لنظامها العلماني من جهة وحيوية شعبها وما اكتسبوه من قربها لأوروبا، موطن الحضارة الأقدم، من جهة اخرى.
هاجر السلاجقة الأتراك إلى هضبة الأناضول مع بدايات القرن الحادي عشر، وزاد عددهم مع توالي انتصاراتهم على الدولة البيزنطية، ثم ليأتي بعدها بعقدين «عثمان بك» أو السيد عثمان، ويضع أسس الإمبراطورية العثمانية التي استمرت حتى الحرب العالمية الأولى وتم احتلالها من جيوش عدة، بمن فيهم جيوش الحلفاء الذين احتلوا أراضي الامبراطورية الهرمة، وهذا ما دفع مصطفى كمال عام 1920 لشن عدة حروب تمكن بعدها من دحر جميع أعدائه واجبارهم على ترك أراضي وطنه، وتوج على أثرها بطلا قوميا، بالرغم من المجازر التي اقترفها بحق الأرمن بالذات، وفي 1923 أعلن عن إلغاء الخلافة العثمانية وتأسيس جمهورية تركيا العلمانية الحديثة، وأصبح أول رئيس لها، ومنحه البرلمان لقب أتاتورك، أو ابو الأتراك، وأصبح على كل هؤلاء، وللمرة الأولى في تاريخهم، اتخاذ اسم محدد كلقب للعائلة، وهو الأمر الذي لم يكن متبعا. وعندما ثبتت قدما أتاتورك في الحكم على إلغاء الشريعة من المؤسسة التشريعية، وقام بتصفية الرموز الدينية والمحافظين، ومنع ارتداء الأزياء القديمة من طربوش وعباءة نسائية وحجاب، والغى وزارة الأوقاف والمحاكم الشرعية، والغى استخدام الحروف العربية، وأصبحت التركية تكتب بالأحرف اللاتينية، ومنع الكثير من الأنشطة الدينية وتأسيس أحزاب على أسس دينية.
وفي 1938 مات مصطفى كمال أتاتورك في قصر «دولمه باقشه» في اسطنبول عن سبعة وخمسين عاما فقط.

أحمد الصراف