محمد الوشيحي

حنا العرب… حنا البدو

بعض المدن الألمانية تمنع الاستحمام وسحب سيفون الحمام (أجلكم الله) بعد الساعة العاشرة مساء. ليش؟ خشية إزعاج الجيران… وفي فيينا، عاصمة النمسا، كنت خارجاً من أصانصير البناية فإذا بخناقة بين رجل سحنته عربية ورجل آخر معه زوجته، العربي يصرخ بالإنكليزية والنمساوي الذي ازداد احمراره يصرخ بلغة الدوتش، ولم يلتقيا على لغة في الوسط… سألته: «عربي؟»، فأجاب: «نعم»، فبدأ الحوار بيني وبينه: ما الحكاية؟ / يا سيدي هظول (هؤلاء) عنصريين ولاد كلب بدهمش (أي لا يرغبون في) عربي يسكن معهم، مفهمتهمش كلامهم بس حسيت إنهم بيقولوا غور عن بنايتنا.

وبعد جهد جهيد ولأي شديد عرفنا أن النمساوي وزوجته لا يعرفان ما هو أصل هذا الجار أو عرقه، ولا يريدان أن يعرفا، بل كانا غاضبين لأن أخانا العربي نزل من شقته وفي يده كيس قمامة أراد أن يضعه في إحدى حاويات البناية في توقيت غير مناسب، إذ تنص قوانين البناية على أن لرمي القمامة توقيتاً محدداً من الساعة الفلانية إلى الساعة الفلانية، وأن تركل أحدهم على معدته أهون عليه من أن تكسر قوانين النظافة في البناية! لم يسكت النمساويان رغم كل هذا التقريع لصاحبنا العربي، بل تقدموا بشكوى إلى رئيس الحي، أو رئيس البلدية، ولا أدري ما الذي حدث بعد ذلك، فقد غادرتُ فيينا، وودعت جاري العربي وهو يشتمهم «يلعن أبوهم ما أسخفهم يعملوا من الحبة قبة… عندنا في البلد نرمي الكيس من البلكونة وما حدا بيقول النا ليش وقدّيش».

وفي سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأميركية التي يكره سكانها جورج بوش الابن، أرادت الحكومة أن تطلق اسم «جورج دبليو بوش» على أحد مرافق المدينة، فرفض السكان واقترح بعضهم أن يُطلق اسمه على محطة الصرف الصحي، فرفض البعض بحجة أن اسمه سيلوث الصرف الصحي، وكتبوا رسالة بعنوان «ارحموا الصرف الصحي من نتانة بوش»، وبالفعل لم يوضع اسمه على أي مرفق في المدينة. ولك أن تتخيل أن كل هذا حدث أثناء رئاسة بوش الابن، أو «بشبوش المربوش» على رأي الكاتب السوداني الساخر، جعفر عباس.

السكان هناك لهم كلمتهم، والعصمة في يدهم.

وفي المنطقة التجارية في «الفحيحيل»، في الكويت العربية، إذا كنتَ رجلاً من ظهر رجل فحاول أن تجد موقفاً لسيارتك خلال نصف ساعة. دع عنك أكياس القمامة الملقاة هنا وهناك، فالنظافة ملحوق عليها… وفي المنطقة التجارية في «حولي»، في الكويت الديمقراطية، إذا كنت «سند أختك» فحاول أن تدخل إلى المنطقة وتخرج من الجهة المقابلة من دون حبوب ضغط، معلش يا صاحبي «دخول حولي ليس كالخروج منها».

وفي السالمية والمنقف والمهبولة والشعب البحري ووو، ستستأجر شقة في بناية فخيمة لكنك لن توقف سيارتك إلا في الشارع، وبلا مظلة، وإذا وجدت موقفاً في الظل فـ»بوس إيدك معدة وظهر».

أنا لا أتهم بلدية الكويت بتلقي «البخاشيش» للموافقة على بناء المجمعات التجارية والسكنية من دون اشتراط وجود مواقف سيارات… معاذ الله أن أتهمها بذلك، أنا أتهمها فقط بتلقي الرشاوى. وأن تكون مسؤولاً قيادياً ألعباناً في بلديتنا أجدى لك وأنفع من أن من تمتلك صالة قمار في «مونت كارلو». وعليّ اليمين لو أن سحرة بلدية الكويت وحواتها تسلموا بلدية فيينا لعلّقهم السكان، قبل الحكومة، من أرجلهم على أعمدة كاتدرائية القديس ستيفن، ليتقربوا بهم إلى الله، قبل أن يسألوهم: ليش وقدّيش؟

اسمع اسمع… «حنا العرب يا مدّعين النمسا… حنا الطرب يهل(1) الوجيه العمسا… حنا سمار الزند وأنتم شقاره، حنا تتن غليون وأنتم زقارة… حنا الأصل، حنا الفصل، وأنتم كما قشر البصل… حنا بدو نأكل مصارين القطو، أنتم مجانين الفضا، وحنا سلاطين السدو… حنا الشموخ، حنا الدلوخ(2)، ندوّخ اللي ما يدوخ… ولا نحاسب ربعنا، حشا مهو من طبعنا، لأن من عاداتنا ما نعترض درب الشيوخ»… الدلة يا ولد.

***

1- يا أهل

2- الأغبياء

احمد الصراف

تمنيات العزيز أحمد

يتمنى السيد أحمد بشارة، أمين اللجنة الوطنية لاستخدامات الطاقة النووية، أن يكون مشروع قانون إنتاج الطاقة النووية جاهزا مع نهاية العام، وهذا يعني أن 3 سنوات ستمر قبل أن يُدق اول مسامير المشروع، هذا إن أقر مجلس الأمة القانون في حينه، ولكن بالرغم من قناعتنا بإخلاص الرجل فإننا نجد أن هناك ما يحتاج إلى التوضيح. ففي التقرير الذي نشرته القبس عن اجتماع لجنة شؤون البيئة البرلمانية بالسيد بشارة، ورد على لسانه أننا سنوفر 13 مليار دولار نتيجة بيع مئات آلاف براميل البترول التي تستهلك محلياً كوقود، إن استبدلناها بطاقة نووية، وهذا كلام جميل، لكن التقرير لم يتطرق إلى كلفة إنشاء المفاعلات النووية، وكلفة إدارتها من خلال عمالة مستوردة بالكامل، إضافة إلى تكاليف الصيانة العالية والطرق الخاصة بتخزين قطع غيار المفاعلات، هذا بالاضافة الى تكاليف التأمين الخيالية وغيرها، فمن الواضح أن هذه التكاليف لم يتم اخذها في الاعتبار، ولم يرد ذكر للجهة العالمية التي قامت بدراسة الجدوى الاقتصادية وتوصلت لمبالغ الوفر الخيالي هذا!
ما نتمناه على السيد بشارة هو الالتقاء ببعض كبار مهندسي البترول الذين تركوا الخدمة قبل سنوات، وسؤالهم عن أوضاع المنشآت البترولية في أيامهم ومقارنتها بما هي عليه الآن وسيكتشف العجب، فقد تردت أوضاعها نتيجة ضعف بعض الإدارات وعجز القوي منها عن التصدي لمطالب السياسيين المتعلقة بتوظيف المتردية والنطيحة في أعلى المراكز بسبب علاقتهم بهذا النائب أو تلك الجهة المتنفذة، فهل بإمكان السيد بشارة أن يضمن أن التدخلات النيابية، والتعيينات العشوائية لن تطال المفاعلات النووية، حتى بعد تركه لها؟ وما العمل إذا رأى الوزير المختص أن تعيين مهندس فاشل في المفاعل سيجنبه الصعود إلى المنصة؟ ولو علم السيد بشارة أن مصير المفاعل الكويتي لن يكون أفضل من مصير جهات تقنية عدة لدينا، نتيجة التدخلات النيابية، فهل سيقبل أن تكون بيوت أحفاده بجانبها؟ ولو أخذنا صغر مساحة الكويت في الاعتبار فهل تضمن أن لا أحد سيحتج على إقامتها قريبا من «مزرعته» أو منطقته الانتخابية؟ وفي هذا السياق ذكر لي خبير أميركي ان فرنسا وغيرها بدأت بمشروع أوروبي ضخم يكلف مئات مليارات الدولارات لسحب الطاقة الشمسية من صحراء الجزائر، خلال السنوات العشرين المقبلة، وهذا يعني أننا سنبدأ باستخدام الطاقة النووية في الوقت ذاته الذي ستتخلّص فيه الدول الأوروبية منها! وإذا كانت الكويت، بكل تاريخها النفطي، غير قادرة على السيطرة على الحوادث المتكررة التي تقع في منشآتها النفطية، فكيف سنستطيع مستقبلا التحكم بالمحطات النووية؟ ولو فرضنا عدم وقوع أي حوادث، فإن تشغيل المحطة النووية سينتج عنه مخلفات نووية، فكيف سنتخلص منها بطريقة آمنة؟
***
ملاحظة: اعتبر العالم فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء في جامعة بوسطن، أن مصر غير مؤهلة لخوض تجربة الطاقة النووية للأغراض السلمية! والسؤال هو لماذا نحن مستعدون، واكثر من 85 دولة قادرة ماليا وفنيا للدخول في التجربة، على غير استعداد؟

أحمد الصراف