محمد الوشيحي

الأمة مصدر الأسماء

خذ عندك مثلاً الجملة التي يرددها عشاق المانجو من النواب والوزراء السابقين وغيرهم: «أنا مستعد / مستعدة لخدمة بلدي»، هذه الجملة يا صاحبي تعادل في سوق السياسة جملة «أنا أرغب في تسلّم منصب وزاري… ورهن الإشارة». واحد زائد واحد، أو واحد موجب واحد على رأي المحاضر العراقي، يساوي اثنين. هي كليشة ثابتة.
وخذ عندك جملة «تدعيم الاقتصاد». إذا سمعت هذه الجملة أو قرأتها فاعرف يا رعاك الله أن الحكومة ستبعزق أموال الشعب لإرضاء بعض التجار، لا كلهم، بحسب كمية الولاء وفائض الإذعان.
وجملة «سأصوّت على كتاب طرح الثقة أو كتاب عدم التعاون بما يخدم استقرار البلد» ترجمتها «لن أوافق على كتاب طرح الثقة أو كتاب عدم التعاون»… الركّ على كلمة «الاستقرار»، متى ما سمعتها فاعرف أن مبلغاً ما «سيستقر» في حساب ما لشخص ما كي يصوت في اتجاه ما.
وعلى المستوى العربي، ستجد أن كلمة «إسرائيل» هي باب الرزق الأكبر ولون القمع الأحمر. إذا سمعت حاكماً أو مسؤولاً عربياً يردد هذه الكلمة، فاعرف أن المقابر الجماعية ستمتلئ وتفيض، أو أن الأرصدة ستنتفخ وتبيض، أو كلاهما معاً. واقرأ خطب صدام حسين وتفقد مقابره، ثم اسأل مصطفى بكري، النائب المصري الألعبان، الذي «حلب إسرائيل حلباً مبرحاً»، قبل أن تعرّيه الثورة المصرية الحرة وتتركه في الخلاء «سلطاً ملطاً».
وإذا اجتمع وزيرا داخلية عربيان، وأصدرا بياناً عقب اجتماعهما: «تباحثنا في ما يهم الشعبين الشقيقين» فاغلق هاتفك النقال وودع أطفالك واتصل بجمعية حقوق الإنسان العالمية، فقد تباحثا في إمكانية تبادل المعارضين.
هذا بالنسبة لبعض الأقوال والتصريحات، أما بالنسبة للتصرفات، فكل أو غالبية من يدخّنون السيجار الكوبي يعانون نقصاً في هرمونات الثقة بالنفس، ويشعرون بالصغر والضآلة في دواخلهم، مهما كبرت مناصبهم ومسمياتهم… لذا، من باب الإنسانية، أقترح عليك أن تمتدحهم وتنفخهم كي تساعدهم على النوم.  
 ***
كل انتخابات تتدخل فيها بعض الأطراف في الحكومة وبعض كبار المسؤولين والتجار لتوجيه التصويت إلى هذا المرشح أو ذاك، هي انتخابات مزورة… علّب هذه الجملة وخذها معك ورددها على ذمتي.
التصويت الحر الوحيد الذي أقنعني هو الذي أجراه طلبة الدكتور عبيد الوسمي في الجامعة. وأصل الحكاية أن أحد المواطنين اتصل بالدكتور عبيد وعرّفه على نفسه قبل أن يبلغه: «دكتور، أطلقت على طفلي المولود اسم عبيد تيمناً بك»، فقال له الدكتور: «إذا أردت نصيحتي فلا تسمّه عبيد»، ثم أضاف مازحاً بجدية: «لكنني سأطرح عليك فكرة… ما رأيك في أن نلجأ أنا وأنت إلى الشعب، مصدر السلطات كما نص الدستور، ليختار اسماً للمولود؟»، فوافق المواطن، فأجرى الدكتور عبيد، صباح يوم الأحد الماضي، تصويتاً لاختيار أفضل الأسماء، فاختار الطلبة اسم «عبدالله».
إذاً، هذا هو المولود الدستوري الأول، الذي اختارت عينة من الشعب (طلبة الدكتور عبيد الوسمي) اسمه. على أنني لو شاركت في التصويت لاخترت للمولد اسم «دستور»، لكن الخشية أن تضعه الحكومة في جيبها بعد أن تفرّغه من الكلى والكبد والطحال.
 ***
معالي وزير الصحة المستقيل… ما مدى صحة نقل الموظفين الثلاثة الذين قادوا حركة المطالبة بالكوادر، وهم من حملة الشهادات العليا، من قسم الإعلام؟

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

حسن العيسى

تيتي الشقية

في راوية أنطوان تشيخوف «الشقاء» كما يشخصه الروائي –وكما أفهمه- هو حالة مزرية تمتطي روح الفرد عندما لا يجد أحداً ينصت إلى شكواه، فالناس يغرقون في شؤونهم الخاصة وفي لهوهم ولا أحد يكترث لأحد، فالحوذي بطل القصة أراد أن يبث همه وشقاءه لمن يصادفهم في عمله، أراد أن يصف لهم كيف مرض ابنه، وكيف تعذب وكيف مات وكيف كانت جنازته، وكيف ذهب إلى المستشفى لاستلام ملابسه فلم يجد من ينصت إليه في كل ما مضى… كان تلاشي المشاركة في الألم من الناس هو الشقاء.
لدينا في عوالم الشقاء العربي صور كثيرة لشقاء حوذي تشيخوف، فالشعوب التي لا تجد من ينصت إلى ظلمها من قبل حكامها المستبدين ولا تفتح لها أبواب الإعلام بشفافية، ويتم «تطنيش» مآسيها على أيدي جلادي النظام الحاكم ثم تتناسى دول الغرب الكبرى حال البؤس لهذه الشعوب تحت ذريعة «البراجماتية» أي النفعية والمصالح الاقتصادية حين تزيح جانبي المثالية ودعوات قيم الحرية والمساواة التي نادت بها تلك الدول في خطاباتها الرسمية تصبح شعوب هذه الدول المنسية أو طائفتها وطوائفها وأعراقها «الإثنية» في أسوأ أحوال الشقاء، هناك شقاء كبير عند أهل اليمن على سبيل المثال، وشقاء آخر لأكراد سورية وشقاء لأهل درعا وبانياس… وهناك شقاء ممتد للشعب السوري في تجاوز تطلعاته للحرية وخواء وعود النظام هناك، وهو شقاء يتسع ويستطيل لكل الشعوب العربية بلا استثناء  (قد نتجاوز الحالة التونسية في الوقت الحاضر).
 في الكويت لدينا «شقاؤنا» وإن كان أقل درجة من شقاء الاشقاء، (ربما)! فالبدون لهم شقاؤهم. والمحرومون من «الإنصاف» في الوظيفة العامة أو الخاصة يحيون في شقاء، فالتقدير حسب الكفاءة والإنتاج والنزاهة في العمل ليس له مكان حين يفرش السجاد الأحمر  لجماعات «إن حبتك عيني ما ضامك الدهر» وينسى غير الشقي.
 في النهاية نجد الشقاء عند الكثير من النواب وأصحاب الرأي المعارضين لعودة سمو الشيخ ناصر إلى رئاسة مجلس الوزراء، فهم صرخوا واعترضوا بكل قوة على نهج الشيخ ناصر في الإدارة السياسية، لكن سموه عاد لهم، فأخذوا يتهامسون «تيتي تيتي لا رحتي ولا جيتي» فثبات «تيتي» هو حالة شقاء سياسي كويتي باميتاز.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

الدلع الصلب

عندما قرأت اسمها لأول مرة قبل سنوات، ورأيت صورتها على موقع القبس بعدها بجانب مقال لها، لم أعر الأمر كثير اهتمام، وأكملت قراءة بقية أخبار الصفحة، ولكن معرفتي الشخصية البسيطة بها جعلتني أشعر بأنني ربما ظلمتها، فما يضيرني لو صرفت بضع دقائق على قراءة ما كتبت، فلا بأس من تحريك اللسان بقراءة بضع كلمات تعبر عما في رأس سيدة مجتمع معروفة وذات اسم مميز، ولكن بعد قراءة بضعة أسطر تبيّن لي مدى خطئي في مسبق حكمي، فقد فاجأني المقال بكلماته السريعة وتعبيراته الدقيقة والواضحة، وان كاتبته تعني ما تقول، وإن كان ما تقوله مرحا بغير ابتذال! كما تبيّن لي أن ما كنت أقرأه، وما قرأته بعدها أبعد ما يكون عن دلع الستات، فعباراتها منتقاة كما ينتقي خبير الشوكولاتة حبات «الشانتيه»، ولكنها كلها مغلفة بالحزن والألم بالأحرى على أوضاع بنات جنسها، وأوجاعهن ومعاناتهن، وعجزها، وعجزنا جميعا، عن احداث التغيير الإيجابي المطلوب في ما تبقى من أعمارنا!
هذه هي الزميلة دلع المفتي، صاحبة المقال الصادق مع النفس والقارئ، التي تكتب ما يختلج في نفسها وينسكب على الورق من خلال قلمها، وإن بخجل أحيانا، والتي صدر لها قبل أيام كتابها الأول بعنوان «هل تسمحون لي…؟»، الذي يستحق القراءة بلا شك.
***
< ملاحظة: ورد في الصحف أن سمو رئيس الوزراء يجري استشارات تشكيل وزارته في منطقة «كراع المرو» الصحراوية، وحيث ان الفترة القانونية المسموح فيها للتخييم في تلك المنطقة قد انتهت مع نهاية الشهر الماضي، فإن هذا يعني أن الحكومة الجديدة ستخرج من رحم مخيم مخالف للقانون!

أحمد الصراف