الكلام المفيد هو نتاج معلومة مؤكدة يبنى عليها رأي سديد، في عام 1986 ـ والمخاطر تحيط بالكويت من كل جانب كحالنا هذه الايام ـ اعلن نائب دكتور ان الظروف المحيطة لا تسمح بإعادة تجربة حل مجلس عام 1976، وقد اخذ بعض النواب الآخرين ذلك الرأي، شديد الخطأ بمحمل الجد وبالغوا في الشطط السياسي وبعدد الاستجوابات المقدمة، مما ادى الى حل عام 1986 الذي يحاسب عنه دائما من قام «برد الفعل» ولا يحاسب من قام بـ «الفعل ذاته» كحال ذلك النائب الدكتور.. المختص!
في لقاء اخير لذلك الدكتور على فضائية اجنبية تجاوز خلاله كل حدود المعقول واصول النقد البناء الذي يخدم المصلحة العامة، وبدأ بالتحريض غير المسؤول على وحدتنا الوطنية وهيبة السلطة في البلد التي ان ضاعت ضاعت الكويت معها، ومعروف انه حتى الانبياء والرسل يختلف الناس عليهم وان الحس السياسي السليم ـ لا المحرض والمخرب والعقيم ـ يوجب ان يحظى من يتم اختياره لرئاسة الوزراء دائما بالدعم والمساندة حتى تصح محاسبته بعد ذلك، فنجاحه نجاح للكويت كلها واخفاقه هو اضرار بنا جميعا، فنحن في النهاية ركاب سفينة واحدة ان غرقت غرقنا جميعا.. سفهاؤنا قبل عقلائنا!
وكان الدكتور قد ظهر قبل ذلك على قناة فضائية محلية، واللقاء موجود كحال سابقه على اليوتيوب، ومما قاله فيه على سبيل المثال لا الحصر انه نشر عام 1978 كتابه «الكويت الرأي الآخر» ردا على حل مجلس 1976 وانه خط في صفحة 149 من ذلك الكتاب رسالة للامير آنذاك الشيخ صباح السالم رحمه الله قال له فيها انه اخطأ بذلك الحل الذي لا يملكه، وعاد بعد ذلك لتكرار المقولة «الغوبلزية» من ان مندوب بريطاني اسمه جورج ميدلتون زار الكويت عام 1961 «ليفرض» على شيخها الجليل الاخذ بالمسار الديموقراطي واطلاق الحريات الاعلامية منعا، حسب قوله، لوصول نيران ثورتي ظفار وعدن القائمتين آنذاك للكويت، وان ذلك المندوب خرج من بلدنا للخليج وقام بتغيير الانظمة التي رفضت طلبه في قطر وعمان وابوظبي، فأين الحقيقة؟ وهل يستطيع احد ان يكذب من يستشهد بكتاب هو كاتبه؟!
كتاب «الكويت الرأي الآخر» ذو الطبعة الواحدة موجود واتحدى ان يجد احد كلمة واحدة تتعرض فيه لحل عام 1976، او رسالة من كاتب الكتاب للامير انذاك الشيخ صباح السالم، فصفحة 149 تتحدث عن قانون الجنسية، اي ان هناك من يتخيل امورا ثم يصدق تخيلاته! وللمعلومة ثورة ظفار قامت عام 1962 وثورة عدن عام 1965، اي ان المندوب حذر الشيخ من ثورات لم تحدث بعد! وللمعلومة ايضا تغيير الانظمة حدث في الاعوام التالية: ابوظبي عام 1966 وعمان عام 1970 وقطر عام 1972، اي ان ذلك المندوب بقي في الخليج 11 عاما ليقوم بتلك التغييرات! والتي لم ينتج عنها فرض الديموقراطية او الحريات الصحافية في تلك البلدان!
ان اول المكذبين لمقولة فرض الانجليز للديموقراطية والحريات الاعلامية على الشيخ عبدالله السالم التي تجانب الحقيقة وتضيع جهد شعب وتفهم قائد تاريخي هو القائل نفسه، ففي الكتاب نفسه الذي لم يقرأه على الارجح من كتبه عدّد 6 اسباب لاخذ الكويت بالمسار الديموقراطي ليس بينها فرض الانجليز لها ممن لم يعرف عنهم قط تشجيع الحريات في البلدان التي يستعمرونها، كما لا توجد وثيقة واحدة من وثائق الخارجية البريطانية او الاميركية تثبت تلك المقولة ويمتد التكذيب لمقولته الاخرى ان وزيرة الخارجية الاميركية ذكرت في جلسة استماع بالكونغرس انها تنوي استبدال الانظمة التقليدية الصديقة بأنظمة اخرى، فمحاضر الكونغرس موجودة ولا يوجد بها شيء حتى قريب من ذلك «التهيؤ»، وتلك الامور للمعلومة «تفعل» ولا تقال في جلسات استماع، كما ان السياسة الخارجية الاميركية مناطة برئيس الجمهورية لا بوزير الخارجية كما يعلم اي مبتدئ علوم سياسية!
آخر محطة:
1 ـ من محاولة هدم رموزنا السياسية الى محاولة هدم رموزنا الاقتصادية ومقال لكاتب كويتي في صحيفة مصرية ينتقد فيه اعمال الراحل الكبير ناصر الخرافي بشدة ويدعو لإيداعه سجن طره! ومعروف ان هناك دعوة مصرية وعربية دائمة لاستثمار الخليجيين اموالهم في بلدان العرب لا الغرب، وهذا ما قام به الوطني الكبير ابومرزوق حيث احال صحاري مصر الصفراء الى جنات خضراء يعمل بها عشرات الآلاف من المصريين وتستقطب ملايين السائحين، فأين الخطأ في هذا؟ وهل من مصلحة مصر 25 يناير تطفيش المستثمرين الخليجيين والعرب والاجانب؟! الاجابة واضحة، ومرحبا بالدكتور عصام شرف في زيارته غدا للكويت وللدول الخليجية لاستقطاب الاستثمارات لا لمحاربتها.
2 ـ في اقل من ثلاثة اعوام، تفقد الكويت اربعة من اكبر رجال الاعمال والاقتصاد فيها، فمن جاسم البحر الى سامي البدر الى خالد المرزوق الى ناصر الخرافي، لهم جميعا الرحمة والمغفرة ولبلدهم الكويت الصبر والسلوان.