سامي النصف

لماذا ساذجة؟!

 رغم دخولنا سنة انتخاب الرئاسة في أهم دول المنطقة، الا ان الادارة المصرية السابقة وبغرابة شديدة لم تعلن حتى بداية هذا العام ان كان مرشح الحزب الحاكم هو مبارك أم جمال أم سليمان، فهل كان احد منهم يتوقع قيام ثورة ستمنع في النهاية قيام تلك الانتخابات الرئاسية؟!

اتضح ان احد اكثر الامور التي اثارت الشعب المصري ودفعته للثورة ضد الحكم هو قضية التوريث، فلماذا لم يتم نفي ذلك الامر بشكل واضح وصريح، ومن ثم ترك عائما يثير غضب وحنق الناس بشكل يومي دون فائدة أو رد؟!

لماذا أبدى امين عام الجامعة العربية عمرو موسى عام 2010 رغبته في عدم التجديد له، وهو أمر مفهوم لو كان يعتزم الراحة واعتزال العمل العام، الا ان المستغرب ترشحه هذه الايام لرئاسة مصر شبه المضمونة فهل كان يعلم او يتوقع في ذلك الوقت المبكر بالثورة القادمة؟ وهذا التساؤل ينطبق كذلك على المرشح الآخر د.محمد البرادعي!

لماذا زوّر أحمد عز وحبيب العادلي الانتخابات الاخيرة بشكل صارخ وفاضح استفز القوى الاخرى ودفعها للثورة؟!

لماذا سخّر كبار رجال الاعمال والاعلام المستفيدين بشدة من الوضع السابق قنواتهم وبرامجهم وصحفهم بل وحتى بعض برامج القنوات الرسمية لسنوات طوال لا للدفاع عن النظام بل لشتمه وتسويد صورته؟! ولماذا قام صنائع وحلفاء صفوت الشريف وأحمد عز وجمال مبارك أمثال مصطفى بكري وعمرو أديب بتسويد صورة النظام وتشجيع الناس على الثورة؟!

اذا كان وزير الداخلية قمعيا وقاتلا، فلماذا صمت ولم يفعل شيئا عن الكتب والافلام والمقالات التي كانت تحرض الشعب المصري بشكل فاضح على الثورة (كحال ابراهيم عيسى وعبدالحليم قنديل وكتب علاء الأسواني وافلام عماد الدين أديب وغيرهم)؟

لماذا شهدت مصر عودة لكثير من المغتربين ممن كان عملهم الوحيد بعد عودتهم تثوير الشعب المصري عبر الصحف التي اصدروها والبرامج الحوارية التي قدموها والافلام التي انتجوها؟!

لماذا وقد بات واضحا بعد خروج الملايين للشوارع ان النظام أصبح ساقطا لا محالة كحال النظام التونسي ألا يهرب الرئيس وكبار الوزراء ورجال الاعمال رغم سهولة ذلك الامر لوجود عشرات المطارات في مصر ولدى هؤلاء الثروات اللازمة لتأمين ذلك الخروج والعيش الكريم في الخارج؟ فلماذا بقوا ولماذا لا يحاكمون؟!

لماذا تبقى الساحة المصرية ساخنة بشكل دائم هذه الايام؟ ولماذا يسمح بإعادة تكرار مسار الانتقام والاجتثاث الذي دمر العراق والذي يجعل قطاعا كبيرا من رجال الامن والاعمال والاعلام المعزولين يسعى لخراب مصر وضرب استقراره بدلا من جعلهم ترساً في مشروع الاعمار والأمن؟!

وهل يراد من تغيير الواقع السيئ خير مصر ام التحول لأوضاع اسوأ منه تجعل الناس تترحم عليه كما حدث سابقا مع صدام وعرفات؟!

لماذا كتب د.عبدالحليم قنديل مقالا قبل سنوات قليلة أسماه «سقوط مبارك في ميدان التحرير» بعد ان ترك مهنة الطب لكتابة المقالات؟ ولماذا اصدر الطبيب الآخر الذي تحول للكتابة د.علاء الأسواني قبل عام كتاب «لماذا لا يثور المصريون؟».. ولماذا انتج قبل حوالي عام فيلم «هي فوضى» الذي ينتهي بخروج الجماهير المصرية في ثورة عارمة للشوارع لتسقط خلالها النظام وتخرج المساجين من الزنزانات؟!

آخر محطة:

 1 – خطاب خاطئ آخر لمبارك دفع الناس للمطالبة باحضاره ومحاكمته، لا اعتقد بحدوث تلك المحاكمة ولا اعلم ان كان مبارك سيبقى في شرم الشيخ أم سيتجه لخارجها؟!

2 – يعكس الوضع الجغرافي لمصر الحقائق التالية: الى الشرق منها تم تقسيم فلسطين الى دولة علمانية في رام الله وامارة إسلامية في غزة، الى الجنوب انفصل السودان بفضل البشير الى امارة إسلامية في الشمال ودولة علمانية في الجنوب، الى الغرب انقسمت ليبيا العظمى بفضل القذافي الى امارة إسلامية في شرق ليبيا وجماهيرية علمانية في غرب ليبيا وحمى الله مصر من اصدقائها واعدائها على حد سواء وحماها قبل ذلك من مشاريع الامارة والدولة المختبئة تحت الرماد.

3 – سؤال ساذج أخير، اذا كان العهد السيئ في مصر اصبح من الماضي، والعهد المشرق ما هو قادم، فلماذا تهرب الاموال والاستثمارات الاجنبية من مصر هروب الغزلان من هجمة الاسد؟!

احمد الصراف

الأخرويات قبل الأولويات

أقر مجلس الأمة، بأغلبية 42 صوتا، وفي مداولتين سريعتين، قانون إنشاء الهيئة العامة للعناية بطباعة القرآن ونشره، مع تمام علم من أقر القانون أن المسلمين بقوا 1400عام من دون مثل هذه الهيئة أو غيرها ولم يتغير شيء، وقت لم تكن هناك سجلات ولا مطابع ولا آلات تصوير ولا أرشيف وحفظ، وعندما كانت نسخ القرآن تكتب على مدى قرون يدويا، فكيف أصبح خطر التحريف الآن على الأبواب وتطلب قانونا يمرر بمثل هذه السرعة، علما بأن مطابع مصر وغيرها كانت تاريخيا تزود الكويت، والمنطقة بحاجتها من نسخ القرآن من دون مقابل، أو بمقابل رمزي. كما أن السعودية قامت بصرف مبالغ هائلة على إنشاء هيئة مماثلة لطباعة القرآن ومنعت أي جهة من إدخاله إلى السعودية، وهذا سيشمل مستقبلا مطبوعات الهيئة العامة لطباعة ونشر القرآن الكويتية، وكان بإمكان الكويت الحصول على حاجتها من نسح القرآن الموثقة من السعودية وتوفير ملايين الدنانير التي ستصرف على جهاز إداري بالغ الكلفة!
على ضوء كل ذلك، فإن الشك يصبح مشروعا في سبب كل هذه العجلة في إقرار هذا القانون، وأن في الأمر شيئا يتعلق بمصالح انتخابية وتوظيفات وهمية، ولا علاقة للأمر بالرغبة في الحفظ من التحريف أو زيادة النشر، ومن المتوقع بالتالي نشوب صراع بين قوى السلف و«الإخوان المسلمين»، كالعادة على من سيتولى إدارة هذه الهيئة التي لن تبخل عليها الحكومة من مال «المسلمين»، وستنافس وزارة شؤون مجلس الأمة في عدد موظفيها غير المنتجين، وسنسمع قريبا بأخبار الصراع على مناصب هذه الهيئة الجديدة، وعلى التكالب في التعيينات العشوائية فيها، ولا نقول إلا لكم الرحمة ولنا السلوان، في أثناء ذلك على بقية مشاريع القوانين المهمة انتظار دورها فصحوة نواب مجلسنا ستأخذ بعض الوقت حتما، هذا إن حدثت!
***
ملاحظة: طالب نواب بفتح محمية «صباح الاحمد» أمام جمالهم وخرافهم لتعيث فيها خرابا، وتجعلها يبابا، وهؤلاء هم الذين سبق ان طالبوا بإسقاط القروض ومنح العطايا والهبات وزيادة الرواتب وتعديل الكوادر، ولتذهب بعدها الأجيال القادمة الى الجحيم، أو ما هو أسوأ!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ماذا تنتظرون؟

موقف الكويت القوي والصلب من تدخل ايران في شؤوننا الداخلية موقف جيد ومطلوب في هذه المرحلة.. لكن الذي يعرف امكانات ايران في ازعاج الكويت وقدراتها على زعزعة امنها بواسطة طابورها العاشر له الحق ان يتساءل: بماذا تفكر الكويت وهي تتخذ هذا الموقف الصلب تجاه الدولة الفارسية؟!
موقف حكومة البحرين من المعارضين للنظام هناك موقف اكثر من قوي، وتجاوز احيانا حدود المعقول عندما يتم طرد اللاعبين من الاندية لمشاركتهم آلافا في ساحة اللؤلؤة وفصل المئات من وظائفهم للسبب نفسه!! ولانني احب البحرين.. واحب النظام الحاكم فيها، ولانني كنت ضد التظاهرات اللاسلمية في ساحة اللؤلؤة، لكن يدي على قلبي مما يجري الآن، لانني اعرف قدرات النظام هناك وامكاناته، كما اعرف ما يمكن ان يفعله تنظيم مدعوم من حكومة تضمر الشر لجيرانها وتعتمد تصدير ثورتها لها!!
ما يجري في الكويت والبحرين وما يثار من تساؤلات مشروعة مثل: بم تفكرون؟ على ماذا تستندون؟ في من «شادّين ظهركم»؟ كل هذه الاسئلة ممكن توجيهها الى بقية دول الخليج التي سعدنا ونحن نشاهد لها مواقف ايجابية وواضحة وشفافة وقوية تجاه قضايا الساعة، مثل تجاوبها مع احداث اليمن ومبادرتها لحلها، وقبلها موقفها القوي من دعم الثوار في ليبيا.
الهاجس الذي ينتابنا هو ان هذه الدول الصغيرة معتمدة على علاقتها باميركا!! فإن كان الامر كذلك فعلينا السلام، لان اميركا لم تفزع لانظمة كانت حليفة لها واكثر اهمية لديها بعدما رأت واقع الامر، وتعاملت مع الوضع من واقعه الذي فرضه عليها.
إذاً ما الحل؟
الحل ذكرناه في هذه الزاوية منذ اكثر من اشهر عديدة، وهو بوجود كونفدرالية بين دول الخليج تعطي كل دولة استقلالية في ادارتها لشأنها الداخلي بالطريقة التي تناسبها، وتلتزم بالسياسة الخارجية والدفاعية والنفطية لدول مجلس التعاون.
هذه الخطوة اصبحت اليوم استحقاقا سياسيا يفرضه الواقع والمصلحة!! فالواقع اننا دول صغيرة وسط دول جارة وجائرة!! دول لا امان لانظمتها ولا رادع، وليس للجيرة عندها اي اعتبار!! والمصلحة تستلزم ان نتحد في كيان واحد قوي، ولا مانع وقتها من عقد اتفاقات امنية مع من نشاء!!
التطورات تتسارع.. والوقت ما يرحم.. والمصالح تتشابك.. وصديق الامس عدو اليوم فماذا ننتظر!!