سامي النصف

وزّروا الأطباء وزوّجوا الطبيبات

مبادرة طيبة وذكية من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد بدعوة كتلة العمل الوطني للتشاور والوصول لوضع تصورات عمل مشتركة، ونرجو أن تمتد تلك المبادرة الى باقي الكتل والأعضاء، وقد يحتاج البعض منها الى عمل رحلات مكوكية تلين الأجواء قبل اللقاء وتسهل عملية الانفراج التي يأملها كل محب لهذا الوطن، ونرجو في هذا السياق ألا يرفض أحد ذلك التحرك الخير، فالديموقراطية ـ للتذكير ـ تقوم على مبدأ الرأي والرأي الآخر، والسياسة هي فن الممكن لا طلب المستحيل كما ان العمل السياسي يهدف في النهاية لخلق التوافقات لا اصطناع الأزمات ولا منتصر عندما تغرق المراكب..!

كل البضائع في الأسواق من سيارات وتلفزيونات وغيرها تتباين أسعارها بشكل كبير تبعا لجودتها وقدرتها على العمل ولو فرض سعر موحد لها لما اشترى احد الا الأفضل من تلك السلع وهذا أمر أقرب للبديهة.

الكويتيون من رجال ونساء هم كحال تلك البضائع تختلف قدراتهم وجودتهم بشكل كبير، فهناك مسؤول يمكن ان يوفر على الدولة بقدراته المميزة مليار دينار، وهناك مسؤول آخر يمكن ان يكلف الدولة بسبب محدودية القدرة مليار دينار، والجميل ان الاثنين كلفتهما على المال العام واحدة حيث تتساوى رواتب ومكافآت الوزراء، لذا نرجو الحرص على اختيار الأكفاء في الوزارة القادمة حتى تصبح وزارة كفاءات متفق عليها، والبعد عن محدودي القدرات مادام الثمن واحدا.

الذكاء هو اهم الفوارق بين المقتدرين وغير المقتدرين، وأغلب الأذكياء، كما هو معروف، هم من العاملين في مجال الطب، لذا نود ان نرى الكثير منهم في الوزارة المقبلة بعد ان نحافظ على وزراء أمثال د.هلال الساير ونضيف له من تلك العينة على ان يكونوا من المتميزين كحال د.ابراهيم الرشدان ود.خالد الصبيح والعشرات غيرهما ولا يهم التخصص، حيث ان الوزارة في النهاية هي منصب سياسي، كما يجب عدم الاقتصار بالطبع على الطب فهناك مميزون في مجالات الحياة الأخرى والمقتدر يمكن ان يدير بكفاءة شديدة اي وزارة يتحمل مسؤوليتها، كما انه قادر على إقناع الناس بشكل أفضل من غيره.

آخر محطة:

 (1) في كتاب «من الثالث الى الأول» لرئيس وزراء سنغافورة الأسبق لي كوان يقول اننا كشرقيين نود دائما ان تكون الزوجة أقل مكانة من الزوج، لذا تبقى كثير من الطبيبات في بلده ـ وفي بلدنا ـ دون زواج، ما يجعل جينات الذكاء والعبقرية التي يملكنها لا تورث منهن لأجيال لاحقة، لذا كان يحث الدولة على تشجيع مثل تلك الزيجات وهو أمر يجب ان يعمل به في الكويت التي تحتاج بشدة لرفع مستويات الذكاء فيها.

(2) من يتزوج لجمال فالجمال قابل للذبول السريع، ومن يتزوج لمال فصفقة تجارية واحدة تحيل الأثرياء الى فقراء، اما من يتزوج لذكاء فالذكاء باق بل ويورث فاحرص على ذات الذكاء.

احمد الصراف

داروين الإنسان والرق

يعتبر تشارلز داروين واحدا من أعظم علماء البشرية، ولا تزال نظريته عن أصل الأنواع، وبعد 160عاماً، الأكثر جدلا في التاريخ حتى يومنا هذا، ويعتقد أنها وضعت حدا لجدل دام آلاف السنين. لم يكن داروين عالما فذا فحسب، بل صاحب رسالة إنسانية، فقد كان له موقف واضح من الرق سبق به عصره، وهو ما تكون لديه نتيجة مشاهداته على سواحل أميركا الجنوبية من وحشية في التعامل مع الرقيق باسم الكنيسة المسيحية، وكيف أن بعض أولئك البؤساء، وبينهم مسلمون، كانوا أكثر فهما ورقيا مقارنة بسادتهم البيض! وقد شكلت تلك المشاهد لديه البعد الاثني الانساني الانثروبولوجي الذي ساعده لاحقا في التوصل الى نظريته الإنسانية ومواقفه المناهضة لفكرة التفوق العرقي. وقد سعى للكشف عن مظاهر الاخوة الانسانية عبر البحث والاستقصاء العلمي، من دون التورط في أي ممارسات سياسية. ومع وفاته في 1822ودفنه في مقبرة «وستمنستر آبي» للعظماء، وصلت نظرياته عن «أصل الانسان» الى منعطف مهم وحظيت باهتمام العلماء وأصبحت لاحقا المصدر الاساسي للتعرف على طرق التطور واساس النظريات الحديثة. وعلىالرغم من مواقف داروين الإنسانية هذه، فان المتدينين من قومه لم يفوتوا فرصة لدحض أفكاره ومحاولة محوها ومنعها من أن تدرس، وكان أشد المناهضين له أولئك المطالبون ببقاء نظام الرق على ما هو عليه! ومعلوم أن إنكلترا سبقت العالم بتحريم الرق رسميا في 1833، وتضرر من ذلك الكثير من مالكي الرقيق، ومنهم عرب ومسلمون، وكان الرق معروفا في الكويت حتى ما قبل الاستقلال بقليل، وحتى بعد ذلك بسنوات في مناطق أخرى من الجزيرة العربية، وهو ما عاصرته شخصيا خلال عملي المصرفي. وقد بينت الدراسات الحديثة أن الإنسان العصري لم يتوقف عن التطور، ولكنه أصبح أكثر بطئا من ذي قبل، وأن الإنسان كان مميزا في عالم الحيوان وخلق لنفسه بيئة تحميه من تقلبات البيئة بطريقة لم تعرفها الحيوانات الأخرى، فالدب القطبي مثلا تطور بتكوين فراء يحميه من البرد، ولكن الإنسان، بدلا من ذلك، قام بقتل الدب واستخدم فراءه للحصول على الدفء. مما يعني أن التقدم التقني ابطأ من تطورنا الجيني، ولكن لم يوقفه، فلو قمنا بمقارنة جينات مختلف البشر حول العالم لأمكن ملاحظة مدى ما هنالك من اختلاف بين الأجناس البشرية وكيف تطور البعض بمعزل عن الآخر منذ أول ظهور للجنس البشري، وأحد اشكال التطور هذه لون البشرة، كما أن هناك ظاهرة أخرى تتعلق بصعوبة قيام الجهاز الهضمي لدى البشر بهضم مواد معينة وتغلب غيرها عليها وهضمها بسهولة، فمادة السكر في الحليب، أو اللاكتوز، وقبل أن يعرف الإنسان الزراعة قبل عشرة آلاف سنة تقريبا، لم يكن بإمكانه هضمها، ولكن مع التطور البشري أصبح البعض أكثر تقبلا أو تحملا لهذه المادة من غيرهم، فــ %99 من الإيرلنديين مثلا يتحملونها، أما في جنوب شرق آسيا، حيث لا تنتشر بينهم منتجات الحليب، فإن النسبة لا تزيد على %5.

أحمد الصراف